الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص (86) ] . رواه البخاري.
قال الحافظ: وقوله: «إن من العلم أنْ يقول لما لا يعلم: الله أعلم» ، أي: أن تمييز المعلوم من المجهول نوع من العلم، وهذا مناسب لما اشتهر من أن القول فيما لا يعلم، قسم من التكلف.
302- باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وشق الجيب
ونتف الشعر وحلقه والدعاء بالويل والثبور
[1657]
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ» .
وَفِي روايةٍ: «مَا نِيحَ عَلَيْهِ» . متفق عليه.
فيه: أن الميت يعذب بنياحة أهله عليه، إذا كان النوح من عادتهم، ولا أوصاهم بتركه.
[1658]
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» . متفق عليه.
في هذا الحديث: وعيد شديد لمن فعل ما ذكر.
والمراد بدعوى الجاهلية: ما يقولونه عند موت الميت، كقولهم: واجبلاهُ، واسنداهْ واسيداه، والدعاء بالويل والثبور.
قال الحافظ: وهذا يدل على تحريم ما ذكر من شق الجيب وغيره. وكأن
السبب في ذلك مَا تَضَمَّنَهُ من عدم الرضا بالقضاء، فإن وقع التصريح بالاستحلال فلا مانع من حمل النفي على الإخراج من الدين.
[1659]
وَعَنْ أبي بُرْدَةَ قال: وَجعَ أبو مُوسَى، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَرَأسُهُ فِي حِجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أهْلِهِ، فَأَقْبَلَتْ تَصِيحُ بِرَنَّةٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئاً، فَلَمَّا أفَاقَ قَالَ: أنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيءٌ مِنَ الصَّالِقَةِ، والحَالِقَةِ، والشَّاقَّةِ. متفق عليه.
«الصَّالِقَةُ» : الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالنِّيَاحَةِ والنَّدْبِ. «وَالحَالِقَةُ» : الَّتِي تَحْلِقُ رَأسَهَا عِنْدَ المُصِيبَةِ. «وَالشَّاقَّةُ» : الَّتي تَشُقُّ ثَوْبَهَا.
قال الحافظ: الصالقة: التي ترفع صوتها بالبكاء.
وفي الحديث: دليل على تحريم هذه الأفعال.
[1660]
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ، فَإنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيهِ يَومَ القِيَامَةِ» . متفق عليه.
قال البخاري: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه» .
إذا كان النوح من سنته، لقوله تعالى:{قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم (6) ] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته» . فإذا لم يكن من سنته فهو كما قالت عائشة رضي الله عنها: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ} [الأنعام (164) ] .
وهو كقوله: {وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} ذنوبًا {إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} [فاطر (18) ]، وما يرخص من البكاء في غير نَوْح. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقتل نفس ظلمًا
إلا كان على ابن آدم الأول كفلٌ من دمها؛ لأنه أول من سنّ القتل» .
[1661]
وعن أُمِّ عَطِيَّةَ نُسَيْبَةَ - بِضَمِّ النون وفتحها رضي الله عنها، قالت: أخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِندَ البَيْعَةِ أنْ لا نَنُوحَ. متفق عليه.
قال البخاري: باب ما ينهى من النوح والبكاء، والزجر عن ذلك. وذكر حديث عائشة في قصة قتل جعفر. وحديث أم عطية ولفظه: أخذ علينا النبي صلى الله عليه وسلم عند البيعة أن لا ننوح، فما وفت منا امرأة غير خمس نسوة.
قال الحافظ: قوله: باب ما ينهى من النوح والبكاء والزجر عن ذلك، قال ابن المنير: عطف الزجر على النهي للإشارة إلى المؤاخذة الواقعة في الحديث، بقوله:«فاحثُ في أفواههن التراب» .
قال الحافظ: وفي حديث أم عطية مصداق ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن ناقصات عقل ودين.
[1662]
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: أُغْمِيَ عَلَى عَبدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ رضي الله عنه، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ تَبْكِي، وَتَقُولُ: وَاجَبَلاهُ،
…
وَاكَذَا، وَاكَذَا: تُعَدِّدُ عَلَيْهِ. فقالَ حِينَ أفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئاً إلا قِيلَ لِي أنْتَ كَذَلِكَ؟! . رواه البخاري.
فيه: بيان صورة تعذيب من لم يرض بالنوح، بل يقال له ذلك على سبيل التقريع والتوبيخ.
[1663]
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: اشْتَكَى سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ رضي الله عنه شَكْوَى، فَأتاهُ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ مَعَ عَبدِ الرَّحمنِ بْنِ عَوفٍ، وَسَعْدِ بن أبي وقَّاصٍ، وعبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنهم. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، وَجَدَهُ في غَشْيَةٍ فَقالَ:«أقَضَى؟» قالوا: لا يا رسول اللهِ، فَبكَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَأى القَوْمُ بُكَاءَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بَكَوْا، قال:«ألا تَسْمَعُونَ؟ إنَّ اللهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلكِنْ يُعَذِّبُ بِهذَا» - وَأشَارَ إلَى لِسَانِهِ - أو يَرْحَمُ» . متفق عليه.
فيه: أنَّ البكاء والحزن الخاليين عن التضجر والتبرم بالقدر لا عقاب فيهما، وأنَّ العقاب والثواب يتعلق باللسان.
[1664]
وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
…
فيه: وعيد شديد للنائحة، وأنَّ النوح من كبائر الذنوب.
[1665]
وعن أَسِيد بن أبي أَسِيدٍ التابِعِيِّ، عن امْرَأةٍ مِنَ المُبَايِعاتِ، قالت: كان فِيما أخَذَ عَلَيْنَا رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي المَعْرُوفِ الَّذِي أخَذَ عَلَيْنَا أنْ لا نَعْصِيَهُ فِيهِ: أنْ لا نَخْمِشَ وَجْهَاً، وَلا نَدْعُوَ وَيْلاً، وَلا نَشُقَّ جَيْباً، وأنْ لا نَنْثُرَ شَعْراً. رواه أبو داود بإسناد حسن.
قولها: ولا ندع ويلاً، أي: كأنْ تقول: يا ويلاه.