الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للصلاة، وفي حديث عبادة:«لا إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان» ، وفي حديث أُم سلمة: قالوا: يَا رسول الله، ألا نقاتلهم؟ قال:«لا ما أقاموا فيكم الصلاة» .
[662]
وعن عِياضِ بن حِمارٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أهلُ الجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ: ذُو سُلطانٍ مُقْسِطٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحيمٌ رَقِيقُ القَلْبِ لكُلِّ ذي قُرْبَى ومُسْلِمٍ، وعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذو عِيالٍ» . رواه مسلم.
في هذا الحديث: فضل الوالي العادل القائم بطاعة الله سبحانه وتعالى.
وفيه: ثواب الواصل والرحيم بالمسلمين، وفضل المحتاج المتعفف.
80- باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية
وتحريم طاعتهم في المعصية
قَالَ الله تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء (59) ] .
{أَطِيعُوا اللهَ} ، أي: اتبعوا كتابه، {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ، أي: خذوا بسنته، {وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} ، أي: فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
[663]
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَلَى المَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ والطَّاعَةُ فِيمَا أحَبَّ وكَرِهَ، إلا أنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيةٍ، فَإنْ أُمِرَ بِمَعْصِيةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ» . متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: وجوب السمع والطاعة والانقياد لقول ولي الأمر، سواء كان موافقًا لمراد المأمور، أو مخالفًا له إلا في معصية الله.
[664]
وعنه قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمعِ والطَّاعَةِ، يَقُولُ لَنَا:«فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِ.
وفيه: أن وجوب السمع والطاعة على قدر الاستطاعة قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن (16) ] .
[665]
وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:«مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» . رواه مسلم.
وفي رواية لَهُ: «وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ مُفَارِقٌ لِلجَمَاعَةِ، فَإنَّهُ يَمُوتُ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» .
«المِيتَةُ» بكسر الميم.
فيه: وعيد شديد على من خرج على الإِمام ولم يَنْقَدْ له، ووجوب بيعة الإِمام.
[666]
وعن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اسْمَعُوا وأطِيعُوا، وَإنِ استُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشيٌّ، كأنَّ رأْسَهُ زَبيبةٌ» . رواه البخاري.
كان أهل الجاهلية يأنفون من الدخول تحت الطاعة خصوصًا العرب، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك واجبٌ لكل أمير ولو أنه حقير.
[667]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكَ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ في عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأثَرَةٍ عَلَيْكَ» . رواه مسلم.
فيه: وجوب السمع والطاعة للأمراء على كل حال ولو اختصوا بالمال دون مستحقيه فإن الله سائلهم عن ذلك.
[668]
وعن عبدِ اللهِ بن عمرو رضي الله عنهما قَالَ: كنا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً، فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءهُ، وَمِنّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ في جَشَرِهِ، إذْ نَادَى مُنَادِي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: الصَّلاةَ جَامِعَةً. فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبيٌّ قَبْلِي إلا كَانَ حَقّاً عَلَيْهِ أنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُم شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ. وَإنَّ أُمَّتَكُمْ هذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا في أوَّلِهَا، وَسَيُصيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتنَةٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَتَجِيءُ الفتنَةُ فَيقُولُ المُؤْمِنُ: هذه مُهلكتي، ثُمَّ تنكشفُ، وتجيء الفتنةُ فيقولُ المؤمنُ: هذِهِ هذِهِ. فَمَنْ أحَبَّ أنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، ويُدْخَلَ الجَنَّةَ، فَلْتَأتِهِ منيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنَ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ، وَلْيَأتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أنْ يُؤتَى إِلَيْهِ. وَمَنْ بَايَعَ إمَاماً فَأعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إن استَطَاعَ، فإنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنْقَ الآخَرِ» . رواه مسلم.
قَوْله: «يَنْتَضِلُ» أيْ: يُسَابِقُ بالرَّمْي بالنَّبل والنُّشَّاب. وَ «الجَشَرُ» : بفتح الجيم والشين المعجمة وبالراء، وهي: الدَّوابُّ الَّتي تَرْعَى وَتَبِيتُ
مَكَانَهَا. وَقَوْلُه: «يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضاً» أيْ: يُصَيِّرُ بَعْضُهَا بَعْضَاً رقيقاً: أيْ خَفِيفاً لِعِظَمِ مَا بَعْدَهُ، فالثَّانِي يُرَقّقُ الأَوَّلَ. وقيل مَعنَاهُ يُشَوِّقُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ بتحسينهَا وَتَسويلِهَا، وقيل: يُشبِهُ بَعْضُها بَعضاً.
قوله صلى الله عليه وسلم: «وإن أمَّتكم هذه جعل عافيتها في أولها» . قال القرطبي: المراد به زمان الخلفاء، الثلاثة إلى قتل عثمان فهذه كانت أزمنة اتفاق هذه الأمة واستقامة أمرها وعافية دينها، فلما قتل عثمان هاجت الفتن ولم تزل ولا تزال إلى يوم القيامة.
قوله: «وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه» . قال النووي: هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وبدائع حكمه. وهذه قاعدة ينبغي الاعتناء بها، وهي أن الإِنسان يلتزم ألا يفعل مع الناس إلا ما يحب أن يفعلوه.
وفي الحديث: وجوب طاعة الإمام وقتال من خرج عليه.
[669]
وعن أَبي هُنَيْدَةَ وَائِلِ بن حُجرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَألَ سَلَمَةُ بن يَزيدَ الجُعفِيُّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله، أرأيتَ إنْ قامَت عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسألُونَا حَقَّهُم، وَيمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأعْرَضَ عنه، ثُمَّ سَألَهُ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«اسْمَعْوا وَأَطِيعُوا، فإنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حملْتُمْ» . رواه مسلم.
فيه: وجوب السمع والطاعة للأمراء وإن لم يقوموا بحق الرعية.
[670]
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا!» قالوا: يَا رسول الله، كَيْفَ تَأمُرُ
مَنْ أدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ: «تُؤَدُّونَ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ» . متفقٌ عَلَيْهِ.
الأثرة: استئثار ولاة الأمر بالأموال على المستحقين فيها. وقد ظهر ذلك، فهو من جملة معجزاته صلى الله عليه وسلم.