الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَوْجِيَّةٌ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَرِثُهُ الْعَصَبَاتُ دُونَ غَيْرِهِمْ لأَِنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الْعَارِ، فَاخْتَصَّ بِهِ الْعَصَبَاتُ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثَانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا ثَبَتَ لِلآْخَرِ الْحَدُّ لأَِنَّهُ جُعِل لِلرَّدْعِ، وَلَا يَحْصُل الرَّدْعُ إِلَاّ بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ عز وجل لِلرَّدْعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَسْتَوْفِيهِ السُّلْطَانُ (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ قُذِفَتْ أُمُّهُ وَهِيَ مَيِّتَةٌ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كَافِرَةً، حُرَّةً أَوْ أَمَةً حُدَّ الْقَاذِفُ إِذَا طَالَبَ الاِبْنُ وَكَانَ حُرًّا مُسْلِمًا.
أَمَّا إِذَا قُذِفَتْ وَهِيَ فِي الْحَيَاةِ فَلَيْسَ لِوَلَدِهَا الْمُطَالَبَةُ لأَِنَّ الْحَقَّ لَهَا فَلَا يُطَالِبُ بِهِ غَيْرُهَا، وَلَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا أَوْ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّهُ حَقٌّ يَثْبُتُ لِلتَّشَفِّي فَلَا يَقُومُ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ مَقَامَهُ كَالْقِصَاصِ، وَتُعْتَبَرُ حَصَانَتُهَا لأَِنَّ الْحَقَّ لَهَا، فَتُعْتَبَرُ حَصَانَتُهَا كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ، وَأَمَّا إِذَا قُذِفَتْ وَهِيَ مَيِّتَةٌ، فَإِنَّ لِوَلَدِهَا الْمُطَالَبَةَ لأَِنَّهُ قَدْحٌ فِي نَسَبِهِ؛ وَلأَِنَّهُ بِقَذْفِ أُمِّهِ يَنْسُبُهُ إِلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا، وَلَا يُسْتَحَقُّ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الإِْرْثِ، وَلِذَلِكَ لَا تُعْتَبَرُ الْحَصَانَةُ فِي أُمِّهِ لأَِنَّ الْقَذْفَ لَهُ.
فَأَمَّا إِنْ قُذِفَتْ أُمُّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَهُوَ مُشْرِكٌ أَوْ
(1) المهذب 2 / 292.
عَبْدٌ فَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الأُْمُّ حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَإِنْ قُذِفَتْ جَدَّتُهُ فَهُوَ كَقَذْفِ أُمِّهِ.
فَأَمَّا إِنْ قَذَفَ أَحَدٌ أَبَاهُ أَوْ جَدَّهُ أَوْ أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِهِ غَيْرَ أُمَّهَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، لَمْ يَجِبِ الْحَدُّ بِقَذْفِهِ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا يَجِبُ بِقَذْفِ أُمِّهِ حَقًّا لَهُ لِنَفْيِ نَسَبِهِ لَاحِقًا لِلْمَيِّتِ، وَلِهَذَا لَمْ يُعْتَبَرْ إِحْصَانُ الْمَقْذُوفَةِ وَاعْتُبِرَ إِحْصَانُ الْوَلَدِ، وَمَتَى كَانَ الْمَقْذُوفُ مِنْ غَيْرِ أُمَّهَاتِهِ لَمْ يَتَضَمَّنْ نَفْيَ نَسَبِهِ فَلَمْ يَجِبِ الْحَدُّ (1) .
قَذْفُ الْمَجْهُول:
45 -
مَنْ قَذَفَ مَجْهُولاً لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَعَرَّةِ، إِذْ لَا يُعْرَفُ مَنْ أَرَادَ وَالْحَدُّ إِنَّمَا هُوَ لِلْمَعَرَّةِ، فَإِنِ اخْتَلَفَ رَجُلَانِ فِي شَيْءٍ فَقَال أَحَدُهُمَا: الْكَاذِبُ هُوَ ابْنُ زَانِيَةٍ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا بِالْقَذْفِ، وَإِذَا سَمِعَ السُّلْطَانُ رَجُلاً يَقُول: زَنَى رَجُلٌ، لَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ؛ لأَِنَّ الْمُسْتَحِقَّ مَجْهُولٌ، وَلَا يُطَالِبُهُ بِتَعْيِينِهِ لِقَوْل اللَّهِ عز وجل:{لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (2) ، وَلأَِنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَلِهَذَا قَال صلى الله عليه وسلم: يَا هُزَال، لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ (3) ، وَإِنْ قَال
(1) المغني 8 / 230، 232.
(2)
سورة المائدة / 101.
(3)
حديث " يا هزال، لو سترته بثوبك كان خيرًا لك " أخرجه الحاكم (4 / 363) وصححه. ووافقه الذهبي.