الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التونسى تتنوع حلواؤهم، ومنها المقروض ويقول برتشفيك إنه يصنع من السميد والتمر والعسل والبهارات ويقلى فى الزيت وينوه به ابن أبى دينار، ويقول: هو أطيب حلوائهم وليس بعده شئ، ومنها الزلابية وهى حلواء من عجين رقيق يصب فى الزيت ويقلى ثم يصب فى محلول السكر، ومر بنا-منذ قليل-أنه كان بتونس سوق خاصة للزلابية.
وإذا تركنا المطعم إلى الملبس وجدنا الحسن الوزان يقول: «أهل تونس طيبون للغاية ومحبّبون كثيرا، ويلبس صناعها وتجارها وأئمتها وجميع موظفيها هنداما جميلا لائقا، ويضعون فوق رءوسهم قلنسوة مغطاة بقماشة طويلة، كما يضع العسكريون وموظفو البلاط قلنسوة على رءوسهم ولكن بدون قماشة. ويقول الأستاذ حسن حسنى عبد الوهاب كانوا يلبسون الشاشية التونسية الحمراء ويكتسون القشابية الصوفية. أما السيدات فيقول عنهن الحسن الوزان: إن لسيدات تونس هنداما جيدا، وعند ما يكن فى الخارج يسترن وجوههن. . بوضع عصابة عريضة جدا من قماش فوق الجبين، وهناك حجاب آخر يدعى سفسارى يجعل من رءوس النساء رءوسا ضخمة كبيرة، ولا تعنى النساء إلا بزينتهن وعطرهن، بدليل أن باعة العطور هم دوما آخر من يغلق دكاكينهم» ولا بد أنهن كن يعنين بجواهرهن وكانت فى تونس سوق لبيع الجواهر للنساء كى يكملن بها زينتهن. ويفصل القول فيما كان من تزيين النساء فى ملابسهن لذلك العصر الأستاذ حسن حسنى عبد الوهاب قائلا: «أهم ما ورثت النساء عن أمهاتهن بالمهدية فى ذلك العصر أنواع من الكساء والتطريز بالحرير على الثياب الداخلية مثل القمجّة وغيرها، ومنها أنواع من الوشاح والحواشى الحريرية المزركشة بألوان متغايرة، ومن هذه الحواشى تحلّى صدور بعض الثياب النسائية، وهى تحفة فنية» . ويقول فى موضع آخر عن حجاب النساء فى الساحل التونسى إنهن عند خروجهن من بيوتهن يرتدين إزارا أسود ولا يتركن ظاهرا من وجوههن إلا العيون.
(ب) الأعياد
كتب ابن أبى دينار فى كتابه: «المؤنس فى أخبار إفريقية وتونس» فصلا (1) طريفا عن الأعياد فى تونس وأن أهلها كانوا يخرجون فيها للنزهة والتملى بمواطن الجمال فى ضواحى تونس، ويستهلها بعيد عاشوراء فى اليوم العاشر من المحرم، وفيه ينفق التونسيون أموالا طائلة فى الأطعمة والفواكه والحلواء، وعادة فى اليوم التاسع السابق له يطعمون الدجاج ويتحلون بالدويدة وهى مثل الكنافة عند المصريين ويعبّرون عما يأكلون من ذلك بقولهم: «الفطير
(1) انظر الفصل فى أواخر كتاب المؤنس فى أخبار إفريقيا وتونس لابن أبى دينار.
وما يطير» وما يطير الدجاج والفطير الدويدة. ومن رأى هذا العيد فى تونس رأى العجب، فالحوانيت-وخاصة حوانيت الفواكه-تزين. وعادة يخرج الناس زكاة أموالهم فى هذا اليوم، ولذلك يتكاثر فيه الإنفاق على المآكل والمشارب، وكل ينفق بقدر استطاعته ويباع من آلات الطرب والملاهى للصبية ما يفوت الحصر.
ومن ذلك عيد المولد النبوى الشريف لسيد الكائنات صلى الله عليه وسلم، وأول من عنى بإقامة الاحتفال به بين حكام الدولة الحفصية أبو فارس عبد العزيز فى مطلع المائة التاسعة للهجرة، وأصبح ذلك تقليدا سنويا فى ليلة الثانى عشر من شهر ربيع الأول كل عام إذ توقد القناديل وتضاء الشموع وتزين المكاتب ويقام احتفال عظيم بدار نقيب الأشراف يحضره القراء والفقهاء والناس من أطراف البلد ويتعالى الغناء والأشعار والأناشيد بالمدائح النبوية، ويظل الاحتفال بهذا العيد فى بعض زوايا تونس خمس عشرة ليلة متوالية تنشد فيها مدائح الرسول الكريم، ويهرع الناس للتفرج. وتصنع فى أثناء ذلك الأطعمة الفاخرة احتسابا لوجه الله تعالى وقربى لحبيبه خير البرية.
ومن ذلك عيد الربيع أو عيد النيروز فى أول مايو من كل عام، ويقول ابن أبى دينار إنهم كانوا ينفقون فيه أموالا تفوت الإحصاء ويتفاخرون بصنع أطعمة باهظة التكاليف من مثل المرقاز، ويقول برتشفيك إنه نوع من النقانق، ويكثرون من شراء الفواكه والرياحين والبقول، ويقول إن ما يباع فى هذا اليوم من الفواكه والخضار والرياحين يبلغ مقدار ما تشتريه تونس فى عام، ويذكر أنهم يجعلون من ذلك حوانيت فى منازلهم يعلقون فيها جميع البقول والرياحين، ويقول إنهم يتجاوزون ذلك إلى الغناء وآلات الطرب فيجتمعون عند مكان يسمى بالوردة، وفيه يحتشد أهل الخلاعة والمجون من مغان ومطربين ومشعوذين، ويذهب كثيرون من أهل تونس للفرجة عليهم وشراء ما يعرض من فاكهة وحلوى.
ويذكر ابن أبى دينار أنه كانت تقام أعياد فى ليلة النصف من رجب والسابع والعشرين منه وليلة النصف من شعبان والسابع والعشرين منه. وكانت ليالى شهر رمضان تعدّ عيدا كبيرا، وكانوا يحتفلون بها غاية الاحتفال ويقومون بواجب رمضان وواجب حقه أتم القيام، ويختم الإمام القرآن العظيم فى صلاة التراويح بأغلب المساجد. وكان يقام احتفال كبير حين يختم صحيح البخارى، ويذكر ابن أبى دينار أن المنادى كان ينادى فى سوق تونس بأن الختم لصحيح البخارى غدا صباحا أو عشية فيتسارع النساء والصبيان والخواص والعوام لذلك. وكان هذا نفسه يحدث فى القاهرة حين تختم قراءة صحيح البخارى فى الليالى الأخيرة من رمضان.