الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتَاب اللّبَاس
117- باب استحباب الثوب الأبيض، وجواز الأحمر والأخضر
والأصفر والأسود،
وجوازه من قطن وشعر وصوف وغيرها إِلا الحرير
قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَاري سَوْآتِكُمْ} [الأعراف (26) ] .
قوله: {أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ} ، أي: خلقنا لكم، ولما كان بقضاء سماوي، وأسباب من السماء. قال:{وَأَنزَلْنَا} وسُمِّيت العورة سوأة؛ لأنه يسوء انكشافها. والريش: ما يتجمَّل به ظاهرًا. وعن عليَّ مرفوعًا أنه لبس ثوبًا، فقال حين لبسه:«الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمَّل به في الناس، وأُواري به عورتي» . رواه الإمام أحمد.
وقال تَعَالَى: {وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} [النحل (81) ] .
قوله: {تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أي: والبرد اكتفاء بدلالة قرينة عليه بالأولى. {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} ، أي: حربكم كالدروع ونحوها.
[779]
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
…
«الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ البَيَاضَ؛ فَإنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» . رواه أَبُو داود والترمذي، وقال:(حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ) .
في الحديث: استحباب لبس البياض، وأنه أطيب من غيره من سائر الألوان.
[780]
وعن سَمُرَة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْبَسُوا البَيَاضَ؛ فَإنَّهَا أطْهَرُ وَأطْيَبُ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» . رواه النسائي والحاكم، وقال:«حديث صحيح» .
قوله: «فإنها أطهر» ، أي لأنها لنقائها يظهر ما يخالطاها من الدنس وإن قل.
وقوله: «أطيب» ، أي: لسلامتها غالبًا عن الخيلاء
[781]
وعن البراءِ رضي الله عنه قال: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرْبُوعاً، وَلَقَدْ رَأيْتُهُ في حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأيْتُ شَيْئاً قَطُّ أحْسَنَ مِنْهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
الحلة: ثوبان من جنس واحد.
قوله: «حمراء» : قال الحافظ ابن حجر: هي ثياب ذات خطوط.
[782]
وعن أَبي جُحَيفَةَ وَهْب بن عبد الله رضي الله عنه قال: رَأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بِمكّةَ وَهُوَ بالأبْطَحِ في قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أَدمِ، فَخَرَجَ بِلَالٌ بِوَضُوئِهِ، فَمِنْ نَاضِحٍ وَنَائِلٍ، فَخَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وعليه حُلَّةٌ حَمْرَاءُ، كَأنِّي أنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ سَاقَيْهِ، فَتَوَضّأ وَأذَّنَ بِلَالٌ، فَجَعَلْتُ أتَتَبَّعُ فَاهُ ها هُنَا وَهَا هُنَا، يقولُ يَمِيناً وَشِمَالاً: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ، ثُمَّ رُكِزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ لا يُمْنَعُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
«العنَزة» بفتح النون: نحو العُكازَة.
في الحديث: جواز لبس الأحمر.
وفيه: مشروعية السترة للمصلي، وأن المار من ورائها لا يضر المصلي.
وفيه: مشروعية الالتفات في الأذان يمينًا عند قوله: حي على الصلاة، وشمالاً عند قوله: حي على الفلاح.
[783]
وعن أَبي رمْثَة رفَاعَةَ التَّيْمِيِّ رضي الله عنه قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثوبانِ أخْضَرَان. رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح.
في الحديث: جواز لبس الأخضر
قال ابن بطال: الثياب الخضر من لباس أهل الجنة، وكفى بذلك شرفًا.
[784]
وعن جابر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاء. رواه مسلم.
في الحديث: جواز لبس الأسود.
[785]
وعن أَبي سعيد عمرو بن حُرَيْثٍ رضي الله عنه قال: كأنّي أنْظُرُ إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ، قَدْ أرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ. رواه مسلم.
وفي روايةٍ لَهُ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.
فيه: استحباب إرخاء طرف العمامة بين الكتفين.
[786]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كُفِّنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثةِ أثْوَاب بيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ. متفقٌ عَلَيْهِ.
«السَّحُولِيَّة» بفتح السين وضمها وضم الحاء المهملتين: ثيابٌ تُنْسَبُ إِلَى سَحُول: قَرْيَة باليَمنِ «وَالكُرْسُف» : القُطْنُ.
هذا أفضل الكفن من العدد للرجال، ومن الألوان للرجال والنساء.
[787]
وعنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غَدَاةٍ، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مرَحَّلٌ مِنْ شَعرٍ أسْوَد. رواه مسلم.
«المِرْط» بكسر الميم: وَهُوَ كساءٌ وَ «المُرَحَّلُ» بالحاء المهملة: هُوَ الَّذِي فِيهِ صورةُ رحال الإبل، وهِيَ الأَكْوَارُ.
في الحديث: جواز تصوير ما لا روح فيه، وجواز لبسه ولبس الشعر.
[788]
وعن المغيرة بن شُعْبَةَ رضي الله عنه قال: كُنْتُ مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ لَيْلَةٍ في مسير، فَقَالَ لي:«أمَعَكَ مَاءٌ؟» قلتُ: نَعَمْ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى في سَوَادِ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ فَأفْرَغْتُ عَلَيْهِ مِنَ الإدَاوَةِ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا حَتَّى أخْرَجَهُمَا مِنْ أسْفَلِ الْجُبَّةِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأسِهِ، ثُمَّ أهْوَيْتُ لأَنْزَعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ:«دَعْهُمَا فَإنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ» وَمَسحَ عَلَيْهِمَا. متفقٌ عَلَيْهِ.