الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[296]
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنىً، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ» . رواه البخاري.
اليد العليا: يد المعطي. والسفلى: هي السائلة.
قال الحافظ: ومحصل ما في الأحاديث أن أعلى الأيدي: المنفقة، ثم المتعففة عن الأخذ، ثم الآخذة بغير سؤال، وأسفل الأيدي السائلة والمانعة.
وفي الحديث: وجوب البداءة بمن تلزمه مؤنته، وأن خير الصدقة ما كان بالفاضل عن كفايته، ومن يمونه.
وفيه: الحث على الاستعفاف والاستغناء.
37- باب الإنفاق مِمَّا يحبُّ ومن الجيِّد
قَالَ الله تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران (92) ] .
يقول تعالى: لن تنالوا كمال الخير الذي يسرع بكم إلى دخول الجنة حتى تنفقوا مما تحبون من أموالكم.
وقال عطاء: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ} ، أي: شرف الدين والتقوى حتى تتصدَّقوا وأنتم أصحَّاء أشحَّاء.
وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة (267) ] .
قال ابن عباس: أمرهم بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه،
ونهاهم عن التصدُّق برذالة المال ودنيئه وهو خبيثه، فإن الله طيِبٌ لا يقبل إلا طيِّبًا.
[297]
عن أنس رضي الله عنه قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ رضي الله عنه أكْثَرَ الأنْصَار بالمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْل، وَكَانَ أَحَبُّ أمْوالِهِ إِلَيْه بَيْرَحَاء، وَكَانتْ مُسْتَقْبلَةَ المَسْجِدِ وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّب. قَالَ أنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إنَّ الله تَعَالَى أنْزَلَ عَلَيْكَ:
…
{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإنَّ أَحَبَّ مَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَاءُ، وَإنَّهَا صَدَقَةٌ للهِ تَعَالَى، أرْجُو بِرَّهَا، وَذُخْرَهَا عِنْدَ الله تَعَالَى، فَضَعْهَا يَا رَسُول الله حَيْثُ أرَاكَ الله، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «بَخ! ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ، ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ، وقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإنِّي أرَى أنْ تَجْعَلَهَا في
الأقْرَبينَ» ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أفْعَلُ يَا رَسُول الله، فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أقَارِبِهِ، وبَنِي عَمِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
قوله صلى الله عليه وسلم: «مالٌ رابحٌ» ، رُوِيَ في الصحيحين «رابحٌ» و «رايحٌ» بالباء الموحدة وبالياءِ المثناةِ، أي: رايح عَلَيْكَ نفعه، وَ «بَيرَحَاءُ» : حديقة نخلٍ، وروي بكسرِ الباءِ وَفتحِها.
في هذا الحديث: دليل على فضل إنفاق أحب الأموال على أقرب الأقارب، وأن النفقة عليهم أفضل من الأجانب.
وفيه: جواز دخول أهل الفضل للحوائط والبساتين، والاستظلال بظلها، والأكل من ثمرها، والراحة، والتنزه، إذا علم رضا المالك.