الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
52- باب فضل الرجاء
قَالَ الله تَعَالَى إخباراً عن العبدِ الصالِحِ: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلى اللهِ إنَّ اللهَ بَصِيرٌ بالعِبَادِ فَوَقَاهُ الله سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر (44، 45) ] .
يُخبر تعالى عن مؤمن آل فرعون حين دعاهم إلى التوحيد، وتصديق موسى، ونهاهم عن الشرك، فتوعَّدوه أنَّه قال:{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} [غافر (44) ] . أي: وأتوكل عليه، وأستعين، فيعصمني عن كل سوء، {إن اله بصير بالعباد} ، فيهدي من يستحق الهداية ويضل من يستحق الإضلال، وله الحجة البالغة، والحكمة التامة، {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} ، ما أرادوا به من الشر.
قال قتادة: نجا مع موسى وكان قبطيًّا.
[440]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ:«قَالَ الله عز وجل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنا معه حَيْثُ يَذْكُرنِي، وَاللهِ، للهُ أفْرَحُ بِتَوبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بالفَلَاةِ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْراً، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِذَا أقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي أقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ» متفقٌ عليه، وهذا لفظ إحدى روايات مسلم. وتقدم شرحه في الباب قبله.
ورُوِيَ في الصحيحين: «وأنا معه حين يذكرني» بالنون، وفي هذه الرواية «حيث» بالثاء وكلاهما صحيح.
قوله عز وجل: «أنا عند ظن عبدي بي» ، أي في الرجاء، وأمل العفو، «وأنا معه» ، أي: بالرحمة، والتوفيق، والإِعانة، والنصر،
…
وفي الحديث: لطف الله بعباده، وفرحه بتوبتهم، وأن من تقرب إليه بطاعته، تقرب إليه بإحسانه، وفضله، وجزائه المضاعف.
[441]
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلَ مَوْتِه بثَلاثَةِ أيّام، يقولُ:«لا يَمُوتَنّ أحَدُكُمْ إلا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بالله عز وجل» . رواه مسلم.
في هذا الحديث: الحث على حسن الظن بالله تعالى، والتحذير من القنوط خصوصًا عند الخاتمة، قال الله تعالى: {وَلا تَمُوتُنَّ إلا وَأَنتُم
مُّسْلِمُونَ} [آل عمران (102) ]، وقال الشافعي - رحمه الله تعالى - في مرض موته:
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي
…
??
…
جعلت الرجَاء مني لعفوك سُلَّما
…
???
تعاظمني ذنبي فلما قرنته
…
?
…
بعفوك ربي كان عفوك أعظما
…
??
[442]
وعن أنس رضي الله عنه قَالَ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قَالَ الله تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إنَّكَ ما دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغت ذُنُوبُك عَنَانَ السماءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي. يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايا، ثُمَّ لَقَيْتَنِي لا تُشْرِكُ بِي شَيْئاً، لأَتَيْتُكَ بقُرَابِها مَغْفِرَةً» . رواه الترمذي، وقال:(حَدِيثٌ حَسَنٌ) .
«عَنَانُ السَّماءِ» بفتح العين، قيل: هو مَا عَنَّ لَكَ مِنْهَا، أيْ: ظَهَرَ إِذَا رَفَعْتَ رَأسَكَ، وقيل: هو السَّحَابُ. وَ «قُرابُ الأَرض» بضم القاف، وقيل: بكسرها، والضم أصح وأشهر، وَهُوَ: مَا يقارب مِلأَهَا، والله أعلم.