الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الله تعلى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب
…
(37) ] . وغير ذلك.
وتعقَّبه بأن الذي قال أبو جعفر ليس بظاهر؛ لأن قوله: ما شاء الله وشئت، تشريك في مشيئة الله تعالى. وأما الآية فإنما أخبر الله تعالى أنه أغناهم، وأن رسوله أغناهم، وهو من الله حقيقة؛ لأنه الذي قدِّر ذلك، ومن الرسول حقيقة باعتبار تعاطي الفعل، وكذا الإنعام: أنعم الله على زيد بالإسلام، وأنعم عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق، وهذا بخلاف المشاركة في المشيئة، فإنها منصرفة لله تعالى في الحقيقة، وإذا نسبت لغيره فبطريق المجاز.
وقال المهلب: إنما أراد البخاري أنَّ قوله: ما شاء الله ثم شئت. جائز مستدلاً بقوله: إنا بالله ثم بك، وقد جاء هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جاز بدخول:«ثم» لأن مشيئة الله سابقة على مشيئة خلقه، ولما لم يكن الحديث المذكور على شرطه، استنبط من الحديث الصحيح الذي على شرطه ما يوافقه. انتهى ملخصًا.
334- باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة
والمُرادُ بِهِ الحَديثُ الذي يَكُونُ مُبَاحاً في غَيرِ هذا الوَقْتِ، وَفِعْلُهُ وَتَرْكُهُ سواءٌ. فَأَمَّا الحَديثُ المُحَرَّمُ أو المَكرُوهُ في غير هذا الوقتِ، فَهُوَ في هذا الوقت أشَدُّ تَحريماً وَكَرَاهَةً. وأَمَّا الحَديثُ في الخَيرِ كَمُذَاكَرَةِ العِلْمِ وَحِكايَاتِ الصَّالِحِينَ، وَمَكَارِمِ الأخْلَاقِ، والحَديث مع الضَّيفِ، ومع طالبِ حَاجَةٍ، ونحو ذلك، فلا كَرَاهَة فيه، بل هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وكَذَا الحَديثُ لِعُذْرٍ وعَارِضٍ لا كَراهَةَ فِيه. وقد تظاهَرَتِ الأحَاديثُ الصَّحيحةُ على كُلِّ ما ذَكَرْتُهُ.
[1746]
عن أبي بَرْزَةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يكرهُ النَّومَ قَبْلَ العِشَاءِ والحَديثَ بَعْدَهَا. متفقٌ عليه.
فيه: دليل على كراهة الأمرين.
وروى الحافظ المقدسي من حديث عائشة مرفوعًا: «لا سَمَرَ إلا لثلاثة، مصلٍّ، أو مسافر، أو عروس» .
قال النووي: واتفقت العلماء على كراهة الحديث بعدها، إلا ما كان في خير.
[1747]
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى العِشَاء في آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قال:«أرأيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هذِه؟ فَإنَّ عَلَى رَأسِ مِئَةِ سَنَةٍ لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ علَى ظَهْرِ الأرْضِ اليَومَ أحَدٌ» . متفق عليه.
فيه: دليل على جواز الحديث بعد العشاء إذا كان في الخير.
وفيه: معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد أجمع العلماء على أنَّ أبا الطفيل، عامر بن واثلة آخر الصحابة موتًا، وغاية ما قيل فيه: أنه مات سنة مئة وعشر، وذلك رأس مئة سنة من مقالته صلى الله عليه وسلم.
[1748]
وعن أنس رضي الله عنه أنَّهم انتظروا النبي صلى الله عليه وسلم فَجَاءهُمْ قَريباً مِنْ شَطْرِ اللَّيْلِ فَصَلَّى بِهِمْ - يَعْنِي: العِشَاءَ - ثمَّ خَطَبنا فقالَ: «ألا إنَّ النَّاسَ قَدْ صَلُّوا، ثُمَّ رَقَدُوا، وَإنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ» . رواه البخاري.
فيه: جواز التكلم بالخير، بل ندبه بعد صلاة العشاء.