المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌حرف العين

- ‌الكتاب الأول: في العِلْم

- ‌الفصل الأول: في الحث عليه

- ‌الفصل الثاني: في آداب العالم

- ‌الفصل الثالث: في آداب التعليم والتعلم

- ‌الفصل الرابع: في رواية الحديث ونقله

- ‌الفصل الخامس: في كتابة الحديث وغيره

- ‌جوازه

- ‌المنع منه

- ‌الفصل السادس: في رفع العلم

- ‌الكتاب الثاني: في العَفْو والمغفِرة

- ‌الكتاب الثالث: في العتق والتدبير، والكتابة، ومصاحبة الرقيق

- ‌الباب الأول: في مصاحبة الرقيق، وآداب الملكة

- ‌[النوع] الأول: في حسن الملكة

- ‌[النوع] الثاني: في العَفْو عنه

- ‌[النوع] الثالث: في الكُسْوة والطعام والرِّفْق

- ‌[النوع] الرابع: في الضرب

- ‌[النوع] الخامس: في القذف

- ‌[النوع] السادس: في التسمية

- ‌[النوع] السابع: فيمن أعتق جاريته وتزوجها

- ‌[النوع] الثامن: في العبد الصالح

- ‌[النوع] التاسع: في العبد الآبق

- ‌الباب الثاني: في العتق

- ‌الفصل الأول: في عتق المشترك

- ‌الفصل الثاني: في العتق عند الموت

- ‌الفصل الثالث: في عتق أُمّ الولد

- ‌الفصل الرابع: فيمن ملك ذا رحم

- ‌الفصل الخامس: فيمن مَثَّل بعبده

- ‌الفصل السادس: في العتق بشرط

- ‌الفصل السابع: في عتق ولد الزنا

- ‌الفصل الثامن: في العتق عن الميت

- ‌الفصل التاسع: في مال المُعْتَق وولده

- ‌الفصل العاشر: في أحاديث مفردة

- ‌الباب الثالث: في التدبير

- ‌الباب الرابع: في المكاتب

- ‌الكتاب الرابع: في العدَّة والاسْتبراء

- ‌الباب الأول: في مقدارهما

- ‌الفصل الأول: في عِدَّة المطلقة والمختلعة

- ‌الفصل الثالث: في الاستبراء

- ‌الباب الثاني: في أحكام المعتدَّات

- ‌الفصل الأول: في السكنى والنفقة

- ‌الفرع الأول: في المطلقة

- ‌الفرع الثاني: في المتوفى عنها

- ‌الفصل الثاني: في الإحْداد

- ‌الفصل الثالث: في أحكام متفرقة

- ‌الكتاب الخامس: في العاريَّة

- ‌الكتاب السادس: في العُمْرى والرُّقْبَى

- ‌حرف الغين

- ‌عدد غزوات النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌غزوة بدر

- ‌حديث بني النّضير

- ‌إجْلاء يهود المدينة

- ‌قتل كعب بن الأشرف

- ‌قتل أبي رافع: عبد الله بن أبي الحقيق

- ‌غزوة أحد

- ‌غزوة الرَّجيع

- ‌غزوة بئر معونة

- ‌غزوة فَزارة

- ‌غزوة الخندق، وهي الأحزاب

- ‌غزوة ذات الرِّقاع

- ‌غزوة بني المُصْطَلِق من خزاعة

- ‌غزوة أنْمَار

- ‌غزوة الحُدَيْبِيَة

- ‌غزوة ذي قَرَد

- ‌غزوة خَيْبر

- ‌عُمْرَة القَضَاء

- ‌غزوة مُؤتة من أرض الشام

- ‌بعث أسامة بن زيد

- ‌غزوة الفَتْح

- ‌غزوة حُنَين

- ‌غزوة أوطاس

- ‌غزوة الطائف

- ‌بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حَجَّة الوداع

- ‌قبل حجة الوداع

- ‌غزوة ذي الخَلَصة

- ‌غزوة ذات السلاسل

- ‌غزوة تَبُوك

- ‌الكتاب الثالث: في الغضب والغَيْظ

- ‌الكتاب الرابع: في الغَضْب

- ‌الكتاب الخامس: في الغيبة والنميمة

- ‌الكتاب السادس: في الغِنَاء واللَّهْو

- ‌الكتاب السابع: في الغَدْر

- ‌ترجمة الأبواب التي أولها غين، ولم ترد في حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌الكتاب الأول: في الفضائل والمناقب

- ‌الباب الأول: في فضائل القرآن والقراءة

- ‌الفصل الأول: في فضل القرآن مطلقاً

- ‌الفصل الثاني: في فضل سورة منه، وآيات مخصوصة

- ‌فاتحة الكتاب

- ‌البقرة وآل عمران

- ‌آية الكرسي

- ‌النساء

- ‌الكهف

- ‌يس

- ‌الدُّخَان

- ‌الواقعة

- ‌الحشر

- ‌تبارك

- ‌إذا زلزلت

- ‌الإخلاص

- ‌المعوذتان

- ‌سورة مشتركة

- ‌الفصل الثالث: في فضل القراءة والقارئ

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌إبراهيم [عليه السلام] وولده

- ‌موسى [عليه السلام]

- ‌يُونُس [عليه السلام]

- ‌داود [عليه السلام]

- ‌سُلَيْمان [عليه السلام]

- ‌أيُّوب [عليه السلام]

- ‌عيسى [عليه السلام]

- ‌الخَضِر [عليه السلام]

- ‌التَّخْيير بين الأنبياء

- ‌الباب الثالث: في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ومناقبه

- ‌نوعٌ أول

- ‌نوعٌ ثالث

- ‌نوعٌ رابع

- ‌نوعٌ خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوعٌ سابع

- ‌نوعٌ ثامن متفرق

- ‌الباب الرابع: في فضائل الصحابة رضي الله عنهم ومناقبهم

- ‌الفصل الأول: في فضائلهم مجملاً

- ‌نوعٌ أول

- ‌نوعٌ ثان

- ‌نوعٌ ثالث

- ‌الفصل الثاني: في تفصيل فضائلهم ومناقبهم

- ‌الفرع الأول: فيما اشترك فيه جماعة منهم

- ‌نوعٌ أول

- ‌نوعٌ ثان

- ‌نوعٌ ثالث

- ‌نوعٌ رابع

- ‌نوعٌ خامس

- ‌نوعٌ سادس

- ‌نوعٌ سابع

- ‌الفرع الثاني: في فضائلهم على الانفراد، بذكر أسمائهم

- ‌القسم الأول: في الرجال، وأولهم:

- ‌أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه

- ‌عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌وهذه أحاديث جاءت مشتركة بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

- ‌عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه

- ‌عليُّ بن أبي طالب كرم الله وجهه

الفصل: ‌الفرع الأول: في المطلقة

‌الباب الثاني: في أحكام المعتدَّات

، وفيه ثلاثة فصول

‌الفصل الأول: في السكنى والنفقة

، وفيه فرعان

‌الفرع الأول: في المطلقة

5975 -

(خ م ط د) عائشة رضي الله عنها قال يحيى بن سعيد: إنه سمع القاسم بن محمد، وسليمان بن يسار يذكران:«أن يحيى بن سعيد بن العاص طلّق بنت عبد الرحمن بن الحكم، فَانْتَقَلها عبد الرحمن، فأرسلت عائشةُ أُمُّ المؤمنين إلى مَروَان - وهو أميرُ المدينة - اتَّقِ الله، وَارْدُدْها إلى بيتها، قال مروان - في حديث سليمان -: إن عبد الرحمن غلبني - وقال في حديث القاسم -: أوَمَا بَلغكِ شَأنُ فاطمةَ بنتِ قيس؟ قالت: لا يضرُّكَ أن لا تذكر حديث فاطمة، فقال مروان: إن كان بِكِ شرّ فَحَسبكِ ما بين هذين من الشر» .

⦗ص: 126⦘

قال البخاري: وزاد ابن أبي الزِّناد عن هشام عن أبيه قال: عابَتْ عائشةُ ذلك أشدَّ العيب، وقالت: إن فاطمةَ كانت في مكان وَحْش، فخيفَ على ناحيتها، فأرخَص لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية عن عروة قال: «تزوجَ يحيى بنُ سعيد بن العاص بنتَ عبد الرحمن بن الحكم، فأخرجها من عنده، فَعَاب ذلك عليهم عروةُ، فقالوا: إنَّ فاطمة قد خرجت، قال عروةُ: فأتيتُ عائشةَ وأخبرتُها بذلك، فقالت: ما لفاطمةَ خير في أنْ تَذْكُرَ هذا الحديث» .

وفي أخرى: أن عائشةَ قالت: «ما لفاطمة؟ أَلا تَتَّقي الله في قولها: لا سُكنى، ولا نَفَقَة» .

وفي أخرى «أن عروةَ قال لعائشة: ألم تَرَيْ إلى فُلانةَ بنتِ الحَكم، طلّقها زوجُها أَلبَتَّةَ فخرجت؟ فقالت: بئسما صنعتْ، فقال: أَلم تسمعي إلى قول فاطمةَ؟ فقالت: أما إنه لا خيرَ لها في ذِكْر ذلك» .

وفي أخرى أيضاً: أنها قالت: «ما لفاطمةَ خير أن تَذْكُرَ هذا - يعني قولها: لا سكنى، ولا نفقة» .

أخرج البخاري الروايات جميعَها إلا الآخرة.

وأخرج مسلم الآخرةَ، والتي قبلها، والثانية.

وأخرج الموطأ الرواية الأولى إِلى قوله: «ما بين هذين من الشر» .

⦗ص: 127⦘

وأخرج أبو داود الرواية الأولى بالزيادة.

وله في أخرى عن عروةَ: «أنه قيل لعائشة: أَلم تَرَيْ إلى قول فاطمة؟ قالت: أما إنه لا خير لها في ذِكْرِ ذلك» .

وفي أخرى عن سليمان بن يسار - في خروج فاطمة - قال: «إنما كان ذلك من سُوءِ الخُلُق» .

وفي رواية عن عروة قال: «لقد عابت ذلك عائشةُ أشدَّ العيب - يعني حديثَ فاطمةَ بنتِ قيس - وقالت: إن فاطمةَ كانت في مكان وَحْش، فَخِيف على ناحيتها، فلذلك أرخصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لها» .

وزاد في أُخرى «لأنه كان خَشِيَ عليها في مسكن زوجها: أنْ يُقْتَحَمَ عليها، أو تَبْذُوَ على أهلها بفاحشة» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(مكان وَحْش) وبلد وحش، وأرض وحشة، أي: قفر لا أنيس فيه.

(ناحيتها) الناحية: المكان المنفرد، وناحية الإنسان: مكانه، وقد يعبَّر

⦗ص: 128⦘

به عنه، تقول: خفت على ناحيته، أي: خفت عليه.

(تَبذو) بذاء لسانها، أي فُحش قولها، ورَداءَته.

(1) رواه البخاري 9 / 421 و 422 في الطلاق، باب قصة فاطمة بنت قيس، وباب المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها أن يقتحم عليها، ومسلم رقم (1481) و (1482) في الطلاق، باب المطلقة لا نفقة لها، والموطأ 2 / 579 في الطلاق، باب ما جاء في عدة المرأة في بيتها، وأبو داود رقم (2292) و (2293) و (2294) و (2295) في الطلاق، باب من أنكر النفقة على فاطمة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه مسلم (4/200) قال: حدثنا أبو كريب. قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، قال: حدثني أبي فذكره.

(*) وأخرجه البخاري (7/75) قال: حدثني حبان. قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عروة، أن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة.

وأخرجه أبو داود (2293) قال: حدثنا محمد بن كثير. قال: أخبرنا سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، أنه قيل لعائشة: ألم تري إلى قول فاطمة؟ قالت: أما إنه لا خير لها في ذكر ذلك.

ص: 125

5976 -

(م ط د ت س) فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قال أبو سلمة بن عبد الرحمن عنها: «إن أبا عمرو بن حفص طلَّقها أَلبَتَّةَ وهو غائب فأرسل إِليها وَكِيلُه بشعير، فَسَخِطَتْهُ، فقال: والله مالكِ علينا من شيء، فجاءت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذكرتْ ذلك له، فقال: ليس لكِ عليه نفقة، فأمرها أن تعتدَّ في بيت أم شَريك، ثم قال: تلك امرأة يَغْشَاها أصحابي، اعْتَدِّي عند ابن أُمّ مكتوم، فإنه رجل أعمى، تَضَعِين ثيابكِ، فإذا حَلَلْتِ فَآذِنيني، قالت: فلما حَلَلْت ذكرتُ له: أنَّ معاويةَ بن أبي سفيان، وأبا جَهم خَطَباني، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أمَّا أبو جَهْم فلا يضع عَصَاه عن عاتقه، وأما معاويةُ فَصُعْلوك لا مالَ له، انكحي أُسَامةَ بنَ زيد، فكرِهَته، ثم قال: انكحي أسامةَ، فَنكَحته، فجعلَ الله فيه خيراً، واغْتَبَطت» .

وفي رواية عنها: «أنه طلّقها زوجها في عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وكان أَنْفَق عليها نفقة دُوناً، فلما رَأَتْ ذلك قالت: والله لأُعْلِمَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فإن كانت لي نفقة أَخذتُ الذي يُصلِحُني، وإن لم يكن لي نفقة لم آخذْ منه شيئاً، قالت: فذكرتُ ذلك لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا نَفَقَة لكِ، ولا سُكْنى» .

⦗ص: 129⦘

وفي أخرى «أن فاطمةَ بنت قيس - أخت الضحاكِ بن قيس - أخبرتْه أن أبا حفص بنَ المغيرة المخزوميَّ طلّقها ثلاثاً، ثم انطلق إلى اليمن، فقال لها أهلُه: ليس لك علينا نفقة، فانطلق خالدُ بنُ الوليد في نَفَر، فَأَتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونةَ، فقالوا: إن أبا حفص طلق امرأته ثلاثاً، فهل لها من نفقة؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ليست لها نفقة، وعليها العدَّة، وأرسل إليها: [أن] لا تَسْبِقِيني بنفسكِ، وأمرها أن تنتقل إلى أم شريك، ثم أرسل إليها: أنَّ أُمَّ شريك يأتيها المهاجرون الأوَّلون، فانطلقي إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فإنكِ إِذا وَضَعْتِ خِمَارَكِ لم يَركِ، فانطلقت إِليه، فلما مضت عِدَّتُها أنكحها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أسامةَ بنَ زيد بن حارثة» .

وفي أخرى «أن فاطمةَ أخبرته: أنها كانت تحتَ أبي عمرو بن حفص بن المغيرة، وطَلقها آخِرَ ثلاثِ تطلِيقات، فزعمت أنها جاءتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه في خروجها من بيتها، فأمرها أن تنتقلَ إلى ابن أُم مكتوم الأعمى، فأبى مروانُ أن يُصدِّقَهُ في خروج المطلَّقةِ من بيتها، وقال عروة: إِن عائشةَ أنكرتْ ذلك على فاطمةَ بنت قيس» .

وفي رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن، فأرسل إلى امرأته فاطمةَ بنتِ قيس بتطليقة [كانت] بَقيَتْ من طلاقها، فأمر لها الحارث بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة

⦗ص: 130⦘

بنفقة، فقالا لها: والله ما لكِ نفقة، إلا أن تكوني حاملاً، فأتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكرت له قولَهما، فقال: لا نَفقةَ لكِ، فاستأذنتْه في الانتقال، فأذِنَ لها، فقالتْ: أين يا رسولَ الله؟ فقال: إلى ابن أُمِّ مكتوم - وكان أعمى - تضع ثيابها عنده، ولا يراها، فلما مضت عِدَّتُها أَنكَحَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم أسامةَ بن زيد، فأرسلَ إِليها مَرْوانُ قَبيصةَ بنَ ذُؤَيب يسألُها عن الحديث؟ فحدَّثتْه به، فقال مروانُ: لم نَسْمَعْ هذا الحديث إلا من امرأة، سنأخذ بالعصمة التي وجدْنا الناس عليها، فقالت فاطمةُ - حين بلغها قولُ مروانَ - فَبَيني وبينَكم القرآنُ، قال الله عز وجل:{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلَاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلكَ حُدُودُ الله وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه لا تَدْرِي لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} [الطلاق: 1] قالت: هذا لمن كانت له مُرَاجعة، فأيُّ أَمر يحدُثُ بعد الثلاث؟ فكيف تقولون: لا نفقةَ لها إذا لم تكن حاملاً؟ فَعلامَ تحبسونها؟» . قال الحميديُّ: قال أبو مسعود الدمشقيُّ: حديثُ عبيد الله بن عبد الله [بن عتبة] بقصة طلاق فاطمة مرسل.

وفي رواية الشعبيِّ قال: «دخلتُ على فاطمةَ بنتِ قيس، فسألتُها عن قضاءِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عليها؟ فقالت: طَلّقَها زوجُها البَتَّةَ، قالت: فخاصمتهُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في السُّكْنى والنفقة، قالت: فلم يجعلْ لي سُكنى ولا

⦗ص: 131⦘

نفقة، وأمرني أَنْ أَعْتَدَّ في بيت ابن أُمِّ مكتوم» .

وفي أخرى عنه قال: «دخلنا على فاطمةَ بنتِ قيس، فأتْحَفَتْنَا برُطَبِ ابنِ طاب، وَسَقَتْنَا سَوِيقَ سُلْت، فسألتُها عن المطلقة ثلاثاً: أين تعتدُّ؟ قالت: طلقني بَعلي ثلاثاً، فأذن لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَن أَعتدَّ في أهلي» .

وله في أخرى قالت فاطمةُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في المطلقة ثلاثاً -: «ليس لها سكنى ولا نفقة» .

وفي رواية له عن فاطمةَ قالت: «طلّقني زوجي ثلاثاً، فأَرَدْتُ النُّقْلةَ، فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: انْتَقِلي إلى بيتِ ابنِ عَمِّكِ عمرو بنِ أُمِّ مكتوم [فاعْتدِّي عنده] » .

وفي رواية أبي إسحاق قال: «كنتُ مع الأسودِ بن يزيد جالساً في المسجد الأعظم، ومعنا الشعبيُّ، فحدَّثَ الشعبيُّ بحديثِ فاطمةَ بنتِ قيس: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لم يجعلْ لها سُكنى، ولا نفقة، فأخذ الأسودُ كَفّاً من حصى، فَحَصَبه به، وقال: ويلك، تُحدِّثُ بمثل هذا؟ قال عمر: لا نتركُ كتابَ الله وسُنّةَ نبيِّنا لقولِ امرأة، لا ندري لعلَّها حَفِظَتْ، أم نَسِيتْ؟ لها السكنى، والنفقةُ، قال الله عز وجل: {لا تُخْرِجُوهنَّ من بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إلَاّ أنْ يَأتِينَ بفاحِشةٍ مُّبيِّنة} [الطلاق: 1] » .

وفي رواية أبي بكر بن أبي الجهم قال: «سمعتُ فاطمةَ بنتِ قيس

⦗ص: 132⦘

تقول: إِنَّ زوجَها طلّقها ثلاثاً، فلم يجعلْ لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سكنى، ولا نفقةَ، قالت: قال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إذا حَلَلْتِ فآذِنيني، فآذَنْتهُ، فخطبها معاويةُ، وأبو جهم، وأسامةُ بنُ زيد، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أمَّا معاويةُ فرجل تَرِب، لا مال له، وأما أبو جهم: فرجل ضَرَّاب للنساء، ولكنْ أُسامة، فقالتْ بيدها هكذا، أسامةُ، أسامةُ؟ فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: طاعةُ الله، وطاعةُ رسوله خير لكِ، قالت: فتزوجتُ (1) ، فاغْتَبَطتُ» .

وله في أخرى قال: سمعتُ فاطمةَ بنتَ قيس تقول: «أرسل إليَّ زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عيّاشَ بن أبي ربيعة بطلاقي، وأرسل معه بخمسةِ آصُعِ تمر، وخمسةِ آصعِ شعير، فقلت: أما لي نفقة إلا هذا، ولا أعتدُّ في منزلكم؟ قال: لا، قالت: فشددتُ عليَّ ثيابي، وأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كم طلقكِ؟ قلت: ثلاثاً، قال: صَدَقَ، ليس لكِ نفقة، اعتدِّي في بيت ابنِ عَمِّكِ ابنِ أُمِّ مكتوم، فإنه ضرير البصر، تُلْقِينَ ثَوْبَكِ عنده، فإذا انقضَت عِدَّتُك فآذنيني، قالت: فخطبني خُطَّاب منهم معاويةُ، وأبو الجهم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ معاويةَ تَرِب، خفيفُ الحال، وأبو الجهم: منه شِدَّة على النساء - أو يضرب النساء، أو نحو هذا - ولكن عليكِ بأسامةَ بن زيد» .

وفي أخرى قال: «دخلتُ أنا وأبو سلمةَ بنُ عبد الرحمن على فاطمةَ

⦗ص: 133⦘

بنت قيس، فسألناها؟ فقال: كنت عند أبي عمرو بنِ حفص بن المغيرة، فخرج في غزوة نَجْرَانَ

» وساق الحديث.

وزاد: «قالت: فَتزوَّجتُه، فشرَّفني الله بابن زيد، وكرَّمني بابن زيد (2) » .

وفي أخرى «دخلتُ أنا وأبو سلمةَ على فاطمةَ بنت قيس، زمنَ ابنِ الزُّبير، فحدَّثتْنَا: أنَّ زوجَها طلَّقها طلاقاً بَاتاً

» وذكر الحديث.

وفي رواية البهيِّ عن فاطمةَ قالت: طلقني زوجي ثلاثاً، فلم يجعلْ لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سكنى، ولا نفقة. هذه جميعها روايات مسلم.

وأخرج الموطأ الرواية الأولى، وقال:«فاغْتبطتُ به» .

وأخرج أبو داود الأولى، ونحوَ الثالثةِ والرابعةِ، والخامسةِ، وقال في أول الخامسة: عن عبيد الله، قال: «أرسلَ مَرْوَانُ إلى فاطمةَ فسألها؟ فأخبرتْهُ: أنَّها كانت عند أبي حفص، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَّرَ عليَّ بنَ أبي طالب على بعض اليمن - فخرج معه زوجها

» وذكره، وقال بعد الرابعة: وكذلك رواه الشعبيُّ، والبهيُّ، وعطاء عن عبد الرحمن بن عاصم، وأبو بكر بن أبي الجهم، كُلُّهم عن فاطمةَ بنتِ قيس:«أنَّ زوجها طلّقها ثلاثاً» .

وله في أخرى «أن زوجَها طلقها ثلاثاً، فلم يجعل لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم نفقة ولا سكنى» .

وله في أخرى عن أبي إسحاق قال: «كنتُ في المسجد الجامع مع

⦗ص: 134⦘

الأسود، فقال: أتتْ فاطمةُ بنتُ قيس عمرَ بن الخطاب، فقال: ما كنَّا لِنَدَعَ كتابَ رَبِّنا وسُنّةَ نبيِّنا صلى الله عليه وسلم لقولِ امرأة، لا ندري أَحَفِظَتْ أم لا» .

وأخرج الترمذي رواية الشعبيِّ الأولى.

وله في أخرى قال الشعبيُّ: قالت فاطمة بنت قيس: طلَّقني زوجي ثلاثاً، على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لا سكنى، ولا نفقة، قال مغيرةُ: فذكرته لإبراهيم، فقال: قال عمر: لا ندع كتاب الله وسنَّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم بقول امرأة لا ندري أَحَفِظت أم نَسِيَتْ، وكان عمر يجعل لها السكنى والنَفقةَ.

وله في أخرى عن أبي بكر بن أبي الجهم قال: «دخلتُ أنا وأبو سلمة بنُ عبد الرحمن على فاطمةَ بنتِ قيس، فحدَّثَتْ: أَنَّ زوجَها طلَّقها ثلاثاً، ولم يجعلْ لها سكنى، ولا نفقة، قالت: ووضع لي عشرةَ أقْفِزَة عند ابن عم له، خمسةُ شعير، وخمسةُ بُرّ (3) ، قالت: فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك، قالت: فقال: صَدَقَ، فأمرني أن أعتدّ في بيت أمِّ شريك، ثم قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إن بيتَ أُمِّ شريك بيت يغشاه المهاجرون، ولكن اعتدِّي في بيت ابنِ أُمِّ مكتوم، فعسى أنْ تُلْقي ثيابَكِ فلا يراكِ، فإذا انقضتْ عِدَّتُكِ فجاء أحد يخطُبُكِ فآذنيني، فلما انقضت عِدَّتي خطبني أبو جهم، ومعاويةُ، قالت: فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ له ذلك، فقال: أمَّا معاويةُ: فرجل لا مال له، وأما أبو جهم: فرجل شديد على النساء، قالت: فخطبني أسامةُ بنُ زيد، فتزوَّجني، فبارك الله لي في أُسامةَ» .

⦗ص: 135⦘

قال الترمذي: وقد رواه سفيان [الثوري] عن أبي بكر بن أبي الجهم نحو هذا الحديث، وزاد فيه:«فقال لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: انكحي أُسامةَ» ، حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم بهذا.

وأخرج النسائي الرواية الأولى، والثالثة إِلى قوله:«ليس لها نفقة» ، وزاد:«ولا سكنى» . وأخرج الرابعة.

وأخرج في أخرى عن عبد الرحمن بن عاصم: «أن فاطمةَ بنتَ قيس أخبرْته - وكانت عند رجل من بني مخزوم - أنه طلَّقها ثلاثاً، وخرج عنها إِلى بعض المغازي، وأمر وكيلَه أن يُعطِيَها بعضَ النفقة، فَتَقَالَّتْها، فانْطلقتْ إلى بعض نساء النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فدخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهي عندها، فقالت: يا رسول الله، هذه فاطمةُ بنتُ قيس طلّقها فلان، فأرسل إليها ببعض النفقة، فردَّتْها، وزعم أنه شيء تَطَوَّل به، قال: صَدَقَ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: فَانْتَقِلي إلى أمِّ كلثوم فاعتدّي عندها، ثم قال: إنَّ أمَّ كلثوم امرأة يَكْثُرُ عُوَّادُها، فانتقلي إلى عبد الله بنِ أمِّ مكتوم، فإنه أعمى، فانتقلت إلى عبد الله فاعتدّتْ عنده، حتى انقضت عِدَّتُها، ثم خطبها أبو الجهم، ومعاويةُ بن أبي سفيان، فجاءتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تستأمِرُه فيهما، فقال: أمَّا أبو الجهم، فرجل أخافُ عليكِ قَسْقَاسَتَه، وأما معاويةُ: فرجل أمْلَقُ من المال، فتزوَّجتْ أسامةَ بنَ زيد بعد ذلك» .

وله في أخرى قالت: «طَلَّقَني زوجي ثلاثاً، وكان يرزقني طعاماً فيه

⦗ص: 136⦘

شيء، فقلت: والله لئن كانت لي النفقةُ والسكنى لأطلبنَّها، ولا أقبلُ هذا، فقال الوكيل: ليس لكِ سكنى ولا نفقة، فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له، فقال: ليس لكِ سكنى ولا نفقة، فاعتدِّي عند فلانة، قال: وكان يأتيها أصحابُه، ثم قال: اعتدِّي عند ابن أُمِّ مكتوم، فإنه أعمى فإذا حَلَلْتِ فآذنيني، قالت: فلما حَلَلْت آذنتُه، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَن خَطبَكِ؟ قلتُ: معاويةُ ورجل آخر من قريش، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أمَّا معاويةُ: فإنه غلام مِن غِلمانِ قريش لا شيءَ له، وأما الآخَرُ: فإنه صاحبُ شرّ لا خير فيه، ولكن انكِحِي أسامةَ، قالت: فكرهتُهُ، فقال لها ذلك ثلاث مَرَّاتِ، فنكحتهُ» .

وله في أخرى عن عروةَ عنها قالت: «قلتُ: يا رسولَ الله، زوجي طلَّقني ثلاثاً، وأخاف أن يُقْتَحَم عليَّ، فأمرَهَا فتحوَّلت» .

وفي أخرى عن الشعبيِّ عنها قالت: «طَلَّقني زوجي، فأردتُ النُّقْلةَ، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: انْتَقِلي إلى بيت ابنِ عَمِّكِ عمرو بنِ أُمِّ مكتوم فاعتدِّي فيه، فحصبه الأسودُ، وقال: ويلكَ، لم تُفتي بمثل هذا؟ قال عمر: إن جئْت بشاهدين يشهدان: أنهما سمعاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإِلا لم نتركْ كتابَ الله لقولِ امرأة: {لا تخرجوهنَّ من بيوتهنَّ ولا يَخْرُجْنَ إِلا أن يَأتِينَ بِفَاحشةٍ مُّبيِّنةٍ} [الطلاق: 1] » .

⦗ص: 137⦘

وله في أخرى عن أبي بكر بن حفص - هكذا جاء في كتاب النسائي: ابن حفص، وإنما هو: ابن أبي الجهم - قال: «دخلت أنا وأبو سلمةَ على فاطمةَ بنت قيس، قالت: طَلَّقني زوجي، فلم يجعلْ لي سكنى ولا نفقة، قالت: فوضع لي عشرة أقْفِزَة عند ابنِ عمّ له: خمسةَ شعير، وخمسةَ تمر، فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له ذلك، فقال: صَدَقَ، وأمرني أن أعتدَّ في بيت فلان، وكان زوجُها طلَّقها طلاقاً بائناً» .

وله في أخرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: «أن عبد الله بن عمرو بن عثمان طلَّق ابنةَ سعيد بن زيد - وأُمُّها حَمْنَةُ (4) بنت قيس - الْبَتَّةَ فأمرتْها خالتُها فاطمةُ بنت قيس بالانتقال من بيت عبد الله بنِ عمرو، وسمع بذلك مَرْوَانُ، فأرسل إليها، فأمرها أن ترجعَ إِلى مسكنها حتى تنقضيَ عِدَّتُها، فأرسلت إليه تُخبره: أنَّ خالتَها فاطمةَ أفْتَتها بذلك، وأخْبَرتْها أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أفتاها بالانتقال حين طَلَّقها أبو عمرو بنُ حفص المخزوميُّ، فأرسل مَرْوَانُ قَبِيْصَةَ بن ذؤيب إلى فاطمةَ، فسألها عن ذلك؟ فزعمت: أنها كانت تحت أبي عمرو، ولمَّا أمَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليَّ بنَ أبي طالب على اليمن خرج معه، فأرسل إِليها بتطليقة وهي بقيّة طلاقها، وأمر لها الحارث بن هشام وعَيَّاش بن أبي ربيعة بنفقتها، فأرسلت إِلى الحارث بن هشام، وعيَّاش تسألهما النفقةَ التي أمر لها بها زوجُها، فقالا: والله ما لها علينا نفقة، إلا

⦗ص: 138⦘

أن تكونَ حاملاً، وما لها أن تسكنَ في مسكننا إِلا بإذننا، فزعمت فاطمةُ: أنَّها أتت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فصدَّقهما، قالت: فقلت: أين أنتقلُ يا رسول الله؟ قال: انتقلي عندَ ابنِ أُمِّ مكتوم - وهو الأعمى الذي عاتبه الله عز وجل في كتابه [من أجله]- فانتقلت عنده، فكنت أضع ثيابي عنده، حتى أنكحَهَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زعمتْ أُسامةَ بنَ زيد» .

وله في أخرى «أن عبد الله بنَ عمرو بن عثمان طلّق - وهو غلام شابّ - في إِمارَةِ مَرْوانَ ابنةَ سعيدِ بنِ زيد - وأُمُّها بنتُ قيس - الْبَتَّةَ، فأَرسلت إليها خالَتُها بنتُ قيس تأمرها بالانتقال من بيت عبد الله بن عمرو، وسمع بذلكَ مَرْوانُ، فأرسل إِلى ابنةِ سعيد يأمرُها أن ترجعَ إلى مسكنها، وسألها ما حملها على الانتقال من قبل أن تعتدَّ في مسكنها حتى تنقضي عدتها؟ وأرسلت إليه تخبره: أنَّ خالتَها أمرتْها بذلك، فزعمت فاطمةُ بنتُ قيس: أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص

وذكر الحديث

إلى قوله: قال: انتقلي عندَ ابنِ أُمِّ مكتوم الأعمى، الذي سمَّاه الله في كتابه، قالت فاطمة: فاعتددتُ عنده، وكان رجلاً قد ذهب بَصرُهُ، فكنتُ أضعُ ثيابي عِندَهُ، حتى أنكَحَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أُسامةَ بنَ زيد، فأنكر ذلك عليها مَرْوانُ، وقال: لم أسمعْ هذا الحديث من أَحد قبلكِ، وسآخذُ بالقضية التي وجدنا الناسَ عليها» .

⦗ص: 139⦘

وفي أخرى عن الشعبيِّ قال: حدَّثتني فاطمةُ بنتُ قيس قالت: «أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: أنا بنت آلِ خالد، وإنَّ زوجي فلاناً أرسل إِليَّ بطلاق، وإِني سأَلتُ أهلَهُ النفقةَ والسكنى؟ فَأَبَوْا عليَّ، قالوا: يا رسول الله، إنه أرسل إليها بثلاث تطليقات، قالت: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِنما النفقةُ والسكنى للمرأة إِذا كان لزوجها عليها الرجعةُ» .

وله في أخرى عن أبي بكر بن أبي الجهم قال: سمعت فاطمةَ بنت قيس تقول: «أَرسل إليَّ زوجي بطلاقي، فشددتُ عليَّ ثيابي، ثم أتيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كَم طَلَّقكِ؟ فقلت: ثلاثاً، فقال: ليس لكِ نفقة، واعتدِّي في بيت ابنِ عَمِّكِ ابنِ أُمِّ مكتوم، فإنه ضرير البصر، تُلْقِينَ ثيابَكِ عنده، فإذا انقضت عِدَّتُكِ فآذنيني» .

وله في أخرى مختصراً، قالت - في المطلقة ثلاثاً -:«ليس لها سكنى ولا نفقة» .

وفي أخرى عن الشعبيِّ: أنه سمع فاطمةَ بنتَ قيس - وكانت من المهاجرات الأُوَل – قالت: «خطبني عبد الرحمن بنُ عوف في نفر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وخطبني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على مولاه أُسامةَ بنِ زيد، وقد كنت حُدِّثت: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحبَّني فليُحبَّ أُسامةَ، فلما كلَّمني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قلتُ: أمري بيدِكَ، فَأنكِحني مَنْ شِئْتَ:

⦗ص: 140⦘

فقال: انطلقي إلى أمِّ شريك - وأُمُّ شريك امرأة غَنِيَّة من الأنصار - عظيمةُ النَّفَقةِ في سبيل الله، ينزل عليها الضِّيفان، فقلت: سأفعل، فقال: لا تفعلي، فإنَّ أُمَّ شريك كثيرةُ الضيفان، وإِني أكرهُ أن يَسقُطَ خِمَارُكِ، أو ينكشفَ الثوبُ عن ساقَيْكِ، فيرى القومُ منكِ بعضَ ما تكرهين، ولكن انتقلي إلى ابنِ عَمَّكِ عبد الله بنِ عمرو بن أُمِّ مكتوم - وهو رجل من بني فِهْر - فانتقلت إليه» مختصر.

قد أطلنا في إخراج روايات هذا الحديث، ولعلَّ ما فيها روايتان تتفقان، بل في كلِّ واحدة منها شيء ليس في الأخرى، فلأجل ذلك أوردناها (5) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فاغتبطت) الغِبْطة: الفرح والسرور بالشيء.

(يقتحم) الاقتحام: الدخول على الشيء بغتة والوقوع فيه.

(بفاحشة) الفاحشة: الزنا، وأراد: فعلاً شنيعاً.

(يغشاها) فلان يغشاه الناس: إذا كانوا يأتونه ويقصدون منزله كثيراً.

⦗ص: 141⦘

(فآذِنْيني) آذَنْتُه بالشيء: أعلمتُه به إيذاناً، فأنا مُؤْذِن.

(فلا يضع عصاه عن عاتقه) أراد: التأديب والضرب، وقيل: أراد به: كثرة الأسفار عن وطنه، يقال: رفع الرجل عصاه: إذا سافر، ووضع عصاه: إذا نزل وأقام.

(العصمة) : ما يتمسك به من أحكام الشرع.

(أتحفتنا برُطَب ابن طابٍ) التحفة: الهدية، ورطب ابن طاب: نوع من أنواع الرطب بالمدينة معروف، ينسب إلى ابن طاب.

(سَويق سُلت) السُّلت: نوع من الحنطة والشعير لا قشر له.

(فحصَبه) حصبته: إذا رجمته بالحصا والحجارة.

(تَرِب) التَّرِب: الذي لا مال له، تَرِب الرجل: إذا افتقر، وأتْرَب: إذا استغنى.

(آصُع) الصاع معروف، وجمعه في القلة: آصع.

(فَتَقالَّتْها) تَقالَّ الشيء: إذا اسْتَقلّه وعدَّه قليلاً.

(قَسْقَاسَته) القسقاسة بالسينين المهملتين وبالقافين: العصا، قاله الأزهري.

(أمْلق) الرجل: إذا افتقر، فهو مُمْلِق.

(ضرير البصر) الضرارة: ذهاب البصر، ورجل ضرير: إذا كان أعمى.

(1) وفي نسخ مسلم المطبوعة: فتزوجته.

(2)

وفي بعض النسخ: بأبي زيد، وكلاهما صواب، وهي كنية أسامة بن زيد.

(3)

في نسخ الترمذي: خمسة شعيراً، وخمسة براً.

(4)

كذا في الأصل والمطبوع: حمنة بن قيس، والصواب: حزمة بنت قيس كما في " الإصابة ".

(5)

رواه مسلم رقم (1480) في الطلاق، باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها، والموطأ 2 / 580 و 581 في الطلاق، باب ما جاء في نفقة المطلقة، وأبو داود رقم (2284) و (2285) و (2286) و (2287) و (2288) و (2289) و (2290) و (2291) في الطلاق باب نفقة المبتوتة، وباب من أنكر ذلك على فاطمة، والترمذي رقم (1135) في النكاح، باب ما جاء لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، ورقم (1180) في الطلاق، باب رقم (5) ، والنسائي 6 / 74 في النكاح، باب خطبة الرجل إذا ترك الخاطب أو أذن له، وفي الطلاق، باب الرخصة في الطلاق الثلاث، وباب الرخصة في خروج المبتوتة من بيتها في عدتها لسكناها، وباب نفقة البائنة، وباب نفقة الحامل المبتوتة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه مالك الموطأ صفحة (358) عن عبد الله بن يزيد، مولى الأسود بن سفيان وأحمد (6/412) قال: قرأت على عبد الرحمن بن مهدي: مالك عن عبد الله بن يزيد، مولى الأسود بن سفيان. وفي (6/412) قال: حدثنا إسحاق بن عيسى. قال: أخبرنا مالك، عن عبد الله بن يزيد، مولى الأسود بن سفيان، وفي (6/413) قال: حدثنا محمد بن جعفر. قال: حدثنا محمد بن عمرو. وفي (6/413) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق. قال: حدثني عمران بن أبي أنس، أخو بني عامر بن لؤي. وفي (6/414) قال: حدثنا يعقوب. قال: حدثني أبي، عن ابن إسحاق قال: وذكر محمد بن مسلم الزهري. وفي (6/415) قال: حدثنا حجاج. قال: حدثنا ليث، يعني ابن سعد. قال: حدثني عقيل بن خالد، عن ابن شهاب. وفي (6/416) قال: حدثنا روح. قال: حدثنا ابن جريج. قال: أخبرني ابن شهاب. ومسلم (4/195، 196، 197) قال: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك: عن عبد الله بن يزيد، مولى الأسود بن سفيان. (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد. قال: حدثنا عبد العزيز، يعني ابن أبي حازم، وقال قتيبة أيضا: حدثنا يعقوب، يعني ابن عبد الرحمن القاري.

كلاهما عن أبي حازم. (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد. قال: حدثنا ليث، عن عمران بن أبي أنس. (ح) وحدثني محمد بن رافع قال: حدثنا حسين بن محمد. قال: حدثنا شيبان، عن يحيى، وهو ابن أبي كثير. (ح) وحدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وابن حجر. قالوا: حدثنا إسماعيل، يعنون ابن جعفر، عن محمد بن عمرو (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا محمد بن بشر. قال: حدثنا محمد بن عمرو. (ح) وحدثنا حسن بن علي الحلواني وعبد بن حميد، جميعا عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد. قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب. (ح) وحدثنيه محمد بن رافع، قال: حدثنا حجين. قال: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب. وأبو داود (2284) قال: حدثنا القعنبي، عن مالك، عن عبد الله بن يزيد، مولى الأسود بن سفيان. وفي (2285) قال: حدثنا موسى ابن إسماعيل. قال: حدثنا أبان بن يزيد العطار. قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير. وفي (2286) قال: حدثنا محمود بن خالد. قال: حدثنا الوليد. قال: حدثنا أبو عمرو، عن يحيى. وفي (2287) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، عن إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن عمرو. وفي (2289) قال: حدثنا يزيد بن خالد الرملي. قال: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب. والنسائي (6/75) قال: أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، عن مالك، عن عبد الله بن يزيد. وفي (6/144) قال: أخبرنا عمرو بن عثمان. قال: حدثنا بقية، عن أبي عمرو، وهو الأوزاعي. قال: حدثنا يحيى. وفي (6/208) قال: أخبرنا محمد بن رافع. قال: حدثنا حجين بن المثنى. قال: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب. وفي الكبرى تحفة الأشراف (12/18038) عن قتيبة، عن ليث، عن عمران بن أبي أنس.

ستتهم - عبد الله بن يزيد، ومحمد بن عمرو، وعمران بن أبي أنس، وابن شهاب الزهري، وأبو حازم، ويحيى بن أبي كثير - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، فذكره.

(*) وأخرجه النسائي (6/74) قال: أخبرني حاجب بن سليمان. قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن الزهري ويزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (ح) وعن الحارث بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، أنهما سألا فاطمة بنت قيس عن أمرها، فذكراه.

ص: 128

5977 -

(د) ميمون بن مهران قال: قدمتُ المدينةَ فدفعت إلى سعيدِ بنِ المسيِّبِ، فقلت: فاطمةُ بنت قيس طُلِّقَت، فخرجت من بيتها، فقال سعيد:

⦗ص: 142⦘

تلك امرأة فَتَنَت الناسَ «إِنها كانت لَسِنة (1) ، فَوُضِعت على يدي ابنِ أُمِّ مكتوم الأعمى» . أخرجه أبو داود (2) .

(1) في المطبوع: بضم كلمة " لسنة " في آخرها، وهو خطأ.

(2)

رقم (2296) في الطلاق، باب من أنكر على فاطمة النفقة، وإسناده حسن.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أبو داود (2296) حدثنا أحمد بن يونس، ثنا زهير، ثنا جعفر بن برقان، ثنا ميمون بن مهران، قال. فذكره.

ص: 141

(1) قال الزرقاني: لمخالفة القرآن.

(2)

2 / 579 في الطلاق، باب ما جاء في عدة المرأة في بيتها إذا طلقت فيه، ورجاله ثقات.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/266) عن نافع فذكره.

ص: 142

(1) وهي: أخته.

(2)

من شدة ورعه.

(3)

2 / 580 في الطلاق، باب ما جاء في عدة المرأة في بيتها إذا طلقت فيه، وإسناده صحيح.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه مالك في الموطأ بشرح الزرقاني (3/266) عن نافع فذكره.

ص: 142

5980 -

(م د س) جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «طُلِّقَت خالتي، فأرادتْ أن تَجُدَّ نخلَها، فزجرها رجل أن تخرجَ، فأتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: بلى، فجُدِّي نَخْلَكِ، فإنكِ عسى أَن تَصَدَّقي أو تفعلي معروفاً» . أخرجه مسلم والنسائي.

وفي رواية أبي داود قال: «طُلِّقَت خالتي ثلاثاً، فخرجت تَجُدُّ نخلاً لها، فلقيها رجل فنهاها، فأتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: اخرجي، فجُدِّي نَخْلَكِ، لعلّكِ أن تَصدَّقي منه، أو تفعلي خيراً» (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(تجدَّ) جَدَّ النخل يَجُدّها جَدّاً وجِداداً: إذا قطع ثمرتها، ووقت الجداد: أي وقت قطع الأعذاق من النخيل.

(فزجرها) زجرت فلاناً: إذا نهيته عن فعل شيء تكرهه، والزجر: المنع.

(معروفاً) المعروف: الجميل والإحسان والبِرّ، يعني: أنها ربما تصدَّقت من ثمرها على أحد إذا هي جَدَّتْه.

(1) رواه مسلم رقم (1483) في الطلاق، باب جواز خروج المعتدة البائن والمتوفى عنها زوجها في النهار لحاجتها، وأبو داود رقم (2297) في الطلاق، باب في المبتوتة تخرج بالنهار، والنسائي 6 / 209 في الطلاق، باب خروج المتوفى عنها بالنهار.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أحمد (3/321) قال: حدثنا عبد الرزاق. والدارمي (2293) قال: أخبرني أبو عاصم، ومسلم (4/200) قال: حدثني محمد بن حاتم بن ميمون، قال: حدثنا يحيى بن سعيد (ح) وحدثنا محمد بن رافع، قال: حدثنا عبد الرزاق (ح) وحدثني هارون بن عبد الله، قال: حدثنا حجاج بن محمد. وأبو داود (2297) قال: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى بن سعيد. وابن ماجة (2034) قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا روح (ح) وحدثنا أحمد بن منصور، قال: حدثنا حجاج بن محمد. والنسائي (6/209) قال: أخبرنا عبد الحميد بن محمد، قال: حدثنا مخلد.

ستتهم - عبد الرزاق، وأبو عاصم، ويحيى، وحجاج، وروح، ومخلد - عن ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، فذكره.

ص: 143