الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ، وَمَنْ اضْطَجَعَ مَضْجَعَاً لا يَذْكُرُ الله تَعَالَى فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ تِرَةٌ» . رواه أَبُو داود.
وَقَدْ سبق قريباً، وشَرَحْنَا (التِّرَة) فِيهِ.
الترة: النقص، وقيل التَّبِعَة.
وفي الحديث: ذم الغفلة عن الذكر، واستحبابه في كل حال من الأحوال.
130- باب الرؤيا وَمَا يتعلق بها
قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [الروم (23) ] .
يقول تعالى: ومن آياته الدالة على توحيده وقدرته منامكم بالليل والنهار، وذلك لما فيه من إذهاب الشعور والإِدرك حتى يصير النائم كالميت ثم يستيقظ منه فيعود له إدراكه وشعوره كما كان قبله، والرؤيا لا تكون إلا في النوم.
[838]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبوَّةِ إِلا المُبَشِّرَاتِ» . قالوا: وَمَا المُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ» . رواه البخاري.
معناه: أن الوحي انقطع بموته صلى الله عليه وسلم فلم يبق منه إلا الرؤيا الصالحة، أي: الصادقة.
[839]
وعنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤيَا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.
وفي رواية: «أصْدَقُكُمْ رُؤْيَا، أصْدَقُكُمْ حَدِيثاً» .
قوله: «إذا اقترب الزمان» ، أي: قربت القيامة. قال ابن أبي جمرة:
أن المؤمن حينئذٍ يكون غريبًا فيقل أنيسة، فيكرم بالرؤيا الصادقة.
وقال السيوطي: لأن أكثر العلم ينقص حينئذٍ، وتَنْدّرِسَ معالم الديانة فيكون الناس على مثل الغرة محتاجين إلى مُذَكِّر ومُجَدِّد لما دَرَسَ من الدين كما كانت الأمم تُذَكَّرُ بالأنبياء.
[840]
وعنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَآنِي في المَنَامِ فَسَيَرَانِي في اليَقَظَةِ - أَوْ كَأنَّما رَآنِي في اليَقَظَةِ - لا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي» . متفقٌ عَلَيْهِِ.
في هذا الحديث: بشارة لمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا أنه يراه يوم القيامة.
وفيه: أن الشيطان لا يتمثل في صورته صلى الله عليه وسلم.
[841]
وعن أَبي سعيدٍ الخدرِيِّ رضي الله عنه أنَّه سَمِعَ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا رَأى أحَدُكُمْ رُؤيَا يُحِبُّهَا، فَإنَّمَا هِيَ مِنَ اللهِ تَعَالَى، فَلْيَحْمَدِ اللهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا - وفي رواية: فَلا يُحَدِّثْ بِهَا إِلا مَنْ يُحِبُّ - وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فإنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا، وَلا يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ؛ فَإنَّهَا لا تَضُرُّهُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.
في هذا الحديث: طلب الحمد عند حدوث النعم، وتجدد المنن فذلك سبب لدوامها.
وفيه: أنه لا يخبر بالرؤيا الحسنة إلا من يحب، لأن العدو ربما يحملها على بعض ما تحتمله، لأنها لأول عابر.
وفي رواية الترمذي: «ولا تحدث بها إلا لبيبًا، أو حبيبًا، وإذا رأى
الرؤيا القبيحة فلا يفسرها، ولا يخبر بها أحدًا» .
[842]
وعن أَبي قَتَادَة رضي الله عنه قال: قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ - وفي رواية: الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ - مِنَ اللهِ، وَالحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأى شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَن شِمَالِهِ ثَلَاثاً، وَلْيَتَعَوَّذْ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ فإنَّهَا لا تَضُرُّهُ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.
«النَّفْثُ» : نَفْخٌ لَطِيفٌ لا رِيقَ مَعَهُ.
قال القاضي عياض: أمر بالنفث طردًا للشيطان الذي حضر الرؤيا المكروهة تحقيرًا له، واستقذارًا، وخص بها اليسار لأنها محل الأقذار.
[843]
وعن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأى أحَدُكُمْ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا، فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثَاً، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثاً، وَلْيَتَحَوَّل عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ» . رواه مسلم
التحول: تفاؤل يتحول الحال من الرؤيا القبيحة إلى الرؤيا الحسنة.
وجاء من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصلِّ، ولا يحدث به الناس» . متفق عليه.
[844]
وعن أَبي الأسقع واثِلةَ بن الأسقعِ رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِنْ أعْظَمِ الفِرَى أنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيرِ أبِيهِ، أَوْ يُرِي عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ، أَوْ يَقُولَ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يَقُلْ» رواه البخاري.
في هذا الحديث: أن هذه الخصال الثلاث من أعظم الكذب لأن المنتسب إلى غير أبيه يدَّعي أن الله خلقه من ماء فلان، والكذب في الرؤيا كذب على الله، لأنها جزء من النبوة، وعن ابن عباس مرفوعًا:«من تحلم بحلم لم يره كُلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل» .
والكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم كذب في الدين.
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» .
* * *