الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنَّه قَالَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً أَوْ آوَى مُحْدِثاً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَة والنَّاسِ أجْمَعينَ» ، وأنَّه قَالَ:«اللَّهُمَّ الْعَنْ رِعْلاً، وَذَكْوَانَ، وعُصَيَّةَ: عَصَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ» وهذِهِ ثَلَاثُ قَبَائِلَ مِنَ العَرَبِ. وأنَّه قَالَ: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» وأنهُ «لَعَنَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّساءِ والمُتَشَبِّهاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجالِ» .
وَجَميعُ هذِهِ الألفاظِ في الصحيح؛ بعضُها في صَحيحَيّ البُخاري ومسلمٍ، وبعضها في أحَدِهِمَا، وإنما قصدت الاختِصَارَ بالإشارةِ إِلَيها، وسأذكر معظمها في أبوابها من هَذَا الكتاب، إن شاء الله تَعَالَى.
أي: وكلُّ هذه الأحاديث تدل على جواز لعن أهل المعاصي على سبيل العموم.
266- باب تحريم سب المسلم بغير حق
قَالَ الله تَعَالَى: {والَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وإثْماً مُبِيناً} [الأحزاب (58) ] .
قال ابن كثير: ينسبون إليهم ما هم برآء منه، لم يعملوه، ولم يفعلوه. وهذا البهت الكبير، أن يحكي أو ينقل عن المؤمنين والمؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب والنقص لهم.
وعن أبي هريرة: أنه قيل: يَا رسول الله، ما الغيبة؟ قال: «ذِكْرُكَ أخاكَ بما
يكره» . قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبتَه، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّه» . رواه الترمذي.
[1559]
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتالُهُ كُفْرٌ» . متفق عَلَيْهِ.
قال النووي: السبُّ في اللغة: الشتم والتكلم في عرض الإِنسان بما يعيبه، والظاهر أن المراد من قتاله المقاتلة المعروفة.
[1560]
وعن أَبي ذرٍ رضي الله عنه أنهُ سَمِعَ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلاً بِالفِسْقِ أَوِ الكُفْرِ، إِلا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ، إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كذَلِكَ» . رواه البخاري.
في هذا الحديث: تفسيق من رمى غير الفاسق بالفسق، وتكفير من رمى المؤمن بالكفر، كما في الحديث الآخر:«من رمى رجلاً بالكفر أو قال عدوّ الله وليس كذلك، إلا حار عليه» .
[1561]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «المُتَسَابَّانِ مَا قَالا فَعَلَى البَادِي منهُما حَتَّى يَعْتَدِي المَظْلُومُ» . رواه مسلم.
قال النووي: معناه أن إثم السباب الواقع بينهما يختص بالبادئ منهما، إلا أن يجاوز الثاني قدر الانتصار، فيؤذي الظالم بأكثر مما قاله.
وفيه: جواز الانتصار ولا خلاف فيه، وتظاهر عليه الكتاب والسنة، ومع ذلك فالصبر والعفو أفضل كما قال تعالى:{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى (43) ]، وكحديث:«وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عِزًّا» .
[1562]
وعنه قَالَ: أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ شرِبَ قَالَ: «اضربوهُ» قَالَ أَبُو هريرةَ: فَمِنَّا الضارِبُ بيَدِهِ، والضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، والضَّارِبُ بِثَوْبِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعْضُ القَوْمِ: أخْزَاكَ اللهُ! قَالَ: «لا تَقُولُوا هَذَا، لا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَان» . رواه البخاري.
في هذا الحديث: جواز إقامة حد الخمر بالضرب بغير السوط.
قال النووي: أجمعوا على الاكتفاء بالجريد والنعال، والأصح جوازه بالسوط.
قال الحافظ: وتوسط بعض المتأخرين فعين السوط للمتمردين، وأطراف الثياب والنعال للضعفاء، ومن عداهم بحسب ما يليق بهم. انتهى.
وزاد أبو داود في رواية: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «بكِّتوه» فأقبلوا عليه. يقولون له: ما اتقيت الله عز وجل؟ ما خشيت الله جل ثناؤه، ما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم أرسلوه.
[1563]
وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِالزِّنَى يُقَامُ عَلَيْهِ الحَدُّ يَومَ القِيَامَةِ، إِلا أَنْ يَكُونَ كما قَالَ» . متفق عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: إظهار كمال العدل.