المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب ما جاء في خضاب السواد - تهذيب سنن أبي داود - ط عطاءات العلم - جـ ٣

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتاق

- ‌ في المكاتَب يؤدِّي بعض كتابته فيعجِز أو يموت

- ‌ باب فيمن أعتق نصيبًا له من مملوك

- ‌ باب من ذكر السعاية في هذا الحديث

- ‌ باب فيمن روى أنه لا يُستَسعى

- ‌ باب فيمن ملك ذا رحم مَحْرَم منه

- ‌ باب عتق أمهات الأولاد

- ‌ باب فيمن أعتق عبدًا له مال

- ‌ باب أي الرقاب أفضل

- ‌كتاب الحمّام

- ‌ باب التعرِّي

- ‌كتاب اللباس

- ‌ ما جاء في الأقبية

- ‌ باب في الحُمرة

- ‌ باب ما جاء في إسبال الإزار

- ‌ باب من روى أن لا يُنتفع من الميتة بإهاب

- ‌كتاب الترجّل

- ‌ باب في إصلاح الشعر

- ‌ باب ما جاء في خضاب السواد

- ‌كتاب الخاتم

- ‌ باب ما جاء في ترك الخاتم

- ‌ باب في الذهب للنساء

- ‌كتاب الفتن

- ‌ ذكر الفتن ودلائلها

- ‌كتاب المهدي

- ‌كتاب الحدود

- ‌ باب في المحاربة

- ‌ باب في الحد يُشفَع فيه

- ‌ باب إذا سرق مرارًا

- ‌ باب الرجم

- ‌ باب في المرأة التي أُمِر برجمها من جُهَينة

- ‌ باب الرجل يزني بمحارمه

- ‌كتاب الديات

- ‌ باب ترك القَوَد بالقسامة

- ‌قاعدة الشرع: أن اليمين تكون في جَنْبةِ أقوى المتداعِيَين

- ‌ باب لا يُقاد المسلم بالكافر

- ‌ باب القصاص من اللطمة

- ‌ باب عفو النساء

- ‌ باب الدية كم هي

- ‌ باب في دية الذمي

- ‌ باب لا يُقتصَّ من الجرح قبل الاندمال

- ‌ باب من اطَّلع في بيت قوم بغير إذنهم

- ‌كتاب السنة

- ‌ باب افتراق الأمة بعد نبيها

- ‌ باب النهي عن الجدال

- ‌ باب في الخلفاء

- ‌ باب في فضل الصحابة

- ‌ باب في التخيير بين الأنبياء

- ‌ باب في رد الإرجاء

- ‌ باب في القدَر

- ‌ باب في ذَراريِّ المشركين

- ‌ باب في الرد على الجهمية

- ‌ باب في الرؤية

- ‌ باب في القرآن

- ‌ باب في الشفاعة

- ‌ باب الحوض

- ‌ باب في المسألة وعذاب القبر

- ‌ باب الميزان

- ‌ باب في قتال الخوارج

- ‌كتاب الأدب

- ‌ باب في الحلم وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب في حسن الخلق

- ‌ باب في الرجل يقوم للرجل عن مجلسه

- ‌ باب الهدي في الكلام

- ‌ باب في تنزيل الناس منازلهم

- ‌ باب كفارة المجلس

- ‌ باب الرجل يضع إحدى رجليه على الأخرى

- ‌ باب مَن ردّ عن مسلم غيبة

- ‌ باب النهي عن سب الموتى

- ‌ باب الحسد

- ‌ باب اللعن

- ‌ باب في تغيير الأسماء

- ‌ باب في حفظ المنطق

- ‌ باب صلاة العَتَمة

- ‌ باب من الرخصة في ذلك

- ‌ باب في المزاح

- ‌ باب ما جاء في الشِّعر

- ‌ باب الرؤيا

- ‌ باب ما جاء في تشميت العاطس

- ‌ بابٌ كم يشمَّت العاطس

- ‌ باب فيمن عطس ولم يحمد الله

- ‌ باب ما يقول إذا أصبح وأمسى

- ‌ باب في الصبي يولد فيؤذَّن في أذنه

- ‌ في الوسوسة

- ‌ في التفاخر بالأحساب

- ‌ باب إخبار الرجل بمحبته

- ‌ باب في برّ الوالدين

- ‌ باب فضل من عال يتيمًا وحق الجار

- ‌ باب في حق المملوك

- ‌ باب في إفشاء السلام

- ‌ باب السلام على أهل الذمة

- ‌ باب في المصافحة

- ‌ باب ما جاء في القيام

- ‌ في قُبلة [اليد]

- ‌ باب جعلني الله فداك

- ‌ في الرجل يقوم للرجل

- ‌ باب في قتل الأوزاغ

الفصل: ‌ باب ما جاء في خضاب السواد

إلا غبًّا لمن يتأذّى بإدمان ذلك لمَرَضٍ أو شدّة برد، فنهاه عن تكلف ما يُضِرُّ به.

ويحتمل أنه نهى مَن يعتِقد أن ما كان يفعله أبو قتادة مِن دَهْنه مرتين

(1)

أنه لازم، فأعلمه أن السنة من ذلك الإغباب به ــ لاسيما لمن يمنعه ذلك من تصرفه وشغله ــ، وأن ما زاد على ذلك ليس بلازم، وإنما يعتقد أنه مباح، من شاء فعله ومَن شاء تركه

(2)

.

قال ابن القيم رحمه الله: وهذا لا يُحتاج إليه، والصواب أنه لا تعارض بينهما بحال، فإن العبد مأمور بإكرام شعره، ومنهي عن المبالغة والزيادة في الرفاهية والتنعُّم، فيكرم شعره ولا يتخذ الرفاهية والتنعم ديدَنه، بل يترجّل غبًّا. هذا أولى ما حمل عليه الحديثان، وبالله التوفيق.

2 -

‌ باب ما جاء في خضاب السواد

(3)

517/ 4048 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون

(1)

أخرجه مالك في «الموطأ» (2731) عن يحيى بن سعيد الأنصاري مرسلًا، ويخالفه مرسل ابن المنكدر عند البيهقي في «الشعب» (6040) أنه كان يَدْهنه يومًا ويدعه يومًا، وجاء في مرسل سعيد بن عبد الرحمن الجَحْشي عند معمر في «الجامع» (20516) أنه كان يرجله كل يوم مرّتين.

(2)

كلام المنذري مثبت من (هـ)، وفيه تصرّف يسير جدًّا من المؤلف عمّا في «المختصر» (6/ 86).

(3)

في الأصل: «باب الخضاب» ، وهو يسبق هذا الباب بباب في «السنن» و «المختصر» ، والمثبت من (هـ)، فإن تعليق المؤلف إنما هو عليه.

ص: 71

قوم يَخضِبون في آخر الزمان بالسَّواد كحواصل الحمام، لا يَريحُون رائحةَ الجنة»

وأخرجه النسائي

(1)

.

في إسناده «عبد الكريم» ولم ينسبه أبو داود ولا النسائي، فذكر بعضهم

(2)

أنه عبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية، وهو لا يحتجّ بحديثه.

وذكر بعضهم أنه عبد الكريم بن مالك الجزري أبو سعيد، وهو من الثقات، اتفقا على الاحتجاج به. وهذا هو الصواب، فإنه قد نسبه بعض الرواة في هذا الحديث وقال:«عن عبد الكريم الجزري» . وابن أبي المخارق من أهل البصرة نزل مكة. وأيضًا فإن الذي روى عن عبد الكريم هذا الحديث هو عبيد الله بن عمرو الرقي، وهو مشهور بالرواية عن عبد الكريم الجزري، وهو أيضًا من أهل الجزيرة.

وقد تقدّم حديث جابر في «صحيح مسلم»

(3)

وقوله: «واجتنبوا السواد» .

وقد اختلف السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم في الخضاب، فرأى بعضهم أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصبغ الشعر نَدْب، وأن تغييره أولى من تركه. وممن كان يخضب: أبو بكر وعمر والحسن والحسين وأبو عبيدة بن الجرّاح وغيرهم؛ يخضبون بالحنّاء والكتم.

(1)

أبو داود (4212)، والنسائي (5075) من طريق عبد الكريم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.

(2)

هو ابن الجوزي في «الموضوعات» (3/ 55). وتعقّبه الذهبي في «تلخيص الموضوعات» (1/ 267) وصحّح الحديث.

(3)

برقم (2102)، وقد تقدّم عند أبي داود في «باب في الخضاب» برقم (4204)، وهو حديث إسلام أبي قحافة يوم الفتح ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد» .

ص: 72

[وروي] عن عمر رضي الله عنه أنه كان يخضب بالحنّاء بحتًا. وكان ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن بُسر والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم يُصفّرون لحاهم

(1)

.

وقال الإمام أحمد: إني لأرى الشيخ مخضوبًا فأفرح به. وذكر رجلًا لم يخضب وأنه يستحيي فقال: سبحان الله سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم!

قال المروذي: قلتُ يُحكى عن بشر بن الحارث أنه قال: قال لي ابن داود: خضبت؟ قلتُ أنا: لا أفرُغ لغسلها فكيف أتفرّغ لخضابها؟ فقال أحمد: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «غيِّروا الشَّيب» ، وأبو بكر وعمر خضبا والمهاجرون؛ هؤلاء لم يتفرغوا لغسلها والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالخضاب؟! فمن لم يكن على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فليس من الدين في شيء؛ وحديث أبي ذر، وحديث أبي هريرة، وحديث أبي رمثة، وحديث أم سلمة

(2)

.

وذهب آخرون إلى أن ترك الشعر أبيض أفضل، وقالوا: توفي النبي صلى الله عليه وسلم وفي عَنْفَقته ورأسه الشيبُ ولم يغيّره بشيء، ولو كان تغييره أفضل لكان قد آثر الأفضلَ.

قال ابن جرير

(3)

: وممن كان لا يخضب عليٌّ وأبيُّ بن كعب وجماعة من الصحابة والتابعين.

قال

(4)

: والصواب عندنا أن الآثار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير الشيب

(1)

انظر الآثار المتقدمة في «مصنف ابن أبي شيبة» (كتاب اللباس، باب في الخضاب بالحناء، وباب في تصفير اللحية)، و «تهذيب الآثار» للطبري (ص 460 - 492 ــ الجزء المتمم بتحقيق علي رضا).

(2)

من قوله قال الإمام أحمد إلى هنا مما زاده المؤلف على كلام المنذري نقلًا عن «المغني» (1/ 125 - 126).

(3)

في «تهذيب الآثار» للطبري (ص 496 وما بعدها ــ الجزء المتمم) مُسنِدًا آثارهم.

(4)

«تهذيب الآثار» للطبري (ص 516 ــ الجزء المتمم).

ص: 73

وبالنهي عن تغييره كلَّها صحاح، وليس فيها شيء يُبطِل ما خالفه، لكن بعضها عام وبعضها خاص؛ فالمراد بأحاديث التغيير الخصوص مثل ما كان شيبُ أبي قحافة، فأمَّا الشَّمَط ففيه النهي عن التغيير. واختلاف السلف بحسب اختلاف أحوالهم، ولا يصح أن يقال: إن أحدها ناسخ للآخر لعدم دليل النسخ. هذا كلامه.

وقال آخرون: ذلك دليل على اختلاف حالين، أحدهما: عادة البلد، والثاني: اختلاف الناس، فرُبَّ شيبةٍ هي أجمل منها مصبوغة، ومنه ما يُستشنَع

(1)

فالصَّبْغُ فيه أولى.

وفي الخضاب فائدتان، أحدهما: تنظيف الشعر مما تعلق به من الغبار ونحوه، والثاني: مخالفة أهل الكتاب

(2)

.

قال ابن القيم رحمه الله: والصواب أن الأحاديث في هذا الباب لا اختلاف بينها

(3)

بوجه، فإن الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من تغيير الشيب أمران، أحدهما: نَتْفه

(4)

، والثاني: خضابه بالسواد، كما تقدم، والذي أذن فيه صَبْغُه وتغييره بغير السواد، كالحنّاء والصُّفرة، وهو الذي عمله الصحابة رضي الله عنهم.

قال الحَكَم بن عمرو الغفاري: دخلت أنا وأخي رافع على عمر بن

(1)

كذا في (هـ)، وفي «المختصر» المخطوط:«يُستبشَع» .

(2)

كلام المنذري من (هـ)، وما كان فيه من سقط وخرم وتصحيف فاستدرك من «المختصر» المخطوط. وقد زاد المؤلف في أثنائه نقلًا عن «المغني» كما سبق التنبيه عليه في موضعه.

(3)

الأصل: «بينهما» ، والمثبت من (هـ).

(4)

يشير إلى ما سبق في «سنن أبي داود» (4202) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه مرفوعًا: «لا تنتفوا الشيب، ما من مسلم يشيب شَيبة في الإسلام إلا كانت له نورًا يوم القيامة» .

ص: 74

الخطاب وأنا مخضوب بالحناء، وأخي مخضوب بالصفرة، فقال عمر: هذا خضاب الإسلام، وقال لأخي: هذا خضاب الإيمان

(1)

.

وأما الخضاب بالسواد فكرهه جماعة من أهل العلم، وهو الصواب بلا ريب لما تقدم ــ وقيل للإمام أحمد: تكره الخضاب بالسواد؟ قال: إي والله!

(2)

وهذه المسألة من المسائل التي حلف عليها، وقد جمعها أبو الحسين

(3)

ــ، ولأنه يتضمن التلبيسَ بخلاف الصفرة.

ورخَّص فيه آخرون، منهم أصحاب أبي حنيفة

(4)

، وروي ذلك عن الحسن والحسين وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن جعفر وعقبة بن عامر

(5)

،

(1)

أخرجه أحمد في «المسند» (20660)، وابن سعد في «الطبقات الكبير» (5/ 117) من طريق عبد الصمد بن حبيب الأزدي، عن أبيه، عن الحكم. وإسناده ضعيف، فإن عبد الصمد لين الحديث، وأباه مجهول.

(2)

«مسائل أحمد» رواية الكوسج (2/ 598).

(3)

في الأصل وط. الفقي: «أبو الحسن» ، تصحيف. وهو أبو الحسين محمد ابن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين البغدادي الحنبلي (ت 526). وكتابه مطبوع، وهذه المسألة فيه (ص 32).

(4)

انظر: «شرح مشكل الآثار» (9/ 313 - 314)، و «حاشية ابن عابدين» (6/ 422).

(5)

آثار السِّبطين أخرجها ابن أبي شيبة (25520)، والطبري في «تهذيب الآثار» الجزء المتمم بتحقيق علي رضا (ص 468 - 469)، والطبراني في «الكبير» (3/ 22، 98 - 99) من طرق عنهما.

وأثر سعد بن أبي وقاص أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (3/ 132، 133)، والطبراني في «الكبير» (1/ 138) من طرق عنه.

وأثر عبد الله بن جعفر أخرجه ابن أبي الدنيا في «العُمْر والشَّيب» (ص 52) بإسناد ضعيف.

وأثر عُقبة أخرجه ابن أبي شيبة (25529) والطبري في «تهذيب الآثار» (ص 473) بإسناد صحيح.

ص: 75

وفي ثبوته عنهم نظر

(1)

، ولو ثبت فلا قول لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنَّتُه أحقُّ بالاتباع ولو خالفها من خالفها.

ورخص فيه آخرون للمرأة تتزين به لبعلها، دون الرجل. وهذا قول إسحاق بن راهويه

(2)

، وكأنه رأى أن النهي إنما جاء في حق الرجال، وقد جُوِّز للمرأة من خضاب اليدين والرجلين ما لم يُجوَّز للرجل، والله أعلم.

* * *

(1)

كذا قال المؤلف هنا، ثم تبيَّن له صحتها فقال في «زاد المعاد» (4/ 337):«صحّ عن الحسن والحسين رضي الله عنهما أنهما كانا يخضبان بالسواد» .

(2)

بل إنه رخّص للرجل أيضًا أن يتزيّن به لأهله إذا لم يكن فيه غَرَر وخداع. انظر: «مسائله» برواية الكوسج (2/ 557، 598).

ص: 76