الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يغفر له؟ هل من سائل يعطى؟» ــ وهذا الإسناد ثقات كلهم ــ؟
قلنا: وأي منافاة بين هذا وبين قوله: «ينزل ربنا، فيقول» ؟ وهل يسوغ أن يقال: إن المنادي يقول: «أنا الملِك» ، ويقول:«لا أسأل عن عبادي غيري»
(1)
، ويقول:«من يستغفرني فأغفر له» ؟
وأي بُعد في أن يأمر الله مناديًا ينادي: «هل من سائل فيستجاب له» ثم يقول هو سبحانه: «من يسألني فأستجيب له» ؟ وهل هذا إلا أبلغُ في الكرم والإحسان أن يأمر مناديه يقول ذلك، ويقول سبحانه بنفسه! وتتصادق الروايات كلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نصدّق بعضَها ونكذّب ما هو أصح منه، وبالله تعالى التوفيق
(2)
.
11 -
باب في القرآن
578/ 4571 - وعن عبد الله ــ وهو ابن مسعود رضي الله عنه ــ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تكلم الله بالوحي سمعَ أهلُ السماء صَلْصَلةً كجَرِّ السِّلسِلة على الصَّفا، فيُصْعَقون، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريلُ، حتى إذا جاءهم جبريل فُزِّعَ عن قلوبهم» ، قال:«فيقولون: يا جبريل، ماذا قال ربُّك؟ فيقول: الحق، فيقولون: الحقَّ الحقَّ»
(3)
.
(1)
جاء هذا في حديث النزول من رواية رفاعة الجهني رضي الله عنه. أخرجه أحمد (16215)، وابن ماجه (1367)، والنسائي في «الكبرى» (10236)، وابن حبان (212).
(2)
وانظر: «شرح حديث النزول» لشيخ الإسلام (5/ 372 - الفتاوى).
(3)
«سنن أبي داود» (4738)، ورواته ثقات وأخرجه ابن حبّان في «صحيحه» (37)، إلا أنه قد اختلف في وقفه ورفعه، والموقوف هو المحفوظ كما قال الدارقطني في «العلل» (852)، على أن له حكم الرفع لكونه مما لا مجال للرأي فيه.
وأخرجه البخاري
(1)
والترمذي وابن ماجه بنحوه
(2)
.
قال ابن القيم رحمه الله: ورواه البخاري والترمذي
(3)
أيضًا من حديث الحميدي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خُضعانًا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فُزِّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحَقّ، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترق السمع، [ق 255] ومسترقو السمع هكذا بعضهم فوق بعض
…
» وذكر الحديث.
وقد رواه أبو معاوية عن الأعمش، عن مُسْلم بن صُبَيح، عن مسروق
(4)
، عن عبد الله قوله: «إن الله إذا تكلم بالوحي سمع أهل السماء للسماء صَلصَلة كجرّ السلسلة على الصفا فيُصعقون، فلا يزالون كذلك حتى
(1)
علّقه في كتاب التوحيد (باب قول الله تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}) عن مسروق عن ابن مسعود موقوفًا عليه. ولم أجده عند الترمذي وابن ماجه، وانظر التعليق الآتي.
(2)
لفظ التخريج من (هـ)، وفيه اختصار وتصرّف من المؤلف، فلفظ «المختصر» (7/ 128): «
…
نحوه من حديث عكرمة مولى ابن عباس عن أبي هريرة»، وهو الحديث الآتي في تعليق المؤلف. وحذفُ المؤلف لطرف الإسناد ظاهرُه أنهم أخرجوا حديث ابن مسعود السابق، ويدل على أن ذلك مقصود للمؤلف أنه قال في الحديث الآتي: «ورواه البخاري والترمذي أيضًا من حديث
…
».
(3)
البخاري (4800) عن الحميدي به، والترمذي (3223) عن ابن أبي عمر العدني عن سفيان به.
(4)
«عن مسروق» ساقط من الأصل، واستدركته من (هـ) ومصادر التخريج.
يأتيهم جبريل، فإذا جاءهم جبريل فُزِّع عن قلوبهم، قال: فيقولون: يا جبريل، ماذا قال ربك؟ قال: فيقول: الحقَّ، قال فينادون: الحق، الحق»
(1)
.
وقد روي هذا مرفوعًا، وليس فيه:«سمع أهل السماء للسماء»
(2)
، وهو الحديث الذي ذكره أبو داود.
وروى البيهقي
(3)
من حديث نعيم بن حماد: حدثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن [ابن] أبي زكريا، عن رجاء بن حَيْوة، عن النواس بن سمعان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله أن يوحي بأمره تكلم بالوحي، وإذا تكلم بالوحي أخذت السماوات رَجفة ــ أو قال: رَعدة ــ شديدة خوفًا من الله عز وجل، فإذا سمع بذلك أهل السماوات صَعِقوا وخرُّوا لله سُجّدًا، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله من
(1)
أخرجه سعيد بن منصور (1766 - تفسير)، وعبد الله في «السنة» (521)، وابن خزيمة في «التوحيد» (281)، من طرق عن أبي معاوية به. وأخرجه عبد الله (520، 521)، وابن خزيمة في «التوحيد» (282 - 286) من طرق أخرى عن الأعمش به. وعلّقه البخاري كما سبق عن مسروق عن ابن مسعود.
(2)
زيادة «للسماء» ليست في «المختصر» ، ولكنه ثابت في مطبوعة «السنن» وأكثر نسخه الخطية. انظر: طبعة دار التأصيل (7/ 243).
(3)
في «الأسماء والصفات» (1/ 511 - 512)، وأخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (527)، والطبري في «تفسيره» (19/ 278)، وابن خزيمة في «التوحيد» (279)، كلهم من طريق نعيم بن حمّاد به.
رجال إسناده ثقات، إلا أن نُعيمًا على جلالته له أوهام وأشياء منكرة، وهذا الحديث منها، فقد قال دُحَيم وأبو حاتم: لا أصل له عن الوليد بن مسلم. انظر: «تاريخ أبي زرعة» (1/ 621)، و «تفسير ابن كثير» (سبأ: 23).
وحيه بما أراد، فيمضي جبريل على الملائكة، كلما مرَّ بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحق وهو العلي الكبير، قال: فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل، فينتهي جبريل بالوحي حيث أمره سبحانه من السماء والأرض».
وقال أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح
(1)
، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطاة، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه» يعني القرآن
(2)
. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.
وقد رواه عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطاة، عن جبير بن نفير، عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم
(3)
. قال البيهقي: يحتمل أن يكون جبير بن نفير رواه عنهما جميعًا.
(1)
في الأصل و (هـ) والطبعتين: «بن أبي صالح» خطأ، وسيأتي على الصواب في الإسناد التالي.
(2)
أخرجه الحاكم (1/ 555)، وعنه البيهقي في «الصفات» (1/ 575) وقال بعد حكاية تصحيح الحاكم:«ورواه غيره عن أحمد بن حنبل دون ذكر أبي ذر في إسناده» . يعني: مرسلًا، وهكذا أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (91، 1120) عن أبيه. وكذلك أخرجه الترمذي (2912) عن إسحاق بن منصور، وأبو داود في «المراسيل» (538) عن محمد بن يحيى الذهلي، كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي به مرسلًا. كل ذلك يدّل على أن ذكر «أبي ذر» في الإسناد وهم والحديث مرسل، وقد قال البخاري في «خلق أفعال العباد» (ص 197 - 198):«هذا الخبر لا يصحّ لإرساله وانقطاعه» .
(3)
أخرجه الحاكم (2/ 441) وعنه البيهقي في «الصفات» (1/ 575)، وفيه عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث، وهو صدوق يخطئ ويخالف، وقد خالف هنا جبل الحفظ والإتقان عبد الرحمن بن مهدي في رواية هذا الحديث عن معاوية بن صالح، فجعله عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر، وابن مهدي يرويه من حديث جبير بن نفير مرسلًا، وهو الصواب.
وروى علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، وذلك أنه منه» . رواه البيهقي
(1)
من طريقين: أحدهما: من حديث الحِمّاني عن إسحاق بن سليمان الرازي، حدثنا الجراح عن علقمة.
والثاني: من حديث يعلى بن المنهال السكوني عن إسحاق بن سليمان به.
والجراح: هو الجراح بن الضحاك الكندي
(2)
.
ورواه
(3)
أيضًا من حديث حامد بن محمود عن إسحاق به.
(1)
في «الأسماء والصفات» (1/ 579 - 580)، وكلا الطريقين ضعيف، ففي الثاني يعلى بن المنهال، ذكره ابن أبي حاتم في كتابه (9/ 305) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو مجهول الحال؛ وفي الأول يحيى الحمّاني، وهو مجروح متّهم بسرقة الحديث، وقد أخذ هذا الحديث من يعلى بن المنهال، كما قال الحافظ أبو جعفر مطيّن. انظر «الفصل للوصل المدرج في النقل» (1/ 252 - 253).
والحديث صحيح من غير هذين الطريقين، ولكن دون قوله: «وفضل القرآن
…
» إلخ، فإنه مدرج في الحديث، ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بل من كلام أبي عبد الرحمن السُّلَمي.
(2)
وهو صدوق صالح الحديث. انظر: «تهذيب الكمال» (1/ 441).
(3)
«الأسماء والصفات» (1/ 578)، وحامد بن محمود المقرئ ثقة كما قال الخطيب في «المتفق والمفترق» (1/ 739)، وقد فصل في روايته بين الحديث المرفوع وبين قول أبي عبد الرحمن السُّلَمي.
ورواه يحيى بن أبي طالب عن إسحاق بن سليمان فجعل آخره من قول أبي عبد الرحمن مبيّنًا
(1)
، وتابعه على ذلك غيره.
وقد روى عمرو بن قيس عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شغله قراءة القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيتُه أفضلَ ثواب السائلين، وفضلُ القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه»
(2)
.
وقد روي هذا المعنى ــ وهو: «فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه» ــ من حديث أبي هريرة، ولكن في إسناده عمر الأَبحّ، وقد ضُعّف
(3)
.
(1)
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (2019) والخطيب في «الفصل» (1/ 256). وتابعه على فصل كلام أبي عبد الرحمن من الحديث المرفوع الحافظان الحجّتان إسحاق بن راهويه وأبو مسعود أحمد بن الفرات. أخرجه عنهما الفريابي في «فضائل القرآن» (15، 16)، ومن طريقه الخطيب في «الفصل» (1/ 256 - 257).
(2)
أخرجه الترمذي (2926) والدارمي (3399) وغيرهما من طريق محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني عن عمرو بن قيس به. قال أبو حاتم: هذا حديث منكر، ومحمد بن الحسن ليس بالقوي. «العلل» (1738). وانظر:«الضعيفة» (1335).
(3)
أخرجه أبو يعلى في «معجمه» (294)، وابن عدي في «الكامل» (5/ 48)، ومن طريقه البيهقي في «الصفات» (1/ 583)، من طريق عمر بن سعيد الأبح، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الأشعث الحُدّاني، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
عمر بن سعيد الأبح ضعيف حدّث عن ابن أبي عروبة بمناكير، وغيره يرويه عن ابن أبي عروبة عن الأشعث (لا يذكر قتادة). وقد اختلف في إسناد هذا الحديث عن سعيد وعن الأشعث على أوجه، قال الدارقطني في «العلل» (2099): أشبهها بالصواب من رواه عن الأشعث عن شهر مرسلًا. قلتُ: من هذا الوجه أخرجه الدارمي (3400) وأبو داود في «المراسيل» (537).