الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدخيل: الضيف والنزيل؛ وعبرت بذلك لأن مدة المقام بالدنيا وإن طالت فهي يسيرة بالنظر إلى الآخرة التي لا أَمَد لها.
[288]
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
فيه: دليل على أن الافتتان بالنساء أشد من سائر الشهوات، لعدم الاستغناء عنهن، وقد يحمل حبهن على تعاطي ما لا يحل للرجل وترك ما ينفعه في أمور دينه ودنياه.
36- باب النفقة عَلَى العيال
قَالَ الله تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوف} [البقرة (233) ] .
أي: وعلى والد الطفل نفقة الوالدات وكسوتهن، سواءً كُنَّ في عصمته أو مطلقات بالمعروف، أي: بما جرت به عادة أمثالهن في بلدهن من غير إسراف ولا إقتار بحسب قدرته.
وَقالَ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلا مَا آتَاهَا} [الطلاق (7) ] .
هذه الآية نزلت في الإنفاق على المرضعة، وهي عامة في جميع النفقات الواجبة.
وَقالَ تَعَالَى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُه} [سبأ (39) ] .
أي: يعوِّضه عاجلاً أو آجلاً.
[289]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «دِينَارٌ أنْفَقْتَهُ في سَبيلِ اللهِ، وَدِينار أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، وَدِينارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ
عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أنْفَقْتَهُ عَلَى أهْلِكَ، أعْظَمُهَا أجْراً الَّذِي أنْفَقْتَهُ عَلَى أهْلِكَ» . رواه مسلم.
فيه: أنّ النفقة الواجبة أعظم أجرًا من المندوبة.
[290]
وعن أَبي عبد الله، ويُقالُ لَهُ: أَبو عبد الرحمن ثَوبَان بن بُجْدُد مَوْلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفقُهُ الرَّجُلُ: دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدينَارٌ يُنْفقُهُ عَلَى دَابَّتِهِ في سَبيلِ الله، وَدِينارٌ يُنْفقُهُ عَلَى أصْحَابهِ في سَبيلِ اللهِ» . رواه مسلم.
قدَّم في هذا الحديث النفقة على العيال في الذكر، اهتمامًا بذلك لأنه أشرف الأنواع.
[291]
وعن أمِّ سَلمَة رضي الله عنها، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُول الله، هَلْ لِي أجرٌ فِي بَنِي أَبي سَلَمَة أنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، وَلَسْتُ بِتَارِكتهمْ هكَذَا وَهكَذَا إنَّمَا هُمْ بَنِيّ؟ فَقَالَ:«نَعَمْ، لَكِ أجْرُ مَا أنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
فيه: دليل على ثبوت الأجر على نفقة العيال وغيرهم، ولو كان ذلك لازمًا بالطبع.
[292]
وعن سعد بن أَبي وقاص رضي الله عنه في حديثه الطويل الَّذِي قدمناه في أول الكتاب في باب النِّيَةِ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: «وإنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إلا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ في فيِّ امرأتِك» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
في هذا الحديث: أنّ كل شيء قصد به وجه الله تعالى يثاب عليه فاعله، ولو كان من الملاعبة.
[293]
وعن أَبي مسعود البدري رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً يَحْتَسِبُهَا فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
فيه: أنّ النفقة على الأهل وإن كانت واجبة فهي له صدقة إذا احتسبها.
[294]
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالمَرْءِ إثْمَاً أنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» . حديث صحيح رواه أَبُو داود وغيره.
ورواه مسلم في صحيحه بمعناه، قَالَ:«كَفَى بِالمَرْءِ إثْمَاً أنْ يحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ» .
فيه: عظم إثم من منع نفقة زوجته أو ولده، أو غيرهم ممن تلزمه نفقتهم وكذلك دوابه.
[295]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إلا مَلَكانِ يَنْزلَانِ، فَيقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفقاً خَلَفاً، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكاً تلَفاً» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
أيهم الخَلَفُ في هذا الحديث، ليتناول المال والثواب وغيرهما، والتَلَفُ يتناول ذلك المال بعينه، أو تلف نفس صاحب المال.