الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن بطال: إنما كان تكرار الكلام والسلام إذا خشي أن لا يفهم عنه، أو لا يسمع سلامه.
وفيه: أن الثلاث غاية ما يقع فيه البيان.
[697]
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ كَلَامُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كَلاماً فَصْلاً يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ يَسْمَعُهُ. رواه أَبُو داود.
أي: أن كلامه صلى الله عليه وسلم بيِّن ظاهر لكل من سمعه ليس فيه تعقيد ولا تطويل. قال صلى الله عليه وسلم: «أعطيتُ جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارًا» . انتهى. وجوامع الكلم أن تجمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل.
90- باب إصغاء الجليس لحديث جليسه
الذي ليس بحرام
واستنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه
[698]
عن جرير بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه قال: قَالَ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «اسْتَنْصِتِ النَّاسَ» ثُمَّ قَالَ: «لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.
فيه: الأمر بالإنصات للعلماء والأمراء.
وفيه: وعيدٌ شديدٌ في التقاتل بين المسلمين، واجتناب الأسباب المؤدية إلى ذلك من التقاطع، والتحاسد، والتباغض، والتدابر والتظالم.
91- بابُ الوَعظ والاقتصاد فِيهِ
قَالَ الله تَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبيلِ رَبِّكَ بالحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل (125) ] .
في هذه الآية: الأمر بالدعاء إلى دين الله، وتوحيده بالقرآن، وما فيه من المواعظ بلين ورفق من غير تغليظ، ولا تعنيف، ولهذا قال:{وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل (125) ] .
[699]
وعن أَبي وائلٍ شقيقِ بن سَلَمَةَ، قَالَ: كَانَ ابنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يُذَكِّرُنَا في كُلِّ خَمِيسٍ مرة، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ، لَوَدِدْتُ أنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ: أمَا إنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أنَّي أكْرَهُ أنْ أُمِلَّكُمْ، وَإنِّي أتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. متفقٌ عَلَيْهِ.
«يَتَخَوَّلُنَا» : يَتَعَهَّدُنَا.
الموعظة: الوعظ، وهو الترغيب في ثواب الله لمن أطاعه، والترهيب من عقابه لمن عصاه.
وفي الحديث: مراعاة الأوقات في التذكير، لأن النفوس من طبعها الملل مما يداوم عليه وإن كان محبوبًا لها.
[700]
وعن أَبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقههِ، فأطِيلُوا الصَّلَاةَ وَأقْصِرُوا الْخُطْبَةَ» . رواه مسلم
«مَئِنَّةٌ» بميم مفتوحة ثُمَّ همزة مكسورة ثُمَّ نون مشددة، أيْ: عَلَامَةٌ دَالَّةٌ عَلَى فِقْهِهِ.
إنما كان قصر الخطبة علامة على فقه الرجل، لأن الفقيه هو المطلع على حقائق المعاني، وجوامع الألفاظ فيتمكن من التعبير بالكلام الجزل المفيد.
[701]
وعن مُعاوِيَة بن الحكم السُّلَمي رضي الله عنه قال: بَيْنَا
أنَا أُصَلّي مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَانِي القَوْمُ بِأبْصَارِهِمْ! فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ، مَا شَأنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بأيديهم عَلَى أفْخَاذِهِمْ! فَلَمَّا رَأيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لكِنّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فَبِأبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَني، وَلا ضَرَبَنِي، وَلا شَتَمَنِي. قَالَ:«إنَّ هذِهِ الصَّلَاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ، وَقِراءةُ القُرْآنِ» ، أَوْ كَمَا قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلتُ: يَا رسول الله، إنّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالإسْلَامِ، وَإنَّ مِنّا رِجَالاً يَأتُونَ الْكُهّانَ؟ قَالَ:«فَلا تَأتِهِمْ» قُلْتُ: وَمِنّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟ قَالَ: «ذَاكَ شَيْء يَجِدُونَهُ في صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدَّنَّهُمْ» . رواه مسلم.
«الثُكْلُ» بضم الثاءِ المُثلثة: المُصيبَةُ الفَجِيعَةُ. «مَا كَهَرَنِي» أيْ: مَا نَهَرَنِي.
قوله: «إنما هي التسبيح» ، أي: إنما الكلمات الصالحة فيها التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ونحو ذلك.
وفي رواية: إنما هو، أي: الذي يصلح في الصلاة التسبيح ونحوه.
وفي الحديث: أن من تكلم جاهلاً لا تبطل صلاته.
وفيه: النهي عن إتيان الكهان، والنهي عن التطير، وعن العمل بالطيرة.
[702]
وعن العِرْباض بن ساريَةَ رضي الله عنه قال: وَعَظَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ
…
وَذَكَرَ