الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الحديث: استحباب هذا الذكر عند الاضطجاع، وعند الانتباه.
247- باب فضل حِلَقِ الذكر
والندب إِلَى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر
قَالَ اللهُ تَعَالَى: {واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُريدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تريد زينة الحياة الدنيا}
…
[الكهف (28) ] .
أي: اجلس مع الذين يذكرون الله ويسألونه بكرةً وعشيًا من عباد الله، سواء كانوا فقراء أو أغنياء.
يقال: إنها نزلت في أشراف قريش حين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أنْ يجلس معهم وحده، ولا يجالسهم بضعفاء أصحابه، فنهاه الله عن ذلك.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: كنَّا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة، فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترؤون علينا، قال: وكنت أنا وابن مسعود، ورجل من هذيل، وبلال، ورجلان لست أسميهما، فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع، فحدَّث نفسه، فأنزل الله عز وجل:{وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام (52) ] . أخرجه مسلم.
وقوله: {وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} .
قال ابن عباس: ولا تجاوزهم إلى غيرهم، يعني: تطلب بدلهم أصحاب الشرف والثروة.
{وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا} ، أي: شغل عن الدِّين، وعبادة ربه بالدنيا.
{وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} ، في طلب الشهوات {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} ، أي: ضياعًا.
الذكر يتناول الصلاة، وقراءة القرآن، والدعاء، وتلاوة الحديث، ودراسة العلم الديني.
قوله: «فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم» . قيل: من حكم السؤال إقرار الملائكة أنَّ في بني آدم المسبحين والمقدسين، فيكون كالاستدراك لما سبق من قولهم:{أَتَجْعَلُ فِيهَا} [البقرة (30) ]
قوله: «فضلاً» منضبط بوجوه: أشهرها ضم أَوَّلَيه، وبضم، ففتح، أخره ألف
ممدودة جمع فاضل. ومعناه على جميع الروايات أنهم زائدون على الحفظة، وغيرهم من المرتبين مع الخلائق.
قال الحافظ: وفي الحديث: فضل الذكر والذاكرين، وفضل الاجتماع على ذلك، وأن جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل عليهم إكرامًا لهم، وإنْ لم يشاركهم في أصل الذكر.
وفيه: محبة الملائكة لبني آدم، واعتناؤهم بهم.
وفيه: أنّ السؤال قد يصدر ممن هو أعلم بالمسؤول عنه من المسؤول، لإظهار العناية بالمسؤول عنه، والتنويه بقدره، والإعلان بشرف منزلته.
[1448]
وعنه وعن أَبي سعيدٍ رضي الله عنهما قالا: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَقْعُدُ قَومٌ يَذكُرُونَ اللهَ عز وجل إِلا حَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ؛ وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» . رواه مسلم.
قوله: «لا يقعد قوم يذكرون الله» .
وفي حديث أبي هريرة: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتْلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده» . السكينة هنا: الطمأنينة والوقار.
قوله: «وذكرهم الله فيمن عنده» ، أي: في الملأ الأعلى. كما في الحديث الآخر: «وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» .
[1449]
وعن أَبي واقدٍ الحارث بن عوف رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ في المَسْجِدِ، والنَّاسُ مَعَهُ، إذْ أقْبَلَ ثَلاثَةُ
نَفَرٍ، فأقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَذَهَبَ واحِدٌ؛ فَوَقَفَا عَلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. فأمَّا أحَدُهُما فَرَأَى فُرْجةً في الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأمَّا الآخرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وأمَّا الثَّالثُ فأدْبَرَ ذاهِباً. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«ألا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ: أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأوَى إِلَى اللهِ فآوَاهُ اللهُ إِلَيْهِ. وَأمَّا الآخَرُ فاسْتَحْيَى فَاسْتَحْيَى اللهُ مِنْهُ، وأمّا الآخَرُ، فَأعْرَضَ، فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ» . متفقٌ عَلَيْهِ.
قال البخاري: باب من قعد حيث ينتهي به المجلس، ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وذكر الحديث.
وفيه: فضل ملازمة حِلَقِ العلم والذكر، وجلوس العالم، والذكر في المسجد.
وفيه: الثناء على المستحيي، والجلوس حيث ينتهي به المجلس.
وفيه: جواز الإخبار عن أهل المعاصي وأحوالهم للزجر عنها، وأن ذلك لا يعد من الغيبة.
[1450]
وعن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ: خرج معاوية رضي الله عنه عَلَى حَلْقَةٍ في المَسْجِدِ، فَقَالَ: مَا