الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للعلاج لا للفرار، وهو واضح من قصتهم؛ لأنهم شكوا وخم المدينة، وأنها لم توافق أجسامهم. وكان خروجهم من ضرورة الواقع؛ لأن الإبل التي أمروا أن يتداووا بألبانها وأبوالها واستنشاق روائحها، ما كانت تتهيأ إقامتها بالبلد، وإنما كانت في مراعيها، فلذلك خرجوا. وقد لحظ البخاري ذلك فترجم: من خرج من الأرض التي لا تلائمه.
ويدخل فيه ما أخرجه أبو داود من حديث فروة بن مُسَيْك، قال: قلت: يا رسول الله، إن عندنا أرضًا يقال لها أبين، هي أرض ريفنا وميرتنا، وهي وبئة. فقال:«دعها عنك، فإن من القرف التلف» .
قال ابن قتيبة: القرف: القرب من الوباء.
وقال الخطابي: ليس في هذا إثبات العدوى، وإنما هو من باب التداوي، فإن استصلاح الأهوية من أنفع الأشياء في تصحيح البدن وبالعكس. انتهى ملخصًا.
362- باب التغليظ في تحريم السحر
قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} الآية. [البقرة (102) ]
قال البخاري: باب السحر وقول الله تعالى: {وَلكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} الآية.
قال الحافظ: قال الراغب وغيره: السحر يطلق على معان:
أحدها: ما لطف ودق، ومنه سحرت الصبي: خادعته، واستملته.
الثاني: ما يقع بخداع وتخيلات لا حقيقة له، نحو ما يفعله المشعوذ من صرف الأبصار عما يتعاطاه بخفة يده، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى
…
{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه (66) ] .
الثالث: ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى:{وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} .
الرابع: ما يحصل بمخاطبة الكواكب، واستنزال روحانيتها بزعمهم.
واختلف في السحر، فقيل: هو تخيل فقط، ولا حقيقة له.
قال النووي: والصحيح أن له حقيقة، وبه قطع الجمهور، وعليه عامة العلماء.
قال الحافظ: وفي هذه الآية: بيان أصل السحر الذي يعمل به اليهود، ثم هو مما وضعته الشياطين على سليمان بن داود عليه السلام، ومما أنزل على هاروت وماروت بأرض بابل. وقد استُدِلَّ بهذه الآية على أنَّ السحر كفر ومتعلمه كافر، وهو واضح في بعض أنواعه، وهو التعبُّد للشياطين أو الكواكب.
وأما النوع الآخر الذي هو من باب الشعوذة، فلا يكفر به من تعلمه أصلاً.
قال النووي: عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بالإجماع، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر، فهو كفر وإلا فلا. وأما تعلمه وتعليمه، فحرام. فإن كان فيه ما يقتضي الكفر، كفر واستتيب منه، وإلا يقتل، فإن تاب، قُبلت توبته. وإن لم يكن فيه ما يقتضي الكفر، عُزِّر.
وعن مالك: الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب، بل يتحتم قتله كالزنديق.
قال عياض: وبقول مالك قال أحمد، وجماعة من الصحابة والتابعين.
قال الحافظ: وفي إيراد المصنف – أي البخاري – هذه الآيةَ إشارةٌ إلى
اختيار الحكم بكفر الساحر، لقوله فيها:{وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} ، فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء، إلا وذلك الشيء كفر.
وكذا قوله في الآية على لسان الملكين: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} ، فإن فيه إشارة إلى أنَّ تعلُّم السحر كفر، فيكون العمل به كفرًا. وهذا كله واضح على ما قرَّرته من العمل ببعض أنواعه. انتهى ملخصًا.
[1793]
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» . قالوا: يَا رسولَ اللهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ:«الشِّرْكُ باللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ، وأكْلُ الرِّبَا، وأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ؛ وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ» . متفق عَلَيْهِ.
الموبقات: المهلكات.
قال الله تعالى: {مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة (72) ] .
وقال تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء (93) ] .
وقال صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهدًا، لم يرح رائحة الجنة» .