الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ما فعل، فأين المماثلة؟
قيل: هذا ينتقض بالقتل بالسيف، فإنه لو ضربه في العنق ولم يُوجِبْه
(1)
، كان له أن يضربَه ثانيةً وثالثة حتى يوجبه اتفاقًا، وإن كان الأول إنما ضربه ضربة واحدة.
واعتبار المماثلة له طريقان:
أحدهما
(2)
: اعتبار الشيء بنظيره ومثله، وهو قياس العلة الذي يُلحَق فيه الشيء بنظيره.
والثاني: قياس الدلالة الذي يكون الجمع فيه بين الأصل والفرع بدليل العلة ولازمها.
فإن انضاف إلى واحد من هذين عموم لفظي، كان من أقوى الأدلة، لاجتماع العمومين اللفظي والمعنوي، وتظافُر
(3)
الدليلين السمعي والاعتباري. فيكون موجب الكتاب والميزان والقصاص في مسألتنا هو من هذا الباب، كما تقدم تقريره، وهذا واضح لا خفاء به، ولله الحمد والمنة.
4 -
باب عفو النساء
541/ 4372 - وعن حِصْن عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«على المُقتَتِلِين أن يَنْحَجِزُوا الأوَّلُ فالأولُ وإن كانت امرأةً» .
(1)
أي: لم يُمِتْه، وفي الأصل:«لم يوجهْ» تصحيف.
(2)
في الطبعتين: «إحداهما» خلافًا للأصل.
(3)
في الطبعتين: «تضافر» ، خلافًا للأصل، وهما بمعنى.
وأخرجه النسائي
(1)
.
وحصن هذا قال أبو حاتم الرازي
(2)
: لا أعلم روى عنه غير الأوزاعي ولا أعلم أحدًا نسبه. وقال غيره
(3)
: حصن بن عبد الرحمن، ويقال: ابن مِحصَن أبو حذيفة التَّراغِمي، من أهل دمشق، روى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، روى عنه الأوزاعي. وذكر له هذا الحديث.
قال أبو داود: «ينحجزوا» يكُفُّوا عن القَوَد.
وقيل: تفسيره أن يُقتل رجل وله ورثة رجال ونساء، فأيُّهم عفا ــ وإن كانت امرأة ــ سقط القَوَد وصار ديةً.
وقال الخطابي
(4)
: يشبه أن يكون معنى المقتتلين هاهنا أن يطلب أولياء القتيل القود فيمتنع القَتَلة، فينشأ بينهم الحرب والقتال من أجل ذلك، فجعلهم مقتتلين لما ذكرناه، والله أعلم.
قال: ويَحتمِل أن تكون الروايةُ «المُقتَتَلين» بنصب التاءين، يقال: اقتُتل فهو مُقتَتَل، غير أن هذا يُستعمل أكثره فيمن قتله الحُبُّ
(5)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وليس في شيء من هذا ما يبين وجهَ الحديث.
(1)
أبو داود (4538) والنسائي (4788).
(2)
«الجرح والتعديل» (3/ 305).
(3)
هو الحافظ ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (14/ 360).
(4)
«معالم السنن» (6/ 343 - 344)، وفيه سقط يُستَدرك من هنا.
(5)
ذكر المجرِّد أن المؤلف ساق كلام المنذري على الحديث إلى آخره، فأثبتّه من مخطوطة «المختصر» (ق 4/ 117 - النسخة البريطانية) بتمامه، إلا ما ضمّنه المؤلف في كلامه الآتي مع البسط والتحرير.