الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا قَوَدَ إِلَاّ بِالسَّيْفِ، (1) وَالْمُرَادُ بِالسَّيْفِ هُنَا السِّلَاحُ مُطْلَقًا، فَيَدْخُل السِّكِّينُ وَالْخَنْجَرُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. (2)
28 -
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ إِلَاّ بِإِذْنِ الإِْمَامِ فِيهِ لِخَطَرِهِ؛ وَلأَِنَّ وُجُوبَهُ يَفْتَقِرُ إِلَى اجْتِهَادٍ لاِخْتِلَافِ النَّاسِ فِي شَرَائِطِ الْوُجُوبِ وَالاِسْتِيفَاءِ، لَكِنْ يُسَنُّ حُضُورُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنْ لَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إِلَاّ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ، فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ بِدُونِ إِذْنِ السُّلْطَانِ جَازَ، وَيُعَزَّرُ لاِفْتِئَاتِهِ عَلَى الإِْمَامِ. (3)
اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ:
29 -
يُشْتَرَطُ لاِسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ كَامِل الأَْهْلِيَّةِ، فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ وَلِيَّ الْقِصَاصِ إِذَا كَانَ كَامِل الأَْهْلِيَّةِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ أَنَّ لَهُ طَلَبَ الْقِصَاصِ وَاسْتِيفَاءَهُ، فَإِنْ طَلَبَهُ أُجِيبَ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ وَاحِدًا أُجِيبَ إِلَيْهِ إِذَا طَلَبَهُ مُطْلَقًا، وَإِذَا كَانُوا مُتَعَدِّدِينَ أُجِيبُوا إِلَيْهِ إِذَا
(1) حديث: " لا قود إلا بالسيف " أخرجه ابن ماجه (2 / 889) من حديث النعمان بن بشير، وضعفه ابن حجر كما في فتح الباري (12 / 200) .
(2)
بدائع الصنائع 7 / 245، والدر المختار 5 / 346، والمغني 7 / 688، والإنصاف 9 / 490.
(3)
حاشية ابن عابدين 5 / 352، ومنح الجليل 4 / 345، ومغني المحتاج 4 / 40، والإنصاف 9 / 487، والمغني 7 / 690.
طَلَبُوهُ جَمِيعًا، فَإِذَا أَسْقَطَهُ أَحَدُهُمْ سَقَطَ الْقِصَاصُ - كَمَا تَقَدَّمَ -
فَإِذَا كَانَ وَلِيُّ الْقِصَاصِ قَاصِرًا، أَوْ كَانُوا مُتَعَدِّدِينَ بَعْضُهُمْ كَامِل الأَْهْلِيَّةِ وَبَعْضُهُمْ نَاقِصَ الأَْهْلِيَّةِ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي الظَّاهِرِ وَالصَّاحِبَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يُنْتَظَرُ الصَّغِيرُ حَتَّى يَكْبَرَ، وَالْمَجْنُونُ حَتَّى يُفِيقَ؛ لأَِنَّهُ رُبَّمَا يَعْفُو فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ؛ لأَِنَّ الْقِصَاصَ عِنْدَهُمْ يَثْبُتُ لِكُل الْوَرَثَةِ عَلَى سَبِيل الاِشْتِرَاكِ؛ وَلأَِنَّ الْقِصَاصَ لِلتَّشَفِّي، فَحَقُّهُ التَّفْوِيضُ إِلَى خِيرَةِ الْمُسْتَحِقِّ، فَلَا يَحْصُل بِاسْتِيفَاءِ غَيْرِهِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، إِلَاّ أَنَّهُ يُحْبَسُ الْقَاتِل حَتَّى الْبُلُوغِ وَالإِْفَاقَةِ، وَلَا يُخَلَّى بِكَفِيلٍ؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَهْرُبُ فَيَفُوتُ الْحَقُّ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ يَكُونُ لِكَامِلِي الأَْهْلِيَّةِ وَحْدَهُمْ حَقُّ طَلَبِ الْقِصَاصِ، لأَِنَّ الْقِصَاصَ ثَابِتٌ لِكُلٍّ مِنْهُمْ كَامِلاً - عِنْدَهُ - عَلَى سَبِيل الاِسْتِقْلَال، فَإِذَا طَلَبُوهُ أُجِيبُوا إِلَيْهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالآْخَرِينَ نَاقِصِي الأَْهْلِيَّةِ؛ لأَِنَّ عَفْوَهُمْ لَا يَصِحُّ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ لَمْ يَتَوَقَّفِ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ، وَلَا يُنْتَظَرُ مَجْنُونٌ مُطْبِقٌ لَا تُعْلَمُ إِفَاقَتُهُ بِخِلَافِ مَنْ يُفِيقُ أَحْيَانًا فَتُنْتَظَرُ