الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58].
3 -
باب في الخلفاء
547/ 4467 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أبو هريرة يُحَدِّثُ أن رجلًا أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنِّي أرى الليلة ظُلَّةً يَنْطِفُ منها السَّمْنُ والعَسَل، فأرى الناسَ يتكفّفون بأيديهم، فالمُستَكثِرُ والمستَقِلُّ، وأرى سببًا واصِلًا من السماء إلى الأرض، فأراك يا رسول الله أخذتَ به فعلوتَ، ثم أخذَ به رجلٌ آخرُ فَعَلا به، ثم أخذ به رجلٌ آخر فَعَلا به، ثم أخذ به رجلٌ آخر فانقطع، ثم وُصِلَ فَعَلا به. قال أبو بكر: بأبي وأمي، لَتَدَعَنِّي فَلأُعَبِّرنَّها، فقال:«اعْبُرها» . قال: أما الظُّلةُ فظُلَّة الإسلام، وأما ما يَنْطِف من السمن والعسل فهو القرآن لِينُه وحَلاوته، وأما المستكثر والمستقلُّ فهو المستكثر من القرآن والمستَقلُّ منه، وأما السببُ الواصل من السماء إلى الأرض فهو الحقُّ الذي أنت عليه، تأخذ به فيُعْليك الله، ثم يأخذ به بعدك رجلٌ فيعلو به، ثم يأخذ به رجلٌ آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع، ثم يُوصَل له فيعلو به. أيْ رسولَ الله لَتُحَدِّثَنِّي أصبتُ أم أخطأت؟ فقال:«أصبتَ بعضًا وأخطأت بعضًا» ، فقال: أقسمتُ يا رسول الله لتُحَدِّثنِّي ما الذي أخطأتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تُقْسِم» .
وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه
(1)
.
قوله: «ثم يأخذ به بعدك» هو أبو بكر، «ثم يأخذ به رجلٌ آخر» هو عمر، «ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع» هو عثمان
…
فجُعِل قتله قطعًا، وقوله:«ثم يوصل» يعني بولاية علي.
(1)
أبو داود (4632)، ومسلم (2269)، والترمذي (2293)، والنسائي في «الكبرى» (7593)، وابن ماجه (3918). وأخرجه البخاري (7046) أيضًا.
وقيل: الخطأ
(1)
في قوله: «له» ، لأن في الحديث:«ثم وُصِل» ، ولم يذكر «له»
(2)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وهذا يُشكل عليه شيئان:
أحدهما: أن في نفس الرؤيا: «ثم وُصِل له فعلا به» ، فتفسير الصديق لذلك مطابق لنفس الرؤيا.
والثاني: أن قتله رضي الله عنه لا يمنع أن يوصل له، بدليل أن عمر قد قُتِل، ومع هذا فأخذ به وعلا به، ولم يكن قتله مانعًا من علوه به.
وقد يجاب عنهما:
أما الأول فلفظه: «ثم وصل له» لم يذكر هذا البخاري، ولفظ حديثه:«ثم أخذ به رجل آخر، فانقطع به، ثم وُصِلَ» فقط، وهذا لا يقتضي أن يوصل له بعد انقطاعه به، وقال الصديق في تفسيره في نفس حديث البخاري «فينقطع به ثم يوصل له» ، فهذا موضع الغلط. وهذا مما يبين فضل معرفة البخاري، وغَورَ علمِه في إعراضه عن لفظة «له» في الأول، وإنما انفرد بها مسلم
(3)
.
(1)
أي: خطأ أبي بكر في تأويله.
(2)
للمنذري كلام طويل على هذا الحديث في «المختصر» (ق 4/ 131 - النسخة البريطانية)، ولم يحدد المجرّد موضع التعليق منه، فأوردت القدر الذي يصدق عليه تعليق المؤلف الآتي:«هذا يُشكل عليه شيئان» دون أن يكون فيه تكرار لما سيذكره المؤلف في ثنايا كلامه.
(3)
أي من بين «الصحيحين» ، وإلا فهي عند الترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم أيضًا.
وأما الثاني فيجاب عنه بأن عمر رضي الله عنه لم ينقطع به السبب من حيث علا به، وإنما انقطع به بالأجل المحتوم، كما ينقطع الأجل بالسُّم وغيره، وأما عثمان فانقطع به من حيث وصل له من الجهة التي علا بها، وهي الخلافة، فإنه إنما أريد منه أن يخلع نفسه، وإنما قتلوه لعدم إجابتهم إلى خلع نفسه، فخلعوه هم بالقتل ظلمًا وعدوانًا، فانقطع به من الجهة التي أخذ به منها، ثم وصل لغيره رضي الله عنه. وهذا سرُّ سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن تعيين موضع خطأ الصديق.
فإن قيل: فلِمَ تكلَّفتم أنتم بيانه، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم الصديق من تَعرُّفه والسؤال عنه؟
قيل: منعه من هذا لما ذكرناه من تعلق ذلك بأمر الخلافة، وما يحصل للرابع من المحنة وانقطاع السبب به، فأما وقد حدث ذلك ووقع، فالكلام فيه كالكلام في غيره من الوقائع التي يُحذَر الكلام فيها قبل وقوعها سدًّا للذريعة ودرءًا للمفسدة، فإذا وقعت زال المعنى الذي سَكت عنها لأجله.
548/ 4487 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل فأخذ بيدي فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي» . فقال أبو بكر: يا رسول الله، وَدِدتُ أني كنت معك حتى أنظرَ إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أما إنك يا أبا بكر أوَّلُ من يدخل الجنة من أمتي»
(1)
.
في إسناده أبو خالد الدَّالانيُّ يزيد بن عبد الرحمن، وثَّقه أبو حاتم الرازي، وقال ابن معين: ليس به بأس، وعن الإمام أحمد نحوه
(2)
.