الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ تَعَالَى أوْحَى إلَيَّ أنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أحَدٍ، وَلا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أحَدٍ» . رواه مسلم.
قَالَ أهلُ اللغةِ: البغيُ: التَّعَدِّي والاستطالَةُ.
في هذا الحديث: الأمر بالتواضع، والنهي عن التفاخر.
[1590]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا قَالَ الرجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أهْلَكُهُمْ» . رواه مسلم.
والرواية المشهورة: «أهْلَكُهُمْ» بِرَفعِ الكاف وروي بنصبها: وذلكَ النْهيُ لِمنْ قَالَ ذَلِكَ عُجْباً بِنَفْسِهِ، وتَصَاغُراً للنَّاسِ، وارْتِفاعاً عَلَيْهِمْ، فَهَذَا هُوَ الحَرامُ، وَأمَّا مَنْ قَالَهُ لِما يَرَى في النَّاسِ مِنْ نَقْصٍ في أمرِ دِينِهم، وقَالَهُ تَحَزُّناً عَلَيْهِمْ، وعَلَى الدِّينِ، فَلا بَأسَ بِهِ. هكَذَا فَسَّرَهُ العُلَماءُ وفَصَّلُوهُ، وَمِمَّنْ قَالَهُ مِنَ الأئِمَّةِ الأعْلامِ: مالِكُ بن أنس، وَالخَطَّابِيُّ، والحُميدِي وآخرونَ، وَقَدْ أوْضَحْتُهُ في كتاب:(الأذْكار) .
قال مالك: إذا قال ذلك تحزُّنًا عليهم لما يرى في الناس - يعني في أمر دينهم - فلا أرى به بأسًا. وإذا قال ذلك عجبًا بنفسه، وتصاغرًا للناس فهو المكروه الذي ينهى عنه.
280- باب تحريم الهجران بين المسلمين
فوق ثلاثة أيام
إِلا لبدعة في المهجور، أَوْ تظاهرٍ بفسقٍ أَوْ نحو ذَلِكَ
قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أخَوَيْكُمْ} [الحجرات (10) ] .
أي: والتهاجر والتقاطع خلاف مقتضى الأُخوة.
وقال تَعَالَى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالعُدْوَانِ} [المائدة (2) ] .
ومنه قطيعه المسلم وهجرانه بلا سبب شرعي.
[1591]
وعن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَقَاطَعُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَاناً، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاث» . متفق عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: النهي عن التقاطع والتهاجر. والعمل بهذا الحديث من أعظم الأسباب الموصلة للتآلف بين المسلمين، وقلة الشحناء.
[1592]
وعن أَبي أيوبَ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ: يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا، وخَيْرُهُما الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ» . متفق عَلَيْهِ.
فيه: تحريم الهجر بعد ثلاثة أيام، والثناء على البادئ بالسلام.
[1593]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ في كلِّ اثْنَيْنِ وَخَمْيسٍ، فَيَغْفِرُ اللهُ لِكُلِّ امْرِئٍ لا يُشْرِكُ باللهِ شَيْئاً، إِلا امْرَءاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيقُولُ: اتْرُكُوا هذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» . رواه مسلم.
في هذا الحديث: وعيد شديد للمتشاحنين.
[1594]
وعن جابر رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيَسَ أنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَلَكِنْ في التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» . رواه مسلم.
«التَّحْرِيشُ» : الإفْسَادُ وتَغييرُ قُلُوبِهِمْ وتَقَاطُعُهُم.
قال الأصمعي: حد جزيرة العرب هو أطراف ما بين عدن أبين إلى الشام طولاً. وأما العرض فمن جُدَّة وما والاها من شاطئ البحر إلى ريف العراق.
وقال بعض العلماء: جزيرة العرب خمسة أقسام: تهامة، ونجد، وحجاز، وعروض، ويمن.
وقال صاحب «المُحْكَم» : إِنما سُمِّيت بذلك؛ لأنَّ بحر فارس، وبحر الحبش، ودجلة، والفرات قد أحاطت بها.
وقوله: و «لكن في التحريش بينهم» ، أي: يسعى في إيقاع الخصومات، والشحناء، والحروب، والفتن، ونحوها بينهم.
وهذا الحديث: من معجزات النبوة، لكونه وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم.
[1595]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ» . رواه أَبُو داود بإسناد عَلَى شرط البخاري ومسلم.
في هذا الحديث: وعيد شديد.
وفيه: دليل على أنَّ الهجر من كبائر الذنوب.
[1596]
وعن أَبي خِراشٍ حَدْرَدِ بنِ أَبي حَدْرَدٍ الأسلميِّ. ويقالُ: السُّلمِيّ الصحابي رضي الله عنه: أنَّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقولُ: «مَنْ هَجَرَ أخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ» . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
في هذا الحديث: وعيديد شديد لمن هجر سَنَة، وأن ذلك كإراقة دم المهجور فيِ الإثم.