الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى ينحر الهدي. ومحل الكراهة عند عدم الحاجة. انتهى ملخصًا.
وقال البخاري: باب إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء. وذكر حديث مسروق أنه أتى عائشة، فقال لها: يا أم المؤمنين، إنَّ رجلاً يبعث بالهدي إلى الكعبة، ويجلس في المصر فيوصي أنْ تقلد بدنته فلا يزال من ذلك اليوم محرمًا حتى يحل الناس؟ قال: فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب، فقالت: لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث هديه إلى الكعبة فما يحرم عليه مما حل للرجال من أهله حتى يرجع الناس.
قال الحافظ: واستدل الداودي به على أنَّ الحديث المرفوع: «إذا دخل عشر ذي الحجة فمن أراد أنْ يضحي فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره» . يكون منسوخًا بحديث عائشة، أو ناسخًا.
قال ابن التين: ولا يحتاج إلى ذلك لأن عائشة أنكرت أنْ يصير محرمًا بمجرد بعثه الهدي، ولم تتعرض على ما يستحب في العشر خاصة، من اجتناب إزالة الشعر والظفر.
ثم قال: لكن عموم الحديث يدل على ما قال الداودي، وقد استدل به الشافعي على إباحة ذلك في عشر ذي الحجة.
قال الحافظ: لا يلزم من دلالته على عدم اجتناب ما يشترطه المحرم على المضحي أنه لا يستحب فعل ما ورد به الخبر لغير المحرم، والله أعلم. انتهى ملخصًا.
314- باب النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي
والكعبة والملائكة والسماء والآباء
والحياة والروح والرأس وحياة السلطان ونعمة السلطان وتربة فلان والأمانة، وهي من أشدها نهياً
[1707]
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ الله تَعَالَى يَنْهَاكُمْ أنْ تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفاً،
فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ» . متفق عَلَيْهِ.
وفي رواية في الصحيح: «فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلا يَحْلِفْ إِلا بِاللهِ، أَوْ لِيَسْكُتْ» .
قال ابن عبد البر: لا يجوز الحلف بغير الله بالإجماع.
وعن عكرمة قال: قال عمر: حدثت قومًا حدثيًا، فقلت: لا وأبي. فقال رجل من خلفي: «لا تحلفوا بآبائكم» . فالتفتُّ فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لو أن أحدكم حلف بالمسيح هلك، والمسيح خير من آبائكم» . رواه ابن أبي شيبة.
قال العلماء: السر في النهي عن الحلف بغير الله، أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده.
[1708]
وعن عبد الرحمن بن سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِي، وَلا بِآبَائِكُمْ» . رواه مسلم.
«الطَّواغِي» : جَمْعُ طَاغِيَةٍ، وهِيَ الأصنَامُ. وَمِنْهُ الحَدِيثُ:«هذِهِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ» أيْ: صَنَمُهُمْ وَمَعْبُودُهُمْ. وَرُوِيَ في غير مسلم:
…
«بِالطَّوَاغِيتِ» جَمعُ طَاغُوت، وَهُوَ الشَّيْطَانُ وَالصَّنَمُ.
قال الحافظ: من حلف بغير الله مطلقًا لم تنعقد يمينه، سواء كان المخلوف به يستحق التعظيم لمعنى غير العبادة، كالأنبياء والملائكة، والعلماء والصلحاء، والملوك، والآباء والكعبة.
أو كان لا يستحق التعظيم كالآحاد. أو يستحق التحقير والإَذلال كالشياطين، والأصنام، وسائر من عُبِد من دون الله.
[1709]
وعن بُريدَةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِالأمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» . حديث صحيح، رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
قال الخطابي: سَبَبُهُ أنَّ اليمين لا تنعقد إلا بالله تعالى، أو بصفاته، وليست منها الأمانة، وإنما هي أمر من أمره، وفرض من فروضه، فنُهوا عنه لما يوهمه الحلف بها من مساواتها لأسماء الله وصفاته.
وقال ابن رسلان: أراد بالأمانة الفرائض، أي: لا تحلفوا بالحج والصوم ونحوهما.
[1710]
وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنِّي بَرِيءٌ مِنَ الإسْلَامِ، فَإنْ كَانَ كَاذِباً، فَهُوَ كمَا قَالَ، وإنْ كَانَ صَادِقاً، فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الإسْلَامِ سَالِماً» . رواه أَبُو داود.
في هذا الحديث: وعيد شديد وتهديد أكيد لمن حلف بملة غير الإسلام كاذبًا أو صادقًَا.
[1711]
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يقُولُ: لا وَالكَعْبَةِ، قَالَ ابنُ عُمَرَ: لا تَحْلِفْ بَغَيْرِ اللهِ، فَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:«مَنْ حَلَفَ بِغَيرِ اللهِ، فقد كَفَرَ أَوْ أشْرَكَ» . رواه الترمذي، وقال:(حَدِيثٌ حَسَنٌ) .
وفَسَّرَ بَعْضُ العُلَمَاءِ قولَهُ: «كفَرَ أَوْ أشْرَكَ» عَلَى التَّغْلِيظِ، كما روي أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الرِّياءُ شِرْكٌ» .