الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب العتاق
1 -
في المكاتَب يؤدِّي بعض كتابته فيعجِز أو يموت
480/ 3772 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المُكاتَب عبدٌ ما بقي عليه من مُكاتَبته درهمٌ»
(1)
.
فيه إسماعيل بن عيّاش.
481/ 3773 - وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيُّما عبدٍ كاتَبَ على مِائة أُوقِيَّةٍ، فأدَّاها إلا عشرةَ أواقٍ فهو عبدٌ، وأيُّما عبد كاتَبَ على مائة دينارٍ، فأدَّاها إلا عشرةَ دنانير فهو عبدٌ» .
وأخرجه النسائي وابن ماجه والترمذي
(2)
، وقال: غريب.
وقال الشافعي
(3)
: لم أعلم أحدًا روى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمرو، وعلى هذا فُتيا المفتين
(4)
.
(1)
«سنن أبي داود» (3926) من طريق إسماعيل بن عيّاش، عن سليمان بن سُليم، عن عمرو بن شعيب به. وإسماعيل بن عيّاش وإن كان فيه لين لكنه صدوق في الرواية عن أهل الشام، وهذه كذلك.
(2)
أبو داود (3927)، والنسائي في «الكبرى» (5007 - 5009)، وابن ماجه (2519)، والترمذي (1260)، وكذلك الحاكم (2/ 218) والبيهقي (10/ 323 - 324)، من طرق عن عمرو بن شعيب به.
(3)
في القديم، كما في «السنن الكبرى» (10/ 324) و «معرفة السنن» (14/ 445). وانظر:«الأم» (9/ 385).
(4)
كلام المنذري على الحديثين من (هـ)، وفيه اختصار وتصرّف من المؤلف.
قال ابن القيم رحمه الله: قال الشافعي
(1)
: ونحن نروي عن زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة: أنه عبد ما بقي عليه شيء
(2)
.
قال البيهقي
(3)
: وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم» .
وذكر الشافعي
(4)
عن الشعبي: أن عليًّا قال في المكاتب: «يَعتِق منه بحساب ما أدَّى» ، وعن الحارث الأعور عنه:«يَعتِق منه بقدر ما أدَّى، ويرث بقدر ما أدى» .
قال البيهقي
(5)
: وقد روى حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا أصاب المكاتبُ حدًّا أو ميراثًا ورِث بحساب ما عَتَق منه، وأقيم عليه الحدُّ بحساب ما عتَق منه»
(6)
.
(1)
في «الأم» (8/ 460)، والمؤلف صادر عن «معرفة السنن» (14/ 446).
(2)
علّقه عنهم البخاري مجزومًا به في كتاب المكاتب، باب بيع المكاتب إذا رضي. ووصلها عبد الرزاق (باب عجز المكاتب، 8/ 405 - 408)، وابن أبي شيبة (20942 - 20949)، والبيهقي في «الكبرى» (10/ 234) وفي «المعرفة» (14/ 446 - 447).
(3)
في «المعرفة» (14/ 447)، ووصله في «الكبرى» (10/ 325)، وقبله ابن أبي شيبة (20945) بإسناد فيه انقطاع، معبد الجُهَني لم يسمع من عمر.
(4)
في «الأم» (8/ 458 - 459)، ومن طريقه البيهقي في «المعرفة» (14/ 447 - 448). وأثر عليٍّ صحيح، وقد رُوي من طرق أخرى عن عليّ، من رواية عكرمة وإبراهيم وقتادة، إلا أنها مرسلة لعدم سماعهم منه.
(5)
«معرفة السنن» (14/ 448).
(6)
أخرجه أبو داود (4582)، والترمذي (1259) وحسّنه، والنسائي في «الكبرى» (7226)، والحاكم (2/ 218 - 219) وصححه. وقال النسائي:«هذا لا يصح، وهو مختلف فيه» . وسيأتي ذكر ما يخالفه.
وبهذا الإسناد قال: «يُودَى المكاتَبُ
(1)
بحصة ما أدَّى دِيَة حر، وما بقي ديةَ عبدٍ»
(2)
.
وفي «المسند»
(3)
لأحمد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يُودَى المكاتب بقدر ما أدّى [ديةَ الحرّ]» . وقد روي هذا موقوفًا عليه
(4)
.
ورواه الترمذي
(5)
أتم من هذا عن ابن عباس قال: «إذا أصاب المكاتَب حدًّا أو ميراثًا ورث بحساب ما عتق منه، ويُودَى المكاتب بحِصّة ما أدَّى دية حر، وما بقي دية عبد» . قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قال البيهقي
(6)
: ورواه وهيب عن أيوب عن عكرمة [عن علي] مرفوعًا:
(1)
أي: تُدفَع ديةُ قتله أو الجنايةِ عليه. وتحرّف في ط. المعارف هنا وفي المواضع الآتية إلى: «يؤدي» !
(2)
أخرجه أحمد (3489)، والترمذي (1259)، والطحاوي في «معاني الآثار» (3/ 110)، والبيهقي (10/ 325)، كلهم من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن أيوب به. وقد اختلف في هذا الحديث عن عكرمة، وعن أيوب اختلافًا كثيرًا، فقد روي مسندًا عن ابن عباس وعن علي، وروي مرسلًا، وروي موقوفًا.
(3)
برقم (2356) عن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن هشام الدَّستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس.
(4)
أخرجه البيهقي (10/ 326) من طريق غندر، عن هشام، به.
(5)
برقم (1259) من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا.
(6)
في «المعرفة» (14/ 448 - 449)، وما بين الحاصرتين منه.
«يُودَى المكاتب بحصة ما أدّى ديةَ حرّ، وما بقي ديةَ عبد»
(1)
. قال: ورواية عكرمة عن علي مرسلة.
ورواه حماد بن زيد وإسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا
(2)
.
وروي عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا في الدية
(3)
.
واختلف فيه على هشام الدستوائي عن يحيى؛ فرفعه عنه جماعة، ووقفه على ابن عباس بعضهم
(4)
.
(1)
أخرجه أحمد (723)، والنسائي في «الكبرى» (5003)، والبيهقي (10/ 325) وغيرهم، من طرق عن وهيب بن خالد به.
(2)
رواية حماد بن زيد أخرجها النسائي في «الكبرى» (5005، 6987) والطحاوي في «معاني الآثار» (3/ 110).
ورواية إسماعيل بن إبراهيم ابن عليّة أخرجها ابن أبي شيبة (28440)، والنسائي في «الكبرى» (5004)، ولكنها ليست عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلةً، بل عن عكرمة عن علي موقوفةً عليه.
(3)
رواه عن يحيى بن أبي كثير: هشام الدَّستوائي، وعلي بن المبارك (وستأتي روايتهما)، وحجّاج الصوّاف [أحمد (3423) وأبو داود (4581)]، ومعاوية بن سلّام [النسائي في الكبرى (5001)]، وأبان بن يزيد [الحاكم (2/ 218)]؛ كلهم عن يحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا.
(4)
رفعه عن هشام: ابنه معاذ، وابن علية، وأبو داود الطيالسي، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، والنضر بن شميل. أخرجها أحمد (1944، 2356)، وأبو داود (4581)، والنسائي في «الكبرى» (5000)، والدارقطني (4216).
ووقفه عن هشام: محمد بن جعفر (غندر)، كما عند البيهقي (10/ 326).
ورواه علي بن المبارك عن يحيى مرفوعًا، ثم قال يحيى: قال عكرمة عن ابن عباس: «يقام عليه حد المملوك»
(1)
. وهذا يخالف رواية حماد بن سلمة في النص، والروايةَ المرفوعة في القياس
(2)
.
ولهذا الاضطراب ــ والله أعلم ــ ترك الإمام أحمد القول به، فإنه سئل عن هذا الحديث؟ فقال: أنا أذهب إلى حديث بريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بشرائها، يعني أنها بقيت على الرِّقّ حتى أمر بشرائها
(3)
.
وقد اختلف الناس في هذه المسألة على مذاهب:
أحدها: أنه لا يعتق منه شيء ما دام عليه شيء من كتابته. وهذا قول الأكثرين، ويُروى عن عمر وزيد وابن عمر وعائشة وأم سلمة
(4)
، وجماعةٍ من التابعين
(5)
. وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وإسحاق
(6)
.
(1)
أخرجه ابن أبي عاصم في «الديات» (242)، والطحاوي في «معاني الآثار» (3/ 111)، والحاكم (2/ 218)، وعنه البيهقي (10/ 326).
وأخرجه النسائي في «الكبرى» (6983) دون الموقوف.
(2)
في الأصل والطبعتين: «هي القياس» ، والتصويب من «المعرفة» ، ومن «السنن الكبرى» حيث العبارة أصرح. وهنا ينتهي النقل عن البيهقي من «المعرفة» .
(3)
نقل هذه الرواية عن أحمد البيهقيُّ في «المعرفة» (14/ 449) وفي «الكبرى» (10/ 326).
(4)
سبق تخريج آثار عمر وزيد وابن عمر وعائشة، وأما قول أم سلمة فأخرجه عبد الرزاق (15728).
(5)
كابن المسيب، والزهري، والقاسم، وسالم، وسليمان بن يسار، وقتادة. انظر:«الأوسط» لابن المنذر (11/ 531، 554).
(6)
انظر: «الموطأ» (2283 - 2285)، و «الأم» (8/ 460، 9/ 385)، و «الأصل» للشيباني (5/ 211)، و «مسائل إسحاق» برواية الكوسج (2/ 481).
وروى سعيد بن منصور في «سننه»
(1)
عن أبي قلابة قال: «كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا يحتجبن من مكاتب ما بقي عليه دينار» .
وذكر سعيد في «سننه»
(2)
أيضًا عن عطاء: أن ابن عمر كاتب غلامًا على ألف دينار، فأدى إليه تسعمائة دينار، وعجز عن مائة، فرده ابن عمر رضي الله عنه في الرق
(3)
.
قالوا: وهذا هو مقتضى أصول الشريعة، فإنّ عِتقه مشروط بأداء جميع العوض، فلا يقع شيء منه قبل أدائه، كما لو علّق طلاقها على عوض فأدت بعضه.
ولأنه لو عَتَق منه شيءٌ لكان هو السبب في إعتاقه، فكان يسري إلى باقيه إذا كان موسِرًا، كما لو باشره بالعتق. وهذا باطل قطعًا، فإنه لا يبقى للكتابة معنى، فإنه يؤدي درهمًا مثلًا ويتنجّز عِتقُه. وهذا لم يقل به أحد، وذلك أن العتق لا يتبعض في ملك الإنسان، فلو عَتَق منه شيء بالأداء سَرَى إلى باقيه؛ ولا سراية، فلا عتق.
(1)
ومن طريقه أخرجه البيهقي (10/ 325). وإسناده صحيح، وقد روي من وجوه أخرى.
(2)
وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة (21831) والبيهقي (10/ 341)، وعطاء عن ابن عمر مرسل، ولكن صحت القصة من طرق أُخَر، أخرجها عبد الرزاق (15723، 15724)، وابن أبي شيبة (21955)، والبيهقي (10/ 341 - 342).
(3)
لكنه ما لبث أن أعتقه بعد ذلك، كما صحّ في عدد من الروايات في المصادر السابقة، ولا غرو فإن ابن عمر عُرِف بكثرة الإعتاق. انظر:«الطبقات» لابن سعد (4/ 156)، و «الزهد» لأبي داود (ص 262، 263، 268).
المذهب الثاني: أنه يَعتِق منه بقدر ما أدّى، وكلما أدّى شيئا عَتَق منه بقدره. وهذا مذهب رابع الخلفاء الراشدين، وأحد الأئمة المهديين علي بن أبي طالب.
وحجة هذا القول: حديث ابن عباس المتقدم، وهو حديث حسن، قد روي من وجوه متعددة، ورُواته أئمة ثقات لا مطعن فيهم، ولا تَعلُّق عليهم في الحديث سوى الوقف أو الإرسال، وقد روي موقوفًا ومرفوعًا، ومرسلًا ومسندًا، والذين رفعوه ثقات، والذين وقفوه ثقات.
وقد أعلَّه قوم بتفرّد حماد بن سلمة به وليس كذلك، فقد رواه وهيب وحماد بن زيد وإسماعيل بن إبراهيم عن أيوب، وله طرق قد ذكرنا بعضها
(1)
.
المذهب الثالث: أنه إذا أدَّى شَطر الكتابة فلا رقَّ عليه ويُلزَم بأداء [ق 212] الباقي. وهذا يروى عن عمر بن الخطاب
(2)
، وعن علي أيضًا
(3)
.
(1)
هذه المتابعات والطرق هي لحديث: «يُودى المكاتب بقدر ما أدَّى دية الحر» ، وأما حديث أن ميراث المكاتَب وحَدَّه بحساب ما عَتَق منه، فقد تفردّ به حماد بن سلمة عن أيوب، كما نصّ عليه البيهقي في «المعرفة» (14/ 448) و «الكبرى» (10/ 325).
(2)
أخرجه عبد الرزاق (15736)، وابن أبي شيبة (20960)، والبيهقي (10/ 325)، من طريق القاسم بن عبد الرحمن، عن جابر بن سمرة، عن عمر. قال البيهقي: القاسم لا يثبت سماعه من جابر، وهو إن صحّ فكأنه أراد أن الأَولى أن يُمهل حتى يكتسب ما بقي. اهـ باختصار.
(3)
أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (7/ 502)، من رواية عطاء عن علي، وهي مرسلة.
وهو قول إبراهيم النخعي
(1)
.
المذهب الرابع: أنه إذا أدى قيمته فهو حر. قال الشافعي
(2)
عن حماد بن خالد الخياط، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله: إذا أدى المكاتب قيمته فهو حر.
المذهب الخامس: أنه إذا أدى ثلاثة أرباع الكتابة وعجز عن رُبعها عَتَق. وهذا قول أبي بكر عبد العزيز والقاضي وأبي الخطاب
(3)
، بناءً منهم على وجوب رد ربع كتابته إليه، فلا يُرَد إلى الرق بعجزه عن أداء شيءٍ يجب ردُّه إليه وهو حقه لا حقَّ للسيد فيه.
المذهب السادس: أنه إذا ملك ما يؤدي عَتَق بنفس مِلْكه قبل أدائه. وهذا إحدى الروايتين عن الإمام أحمد
(4)
. وعلى هذا: إذا ملك ما يؤدي ثم مات قبل الأداء مات حرًّا، يُدفَع إلى سيِّده مقدار كتابته، والباقي لورثته.
واحتج لهذا المذهب بما رواه نَبْهان مكاتب لأم سلمة قال: سمعت أم سلمة تقول: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان لإحداكن مكاتب، فكان عنده ما
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة (20964) ولفظه: إذا أدّى الثلث، أو الربع، أو النصف فليس لهم أن يسترقّوه.
(2)
في «الأم» (8/ 460)، ومن طريقه البيهقي في «معرفة السنن» (14/ 447). إسناده جيد، وأخرج ابن المنذر في «الأوسط» (7/ 501) نحوه من رواية إبراهيم النخعي عن ابن مسعود.
(3)
انظر: «المغني» (14/ 453).
(4)
انظر: «المغني» (14/ 464).
يؤدي، فلتحتجب منه». رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه
(1)
، وقال الترمذي: حسن صحيح. قال الشافعي في القديم
(2)
: ولم أحفظ عن سفيان أن الزهري سمعه من نبهان، ولم أر من رضيتُ من أهل العلم
(3)
يثبت واحدًا من هذين الحديثين، والله أعلم. قال البيهقي: أراد هذا وحديث عمرو بن شعيب: «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم» .
قال
(4)
: وحديث عمرو بن شعيب قد رويناه موصولًا، وحديث نبهان قد ذكر فيه معمر سماع الزهري من نبهان
(5)
، إلا أن صاحِبَي «الصحيح» لم يخرجاه، إما لأنهما لم يجدا ثقةً يروي عنه غيرَ الزهري، فهو عندهما لا يرتفع عنه اسم الجهالة برواية واحد عنه، أو لأنهما لم يثبت عندهما من عدالته ومعرفته ما يوجب قبول خبره. هذا آخر كلامه.
وقد ذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم في موضعين من «كتابه»
(6)
: أن محمد بن عبد الرحمن مولى طلحة روى عن نبهان. ومحمد بن عبد الرحمن هذا ثقة، احتج به مسلم في «الصحيح» .
(1)
أبو داود (3928)، والترمذي (1261)، والنسائي في «الكبرى» (5011 - 5016)، وابن ماجه (2520)، وصححه الترمذي والحاكم (2/ 219)، مع أن نبهان فيه جهالة حال، وسيأتي الكلام عليه.
(2)
كما في «معرفة السنن والآثار» (14/ 450).
(3)
ط. الفقي: «أهل الحديث» خلافًا للأصل ولمصدر النقل.
(4)
أي البيهقي في الموضع المذكور.
(5)
أخرجها عبد الرزاق (15729)، ومن طريقه أحمد (26629) والحاكم (2/ 219). وأيضًا ورد ذكر سماع الزهري في رواية ابن عيينة عنه عند الحميدي (291).
(6)
«الجرح والتعديل» في ترجمتيهما (7/ 318، 8/ 502).
قال الشافعي
(1)
: وقد يجوز أن يكون أَمْرُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أمَّ سلمة ــ إن كان أمرها بالحجاب من مكاتبها إذا كان عنده ما يؤدي ــ على ما عظم الله به أزواجَ النبي صلى الله عليه وسلم أمهاتِ المؤمنين وخصّهن منه، وفرّق بينهن وبين النساء إِن اتَّقَينَ، ثم تلا الآيات
(2)
في اختصاصهن، بأن جعل عليهن الحجاب من المؤمنين وهن أمهات المؤمنين، ولم يجعل على امرأة سواهن أن تحتجب ممن يَحرُم عليه نكاحُها ــ ثم ساق الكلام إلى أن قال ــ: ومع هذا إنّ احتجاب المرأة ممن له أن يراها واسع لها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ــ يعني سودة ــ أن تحتجب من رجل قضى أنه أخوها، وذلك يشبه أن يكون للاحتياط، وأن الاحتجاب ممن له أن يراها مباح، والله أعلم.
فأما حديث أم سلمة فليس صريحًا في أنه يَعتِق بملك الأداء، إنما فيه أمرُ نسائه، أو أمر النساء عامةً، باحتجابهن من مكاتبيهن إذا كان عندهم ما يؤدّون، وهذا لأنهم بملك الأداء قد شارفوا العتق، وقوي سبب الأجنبية بينهم وبين ساداتهم، فاحتجاب النساء ساداتهم منهم أحوط
(3)
. والعبد ليس بمحرم لسيدته في أحد القولين، وفي الآخر هو محرم لسيدته، للحاجة لهما إلى ذلك، وكثرة دخوله وخروجه عليها، ومِلْكها منافعَه واستخدامَه؛
(1)
كما في «المعرفة» (14/ 450) و «السنن الكبرى» (10/ 327).
(2)
هي قوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ
…
} [الأحزاب: 32 - 33]، ولعله تلا أيضًا: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ
…
} الآية [53].
(3)
أي احتجاب النساء اللاتي هن سادات المكاتَبين منهم أحوط. وغيّر العبارة في ط. الفقي إلى: «واحتجاب النساء عن عبيدهن أحوط» .
وبالكتابة لم يتحقق زوال هذا المعنى، فإذا ملك ما يؤدي، وقد ملك منافعه بالكتابة، ولم يبق في عوده في الرق مطمع غالبًا= قوي جانب الحرّية فيه وتأكد سببُ الاحتجاب.
مع أن حديث أم سلمة في سياقه ما يدل على أنها إنما
(1)
احتجبت منه بعد إذنها في دفع ما عليه لأخيها. قال الشافعي رحمه الله
(2)
: أخبرنا
(3)
سفيان قال: سمعت الزهري يذكر عن نبهان مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان معها وأنها سألته: كم بقي عليك من كتابتك؟ فذكر شيئا قد سماه، وأنه عنده، فأمرتْه أن يعطيه أخاها أو ابنَ أخيها، وألقت الحجاب واستترت منه، وقالت: عليك السلام، وذكرت
(4)
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا كان لإحداكن مكاتب، فكان عنده ما يؤدي، فلتحتجب منه» .
فهذا السياق يدل على ما ذكرنا، إلا أن المرفوع منه دليل على الاحتجاب بنفس ملك الأداء، وهذا وجهه ــ والله أعلم ــ ما تقدم.
وإنما الشأن في حديث عمرو بن شعيب وحديث ابن عباس، وفي تقديم أحدهما على الآخر.
وفي معارضة الإمام أحمد لحديث ابن عباس بحديث بريرة نظر، فإنه لا تعارض بينهما، فإن بريرة لم تكن قضت من كتابتها شيئًا، هكذا في
(1)
ط. الفقي: «قد» ، وفي الأصل وط. المعارف:«إذا» ، ولعله تصحيف ما أثبت.
(2)
في «القديم» ، كما في «معرفة السنن» (14/ 449).
(3)
في الطبعتين: «حدثنا» خلافًا للأصل، وقد سبق التنبيه على مثله مرارًا.
(4)
في مطبوعة «معرفة السنن» : «وذكر ابن عباس» ، تحريف لا وجه له.