الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما ادعاء نسخه بحديث عبد الله «حمار» ، فإنما يتم بثبوت تأخُّرِه، والإتيان به بعد الرابعة
(1)
، ومنافاته للأمر بقتله.
وأما دعوى نسخه بحديث: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث» ، فلا يصح، لأنه عام وحديث القتل خاص.
والذي يقتضيه الدليل أن الأمر بقتله ليس حتمًا، ولكنه تعزيرٌ بحسب المصلحة، فإذا أكثرَ الناسُ من الخمر، ولم ينزجروا بالحد، فرأى الإمام أن يقتل فيه= قَتَل.
ولهذا كان عمر ينفي فيه مرة
(2)
، ويحلق فيه الرأس [ق 223] مرة
(3)
، وجلد فيه ثمانين، وقد جلد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أربعين. فقَتْله في الرابعة ليس حدًّا، وإنما هو تعزيز بحسب المصلحة، وإنما على هذا يَتَخرَّجُ حديث الأمر بقتل السارق إن صحّ، والله أعلم.
4 -
باب الرجم
530/ 4266 - عن عبد الرحمن بن الصامت ابن عمِّ أبي هريرة أنه سمع
(1)
يشير المؤلف إلى أنه ليس صريحًا أنه أُتي به للمرّة الرابعة، وإنما فيه قول أحد القوم: ما أكثر ما يؤتى به!
(2)
صحّ عند عبد الرزاق (13557) والبيهقي (8/ 321) أن عمر أُتي بشيخ قد شرب في رمضان فجلده ثمانين ونفاه إلى الشام. وانظر: «مصنف عبد الرزاق» (17040، 17044).
(3)
انظر: «مصنف عبد الرزاق» (17047، 17048).
أبا هريرة يقول: جاء الأسلمي نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم، فشهد على نفسه أنه أصاب امرأةً حرامًا أربع مرات، كل ذلك يُعرِض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأقبل في الخامسة فقال:«أنِكْتَها؟» قال: نعم، قال:«حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟» قال: نعم، قال:«كما يغيب المِرْوَد في المُكحُلة والرِّشاءُ في البئر؟» قال: نعم، قال:«فهل تدري ما الزنا؟» قال: نعم، أتيتُ منها حرامًا ما يأتي الرجل من امرأته حلالًا، قال:«فما تريد بهذا القول؟» قال: أريد أن تُطهِّرَني، فأمر به فرُجم، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم تَدَعْه نفسُه حتى رُجِم رجمَ الكلب، فسكت عنهما، ثم سار ساعةً حتى مرَّ بجيفةِ حمارٍ شائلٍ برجله، فقال:«أين فلان وفلان؟» فقالا: نحن ذان يا رسول الله، قال:«انزلا فكُلا من جيفةِ هذا الحمار» ، فقالا: يا نبي الله، مَن يأكل مِن هذا؟ قال:«فما نِلتُما من عِرض أخيكما آنفًا أشدُّ مِن أكلٍ منه، والذي نفسي بيده، إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمِس فيها» .
وأخرجه النسائي
(1)
، وقال فيه:«أنكحتَها؟»
قلتُ: عبد الرحمن هذا يقال فيه: ابن الصامت، كما تقدّم، ويقال فيه: ابن هضَّاض
(2)
، وابن الهضهاض، وصحّح بعضهم
(3)
: ابن الهضهاض.
وذكره البخاري في «تاريخه»
(4)
، وحكى الخلاف فيه، وذكر له هذا
(1)
أبو داود (4428) والنسائي (7126، 7127) من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن الصامت ابن عم أبي هريرة.
(2)
في مطبوعة «المختصر» : «ابن هضاد» تصحيف، والتصحيح من مخطوطته.
(3)
كابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (5/ 297).
(4)
(5/ 361).
الحديث وقال: حديثه في أهل الحجاز، ليس يُعرف إلا بهذا الحديث الواحد
(1)
.
قال ابن القيم رحمه الله: وقد روى ابن حبان في «صحيحه»
(2)
من حديث زيد بن أبي أنيسة، عن أبي الزبير، عن عبد الرحمن بن الهضهاض الدوسي، عن أبي هريرة قال: جاء ماعز بن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقال له: الأبعد قد زنى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«وما يدريك ما الزنا؟» ، ثم أمر به فطُرِد وأُخرِج. ثم أتاه الثانية فقال: يا رسول الله، إن الأبعد قد زنى، فقال:«ويلك، وما يدريك ما الزنا؟» فطرد وأخرج. ثم أتاه الثالثة، فقال يا رسول الله، إن الأبعد قد زنى، قال:«ويلك، وما يدريك ما الزنا؟» قال: أتيتُ امرأة حرامًا مثلَ ما يأتي الرجلُ مِن امرأته، فأمر به فطُرِد وأخرج. ثم أتاه الرابعة فقال: يا رسول الله، إن الأبعد قد زنى، قال:«ويلك، وما يدريك ما الزنا؟» قال: «أدخلت وأخرجت؟» قال: نعم، فأمر به أن يرجم
…
فذكر الحديث، وقال فيه: «إنه الآن لفي نهر من أنهار الجنة ينغمس
(3)
».
وهذا صريح في تعدد الإقرار، وأن ما دون الأربع لا يستقل بإيجاب الحد، وفيه حجة لمن اعتبر تعدد المجلس.
وقد روى ابن حبان أيضًا في «صحيحه»
(4)
من حديث أيوب عن أبي
(1)
في هذا الباب أربع وعشرون حديثًا وجلّها في قصة رجم ماعز، ولم يحدّد المجرد موضع تعليق المؤلف منها، ولعله كان ذيَّل به الباب، فاكتفيت بإثبات هذا الحديث منها (مع تخريج المنذري) لقوّة صلته بتعليق المؤلف.
(2)
برقم (4400).
(3)
كذا في الأصل، وفي «صحيح ابن حبان»:«يتقمّص» ، وهما بمعنى.
(4)
برقم (4401)، وكذا أبو عوانة في «المستخرج» (6267)، كلاهما من طريق محمد بن أبي بكر المقدَّمي، عن حماد بن زيد، عن أيوب به. رجاله ثقات، إلا إني أخاف أن يكون ثَمّ وهمٌ من المقدَّمي أو غيره على أبي الزبير بسلوك الجادّة في الرواية حيث جعلها عنه عن جابر، والناس إنما رووها عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن الهضهاض عن أبي هريرة، كما في الحديث السابق. والله أعلم.