الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم (59) ] .
189 - باب فضل المشي إلى المساجد
[1053]
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ غَدَا إلى المَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أعَدَّ اللَّهُ لَهُ فِي الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أوْ رَاحَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.
المراد بالغدو هنا: الذهاب إلى المسجد. وبالرواح: الرجوع إلى المنزل، والنُّزُل: المكان الذي يهيأ للنزول فيه.
وفي الحديث: فضل إتيان المساجد للصلاة، والعبادة، والعلم، والذكر.
قال بعض العلماء: عادة الناس تقديم طعام لمن دخل بيتهم، والمسجد بيت الله تعالى فمن دخله أيّ وقتٍ كان من ليلٍ أو نهارٍ أعطاه الله تعالى أجره من الجنة، لأنه أكرم الأكرمين، ولا يضيع أجر المحسنين.
[1054]
وعنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَضَى إلى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، لِيَقْضِي فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، كَانَتْ خُطُواتُهُ، إحْدَاهَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً» . رواه مسلم.
في هذا الحديث: فضل المشي إلى المساجد لأداء الصلاة المكتوبة.
[1055]
وعن أُبيّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ لا أَعْلمُ أَحَداً أبْعَدَ مِنَ المَسْجِدِ مِنْهُ، وَكَانَتْ لا تُخْطِئُهُ صَلَاةٌ،
فَقيلَ لَهُ: لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَاراً تَرْكَبَهُ في الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ، قَالَ: مَا يَسُرُّنِي أنَّ مَنْزِلِي إلى جَنْبِ المَسْجِدِ، إنِّي أُرِيدُ أنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إلى المَسْجِدِ، وَرُجُوعِي إذَا رَجَعْتُ إلى أهْلِي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لكَ ذَلِكَ كُلَّه» . رواه مسلم.
قال مجاهد في قوله تعالى: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} أعمالهم {وَآثَارَهُمْ} [يس (12) ] ، خطايا بأرجلهم.
[1056]
وعن جابر رضي الله عنه قال: خَلَت البِقاعُ حولَ المَسْجِدِ، فَأَرَادَ بَنُو سَلمَةَ أنْ يَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُمْ:«بَلَغَنِي أنَّكُم تُريدُونَ أنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ؟» قالوا: نعم، يا رَسُول اللَّهِ، قَدْ أرَدْنَا ذَلِكَ. فَقَالَ:«بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُم تُكْتَبْ آثارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثارُكُمْ» . فقالوا: مَا يَسُرُّنَا أنَّا كُنَّا تَحَوَّلْنَا. رواه مسلم، وروى البخاري معناه من رواية أنس.
قال البخاري: باب احتساب الآثار، وذكر حديث أنس: أن بني سلمة أرادوا أن يتحولوا عن منازلهم، فينزلوا قريبًا من النبي صلى الله عليه وسلم قال: فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعروا المدينة، فقال:«ألا تحتسبون آثاركم» .
قال مجاهد: خطاهم: آثارهم، والمشي في الأرض بأرجلهم.
قال الحافظ: وفي الحديث أن أعمال البر إذا كانت خالصة تكتب آثارها حسنات.
وفيه: استحباب السكنى بقرب المسجد، إلا لمن حصلت به منفعة أخرى أو أراد تكثير الأرجل بكثرة المشي. انتهى ملخصًا.
[1057]
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ أجْراً في الصَّلاةِ أبْعَدُهُمْ إلَيْهَا مَمْشىً، فَأَبْعَدُهُمْ، وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الإمَامِ أعظَمُ أجْراً مِنَ الَّذِي يُصَلِّيهَا ثُمَّ يَنَامُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.
في هذا الحديث: أن الصلاة مع الجماعة ولو تأخرت أفضل من صلاته منفردًا في أول الوقت.
[1058]
وعن بُريدَة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَشِّرُوا المَشَّائِينَ في الظُّلَمِ إلى المَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ القِيَامَةِ» . رواه أبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ.
في هذا الحديث: بُشارة عظيمةٌ للمحافظين على صلاة الجماعة ليلاً ونهارًا.
[1059]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ألا أدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ» ؟ قَالُوا: بَلَى يا رَسُول اللهِ؟ قَالَ: «إسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» . رواه مسلم.
سُمِّيت هذه الخصال الثلاث رباطًا، لأنها مجاهدة للنفس، فلزموها من أعظم الجهاد؛ لأن الإنسان إذا غلب نفسه فاز، وإن غلبته خاب.
قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}
…
[الشمس (9، 10) ] .