الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتَاب حَمد الله تَعَالَى وَشكره
242- باب فضل الحمد والشكر
الحمد أعم من الشكر، وقيل: الحمد باللسان قولاً، وبالأركان فعلاً.
قَالَ الله تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ}
…
[البقرة (152) ] .
قال ابن عباس: اذكروني بطاعتي، أذكركم بمعونتي.
وعن زيد بن أسلم: أن موسى عليه السلام قال: يَا رب كيف أشكرك؟ قال له ربه: تذكرني ولا تنساني، فإذا ذكرتني فقد شكرتني، وإذا نسيتني فقد كفرتني.
وعن ابن عباس في قوله: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} ، قال: ذكر الله إيَّاكم أكبر من ذكركم إياه.
وفي الحديث الصحيح يقول الله تعالى: «من ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خيرٍ منهم» .
وقال تَعَالَى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم (7) ] .
أي: لئن شكرتم نعمتي، وأَطَعتموني لأزيدنكم في النعمة.
وقال تَعَالَى: {وَقُلِ الحَمْدُ للهِ} [الإسراء (111) ] .
وقال {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [يونس (10) ] .
عن كثير من السلف: أن أهل الجنة كلما اشتهوا شيئًا قالوا: سبحانك اللَّهُمَّ، فيأتيهم الملك بما يشتهون، ويسلِّم عليهم، فيردُّون عليه. وذلك قوله تعالى:{وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} [يونس (10) ] ، فإذا أكلوا، وحمدوا الله. وذلك في قوله تعالى:{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} [الأنعام (1) ] .
وقال تعالى: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر (75) ] .
قال ابن عباس: افتتح الله الخلق بالحمد، وختمه بالحمد.
وقال تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص (70) ] .
[1393]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ. فَقَالَ جِبريل: الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلفِطْرَةِ لَوْ أخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ. رواه مسلم.
قال النووي: فسروا الفطرة هنا، بالإسلام والاستقامة، ومعناه والله أعلم: اخترت علامة للإسلام والاستقامة، وجعل اللَّبَن علامة ذلك، لكونه سهلاً طيبًا طاهرًا سائغًا للشاربين، سليم العاقبة. والخمر أم الخبائث، جالبة لأنواع من الشر، حالاً ومآلاً.
[1394]
وعنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ أمْرٍ ذِي بَالٍ لا يُبْدأُ فِيهِ بِالحَمْدُ للهِ فَهُوَ أقْطَعُ» . حديث حسن، رواه أَبُو داود وغيره.
قوله: «كل أمر ذي بال» ، أي: ذي شأن يُهتم به شرعًا. «لا يبدأ فيه بالحمد لله فهوأقطع» ، أي: ناقص البركة.
[1395]
وعن أَبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدي؟ فَيقولون: نَعَمْ، فيقول: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤادِهِ؟ فيقولون: نَعَمْ، فيقول: ماذا قَالَ عَبْدِي؟ فَيقولون: حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فيقُولُ اللهُ تَعَالَى: ابْنُوا لِعَبْدي بَيتاً في الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ» . رواه الترمذي، وقال:(حَدِيثٌ حَسَنٌ) .
الولد هنا شامل للبالغ، وغيره، والذكر، والأنثى. وسمي ثمرةً لكونه بمنزلة خلاصة الخلاصة.
وفيه: كمال فضل الصبر على فقد الصفيّ. كما في حديث الآخر:
…
«ما لعبدي المؤمن إذا قبضت صفيّه من الدنيا فاحْتَسَبَ إلا الجنة» .
[1396]
وعن أنس رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله لَيرْضَى عَنِ العَبْدِ يَأكُلُ الأَكْلَةَ، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا، وَيَشْرَبُ الشَّرْبَة، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا» . رواه مسلم.
في هذا الحديث: بيان فضل الحمد عند الطعام والشراب، وهذا من كرم الله تعالى، فإنه الذي تفضَّل عليك بالرزق، ورضي عنك بالحمد.