الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[705]
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَمِعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَاءهُ زَجْراً شَديداً وَضَرْباً وَصَوْتاً للإِبْلِ، فَأشَارَ بِسَوْطِهِ إلَيْهِمْ، وقال:«أيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بالسَّكِينَةِ، فَإنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بالإيضَاعِ» رواه البخاري، وروى مسلم بعضه.
«الْبِرُّ» : الطَّاعَةُ. وَ «الإيضَاعُ» بِضادٍ معجمةٍ قبلها ياءٌ وهمزةٌ مكسورةٌ، وَهُوَ: الإسْرَاعُ.
أي: أن البر ليس بالعجلة وإنما هو بالخضوع، والخشوع والاستكانة لمن لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
94- باب إكرام الضيف
قَالَ الله تَعَالَى: {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامَاً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إلَيْهِمْ قَالَ ألا تَأكُلُونَ} [الذاريات (24: 27) ] .
قوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} ، فيه تعظيم لشأن هذا الحديث، وتنبيه على أنه إنما عرف ذلك بالوحي، {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً} ، أي: نسلم عليكم سلامًا. قال: {قَالَ سَلامٌ} ، أي: عليكم {قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} ، أي: أنتم قوم لا نعرفكم، {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ} ، أي: انسل خفيةً في سرعة، {فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ} ، وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة فإنه جاء بطعام بسرعة من حيث لا يشعرون وأتى بأفضل ما وجد من ماله ووضعه بين أيديهم، وقال: ألا تأكلون؟ على سبيل العرض والتلطف.
وقال تَعَالَى: {وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ في ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} [هود (78) ] .
{وَجَاءهُ} ، أي: لوطًا {قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} يسرعون إليه عجلة لنيل مطلوبهم من أضيافه. {وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} أي: يأتون الرجال، يعني هذه عادتهم من قبل. {قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي} ، أي: فتزوَّجوهن واتركوا أضيافي.
وقال الشيخ ابن سعدي: {وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} ، يريدون فعل الفاحشة بأضياف لوط. فقال:{يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} ، لعلمه أنه لا حق بهم فيهن كما عرض سليمان للمرأتين حين اختصما في الولد. فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما. ومن المعلوم أنه لا يقع ذلك، وهذا مِثْلُه. ولهذا قال قومه:{لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} [هود (79) ] ، وأيضًا يريد بعض العذر من أضيافه.
[706]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ، فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.
إكرام الضيف تلقيه بطلاقة الوجه، وتعجيل قراه.
وفيه: أن إكرام الضيف، وصلة الرحم، وقول الخير، والصمات عن الشر من الإِيمان.
[707]
وعن أَبي شُرَيْح خُوَيْلِدِ بن عَمرو الخُزَاعِيِّ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ» قالوا: وَمَا جَائِزَتُهُ؟ يَا رسول الله، قَالَ: «يَوْمُهُ