الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طُرُوءُ مَا يُوجِبُ الْعَزْل:
65 -
إِذَا طَرَأَ عَلَى الْقَاضِي مِنَ الأَْحْوَال مَا يَفْقِدُهُ صِفَةً مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي لَوْ كَانَ عَلَيْهَا قَبْل تَعْيِينِهِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَتَوَلَّى الْحُكْمَ - كَالْجُنُونِ وَالْخَرَسِ وَالْفِسْقِ - فَهَل تَبْطُل وِلَايَتُهُ؟ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ عَزْل الإِْمَامِ لَهُ؟ .
لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، قَوْلٌ: يَنْعَزِل بِمُجَرَّدِ طُرُوءِ مَا يُوجِبُ الْعَزْل، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
وَقَوْلٌ آخَرُ: لَا يَنْعَزِل حَتَّى يَعْزِلَهُ الإِْمَامُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَا يَمْنَعُ التَّوْلِيَةَ ابْتِدَاءً كَالْجُنُونِ وَالْفِسْقِ يَمْنَعُهَا دَوَامًا.
وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ الأَْعْمَى الَّذِي عَادَ بَصَرُهُ وَقَالُوا: لَا يَنْعَزِل لأَِنَّهُ تَبَيَّنَ بِعَوْدَةِ بَصَرِهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَزِل.
وَأَمَّا غَيْرُ الأَْعْمَى فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَى قَوْلَيْنِ، الأَْصَحُّ مِنْهُمَا لَمْ تَعُدْ وِلَايَتُهُ بِلَا تَوْلِيَةٍ كَالْوَكَالَةِ؛ لأَِنَّ الشَّيْءَ إِذَا بَطَل لَمْ يَنْقَلِبْ إِلَى الصِّحَّةِ بِنَفْسِهِ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: تَعُودُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ تَوْلِيَةٍ.
وَقَطَعَ السَّرَخْسِيُّ بِعَوْدِهَا فِي صُورَةِ الإِْغْمَاءِ (1) .
(1) روضة القضاة 1 / 148، وبدائع الصنائع 7 / 1716، وتبصرة الحكام 1 / 78، وأدب القضاء لابن أبي الدم ص 73، ومغني المحتاج 4 / 380، 381، والروضة 11 / 126، وشرح منتهى الإرادات 3 / 465.
نَفَاذُ الْعَزْل:
66 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الإِْمَامَ إِذَا عَزَل الْقَاضِيَ فَأَحْكَامُهُ نَافِذَةٌ، وَقَضَايَاهُ مَاضِيَةٌ حَتَّى يَعْلَمَ بِالْعَزْل، فَعِلْمُهُ بِذَلِكَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ عَزْلِهِ - عِنْدَ مَنْ يَقُول بِجَوَازِ عَزْلِهِ - وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ قَضَايَا النَّاسِ وَأَحْكَامِهِ بِهِ وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ الضَّرُورَةُ مِنْ وُجُوبِ نَفَاذِ أَحْكَامِهِ حَتَّى يَصِلَهُ عِلْمُ الْعَزْل، وَلِعِظَمِ الضَّرَرِ فِي نَقْضِ أَقْضِيَتِهِ (1) .
عَزْل الْقَاضِي نَفْسَهُ:
67 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْعَزِل إِذَا عَزَل نَفْسَهُ عَنِ الْقَضَاءِ؛ لأَِنَّهُ وَكِيلٌ وَالْوَكَالَةُ تَبْطُل بِعَزْل الْوَكِيل، وَقَيَّدَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ ذَلِكَ بِمَا إِذَا كَانَ الْقَاضِي لَمْ يُلْزَمْ بِقَبُول الْقَضَاءِ (2) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا عَزَل نَفْسَهُ اخْتِيَارًا لَا عَجْزًا وَلَا لِعُذْرٍ فَالظَّاهِرُ عِنْدَ الْبَعْضِ أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ
(1) روضة القضاة 1 / 32، وحاشية الدسوقي 4 / 133، 134، وتبصرة الحكام 1 / 78، والروضة 11 / 126، ومغني المحتاج 4 / 382، وكشاف القناع 6 / 293، وشرح منتهى الإرادات 3 / 464.
(2)
روضة القضاة 1 / 149 وما بعدها، وشرح منتهى الإرادات 3 / 464، وكشاف القناع 6 / 294.