الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْتَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: «وَلا أنا إلا أنْ يَتَغَمَّدَني الله برَحمَةٍ مِنهُ وَفَضْلٍ» . رواه مسلم.
وَ «المُقَاربَةُ» : القَصدُ الَّذِي لا غُلُوَّ فِيهِ وَلا تَقْصيرَ، وَ «السَّدادُ» : الاستقامة والإصابة. وَ «يتَغَمَّدني» : يلبسني ويسترني.
قَالَ العلماءُ: مَعنَى الاستقامَةِ لُزُومُ طَاعَةِ الله تَعَالَى، قالوا: وهِيَ مِنْ جَوَامِعِ الكَلِم، وَهِيَ نِظَامُ الأُمُورِ؛ وبِاللهِ التَّوفِيقُ.
في هذا الحديث: دلالةٌ على أنه ليس أحد من الخلْق يقدر على توفية حق الربوبية. لقوله صلى الله عليه وسلم: «ولا أنا، إلا أن يتغمَّدني الله برحمة منه وفضل» .
ولكن الأعمال سببٌ لدخول الجنة. كما قال تعالى: {ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل (32) ] ، والتوفيق للأعمال الصالحة من فضل الله ورحمته.
9- باب التفكير في عظيم مخلوقات الله تَعَالَى
وفناء الدنيا وأهوال الآخرة وسائر أمورهما وتقصير النفس
وتهذيبها وحملها عَلَى الاستقامة
التفكر في المخلوقات: كالعرش، والكرسي، والسماء والأرض يدل على كمال الخالق وعظمته.
وفي الحديث: «ما السماء والأرض، وما بينهما في العرش إلا كحلقة أُلْقيتْ في فلاة من الأرض» ، وقد قال الله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر (67) ] .
والتفكُّر في فناء الدنيا: يبعثه على الزهد فيها، والإِقبال على الآخرة.
والتفكُّر في أهوال الآخرة: يبعثه على فعل الطاعات، وترك المنهيات، وتقصير أمل النفس بذكر الموت، وتهذيبها من الأخلاق السيئة.
وحملها على الاستقامة يورثها العز في الدنيا والآخرة.
قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} [سبأ (46) ] .
يقول تعالى: قل يا محمد لهؤلاء الزاعمين أنك مجنون: إنما أعظكم آمركم وأوصيكم بواحدة، هي: أن تقوموا لله من غير هوى ولا عصيبة مثنى وفرادى، أي: اثنين اثنين، وواحدًا واحدًا. ثم تتفكروا جميعًا في حال محمد صلى الله عليه وسلم فتعلموا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد.
وَقالَ تَعَالَى: {إِنَّ في خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ} الآيات [آل عمران (190، 191) ] .
التفكر في المخلوقات أفضل العبادات.
وفي بعض الآثار بينما رجلٌ مستلق على فراشه إذْ رفع رأسه فنظر إلى السماء والنجوم، فقال:«أشهد أن لك ربًّا وخالقًا اللَّهُمَّ اغفر لي» فنظر الله إليه فغفر له.
وَقالَ تَعَالَى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية (17: 21) ] .