المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌غزوة أنْمَار 6107 - (خ) جابر بن عبد الله رضي الله - جامع الأصول - جـ ٨

[ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات]

فهرس الكتاب

- ‌حرف العين

- ‌الكتاب الأول: في العِلْم

- ‌الفصل الأول: في الحث عليه

- ‌الفصل الثاني: في آداب العالم

- ‌الفصل الثالث: في آداب التعليم والتعلم

- ‌الفصل الرابع: في رواية الحديث ونقله

- ‌الفصل الخامس: في كتابة الحديث وغيره

- ‌جوازه

- ‌المنع منه

- ‌الفصل السادس: في رفع العلم

- ‌الكتاب الثاني: في العَفْو والمغفِرة

- ‌الكتاب الثالث: في العتق والتدبير، والكتابة، ومصاحبة الرقيق

- ‌الباب الأول: في مصاحبة الرقيق، وآداب الملكة

- ‌[النوع] الأول: في حسن الملكة

- ‌[النوع] الثاني: في العَفْو عنه

- ‌[النوع] الثالث: في الكُسْوة والطعام والرِّفْق

- ‌[النوع] الرابع: في الضرب

- ‌[النوع] الخامس: في القذف

- ‌[النوع] السادس: في التسمية

- ‌[النوع] السابع: فيمن أعتق جاريته وتزوجها

- ‌[النوع] الثامن: في العبد الصالح

- ‌[النوع] التاسع: في العبد الآبق

- ‌الباب الثاني: في العتق

- ‌الفصل الأول: في عتق المشترك

- ‌الفصل الثاني: في العتق عند الموت

- ‌الفصل الثالث: في عتق أُمّ الولد

- ‌الفصل الرابع: فيمن ملك ذا رحم

- ‌الفصل الخامس: فيمن مَثَّل بعبده

- ‌الفصل السادس: في العتق بشرط

- ‌الفصل السابع: في عتق ولد الزنا

- ‌الفصل الثامن: في العتق عن الميت

- ‌الفصل التاسع: في مال المُعْتَق وولده

- ‌الفصل العاشر: في أحاديث مفردة

- ‌الباب الثالث: في التدبير

- ‌الباب الرابع: في المكاتب

- ‌الكتاب الرابع: في العدَّة والاسْتبراء

- ‌الباب الأول: في مقدارهما

- ‌الفصل الأول: في عِدَّة المطلقة والمختلعة

- ‌الفصل الثالث: في الاستبراء

- ‌الباب الثاني: في أحكام المعتدَّات

- ‌الفصل الأول: في السكنى والنفقة

- ‌الفرع الأول: في المطلقة

- ‌الفرع الثاني: في المتوفى عنها

- ‌الفصل الثاني: في الإحْداد

- ‌الفصل الثالث: في أحكام متفرقة

- ‌الكتاب الخامس: في العاريَّة

- ‌الكتاب السادس: في العُمْرى والرُّقْبَى

- ‌حرف الغين

- ‌عدد غزوات النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌غزوة بدر

- ‌حديث بني النّضير

- ‌إجْلاء يهود المدينة

- ‌قتل كعب بن الأشرف

- ‌قتل أبي رافع: عبد الله بن أبي الحقيق

- ‌غزوة أحد

- ‌غزوة الرَّجيع

- ‌غزوة بئر معونة

- ‌غزوة فَزارة

- ‌غزوة الخندق، وهي الأحزاب

- ‌غزوة ذات الرِّقاع

- ‌غزوة بني المُصْطَلِق من خزاعة

- ‌غزوة أنْمَار

- ‌غزوة الحُدَيْبِيَة

- ‌غزوة ذي قَرَد

- ‌غزوة خَيْبر

- ‌عُمْرَة القَضَاء

- ‌غزوة مُؤتة من أرض الشام

- ‌بعث أسامة بن زيد

- ‌غزوة الفَتْح

- ‌غزوة حُنَين

- ‌غزوة أوطاس

- ‌غزوة الطائف

- ‌بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حَجَّة الوداع

- ‌قبل حجة الوداع

- ‌غزوة ذي الخَلَصة

- ‌غزوة ذات السلاسل

- ‌غزوة تَبُوك

- ‌الكتاب الثالث: في الغضب والغَيْظ

- ‌الكتاب الرابع: في الغَضْب

- ‌الكتاب الخامس: في الغيبة والنميمة

- ‌الكتاب السادس: في الغِنَاء واللَّهْو

- ‌الكتاب السابع: في الغَدْر

- ‌ترجمة الأبواب التي أولها غين، ولم ترد في حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌الكتاب الأول: في الفضائل والمناقب

- ‌الباب الأول: في فضائل القرآن والقراءة

- ‌الفصل الأول: في فضل القرآن مطلقاً

- ‌الفصل الثاني: في فضل سورة منه، وآيات مخصوصة

- ‌فاتحة الكتاب

- ‌البقرة وآل عمران

- ‌آية الكرسي

- ‌النساء

- ‌الكهف

- ‌يس

- ‌الدُّخَان

- ‌الواقعة

- ‌الحشر

- ‌تبارك

- ‌إذا زلزلت

- ‌الإخلاص

- ‌المعوذتان

- ‌سورة مشتركة

- ‌الفصل الثالث: في فضل القراءة والقارئ

- ‌الفصل الرابع: في أحاديث متفرقة

- ‌إبراهيم [عليه السلام] وولده

- ‌موسى [عليه السلام]

- ‌يُونُس [عليه السلام]

- ‌داود [عليه السلام]

- ‌سُلَيْمان [عليه السلام]

- ‌أيُّوب [عليه السلام]

- ‌عيسى [عليه السلام]

- ‌الخَضِر [عليه السلام]

- ‌التَّخْيير بين الأنبياء

- ‌الباب الثالث: في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ومناقبه

- ‌نوعٌ أول

- ‌نوعٌ ثالث

- ‌نوعٌ رابع

- ‌نوعٌ خامس

- ‌نوع سادس

- ‌نوعٌ سابع

- ‌نوعٌ ثامن متفرق

- ‌الباب الرابع: في فضائل الصحابة رضي الله عنهم ومناقبهم

- ‌الفصل الأول: في فضائلهم مجملاً

- ‌نوعٌ أول

- ‌نوعٌ ثان

- ‌نوعٌ ثالث

- ‌الفصل الثاني: في تفصيل فضائلهم ومناقبهم

- ‌الفرع الأول: فيما اشترك فيه جماعة منهم

- ‌نوعٌ أول

- ‌نوعٌ ثان

- ‌نوعٌ ثالث

- ‌نوعٌ رابع

- ‌نوعٌ خامس

- ‌نوعٌ سادس

- ‌نوعٌ سابع

- ‌الفرع الثاني: في فضائلهم على الانفراد، بذكر أسمائهم

- ‌القسم الأول: في الرجال، وأولهم:

- ‌أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه

- ‌عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌وهذه أحاديث جاءت مشتركة بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

- ‌عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه

- ‌عليُّ بن أبي طالب كرم الله وجهه

الفصل: ‌ ‌غزوة أنْمَار 6107 - (خ) جابر بن عبد الله رضي الله

‌غزوة أنْمَار

6107 -

(خ) جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في غزوة أنمار يُصَلّي على راحلته، متوجّهاً قِبَلَ المشرق، مُتطوعاً» . أخرجه البخاري (1) .

(1) رواه البخاري 7 / 333 في المغازي، باب غزوة أنمار، وفي القبلة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، وفي تقصير الصلاة، باب صلاة التطوع على الدواب، وباب ينزل للمكتوبة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (4140) حدثنا آدم، حدثنا ابن أبي ذئب، حدثنا عثمان بن عبد الله بن سراقة، عن جابر، فذكره.

ص: 286

‌غزوة الحُدَيْبِيَة

6108 -

(خ د) عروة بن الزبير رضي الله عنهما عن المِسْوَر بن

⦗ص: 287⦘

مَخْرَمَة ومَرْوان - يُصدِّق كلُّ واحد منهما حديث صاحبه - قالا: «خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم زَمَن الحُدَيْبِيَةِ، حتى إِذا كانوا ببعض الطريق قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ خالدَ بنَ الوليد بالغَمِيم في خيل لقريش طليعة، فخذوا ذاتَ اليمين، فوالله ما شَعَر بهم خالد، حتى إذا همَّ بقَتَرة الجيش، فانطلق يركُضُ نذيراً لقريش، وسار النبيُّ صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثَّنِيَّة التي يُهْبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به راحلتُهُ، فقال الناس: حَلْ حَلْ، فألَحَّتْ، فقالوا: خَلأَتِ القَصوَاءُ، خَلأَتِ القصواءُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ما خلأتِ القصواءُ، وما ذاك لها بخُلُق، ولكن حَبَسها حَابِسُ الفيل، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألوني خُطَّة يعظّمون فيها حُرُماتِ الله إلا أعطيتُهم إِياها، ثم زجرها، فوثَبَتْ، قال: فَعَدَلَ عنهم حتى نزل بأقصى الحُدَيبية على ثَمَد قليلِ الماء، يَتَبَرَّضُه الناسُ تَبرُّضاً، فلم يلبثِ الناسُ حتى نزحوه، وشُكِيَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطشُ، فانْتَزَع سهماً من كِنانَتِه، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالرّيِّ حتى صَدَرُوا عنه، فبينا هم كذلك إذْ جاءَ بُدَيلُ بنُ وَرْقَاءَ الخزاعيُّ في نفر من قومه من خُزاعةَ - وكانوا عَيْبَةَ نُصْحِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من أهل تِهامةَ - فقال: إني تركْتُ كَعْبَ بنَ لُؤيّ وعامرَ بن لؤيّ نزلوا أعدادَ مياه الحديبية، معهم العُوذُ المطَافِيل، وهم مقاتلوك، وصادُّوك عن البيت، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِنا لم نجئْ لقتالِ

⦗ص: 288⦘

أحد، ولكنا جئنا مُعتمِرين، وإنَّ قريشاً قد نَهَكَتْهُم الحربُ، وأضرَّتْ بهم، فإِن شاؤوا مَادَدْتُهم مُدَّة، ويُخَلُّوا بيني وبين الناس، فإن أَظْهرْ عليهم، فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جَمُّوا، وإن هم أَبَوا، فوالذي نفسي بيده لأقاتلنَّهم على أمري هذا، حتى تَنْفَرِدَ سَالِفَتي، ولَيُنْفِذَنَّ الله أمرَه، فقال بُديل: سأُبلِّغهم ما تقول، فانطلق حتى أتى قريشاً، فقال: إنا قد جئناكم من هذا الرجل، وقد سمعناه يقول قولاً، فإن شئتم أن نعرِضَهُ عليكم فَعَلْنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجةَ لنا أن تُخبرَنا عنه بشيء، وقال ذَوُو الرأي منهم: هاتِ ما سمعتَه يقول، قال: سمعتُه يقول كذا وكذا - فحدَّثهم بما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقام عروةُ بنُ مسعود، فقال: أي قوم، ألَسْتُم بالوالد؟ قالوا: بلى، قال: أَوَلَسْتُ بالولد؟ قالوا: بلى، قال: فهل تتَّهموني؟ قالوا: لا، قال: ألستم تعلمون أني اسْتَنْفَرْتُ أهلَ عُكاظ، فلما بَلَّحوا عليَّ جئتُكم بأهلي وولدي ومن أطاعَني؟ قالوا: بلى، [قال] : فإن هذا قد عرض عليكم خُطَّة رُشْد، اقْبلوها، ودعوني آتِهِ، قالوا: ائْتِهِ، فأتاه، فجعل يكلِّم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم نحواً من قوله لبُديل، فقال عروةُ عند ذلك: أيْ محمدُ، أرأيتَ إِن اسْتَأصَلْتَ أمر قومك، هل سمعتَ بأحد من العرب اجْتَاحَ أصلَه قَبْلَكَ؟ وإن تكن الأخرى، فإني واللهِ لأرَى وجوهاً، وإني لأرى أَوشاباً من الناس، لَخَلِيقاً أن يَفِرُّوا

⦗ص: 289⦘

ويَدَعُوكَ، فقال له أبو بكر: امْصُصْ بِبَظْرِ اللات، أنحنُ نَفِرُّ عنه وَنَدَعُهُ؟ فقال: مَن ذَا؟ قالوا: أبو بكر، فقال: أما والذي نفسي بيده، لولا يد كانت لكَ عندي لم أَجْزِك بها لأجبْتُك، قال: وجعل يكلِّم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فكلما كلَّمه أخذ بلحيته، والمغيرةُ بنُ شُعبةَ قائم على رأس النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومعه السيف، وعليه المِغْفَرُ، فكلما أهْوَى عروةُ بيده إلى لحيةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ضرب يدَه بنَعْل السيف، وقال: أَخِّرْ يَدَك عن لحية رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فرفع عُروةُ رأسَهُ، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة، فقال: أيْ غُدَرُ ألستُ أَسْعَى في غَدْرتِكَ؟ - وكان المغيرةُ صحب قوماً في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أمَّا الإسلامُ فأقبلُ، وأمَّا المالُ فلستُ منه في شيء - ثم إن عروةَ جعلَ يَرْمُقُ أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعينه، قال: فوالله ما تَنَخَّمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نُخامة إلا وقعتْ في كفّ رجل منهم فدَلَك بها وجهه وجِلْدَه، وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئه، وإذا تكلَّم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النظر تعظيماً له، فرجع عروةُ إلى أصحابه فقال: أي قوم، والله لقد وَفدتُ على الملوك، وَوَفَدْتُ على كسرى وقيصرَ والنجاشيِّ، والله إِنْ رأيتُ مَلِكا قَطُّ يُعظِّمُهُ أصحابُهُ ما يعظِّمُ أصحابُ محمدٍ محمداً، والله إِنْ تَنخَّم نُخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فَدَلَكَ بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على

⦗ص: 290⦘

وَضوئه، وإِذا تكلَّم خَفَضُوا أصواتَهم عنده، وما يُحِدُّون إِليه النظر تعظيماً له، وإنه قد عَرَضَ عليكم خُطَّةَ رُشْد فاقبلوها، فقال رجل من بني كِنانة: دعوني آتِه، فقالوا: ائْتِه، فلما أشرف على النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذا فلان، وهو من قوم يُعظِّمون البُدْنَ، فابعثوها له [فَبُعِثت له] واستقبله الناسُ يُلبّون، فلما رأى ذلك قال: سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاءِ أن يُصَدُّوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيتُ البُدْنَ قد قُلِّدَتْ وأُشْعِرَتْ، فما أرى أن يُصَدُّوا عن البيت، فقام رجل منهم يقال له: مِكْرَزُ بنُ حفص، فقال: دعوني آتِه، فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: هذا مِكْرَزُ بنُ حفص، وهو رجل فاجر، فجعل يكلِّم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فبينا هو يكلِّمه، [إذْ] جاء سُهيل بن عمرو - قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة: أنه لما جاء سهيل، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: قد سَهُل لكم من أمركم.

قال معمر: قال الزهريُّ في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو، فقال: هاتِ اكْتُبْ بيننا وبينك كتاباً، فدعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم الكاتب، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: أما الرحمن، فوالله ما أدري ما هو؟ ولكن اكتب: باسمك اللهم، كما كنتَ تكتبُ، فقال المسلمون: والله لا نكتُبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم اكتبْ: باسمك اللهم.

ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمد رسولُ الله، فقال

⦗ص: 291⦘

سهيل: والله لو كُنَّا نعلم أَنَّكَ رسولُ الله ما صَدَدْناكَ عن البيت، ولا قاتَلْناكَ، ولكن اكتب: محمدُ بنُ عبد الله، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: والله إني لرسولُ الله، وإن كذَّبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله - قال الزهريُّ: وذلك لقوله: لا يسألوني خُطّة يُعَظِّمون فيها حرمات الله إِلا أَعطيتُهم إياها - فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم: على أن تُخَلُّوا بيننا وبين البيت فنطوفَ به، فقال سهيل: والله لا تَتَحدَّثُ العربُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل: وعلى أنَّهُ لا يأتيك مِنَّا رَجُل - وإن كان على دِينِكَ - إلا رَدَدْتَه إلينا، قال المسلمون: سبحان الله! كيف يُرَدُّ إلى المشركين، وقد جاء مسلماً؟ فبينا هم كذلك، إذْ جاء أَبو جَنْدَل بنُ سُهيل بن عمرو يَرْسُفُ في قيوده، وقد خرج من أسفل مكةَ، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أُقاضيك عليه: أَنْ تردَّهُ إليَّ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إنا لم نَقْضِ الكتاب بعدُ، قال: فوالله إِذاً لا أُصالحك على شيء أبداً، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: فأجِزْه لي، قال: ما أَنا بمُجيزِهِ لك، قال: بلى [فافعل]، قال: ما أنا بفاعل، قال مِكْرَزُ بنُ حفص: بلى، قد أجزناهُ لكَ، قال أبو جندل: أيْ معشر المسلمين، أُرَدُّ إلى المشركين وقد جئتُ مسلماً؟ ألا تَرَوْنَ ما قد لقيتُ؟ - وكان قد عُذِّبَ عذاباً شديداً في الله - فقال عمرُ بنُ الخطاب: فأتيتُ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: ألستَ نبيَّ الله حقّاً؟ قال: بلى، قلتُ: أَلسنا

⦗ص: 292⦘

على الحقِّ وعدوُّنا على الباطل؟ قال: بلى، قلتُ: فلم نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في ديِننا إذاً؟ قال: إني رسولُ الله، ولستُ أعصيه، وهو ناصري، قلتُ: أو ليس كنتَ تحدِّثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، قال: فأخبرتُكَ أنكَ تأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومُطَّوِّف به، قال: فأتيتُ أبا بكر، فقلتُ: يا أبا بكر، أليس هذا نبيَّ الله حقّاً؟ قال: بلى، قلتُ: ألسنا على الحق، وعدُّونا على الباطل؟ قال: بلى، قلتُ: فلم نُعْطِي الدَّنيّةَ في دِيننا إذاً؟ قال: أيُّها الرجل، إنَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وليس يَعصي ربَّه، وهو ناصرُهُ، فاسْتَمْسِكْ بِغَرْزهِ، فواللهِ إنَّهُ على الحقِّ، قلتُ: أوَليس كان يحدِّثنا: أنَّا سنأتي البيتَ ونطوفُ بهِ؟ قال: بلى، أفأخبرَك أنه يأتيه العام؟ قلت: لا، قال: فإنك آتيه ومُطَّوِّف به؟ قال عمرُ: فَعَمِلْتُ لذلك أعمالاً، قال: فلما فرغ من قضية الكتاب، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قُوموا فانحروا، ثم احْلِقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يَقُمْ منهم أحد دخل على أُمِّ سَلَمَةَ، فذكر لها ما لَقيَ من الناس، قالتْ أُمُّ سلمةَ: يا نبيَّ الله، أَتُحِبُّ ذلك؟ اخرج، ولا تكلِّم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَكَ، وتدعو حَالِقَكَ فيحلقك، فخرج فلم يكلِّم أحداً منهم حتى فعل ذلك، نحرَ بُدْنَه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك، قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يَحْلِقُ بعضاً، حتى كادَ بعضُهم يقتُل بعضاً غمّاً، ثم جاءه نِسوة مؤمنات، فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا

⦗ص: 293⦘

إذَا جَاءَكُم المؤمِناتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بإيمانِهِنَّ فإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ ولا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهم ما أنفقوا ولا جُنَاح عليكم أن تنكحوهن إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ولا تُمْسِكُوا بعِصَمِ الكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] فطلَّق عمرُ يومئذ امرأتين كانتا له في الشِّركِ، فتزوج إحداهما معاويةُ بنُ أبي سفيان، والأخرى صفوانُ بن أُميَّةَ، ثم رجع النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بَصير - رجل من قُريش - وهو مسلم، فأرسَلوا في طلبه رَجُلَيْنِ، فقالوا: العَهْدَ الذي جعلتَ لنا، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به، حتى بلغَا ذا الحُلَيفةِ، فنزلوا يأكلون من تَمْر لهم، فقال أَبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سَيْفَكَ هذا جَيِّداً، فاستلَّهُ الآخَرُ، فقال: أجَلْ، والله إنه لَجيِّد، لقد جَرَّبتُ به، ثم جَرَّبتُ، فقال أبو بصيرُ: أرني أنظرْ إليه، فأمكنَه منه، فضربه حتى برد، وفرَّ الآخرُ حتى أتى المدينةَ، فدخل المسجدَ يعدُو، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين رآه: لقد رأى هذا ذُعْراً، فلما انتهى إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: قُتِل والله صاحبي، وإني لمقتول، فجاء أبو بصير، فقال: يا نبيَّ الله، قد [والله] أوْفَى الله ذِمَّتَكَ، قد رددتني إِليهم، ثم أنجاني الله منهم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ويلُ امِّه، مِسْعَرُ حَرْب، لو كان له أحد، فلما سمع ذلك عَرَفَ أنه سَيَرُدُّه إليهم، فخرج حتى أتى سِيفَ البحر، قال: وينفلتُ منهم أبو جَنْدل بنُ سهيل فلحق بأبي بصير، فكان لا يخرج من

⦗ص: 294⦘

قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعتْ منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بِعِير خرجتْ لقريش إلى الشام، إلا اعترضوا لها، فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، تُنَاشِدُهُ الله والرَّحِمَ لما أرسل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمن، فأرسل النبيُّ صلى الله عليه وسلم[إليهم]، فأنزل الله عز وجل:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُم وَأَيْدِيَكُم عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً. هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكمْ عَنِ المَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَديَ مَعْكُوفاً أنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤمِنُونَ ونِسَاءٌ مُؤمِنَاتٌ لَمْ تعلموهم أَنْ تَطَؤوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ في رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً. إِذْ جَعلَ الَّذينَ كَفَرُوا في قُلوبِهِمُ الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجَاهِليَّةِ} [الفتح: 24 - 26] وكانت حَمِيَّتُهمْ: أَنَّهُم لم يُقِرُّوا أنه نبيُّ الله، ولم يُقِرُّوا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت» .

وقال عُقَيل عن الزهري: قال عروةُ: فأخبرتني عائشةُ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم «كان يمتحنُهنَّ» .

وبلغنا (1) أنه لما أَنْزَلَ الله أن يَرُدُّوا إلى المشركين ما أنفقوا على مَنْ هاجر من أزواجهنَّ (2) وحكم على المسلمين أن لا يُمْسِكوا بِعِصَمِ الكوافِر: أنَّ

⦗ص: 295⦘

عُمر طلَّق امرأتين: قُرَيبَةَ بنتَ أبي أميَّةَ، وابنةَ جَرْول الخزاعيِّ، فتزوجَ قُرَيبةَ معاويةُ، وتزوج الأُخرى أبو جَهْم، فلما أبى الكفارُ أن يُقرُّوا بأداء ما أنفق المسلمون على أزواجهم، أنزل الله عز وجل {وَإن فَاتَكُم شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُم إِلى الكفَّار فَعَاقَبْتُمْ} [الممتحنة: 11] ، والعَقِبُ: ما يُؤدِّي المسلمون إِلى مَن هاجرت امرأتُه من الكفار، فأمَرَ أن يُعطَى مَن ذهب له زوج من المسلمين ما أنفقَ من صَدَاقِ نِسَائه الكفارِ اللاتي هاجرن، وما نعلم أحداً من المهاجرات ارتدت بعد إيمانها.

قال: وبلغنا: «أن أبا بصير بن أَسِيد الثقفي قَدِمَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مؤمناً مُهَاجراً في المدة، فكتبَ الأخنسُ بنُ شَريق إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يسأَله أبا بصير

» فذكر الحديث.

وفي رواية: أن عروةَ سمع مَرْوان والمِسْور يُخْبِرَان عن أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لما كاتبَ سُهيلُ بنُ عمرو يومئذ، كان فيما اشترط سُهَيْل على النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنه لا يأتيكَ مِنَّا أَحَد وإن كان على دِينكَ إِلا رددتَه إِلينا، وخلَّيتَ بيننا وبينه، فكره المؤمنون ذلك، وامتعضوا منه، وأبى سُهَيْل إلا ذلك، فكاتبه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على ذلك، فردَّ يومئذ أبا جندل إلى أبيه سُهيْلِ بن عمرو، ولم يأتِهِ أحد من الرجال إلا رَدَّهُ في تلك المدَّةِ وإن كان مسلماً،

⦗ص: 296⦘

وجاء المؤمناتُ مهاجرات، وكانت أمُّ كلثوم بنتُ عُقبةَ بن أبي مُعيط ممن خرج إِلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وهي عاتق، فجاء أهلُها يسألون النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يَرْجِعَها إليهم، فلم يَرْجِعْها إليهم، حتى أنزل الله فيهنَّ {إذَا جَاءَكم المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بإِيمَانِهِنَّ فإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] .

قال عروةُ: فأخبرتْني عائشةُ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنُهنَّ بهذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إذَا جَاءكُمُ المُؤمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بإِيمَانِهِنَّ فإنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ علَيْكمْ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُم بَيْنَكمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إلَى الكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبتْ أزْوَاجُهُمْ مِثلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ. يَا أَيُّهَا النَّبيُّ إذَا جَاءكَ المُؤْمِناتُ يُبَايِعْنكَ على أنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ ولا يَزْنِينَ ولا يَقْتُلْنَ

⦗ص: 297⦘

أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَينَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينكَ في مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ واسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 10 - 12] .

قال عروة: قالت عائشة: فمن أقرَّت بهذا الشرط منهنَّ، قال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قد بايعتُكِ كلاماً يُكلّمها به، والله ما مَسَّتْ يَدُه يدَ امرأة قَطُّ في المُبايعة، ما بايعهنَّ إِلا بقوله» .

وفي رواية عبد الرزاق مختصرة من حديث المسور وحدَه «أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نحر قَبْلَ أن يَحْلِقَ، وأمر بذلك أصحابه» .

وفي رواية عن عروة «أنه سمع مَرْوَانَ والمِسْوَرَ يخبِران خبراً من خَبَرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية

فذكر نحو الرواية التي قبلها» ولم يقل: «عن أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم» .

وفي حديث سفيان الذي ثبَّته فيه معمر عن الزهريِّ: أنَّ المسورَ بن مخرمةَ ومَروانَ - يزيدُ أحدُهما على صاحبه - قالا: «خرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في بضع عشرةَ مائة من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلما أَتى ذَا الحليفةَ قَلَّدَ الهدْيَ وأشْعَرْهُ، وأحرم منها بعمرة، وبعث عَيْناً له من خُزاعة، وسار النبيُّ صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان بغدِير الأشظاظ (3) تلقَّاه عَينُه، فقال: إن قريشاً جمعوا لكَ جموعاً، وقد جمعوا لك الأحابيشَ، وهم مُقاتِلوكَ، وصادُّوكَ عن البيتِ

⦗ص: 298⦘

ومانِعوك، فقال: أَشيروا أيُّها الناس عليَّ، أتَرون أن أميلَ على عيالهم وذراريِّ هؤلاء الذين يريدون أن يَصُدُّونا عن البيت، فإن يأتونا كان الله قد قطع جَنْباً (4) من المشركين، وإلا تركناهم محروبين، قال أبو بكر: يا رسولَ الله، خرجتَ عامداً لهذا البيت، لا تريدُ قِتال أحد، ولا حربَ أحد، فتوجَّهْ له، فمن صدّنا عنه قاتلناه، قال: امضوا على اسم الله» .

وفي رواية طرف من أوله، قالا:«خرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من المدينة في بضع عشرةَ مائة من أصحابه، حتى إذا كانوا بذي الحُليفة قلّد الهَدْي، وأشعر [هـ] ، وأحرمَ بالعمرة» لم يزد.

زاد في أخرى: «وأحرم منها» ، لا أُحصي كم سمعتُه من سفيان (5)، حتى سمعتُه يقول: لا أحفظ من الزهريِّ الإشعارَ والتقليدَ، قال: فلا أدري - يعني موضع الإشعار والتقليد، أو الحديثَ كلَّه؟ هذه روايات البخاري.

وفي روايات أبي داود طرف منه أخرجه في «كتاب السُّنَّة» عن المسورِ بنِ مخرمةَ، قال: «خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم زمنَ الحديبية

» فذكر الحديث، كذا قال أبو داود: فذكر الحديث - قال: «فأتاه - يعني عُروةَ بنَ مسعود - فجعل يكلِّم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَكُلَّما كلَّمه أخذ بلحيته، والمغيرةُ بنُ شعبةَ قائم على رأَس النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومعه السيفُ، وعليه المِغْفَرُ، فضربَ يَدَهُ بنعل

⦗ص: 299⦘

السيف، وقال: أَخِّرْ يدك عن لحيته، فرفع عروةُ رأسَهُ، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرةُ بنُ شعبةَ» .

وأخرج أيضاً في «كتاب الجهاد» بعضه، وهذا لفظه قال: «خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عَشرةَ مائة من أصحابه، حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلَّد الهَدْيَ وأشعره، وأحرمَ بالعمرة

» وساق الحديث، هكذا قال أبو داود:

وساق الحديث حتى إذا كان بالثنيَّة التي يُهبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به راحلتُه، قال الناسُ: حَلْ حَلْ، خَلت القصواء، مرتين، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ما خَلت القصواءُ وما ذاك لها بخُلُق، ولكنْ حَبسها حابسُ الفيل، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألونِّي اليوم خُطّة يعظِّمون بها حُرُماتِ الله عز وجل إلا أعطيتهُم إِياها ثم زجرها فوثبتْ، فعدل عنهم، حتى نزل بأقصى الحديبية على ثَمَدٍ قليلِ الماء، فجاء [هـ] بُديلُ بنَ ورْقاءَ الخزاعيُّ، ثم أتاه - يعني عُروةَ بنَ مسعود - فجعل يكلِّم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فكُلَّمَا كلَّمَهُ أخذ بلحيته، والمغيرةُ بنُ شعبةَ قائم على رأس النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومعه السيفُ، وعليه المِغْفَرُ، فضرب يده بنعل السيف، وقال: أخِّرْ يدك عن لحيته، فرفع عُرْوَةُ رأسَهُ، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرةُ بنُ شعبة، قال: أيْ غُدَرُ، أولستُ أسعى في غَدْرتِكَ؟ وكان المغيرةُ صحب قوماً في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أمَّا الإسلامُ فقد قَبِلْنَا، وأمَّا المالُ: فإِنه مَالُ غدر، لا حاجةَ

⦗ص: 300⦘

لنا فيه

وذكر الحديث، كذا قال أبو داود، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله

وقَصَّ الخبر - فقال سُهيل: وعلى أنه لا يأتيكَ مِنَّا رجل وإن كان على دِينكَ إلا رددتَه إلينا، فلما فرغ من قضية الكتاب قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه: قوموا فانحروا، ثم احلقوا، ثم جاء نِسْوَة مؤمنات، مُهاجرات

الآية (6) ، فنهاهم الله أن يردُّوهنَّ، وأمرهم أن يردُّوا الصَّدَاقَ، ثم رجع إِلى المدينة، فجاء أبو بَصير - رجل من قريش - يعني: أرسلوا في طلبه، فدفعه إلى الرجلين، فخرجا به، حتى إذا بلغا ذا الحليفة نزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بَصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفَك هذا يا فلانَ جيِّداً، فاستلَّه الآخَرُ، فقال: أجل، قد جَرَّبْتُ به، فقال أبو بصير: أرني أنظرْ إِليه، فأمكنه منه، فضربه حتى بَرَد، وفرّ الآخرُ، حتى أتى المدينةَ، فدخل المسجد يعدو، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لقد رأى هذا ذُعْراً، فقال: قُتِلَ واللهِ صاحبي، وإني لمقتول، فجاء أبو بصير، فقال: قد أوفى الله ذِمَّتَكَ، وقد رددتَني إليهم، ثم نجَّاني الله منهم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ويلُ امِّه، مِسْعَر حرب، لو كان له أحد، فلما سمع ذلك عرف أنه سيردُّه إليهم، فخرج إليهم حتى أتى سِيفَ البحر، وينفلتُ أبو جَنْدل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة.

⦗ص: 301⦘

وأخرج أبو داود أيضاً عن المسور ومروان «أنهم اصطلحوا على وَضع الحرب عشرَ سنين، يأمَنُ فيهنَّ الناسُ، وعلى أن بيننا عَيْبةً مكفوفة وأنه لا إِسلال ولا إغلال» (7) .

وذكر رزين في رواية زيادة في حديث البخاري بعد قوله: «اكتب: باسمك اللهم» قال: وفي رواية قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «اكتب الشرط بيننا وبينهم: بسم الله الرحمن الرحيم

وذَكَرَ مِثْلَ ما تقدَّم» ، وزاد بعد قوله:«كيف يُردُّ إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟» قال: وفي رواية زيادة «فكيف نكتبُ هذا؟ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: نعم، مَن ذهب منا إليهم أبعدَهُ الله، ومن جاءنا منهم ورددناه، سيجعل الله له فرجاً» وزاد بعد قوله: «وقد كان عُذّب عذاباً شديداً في الله» ، قال:«فقال عمرُ بنُ الخطاب: فأمكنتُ يدَه من السيف ليضرب به أباه، فَضَنَّ به، وعلم بذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: يا عمر، لعلَّه أن يقوم في الله مقاماً يحمدُه عليه» (8) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(قَتَرَة الجيش) : هو الغُّبار الساطع منه، ولا تكون القَتَرةُ إلا مع سوادٍ في اللون.

⦗ص: 302⦘

(نذيرٌ) النذير: الذي يُعلم القومَ بالأمر الحادث.

(بالثنيَّة) الثَّنيَّةُ: الطريق المرتفع في الجبل.

(حَلْ حَلْ) زجر للناقة، و «حَوْب» زجر للجمل.

(فألحت) أَلَحّ البعير: إذا حَرَن، وقيل: إنما يقال ذلك للجمل، فأما الناقة فإنما يقال لها: خَلأَت.

(القصواء) القصواء: اسم ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تكن قصواء، أي: مشقوقة الأذن، وإنما كان هذا لقباً لها.

(حابس الفيل) الفيل: هو فيل أبرهة الذي جاء يقصد البيت ليخرِّبه، فحبس الله الفيل، فلم يتقدَّم إلى مكة، وردَّ رأسه راجعاً من حيث جاء، فأرسل الله عليهم كما قال:{طيراً أبابيل. ترميهم بحجارة من سِجِّيل} والقصة مشهورة.

(خُطة) الخطة: الحال والقضية والطريقة.

(حُرُمات الله) حرمات الله: جمع حرمة، يريد بها: حُرْمة الحرم، وحرمة الإحرام، وحرمة الشهر الحرام. (يتبرَّض) التَّبرُّض: أخذ الشيء قليلاً قليلاً، وهو أيضاً التَّبَلُّغ بالشيء القليل.

(ثَمَد) الثمد: الماء القليل الذي لا مادة له.

⦗ص: 303⦘

(يجيش) جاشت البئر بالماء: [إذا] ارتفعت وفاضت، وجاشت القِدر: إذا غَلَت.

(بالرِّي) الرَّيُّ: ضد العطش.

(صَدَروا) الصَّدَرُ: الرُّجوعُ بعد الورود.

(عَيْبة نُصح) يقال: فلانٌ عيبة نُصح فلان: إذا كان موضَع سِرِّه وثِقَتِهِ في ذلك.

(أعداد مياه) الماء العدُّ: الكثير الذي لا انقطاع لمادته، كماء العيون، وجمعه: أعداد.

(العُوذ) جمع عائذ: وهي الناقة إذا وضعت إلى أن يقوى وَلَدها.

(المطافيل) جمع مُطْفِل، وهي الناقة معها فصيلها، فاستعار ذلك للناس، أراد به النساء والصبيان.

(نَهَكَتْهم الحرب) يقول: نهكته الحرب تنهكه، أي: أضرت به وأثَّرت فيه، من نَهْك الحُمَّى، وهو ألمها وضررها.

(ماددتهم) ماددتَ القوم، أي: جعلت بينك وبينهم مُدَّة.

(جَمُّوا) : استراحوا، والجمام: الراحة بعد التعب.

(سالفتي) السالفة: صفحة العنق، وانفرادها كناية عن الموت، لأنها لا تنفرد عما يليها إلا بالموت.

⦗ص: 304⦘

(استنفرت) القومَ: دعوتهم إلى قتال العدو.

(بَلَّحُوا) أصل التبليح: الإعياء والفتور، والمراد: امتناعهم من إجابته وتقاعدهم به، وفيه لغة أخرى «بَلَحُوا» بالتخفيف.

(قد قُلِّدت) تقليد البُدْنِ: هو أن يجعل في رقابها شيء كالقلائد من لحاء الشجر، أو غيره، ليعلم أنها هَدْي.

(اجتاح) الاجتياح: إيقاع المكروه بالإنسان، ومنه الجائحة، والاجتياح والاستئصال متقاربان في مبالغة الأذى.

(أشوَاباً) الأشواب والأوباش والأوشاب: سواء، وهم الأخلاط من الناس والرَّعاع.

(خطة) يقال: خطة رشد، وخطة غَيّ، والرشد: خلاف الغَيِّ والضلال، والمراد: أنه قد طلب منكم طريقاً واضحاً في الهدى والاستقامة.

(خليقاً) يقال: فلان خليق بكذا، أي: جدير، لا يبعد ذلك من خُلُقه.

(امصص ببظر اللات) اللات: صنم كانوا يعبدونه.

(والبظر) : ما تقطعه الخافضة من الهنة التي تكون في فرج المرأة، وكان هذا شتماً لهم يدور في ألسنتهم.

⦗ص: 305⦘

(فاجر) أصل الفجور: الميل عن الحق والتكذيب به، وكل انبعاث في شر فهو فجور.

(لولا يد) اليد: النِّعمَة، وما يمتنُّ الإنسان به على غيره.

(المغفر) : ما يلبسه الدَّارع على رأسه من الزَّرَدِ.

(غُدَر) : معدول عن غادر، وهو بناء للمبالغة.

(نخامة) النُّخامة: البصقة من أقصى الحلق.

(يُحِدُّونَ) أحددتُ إليه النظر: إذا ملأت عينك منه ولم تهبه، ولا استحييت منه.

(على وَضوئِه) الوَضوء، بفتح الواو: الماء الذي يُتوضَّأُ به.

(البُدْن) : الإبل التي تُهدى إلى البيت في حج أو عمرة.

(قاضَى) : فاعل، من القضاء، وهو إحكام الأمر وإمضاؤه، قال الأزهري:«قضى» في اللغة على وجوه، مَرْجِعها إلى انقطاع الشيء وتمامه.

(ضُغْطَة) الضُّغطة: القهر والضيق.

(يَرسُفُ) رسف المقيَّد في قيده: إذا مشى فيه.

(فأجزه لي) يجوز أن يكون بالزاي والراء، فأما بالزاي: فمعناه من الإجازة، أي: اجعله جائزاً غير ممنوع، ولا محرَّم أو غيره، وأطلقه، وإن

⦗ص: 306⦘

كان بالراء المهملة: فمعناه من الإجارة: الحماية والحفظ، وكلاهما صالح في هذا الموضع.

(الدَّنِيَّة) : القضية التي لا يُرضى بها ولا تُراد.

(بغرزه) الغرز: الكور للناقة، كالرِّكاب لسرج الفرس، إلا أنه من جلد، فإذا كان من حديد أو خشب: فهو ركاب.

(وَيلُ امِّهِ مِسْعَرُ حَرْب) مسعر الحرب: مُوقِدها، يقال: سعرتُ النار وأسعرتُها: إذا أوقدتها، والمِسعَر: الخشب الذي توقَد به النار، وقوله:«ويل امه» كلمة يتعجَّب بها.

(سِيفُ البحر) : جانبه وساحله.

(بِعصَم الكَوافِر) العِصَم: جمع عِصمَة، وهو ما يتمسَّك به، والكوافر: جمع كافرة، وأراد بعصمها: عقد نكاحها.

(امتَعَضُوا) الامتعاض: كراهيةُ الشيء والغيظ منه.

(العاتق) من الجواري: التي أدركت فَخَدِرَتْ.

(الأحابيش) : الجماعات المجتمعة من قبائل شَتَّى متفرقة.

(جَنْباً) الذي جاء في كتاب الحميدي «كان الله قد قطع جنباً من المشركين» وشرحه في غريبه فقال: الجنب: الأمر، يقال: ما فعلت هذا في جَنب حاجتي، إلا في أمر حاجتي، والجنب: القِطعةُ من الشيء تكون

⦗ص: 307⦘

معظمه، أو شيئاً كثيراً منه، والذي جاء في كتاب البخاري «قد قطع عيناً من المشركين» فإن صحت الرواية ولم تكن غلطاً من الناسخ: فيكون معناه - والله أعلم- من العين: الجاسوس، أي: كفى الله منهم [من] كان يرصُدنا، ويتجسَّس علينا أخبارنا.

(محروبين) المحروب: المسلوب، يقال: حُرِبَ فلان ماله: إذا سُلِبَهُ.

(خَلَتِ القصواء) قد جاء في هذه الرواية «خلت القصواءُ» بترك الهمزة، واللغة «خَلأَت» فإن صحت الرواية: كان قد خفف الهمزة، وهو مذهب مشهور في العربية.

(عيبة مكفوفة) المكفوفة: المشرجة والمشدودة (9)، والعيبة هاهنا: مثل، والمعنى: بيننا صدور سليمة، وعقائدُ صحيحة في المحافظة على العهد الذي تعاهدنا، والعقد الذي عقدنا، وقد يُشبَّه صدر الإنسان - الذي هو مستودع سَرِّه وموضع مكنون أمره بالعَيبة التي يودِعها متاعَه، ويصون فيها ثيابه.

(لا إسلال ولا إغلال) الإسلال: من السَّلَّة، وهي السرقة، والإغلال: الخيانة، يقال: أغلَّ الرجل إغلالاً: إذا خان، وغل من الغَنيمة غلولاً، وقال بعضهم: إن الإسلال من سلّ السيوف في الحرب، والإغلال: لبس الدروع، وليس بمرضٍ.

⦗ص: 308⦘

(مقاماً يحمَده عليه) هذا القول من النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حق سهيل بن عمرو: إشارةً إلى ما كان عند وفاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وارتداد الناس بمكة، فقام خطيباً ووعظهم، وثبَّتهم على الإسلام، فكان هذا هو المقام الذي يحمده عليه.

(1) هو مقول الزهري، وصله ابن مردويه في تفسيره من طريق عقيل.

(2)

كذا في الأصل: أزواجهن، والذي في نسخ البخاري المطبوعة: أزواجهم، وهو أصوب.

(3)

وفي بعض النسخ: الأشطاط، وهو موضع تلقاء الحديبية.

(4)

في نسخ البخاري المطبوعة: عيناً، وانظر الكلمة في " غريب الحديث ".

(5)

القائل: علي بن المديني.

(6)

قال في " عون المعبود ": كذا في النسخ، والظاهر أنه سقط بعض الألفاظ من هذا المقام، وفي " المشكاة " برواية الشيخين: ثم جاء نسوة مؤمنات، فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات

} الآية.

(7)

رواه البخاري 5 / 241 - 260 في الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، وفي باب ما يجوز من الشروط في الإسلام، وفي الحج، باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم، وباب النحر قبل الحلق في الحصر، وفي المغازي، باب غزوة الحديبية، وفي تفسير سورة الممتحنة، وأبو داود رقم (2765) و (2766) في الجهاد باب في صلح العدو، ورقم (4655) في السنة، باب في الخلفاء.

(8)

رواية رزين هذه رواها أحمد في " المسند " 4 / 326.

(9)

في اللسان: المشرجة المعقودة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أحمد (4/323، 328) قال: حدثنا سفيان بن عيينة، وفي (4/323) قال: حدثنا يزيد بن هارون. قال: أخبرنا محمد بن إسحاق بن يسار. وفي (4/327، 328) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر، وفي (4/331) قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان. قال: حدثنا عبد الله بن المبارك. قال: حدثنا معمر، والبخاري (2/206) قال: حدثنا أحمد بن محمد. قال: أخبرنا عبد الله. قال: أخبرنا معمر. وفي (3/252) قال: حدثني عبد الله بن محمد. قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. وفي (5/157) قال: حدثنا علي بن عبد الله. قال: حدثنا سفيان. وفي (5/161) قال: حدثنا عبد الله بن محمد. قال: حدثنا سفيان - قال: وثبتني معمر بعد الزهري -. وفي (5/161) قال: حدثني إسحاق، قال: أخبرنا يعقوب. قال: حدثني ابن أخي ابن شهاب، وأبو داود (1754) قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد. قال: حدثنا سفيان بن عيينة. وفي (2766) قال: حدثنا محمد بن العلاء. قال: حدثنا ابن إدريس. قال: سمعت ابن إسحاق. وفي (4655) قال: أنبأنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك. قال: حدثنا معمر. والنسائي في الكبرى (ورقة 114- ب) قال: أخبرنا سعيد بن عبد الرحمن. قال: حدثنا سفيان (قال: وثبتني معمر بعد عن الزهري) . وابن خزيمة (2906) قال: حدثنا محمد بن عيسى. قال: حدثنا سلمة. قال: حدثني محمد بن إسحاق. وفي (2907) قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء. قال: حدثنا سفيان. (ح) وحدثنا علي بن خَشْرم. قال: أخبرنا ابن عيينة.

أربعتهم - سفيان، ومحمد بن إسحاق، ومعمر، وابن أخي ابن شهاب- عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، فذكره.

(*) أخرجه البخاري (3/11) قال: حدثنا محمود. قال: حدثنا عبد الرزاق. وأبو داود (2765، 4655) قال: حدثنا محمد بن عبيد، أن محمد بن ثور حدثهم. والنسائي (5/169) قال: أخبرنا محمد بن عبد الأعلى. قال: حدثنا محمد بن ثور.

كلاهما - عبد الرزاق، ومحمد بن ثور- عن مَعْمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، فذكره. ليس فيه -مروان بن الحكم-.

(*) أخرجه البخاري (3/246) قال: حدثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث، عن عُقيل، عن ابن شهاب. قال: أخبرني عروة بن الزبير، أنه سمع مروان والمسور بن مخرمة، يخبران عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحوه مختصرا.

ص: 286

6109 -

(م) أنس بن مالك رضي الله عنه «أن قريشاً صالحوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وفيهم سهيل بن عمرو، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعليّ: اكتُبْ: بسم الله الرحمن الرحيم، قال سهيل: أمَّا بسم الله، فما ندري ما «بسم الله الرحمن الرحيم» ؟ ولكن اكتب ما نعرف: باسمك اللهم، فقال: اكتب: من مُحمَّد رسولِ الله، قالوا: لو عَلِمْنا أنَّكَ رسولُ الله لاتَّبعناك، لكن اكتب اسمك واسم أبيك، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم اكتب: من محمد بن عبد الله، فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّ مَن جاء منكم لم نردَّه، ومن جاءكم منا رددتمُوه علينا، فقالوا: يا رسول الله، أنكتب هذا؟ قال: نعم، إنه من ذهب منا إليهم فأبعدَه الله، ومن جاءنا منهم، سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً» . أَخرجه مسلم (1) .

(1) رقم (1784) في الجهاد، باب صلح الحديبية في الحديبية.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه مسلم (1784) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، فذكره.

ص: 308

6110 -

(خ) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: «خرجَ مُعتمِراً، فحال كُفَّارُ قريش بينه وبين البيت، فنحر هَدْيَه،

⦗ص: 309⦘

وحَلَقَ رأسهُ بالحديبية، وقاضاهم على أن يعتمِرُوا العامَ المقبلَ، ولا يحملَ سلاحاً عليهم إلا سيوفاً، ولا يُقيمَ إلا ما أحبُّوا، فاعتمر من العام المقبل، فدخَلَها كما كان صالحهم، فلما أن أقام بها ثلاثاً، أمروه أن يَخْرُجَ، فخرَجَ» . أخرجه البخاري (1) .

(1) 5 / 224 في الصلح، باب الصلح مع المشركين، وفي المغازي، باب عمرة القضاء.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه البخاري (2701) حدثنا محمد بن رافع، حدثنا سريج بن النعمان، حدثنا فليح، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.

ص: 308

6111 -

(ت د) علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «خرج عُبدْان (1) إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية قبل الصلح، فكتب إليه مواليهم يقولون: يا محمد، والله ما خرجوا إليكَ رغبة في دينك، وإنما خرجوا هَرَباً من الرِّقِّ، فقال ناس: [صدقوا يا رسول الله] رُدَّهم إليهم، فغضبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، وقال: ما أُراكم تَنتهون يا معشر قريش، حتى يبعثَ الله عليكم مَن يضرب رقابكم على هذا، وأبى أن يَرُدَّهم، وقال: هم عُتَقَاءُ الله» . أخرجه أبو داود.

وفي رواية الترمذي قال: «لما كان يومُ الحديبية خرج إِلينا ناس من المشركين، منهم سهيل بن عمرو، وأناس من رؤساء المشركين، فقالوا: يا رسول الله، قد خرج إليكَ ناس من أبنائنا وإخواننا وأرِقَّائنا، وليس بهم فِقْه في الدِّين، وإنما خرجوا فِرَاراً من أموالنا وضِياعنا، فارددهم إلينا، فإن لم يكن لهم فِقْه في الدين سَنُفَقِّهُهُم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر

⦗ص: 310⦘

قريش، لَتَنْتَهُنَّ أو لَيَبْعَثَنَّ الله عليكم من يَضْرِبُ رِقَابَكُم بالسيف على الدِّين، قد امتحن الله قلوبهم على الإيمان، قال أبو بكر وعمر: مَن هو يا رسولَ الله؟ قال: هو خَاصِفُ النَّعْل، وكان قد أعطى عليّاً نعلَه يَخصِفُها، ثم التفت إلينا عليّ فقال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَن كذب عليَّ مُتعمِّداً فليتبوأ مقعدَهُ من النار» (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يخصفها) خَصَفَ النعل يخصِفها: إذا خرزها.

(1) جمع عبد.

(2)

رواه أبو داود رقم (2700) في الجهاد، باب في عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون، والترمذي رقم (3716) في المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعي بن حراش عن علي.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أحمد (1/155)(1335) قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: أخبرنا شريك. وأبو داود (2700) قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني، قال: حدثني محمد، يعني ابن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، والترمذي (3715) قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن شريك.

كلاهما - شريك، وأبان - عن منصور بن المعتمر، عن ربعي بن حراش، فذكره.

ص: 309

6112 -

(م) سلمة بن الأَكوع رضي الله عنه قال: «قَدِمْنا الحديبيةَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحنُ أربعَ عشرةَ مائة، وعليها خمسون شاة لا تُرويها، قال: فقعدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على جَبَا الرَّكِيَّةِ، فإما دعا، وإِمَّا بصق (1) فيها، قال: فَجَاشَتْ، فَسَقَيْنا وَاسْتَقَيْنَا، قال: ثم إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دعا [نا] للبيعة في أصل الشجرة، قال: فبايعتُه في أول الناس، ثم بايع وبايع، حتى إِذا كانَ في وسط من الناس قال: بايِع يا سلمةُ، قال: قلتُ: قد بايعتُكَ يا رسولَ الله في أول الناس، قال: وأيضاً قال: وقد رآني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 311⦘

أَعْزَلَ - يعني: ليس معه سلاح - فأعطاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَجفَة - أو دَرَقَة - ثم بايَعَ، حتى إذا كان في آخر الناس، قال: ألا تُبايعني يا سلمةُ؟ قال: قلتُ: قد بايعتُك يا رسولَ الله في أول الناس، وفي أوسط الناس، قال: وأيضاً، قال: فبايعتُه الثالثَةَ، ثم قال لي:[يا] سلمةُ، أين حَجفَتُك - أو دَرَقَتُكَ - التي أعطيتُكَ؟ قال: قلتُ: يا رسولَ الله، لقيَني عمّي عامر أعْزَلَ، فأعطيتُه إياها، قال: فضحك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إنكَ كالذي قال الأول: اللهم أبْغِنِي حبيباً هو أحبُّ إليَّ من نفسي، ثم إنَّ المشركين وَاسَوْنا الصلحَ، حتى مشى بعضُنا في بعض، واصطلحنا، قال: وكنتُ تَبِيعاً لطلحةَ بنِ عُبيد الله، أسقي فرَسه وأحُسُّه وأخدُمه، وآكل من طعامه، وتركتُ أهلي ومالي مهاجراً إلى الله وإلى رسولِه صلى الله عليه وسلم، فلما اصطلحنا نحن وأهلُ مكةَ، واختلط بعضُنا ببعض، أتيتُ شجرة، فَكَسَحْتُ شوكَها، فاضطجعتُ في أصلها، فأتاني أربعة من المشركين من أهلِ مكةَ، فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأَبْغَضْتُهم، فتحوَّلتُ إلى شجرة أُخرى، وعلَّقوا سلاحهم، واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذْ نادى مُناد من أسفل الوادي: يَا لَلْمهاجرين، قُتِلَ ابنُ زُنَيْم، قال: فاخترطتُ سيفي، ثم شددتُ على أُولئك الأربعةِ وهم رُقُود، فأخذت سلاحهم، فجعلتُه ضِغْثاً في يدي، قال: ثم قلتُ: والذي كرَّم وجهَ محمَّد صلى الله عليه وسلم، لا يرفع أحد منكم رأسَهُ، إلا ضربتُ الذي فيه عيناه، قال: ثم

⦗ص: 312⦘

جئتُ بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وجاء عَمِّي عامر برجل من العَبَلات يقال له: مِكْرَز، يقودُهُ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم على فَرَس مُجَفَّف في سبعين من المشركين، فنظر إِليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعُوهم، يكنْ لهم بَدْءُ الفُجور وثِناه، فعفا عنهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله عز وجل {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وكانَ اللهُ بِمَا تعْمَلُونَ بَصِيراً} [الفتح: 24] ، قال: ثم خرجنا راجعين إلى المدينة، فنزلنا منزلاً، بيننا وبين بني لحيان جبل وهم المشركون، فاستغفرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لمن رَقيَ هذا الجبل الليلةَ، كأنه طَليعة للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال سلمةُ: فرقِيتُ تلك الليلة مرتين أو ثلاثاً، ثم قَدِمْنا المدينةَ، فبعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بظَهْره مع رَباح - غلامِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه، وخرجتُ معه بفرس لطلحة أُنَدِّيه (2) ، مع الظهر، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاريُّ قد أغار على ظَهْر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَاقَه أَجْمَعَ، وقتل راعيَه، فقلتُ: يا رباحُ، خذ هذا الفرس فأبْلِغْه طلحةَ بنَ عبيد، وأخبِرْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ المشركين قد أَغاروا على سَرْحه، ثم قمتُ على أَكمَة، فاستقبلتُ المدينةَ، فناديتُ ثلاثاً: يا صَبَاحَاه، ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنَّبْل، وأَرْتَجِزُ، أقول:

⦗ص: 313⦘

أنا ابنُ الأكوَعِ

واليومُ يومُ الرُّضَّعِ

فألحَقُ رجلاً منهم، فأصُكُّ سهماً في رَحْله، حتى خَلَص نَصْلُ السهم إلى كتفه، قال: قلتُ:

خذها وأنا ابنُ الأكوع

واليومُ يومُ الرُّضَّعِ

قال: فوالله، ما زلتُ أرميهم وأَعقِرُ بهم، فإذا رجع إِليَّ فارس أتيتُ شجرة، فجلستُ في أصلها، ثم رميتُه فَعَقَرتُه، حتى إِذا تَضَايَقَ الجبل، فدخلوا في تَضَايُقِهِ عَلَوْتُ الجبل، فجعلتُ أرميهم بالحجارة، فما زلتُ كذلك أَتْبَعُهم، حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلا خَلَّفتُهُ وراءَ ظهري، وَخَلَّوْا بيني وبينه، ثم اتَّبَعْتُهم أرميهم، حتى ألقَوْا أكثرَ من ثلاثين بُرْدَة وثلاثين رُمْحاً، يَسْتَخِفُّون، ولا يطرحون شيئاً إلا جعلتُ عليه آرَاماً من الحجارة يعرفُها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى أتوا مُتَضَايقاً من ثَنِيَّة، فإذا هم قد أتاهم فلانُ بنُ بَدر الفزاريُّ، فجلسوا يتضحَّوْن - يعني: يتغدَّوْنَ - وجلستُ على رأس قَرْن، قال الفزاريُّ: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البَرْحَ، واللهِ ما فارقنا مُنذُ غَلَس يرمينا، حتى انْتَزَع كلَّ شيء من أيدينا، قال: فليقُم إِليه نفر منكم أربعة، قال: فَصَعِدَ إِليَّ منهم أربعة في الجبل، فلما أمْكنَوني من الكلام، قلت: هل تعرفوني؟ قالوا: لا، ومَن أَنتَ؟ قال: قلتُ: أنا سلمةُ بنُ الأكوع، والذي

⦗ص: 314⦘

كَرَّمَ وجهَ محمد صلى الله عليه وسلم، لا أطلبُ رجلاً منكم إلا أدركتُه، ولا يطلبني رجل منكم فيدركني، قال أحدُهم: أنا أظنُّ، قال: فرجعوا، فما برحتُ مكاني حتى رأيتُ فَوارِسَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يتخلّلون الشجر، قال: فإِذا أوَّلهُم الأخرَمُ الأسديُّ، وعلى إثْرِهِ أبو قتادةَ الأنصاريُّ، وعلى إِثْرِهِ المقدادُ بنُ الأسودِ الكِنْديُّ، قال: فأخذتُ بعِنان الأخرم، قال: فَولَّوْا مُدبرين، قلتُ: يا أَخْرم، احْذَرْهم لا يَقْتَطِعُوكَ حتى تلحقَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال: يا سلمةُ إن كنتَ تؤمنُ بالله واليوم الآخر، وتعلم أن الجنةَ حَقّ، والنارَ حَقّ، فلا تَحُلْ بيني وبين الشهادة، قال: فخلَّيتُهُ، فالتَقى هو وعبد الرحمن، قال: فعَقَر بعبد الرحمن فَرَسُهُ، وطعنَهُ عبد الرحمن فقتله، وتَحوَّل على فَرَسِهِ، ولحق أبو قتادةَ - فارسُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الرحمن فطعنه فقتله، فوالذي كرَّم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لَتَبعتْهُم أعْدُو على رِجْليَّ، حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمَّد ولا غبارهم شيئاً، حتى يَعدِلوا قبل غروب الشمس إلى شِعْب فيه ماء يقال له: ذو قَرَد، ليشربوا منه وهم عِطاش، قال: فنظروا إليَّ أعْدُو وَرَاءهم، فَحلَّيتُهم عنه - يعني: أجْلَيْتُهم عنه - فما ذاقوا منه قطرة، قال: ويخرجُون فيشتدُّون في ثَنِيَّة، قال: فأعْدُو، فأَلْحَقُ رجلاً منهم، فأصُكُّه بسهم في نُغْضِ كَتِفِهِ، قال: قلتُ: خُذْها

وأنا ابنُ الأكوعِ

واليومَ يومَ الرُّضَّعِ

⦗ص: 315⦘

قال: يا ثَكلَتْه أُمُّه، أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ؟ قلت: نعم يا عدوَّ نَفْسِهِ أَكْوَعُك بكرة، وأَرْدَوْا فرسين على ثنيَّة، فجئتُ بهما أسوقُهما إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولحقني عامرُ بسطيِحَة فيها مَذْقَة من لَبَن، وسَطيحة فيها ماء، فتوضأتُ وشربتُ، ثم أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي حَلَّيتُهم عنه، فإذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ تلكَ الإبلَ، وكلَّ شيء اسْتَنْقَذْتُه من المشركين، وكلّ رُمْح وبُرْدَة، وإذا بلال نحرَ ناقة من الإبل التي استنقذتُ من القوم، وإِذا هو يشوي لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم من كَبِدِها وسَنَامِها، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، خَلِّني فَأنْتَخِبُ من القوم مائةَ رجل، فأتْبَعُ القوم، فلا يبقى منهم مُخبِر إلا قتلتُه، قال: فضحكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ نَوَاجِذُه في ضوء النار، فقال: يا سلمةُ، أَتُراك كنتَ فاعلاً؟ قلتُ: نعم، والذي أكرمكَ، قال: إِنهم لَيُقْرَوْن في أرض غَطَفان، قال: فجاء رجل من غَطَفَانَ، فقال: نَحَرَ لهم فلان جزوراً، فلما كشفوا جلدها رأَوْا غُبَاراً، فقالوا: أتاكم القومُ، فخرجوا هاربين، فلما أصبحنا قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: كان خيرَ فُرْساننا اليومَ أبو قَتادةَ، وخيرَ رَجَّالَتِنا سلمةُ، قال: ثم أعطاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سهمين: سهم الفارس، وسهم الراجل، فجمعهما لي جميعاً، ثم أرْدَفَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وراءه على العَضْبَاء، راجعِين إلى المدينة، قال: فبينما نحن نسير، قال: وكان رجل من الأنصار

⦗ص: 316⦘

لا يُسْبَقُ شَدّاً، قال: فجعل يقولُ: ألا مُسابق إلى المدينة؟ هل مِنْ مُسابِق؟ فجعل يُعيدُ ذلك، قال: فلما سمعتُ كلامَه، قلتُ: أما تُكْرِم كريماً، ولا تَهابُ شَريفاً؟ قال: لا، إلا أَنْ يكونَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، بأبي وأُمِّي، ذَرْني فلأَسْبِق الرَّجُلَ، قال: إن شئتَ، قال: قلتُ: اذهب إليكَ، قال: وَثَنَيْت رِجْلي، فَطَفَرْتُ فعدوتُ، قال: فَربطتُ عليه شَرَفاً أو شَرَفَيْنِ، أَسْتَبْقي نَفسي، ثم عَدَوْتُ في إِثْرِهِ، فربطتُ عليه شَرَفاً أو شَرَفين، ثم إني رَفَعْتُ حتى أَلْحَقَه: فأصُكُّه بين كتفيه، قال: قلتُ: قد سُبِقْتَ والله، قال: أنا أظنّ، قال: فَسَبَقْتُه إلى المدينة، قال: فوالله، ما لبثنا إلا ثلاثَ ليال، حتى خرجنا إلى خيبرَ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فجعل عَمِّي عامر يَرْتَجِزُ بالقوم:

تَاللهِ لَوْلا الله مَا اهْتَدَيْنَا

وَلا تَصَدَّقْنا وَلا صَلَّيْنا

وَنَحْنُ عنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَينا

فَثَبِّتِ الأقدَامَ إِن لاقَيْنا

وَأَنْزِلَنْ سَكِينَة عَليْنا

فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ قال: أنا عامر، قال: غَفَرَ لكَ رَبُّكَ، قال: وما استغَفَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لإِنسان يَخُصُّهُ إلا اسْتُشْهِدَ، قال: فنادى عمرُ بنُ الخطاب وهو على جمل له: يا نبيَّ الله، لولا مَتَّعْتَنا بعامر؟ قال: فلمَّا قدِمنا خَيْبَر، قال: خرج مَلِكُهمْ مَرْحَب يخطِرُ بسيفه، يقول:

⦗ص: 317⦘

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

شَاكِي السِّلاحِ بَطَل مُجَرَّبُ

إذا الحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ

قال: وبرز له عمِّي عامر، فقال:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عامِرُ

شَاكِي السِّلاحِ بَطَل مُغَامِرُ

قال: فاختلفا ضربتين، فوقع سيفُ مَرْحَب في تُرْسِ عامر، وذهب عامر يُسْفِل له، فرجع بسيفه على نفسه، فقطع أكْحَلَهُ، وكانت فيها نَفْسُه، قال سلمةُ: وخرجتُ، فإذا نفر من أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يقولون: بَطَلَ عَمَلُ عامر، قتل نَفْسَهُ، قال: فأتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي - فقلتُ: يا رسولَ الله، بَطَلَ عَمَلُ عامر، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: من قال ذلك؟ قال: قلتُ: ناس من أصحابك، قال: كذَبَ من قال ذلك، بل له أجرهُ مرتين، ثم أرسلني إلى عليّ - وهو أرمَدُ - فقال: لأعطينَّ الرَّايةَ رجلاً يُحِبُّ الله ورسولَهُ، ويُحِبُّهُ الله ورسولُهُ، قال: فأتيتُ عليّاً، فجئتُ به أقودُه - وهو أَرمَدُ - حتى أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَبَصَقَ في عَيْنَيه، فَبَرأَ، وخرجَ مَرْحَب، فقال:

قَدْ عَلِمتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ

شاكي السلاح بطل مجرَّبُ

إذا الحروبُ أقبلتْ تَلَهَّبُ

فقال عليّ رضي الله عنه:

⦗ص: 318⦘

أنا الذي سَمَّتْني أُمِّي حَيْدَرَهْ

كَلَيْثِ غابات كرِيهِ المَنْظَرَه

أُوفِيهُمُ بالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ

قال: فضرب رأسَ مَرْحَب، فقتلهُ، ثم كان الفتحُ على يَدَيْه» . أخرجه مسلم (3) .

قال الحميديُّ: في هذا الحديث من ذِكْر الإغارة على السرحِ، وقصةِ عامر وارتجازهِ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«لأعطِينَّ الرايةَ» ، ما قد اتفق البخاري معه على معناه، ولكن فيه من الزيادة والشرح ما يوجب كونَه من أفراد مسلم، فأفردناه.

وفي رواية أبي داود، أخرج بعضه، وسيجيء ذِكرُه في غزوة ذي قَرَد إن شاء الله (4) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(على جبا الرَّكِيَّةِ) الرَّكِيَّةُ: البئر، وجباها: التراب الذي أُخرج منها وجُعلَ حولها.

(أعزل) الأعزل: الذي لا سلاح معه، وقوم عُزَّل، وقد جاء في أحد نسخ مسلم «عُزُل» وأراد به الواحد، ولعله غلط من الكاتب.

⦗ص: 319⦘

(ابغِني) بمعنى أوجدني وأعطني.

(واسَوْنا) من المواساة: المشاركة والموافقة.

(تَبيعاً) التَّبيع: الخادم، لأنه يتبع الذي يخدُمه.

(فكسحت) كسحتُ البيت: كنستُه ونحيَّت ما في أرضه مما يؤذي ساكنه.

(ضِغْثاً) الضِّغث: الحزمة المجتمعة من قضبان أو حشيش ونحوه مما يجمع في اليد.

(من العَبَلات) العبَلات: أُمية الصغرى من قريش، والنسب إليهم: عَبَليٌّ.

(مجفف) فرس مجفَّف: عليه تجافيف، وهي ما يستره في الحرب خوفاً عليه مما يؤذيه من سلاح وغيره، فهو في الخيل كالمُدَجَّج من الرِّجال، وهو المنغمس في الدرع والسلاح.

(بدء الفجور) : ابتداؤه وأوله، وثِناه: ثانيه، وقد يمدُّ.

(طليعة) الطليعة: الجاسوس.

(بظهره) الظهر: ما يُعَدُّ من الإبل للركوب والأحمال.

(أُنَدِّيه) قال الأصمعي: التندية بالنون: أن تُورِد الإبل والخيل، حتى تشرب قليلاً، ثم ترعى ساعة، ثم تردُّها إلى الماء من يومها، أو من الغد، والإبل تندو من الحَمض إلى الخَلَّة، فتنتقل من جنس من المرعى إلى جنس آخر، وأنكر القتيبي هذا، وقال: الصواب «لأبَدِّيه» بالباء المعجمة

⦗ص: 320⦘

بواحدة، أي: لأخرجه إلى البدو، وقال: ولا تكون التندية إلا للإبل خاصة، قال الأزهري: أخطأ القتيبي، والصواب ما قال الأصمعي. وللتندية معنى آخر، وهو تضمير الفرس وإجراؤه، حتى يسيل عرقه، ويقال لذلك العرق إذا سال: النَّدَى، وهذا أشبه بمعنى الحديث، والله أعلم.

(سَرْحِهِ) السرح: المواشي السائمة.

(على أكمَة) الأكمةُ: الرَّابيةُ ونحوها، وجمعها: أُكم وآكام وإكام.

(يا صباحاه) يومُ الصَّباح: يومُ الغارة، وكان إذا دهمهم أمر صاحوا: يا صباحاه، يُعْلِمُون قومَهم بما دَهِمَهم ونابَهم، ليُبادروا إليه.

(يوم الرُّضَع) أراد بقوله: يوم الرُّضَّع: يوم هلاك اللئام، والرُّضع جمع راضع، وأراد بهم: الذي يُرضِعون الإبل ولا يحلبونها خوفاً من أن يسمع حلبها من يستمنحهُم ويسألهم لبناً، وقد يكون كناية عن الشدة.

(فأصكّ) الصَّكُّ: الضرب باليد، وأراد: أنه رماه بسهم.

(في رحله) رَحْلُ الناقة: كورها، فأضافه إليه لأنه راكب عليه.

(وأعْقِرُ بهم) عَقَرْتُ به: قتلتُ مركُوبَه، وجعلتُه راجلاً.

(بُردَة) البُرْدَةُ: ضرب من الثياب.

(آراماً) الآرام: جمع إرم، وهو العلم من الحجارة.

(قَرَن) القَرَن: جبل صغير منفرد.

⦗ص: 321⦘

(البَرَح) : الشدة، يقال: لقيتُ منه بَرَحاً بارِحاً، أي: شدة شديدة.

(غَلَس) الغَلَس: ظُلْمَةُ آخر الليل.

(لا يقطعونك) الاقتطاع: أخذ الشيء والانفراد به، أراد به: لا يرونك منفرداً فيطمعوا فيك فيقتلوك.

(شِعْب) الشِّعْبُ: الفُرْجَةُ بين الجبلين كالوادي.

(فَحَلَّيْتُهم) عن الماء: أي: طردتُهم، هكذا جاء لفظ الحديث مُشدداً غير مهموز، وبهذا شرحه الحميدي في كتابه، والمعروف في اللغة: حَلأتُ الإبل مشدداً مهموزاً، ولعل الهمزة قد قُلبت ياء، وليس بالقياس، لأن الياء لا تُبدل من الهمزة إلا أن يكون ما قبلها مكسوراً، نحو إيلاف وبير، وقد جاء شاذاً: قَرَيْتُ في قرأتُ، وليس بالكثير.

(فَيُسنِدونَ) وقد تقدَّم في أول هذه الغزوة ذكر «يسندون» وهو الصعود في الجبل.

(نُغض) الكتف: الغضروف العريض الذي على أعلاه.

(أكْوَعُه بكرة) قوله: أكوعه بكرة، يعني: الأكوع الذي كان قد تبعنا من بكرة، فإنه كان أول ما لحقهم قال:

أنا ابن الأكوع

واليوم يوم الرُّضع

⦗ص: 322⦘

[فلما عاد] قال لهم هذا القول، فقال له: أنت الذي كنت معنا بكرة؟ قال له في الجواب: نعم أكوعك بكرة.

(أرْدَوا فرسين) أرديتُه: رميتُه وتركته، والمراد: أنهم من خوفهم تركوا من خيلهم فرسين، ولم يقفوا عليهما هرباً وخوفاً أن يلحقهم.

(مَذقَة من لبن) لبن ممذوق، أي: مخلوط بماء، والمراد بقوله:«مَذْقَة» شربة قليلة من لبن ممذوق.

(لَيُقْرَوْن) القِرى: الضِّيافة ونُزُل الضَّيْف.

(فأنتخب) الانتخاب: الاختيار، وانْتِقَاءُ الجَيِّد.

(جزوراً) الجزور: البعير ذكراً كان أو أنثى، إلا أن اللفظة مؤنثة.

(العَضباء) : لقبُ ناقةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ولم تكن عضباء، أي: مشقوقة الأذُن.

(شدّا) الشدّ: العدو.

(فربطتُ) أي: تأخَّرتُ، كأنه ربط نفسه، أي: شدَّها.

(شَرَفاً) الشَّرَفُ: الشَّوطُ والقَدْرُ المعلوم من المسافة.

(لولا متَّعْتنا)«لولا» هاهنا بمعنى: هَلا، و «متعتنا» بمعنى: جعلتنا ننتفع به، فإنه صلى الله عليه وسلم كان إذا استغفر في غزوة لأحد على الخصوص، أو ترَّحم [عليه] : عرفوا أنه يموت أو يُقتل، فقالوا لما استغفر له: هلا تركتنا

⦗ص: 323⦘

نستمتع بحدائه في طول حياته؟

(يَخْطِر بسيفه) خَطَر بسيفه: إذا هَزّهُ مُعجَباً بنفسه، مُتعرِّضاً للمبارزة، ويجوز أن يكون أراد به: أنه كان يخطِر في مِشْيَتِه، أي: يتمايل ويمشي مِشْيَةَ المعجَب بنفسه، وسيفُه في يده، فكأنه خطر وسيفه معه.

(شاكي السلاح) : ذو شدَّة وشوكة وحِدَّة في سلاحه.

(مُغَامِرُ) رجل مُغامر: إذا كان يَقتحم المهالك.

(يَسفُل) سفلتُ له أسفُل في الضرب: إذا عمدتَ أن تضرب أسافِلَه من وسطه إلى قدميه.

(حَيْدَرَة) : اسم للأسد، وذلك أن فاطمةَ بنتَ أسد أُمَّ علي بن أبي طالب لما ولدته سمته باسم أبيها، وكان أبو طالب غائباً، فلما قدم كره هذا الاسم، فسماه علياً.

(السَّندَرة) : مِكْيَال ضخم.

(كَلَيْث غابات) الليث: الأسد، و «الغابات» جمع غابة، وهي الأجَمَةُ، وأُسود الغابات موصوفة بالشدة.

(1) يقال: بزق، وبصق، وبسق، ثلاثة لغات بمعنى، والسين قليلة الاستعمال.

(2)

في المطبوع: أندبه، وهو خطأ.

(3)

رقم (1807) في الجهاد، باب غزوة ذي قرد وغيرها.

(4)

سيأتي في الحديث رقم (6124) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه مسلم (1807) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا هاشم بن القاسم. (ح) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا أبو عامر العقدي، كلاهما عن عكرمة بن عمار. (ح) وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وهذا حديثه، أخبرنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد، حدثنا عكرمة - وهو ابن عمار- حدثني إياس بن سلمة، حدثني أبي، قال: فذكره.

ص: 310

6113 -

(خ م ت س) سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال يزيد بن أبي عبيد: «قلتُ لسلمةَ: على أيِّ شيء بايعتم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يومَ الحُديبية؟ قال: على الموتِ - وفي رواية قال: بايَعنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، فقال لي:

⦗ص: 324⦘

يا سلمةُ: ألا تُبايِعُ؟ قلتُ: يا رسولَ الله، قد بايعتُ في الأول، قال: وفي الثاني» .

وفي أخرى قال: «بايَعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ثم عَدَلْتُ إلى ظِلِّ شجرة، فلما خَفَّ الناسُ قال: يا ابنَ الأكوع: ألا تبايعُ؟ قلت: قد بايعتُ، قال: وأيضاً، قال: فبايعتهُ الثانيةَ، فقلتُ: يا أبا مُسْلِم، على أي شيء تبايِعُون يومئذ؟ قال: على الموتِ» .

أخرجه البخاريُّ ومسلم، وأخرج الترمذي والنسائي الأولى (1) .

(1) رواه البخاري 7 / 346 في المغازي، باب غزوة الحديبية، وفي الجهاد، باب البيعة في الحرب على أن لا يفروا، وفي الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس، وباب من بايع مرتين، ومسلم رقم (1860) في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، والترمذي رقم (1952) في السير، باب ما جاء في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم، والنسائي 7 / 141 في البيعة، باب البيعة على الموت.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (4/47) قال: حدثنا حماد بن مَسْعَدة. وفي (4/51) قال: حدثنا صفوان. وفي (4/54) قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، والبخاري (4/61) قال: حدثنا المكي بن إبراهيم، وفي (5/159) قال: حدثنا قُتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حاتم. وفي (9/97) قال: حدثنا عبد الله بن مَسْلَمَة، قال: حدثنا حاتم، وفي (9/98) قال: حدثنا أبو عاصم. ومسلم (6/27) قال: حدثنا قُتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حاتم - يعني ابن إسماعيل -. (ح) وحدثناه إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا حماد ابن مَسْعَدَة. والترمذي (1592) قال: حدثنا قُتيبة، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، والنسائي (7/141) قال: أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل.

خمستهم - حماد، وصفوان بن عيسى، ومكي، وحاتم، وأبو عاصم - عن يزيد بن أبي عُبيد، فذكره.

ص: 323

(1) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 350 في المغازي، باب غزوة الحديبية، قال: وقال هشام بن عمار حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عمر بن محمد العمري، أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما

⦗ص: 325⦘

فذكره، قال الحافظ في " الفتح ": كذا وقع بصيغة التعليق، وفي بعض النسخ: وقال لي، وقد وصله الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن دحيم - وهو عبد الرحمن بن إبراهيم - عن الوليد بن مسلم بالإسناد المذكور.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

ذكره تعليقا (7/350) في المغازي، باب غزوة الحديبية قال: وقال هشام بن عمار، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عمر بن محمد العمري، أخبرني نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما

فذكره، قال الحافظ في «الفتح» : كذا وقع بصيغة التعليق، وفي بعض النسخ، وقال لي: وقد وصله الإسماعيلي، عن الحسن بن سفيان، عن دحيم، هو عبد الرحمن بن إبراهيم، عن الوليد بن مسلم بالإسناد المذكور.

ص: 324

(1) رقم (1858) في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أحمد (5/25) قال: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي أبو محمد، قال: حدثنا خالد. ومسلم (6/26) قال: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: أخبرنا يزيد بن زريع، عن خالد. (ح) وحدثناه يحيى بن يحيى، قال: أخبرنا خالد بن عبد الله، عن يونس.

كلاهما - خالد الحذاء، ويونس بن عبيد- عن الحكم بن عبد الله بن الأعرج، فذكره.

(*) عقب رواية أحمد بن حنبل. قال ابنه عبد الله: حدثني عبيد الله بن عمر القواريري. قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن خالد، عن الحكم بن الأعرج: يد الله فوق أيديهم قال: أن لا يفروا.

ص: 325

6116 -

(م ت س) أبو الزبير رحمه الله «أنه سمع جابراً رضي الله عنه يُسأَلُ: كم كانوا يومَ الحديبية؟ قال: كنا أَرْبَعَ عشرةَ مائة، فبايعناه، وعمرُ آخذ بيده تحتَ الشجرة، وهي سَمُرَة، فبايعناه، غير جَدِّ بنِ قيس الأنصاريِّ، اختفى تحتَ بَطْنِ بعيرِهِ - زاد في رواية: وقال: بايعناه على أن لا نفرَّ، ولم نبايِعْه على الموت» .

وهذه الزيادة وحدَها أيضاً لسفيان بن عيينة عن أبي الزبير، أخرجه مسلم.

وفي رواية الترمذي عن جابر في قوله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] قال: بايَعْنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على أن لا نَفِرَّ، ولم نبايعْهُ على الموت.

⦗ص: 326⦘

وفي أخرى له قال جابر: «لم نُبايِعْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على الموت، إنما بايعناه على أن لا نَفِرَّ» .

وأخرج النسائي رواية الترمذي الأخيرة (1) .

(1) رواه مسلم رقم (1856) في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال والترمذي رقم (1951) في السير، باب ما جاء في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم، والنسائي 7 / 140 و 141 في البيعة، باب البيعة على أن لا نفر.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

1 -

أخرجه الحميدي (1275، 1277)، وأحمد (3/381) . ومسلم (6/25) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. (ح) وحدثنا ابن نمير، والترمذي (1594) قال: حدثنا أحمد بن منيع. والنسائي (7/140) قال: أخبرنا قتيبة. ستتهم - الحميدي، وأحمد، وأبو بكر، وابن نمير، وابن منيع، وقتيبة - قالوا: حدثنا سفيان ابن عيينة.

2 -

وأخرجه أحمد (3/355) قال: حدثنا يونس بن محمد، وحُجَين. والدارمي (2458) قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله. ومسلم (6/25) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد. (ح) وحدثنا محمد بن رُمح. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف)(2923) عن قتيبة. خمستهم - يونس، وحجين، وأحمد بن عبد الله، وقتيبة، وابن رمح - عن ليث بن سعد.

3 -

وأخرجه أحمد (3/396) قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة.

4 -

وأخرجه أحمد (3/341) قال: حدثنا حسن. وفي (3/347) قال: حدثنا موسى. كلاهما -حسن، وموسى - قالا: حدثنا ابن لهيعة.

5 -

وأخرجه مسلم (6/25) قال: حدثنا محمد بن حاتم، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جُريج.

خمستهم - سفيان، والليث، وموسى بن عقبة، وابن لهيعة، وابن جريج - عن أبي الزبير، فذكره.

ص: 325

6117 -

(م) أبو الزبير رحمه الله عن جابر رضي الله عنه «أنه سُئِلَ: هل بايعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذي الحُليفة؟ فقال: لا، ولكن صلى بها، ولم يُبايعْ عند شجرة، إلا الشجرةَ التي بالحديبية» .

قال ابن جريج: وأخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابراً يقول: «دعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم على بئرِ الحديبيةِ» . أخرجه مسلم.

وهذا الحديث أفرده الحميديُّ عن الذي قبله، وجعلهما حديثين، وهما بمعنى واحد، وحيث أفرده اتَّبعناه (1) .

(1) رواه مسلم رقم (1856) في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أحمد (3/325) . ومسلم (6/25) قال: حدثني إبراهيم بن دينار. كلاهما - أحمد، وإبراهيم- قالا: حدثنا حجاج بن محمد الأعور مولى سليمان بن مجالد قال: قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، فذكره.

ص: 326

6118 -

(خ م) عمرو بن دينار قال: سمعتُ جابرَ بنَ عبد الله رضي الله عنهما يقول: قال لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ الحديبية: «أنتم اليومَ خيرُ أهل الأرض، وكنا ألفاً وأربعمائة، قال: ولو كنتُ أبْصرُ اليوم،

⦗ص: 327⦘

لأريتُكم مكانَ الشجرة» . أخرجه البخاري ومسلم (1) .

(1) رواه البخاري 7 / 341 و 342 في المغازي، باب غزوة الحديبية، وفي الأنبياء، باب علامات النبوة في الإسلام، وفي تفسير سورة الفتح، باب {إذ يبايعونك تحت الشجرة} ، وفي الأشربة، باب شرب البركة والماء المبارك، مسلم رقم (1856) في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه الحميدي (1225)، وأحمد (3/308) . وعبد بن حميد (1104) قال: حدثني أبو نعيم. والبخاري (5/157) قال: حدثنا علي. وفي (6/170) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد. ومسلم (6/25) قال: حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي، وسويد بن سعيد، وإسحاق بن إبراهيم، وأحمد بن عبدة. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (2528) عن محمد بن منصور.

عشرتهم - الحميدي، وأحمد، وأبو نعيم، وعلي، وقتيبة، والأشعثي، وسويد، وإسحاق، وابن عبدة، ومحمد بن منصور - عن سفيان بن عيينة، عن عمرو، فذكره.

ص: 326

6119 -

(خ م) ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال: «كان أصحاب الشجرة ألفاً وثلاثَمائة، وكانت أَسْلَمُ ثُمْنَ المهاجرين» . أخرجه البخاري (1) ومسلم (2) .

(1) ذكره البخاري تعليقاً 7 / 342 قال: وقال عبد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عمرو ابن مرة حدثني عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما

فذكره. قال الحافظ في " الفتح ": كذا ذكره بصيغة التعليق، وقد وصله أبو نعيم في " المستخرج على مسلم "، من طريق الحسن بن سفيان حدثنا عبيد الله بن معاذ به، وقال مسلم: حدثنا عبيد الله بن معاذ به، أقول: وقد جاء موصولاً في رواية مسلم الآتية.

(2)

رواه مسلم رقم (1857) في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه مسلم (6/26) قال: حدثنا عبيد الله بن مُعاذ، قال: حدثنا أبي (ح) وحدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا أبو داود. (ح) وحدثناه إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا النضر بن شُميل.

ثلاثتهم - مُعاذ، وأبو داود، والنّضر- عن شعبة، عن عمرو - يعني ابن مُرة، فذكره.

ص: 327

(1) هو جويرية بن أسماء، الراوي عن نافع.

(2)

6 / 83 في الجهاد، باب البيعة في الحرب على أن لا يفروا.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه البخاري (4/615) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا جويرية، عن نافع، فذكره.

ص: 327

6121 -

(خ م) طارق بن عبد الرحمن رحمه الله قال: «انطلقتُ حاجاً، فمررتُ بقوم يُصَلُّون، قلتُ: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرةُ،

⦗ص: 328⦘

حيث بايعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيعةَ الرِّضوان، فأتيتُ [سعيد] بنَ المسيب فأخبرتُهُ، فقال سعيد: كان أَبي ممن بايعَ تحتَ الشجرة، قال: فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فَعَمِيَتْ علينا، فلم نقدرْ عليها، قال سعيد: فأصحابُ محمد صلى الله عليه وسلم لم يَعْلَمُوها وَعَلِمتُموها [أنتم] فأنتم أعلم!» .

[وفي رواية قال: «ذُكِرَتْ عند سعيدِ بنِ المسيبِ الشجرةُ] فضحك [وقال: أخبرني أبي، وكان شهدها» ، ولم يزد] .

وفي رواية عن ابن المسيب عن أبيه قال: «لقد رأيتُ الشجرةَ ثم أتيتُها بعد عام فلم أعرِفْها» . أخرجه البخاري ومسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(بَيْعَةُ الرِّضوان) الرضوان: الرضى، وسميت بيعة الحديبية [بيعةَ] الرضوان لقوله تعالى:{لَقَدْ رَضيَ اللهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] .

(فَعَمِيَتْ) عَمِيتْ علينا، أي: خَفِيتْ، يعني: الشجرة.

(1) رواه البخاري 7 / 344 في المغازي، باب غزوة الحديبية، ومسلم رقم (1859) في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، وباب بيعة الرضوان تحت الشجرة، وقد عزاه في المطبوع إلى البخاري فقط.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح:

1 -

أخرجه أحمد (5/433) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا أبو عوانة، وفي (5/433) قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان. والبخاري (5/158) قال: حدثنا محمود، قال: حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل. وفي (5/159) قال: حدثنا موسى، قال: حدثنا أبو عوانة. (ح) وحدثنا قَبيصة، قال: حدثنا سفيان. ومسلم (6/26) قال: حدثناه حامد بن عمر، قال: حدثنا أبو عوانة. وفي (6/27) قال: وحدثنيه محمد بن رافع، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: وقرأته على نصر بن علي، عن أبي أحمد، قال: حدثنا سفيان، ثلاثتهم - أبو عوانة، وسفيان، وإسرائيل- عن طارق بن عبد الرحمن.

2 -

وأخرجه البخاري (5/158) قال: حدثني محمد بن رافع، ومسلم (6/27) قال: حدثني حجاج بن الشاعر، ومحمد بن رافع. كلاهما عن شبابة بن سوار أبي عمر الفزاري، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة.

كلاهما - طارق بن عبد الرحمن، وقتادة - عن سعيد بن المسيب، فذكره.

ص: 327

6122 -

(خ م) عباد بن تميم رحمه الله عن عَمِّه عبد الله بنِ زيد

⦗ص: 329⦘

الأنصاريِّ قال: «لما كان يومُ الحَرَّةِ، والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلةَ، قال ابنُ زيد: علامَ يُبايعُ ابنُ حنظلةَ [الناسَ؟] (1) قيل له: على الموت، قال: لا أبايعُ على ذلك أحداً بعدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان شهدَ معه الحديبيةَ» . أخرجه البخاري ومسلم (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يومُ الحَرَّة) الحرَّةُ: أرض ذات حجارة سُود، وأراد بها حرة من حِرار المدينة، ويومُها: هو اليوم المشهور الذي جرى من أهل الشام فيه ما جرى، من قتل أهل المدينة ونهبها، وسَبي النساء والولدان في زمن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.

(1) لفظ الحديث في نسخ البخاري المطبوعة في المغازي: عن عباد بن تميم قال: لما كان يوم الحرة والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة، فقال ابن زيد: علام يبايع ابن حنظلة الناس، ولفظه في الجهاد: عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه، قال: لما كان زمن الحرة، أتاه آت فقال له: إن ابن حنظلة يبايع الناس على الموت، فقال ابن زيد: لا أبايع على هذا أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(2)

رواه البخاري 7 / 345 في المغازي، باب غزوة الحديبية، وفي الجهاد، باب البيعة في الحرب أن لا يفروا، ومسلم رقم (1861) في الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: البخاري في الجهاد (109: 2) عن موسى، عن وهيب - وفي المغازي (36: 18) عن إسماعيل، عن أخيه أبي بكر، عن سليمان بن بلال - كلاهما عن عمرو بن يحيى عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد.

ومسلم في المغازي (71: 17) عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي هشام المخزومي، عن وهيب عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد. الأشراف (4/340) .

ص: 328

6123 -

(خ م) أبو وائل قال: «قام سَهْلُ بنُ حُنَيْف رضي الله عنه يوم صفِّين، فقال: يا أَيُّها الناس، اتَّهِمُوا أنفُسَكم، لقد كُنَّا مع رسولِ الله

⦗ص: 330⦘

صلى الله عليه وسلم يومَ الحديبية، ولو نرى قتالاً لقاتلنا، وذلك في الصلح الذي كان بين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، قال: فجاءَ عمرُ بنُ الخطَّاب، [فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم]، فقال: يا رسولَ الله، ألسنا على حَقّ وهم على باطل؟ قال: بلى، قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال: ففيم نُعطي الدَّنِيَّةَ في دِيننا، ونرجعُ ولمَّا يحكم الله بينَنا وبينَهم؟ قال: يا ابن الخطَّاب، إني رسولُ الله، ولن يُضَيِّعَني الله أبداً، قال: فانطلق عمرُ، فلم يَصْبر مُتغيِّظاً، فأتى أبا بكر، فقال: يا أبا بكر، ألسنا على حَقّ وهم على باطل؟ قال: بلى، قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال: فعلام نُعطِي الدَّنيّةَ في دِيننا، ونرجعُ ولما يحكم الله بيننا وبينَهم؟ فقال: يا ابنَ الخطَّاب، إنه رسولُ الله، ولن يضيّعه الله أبداً، قال: فنزل القرآنُ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالفتح، فأرسل إلى عمرَ، فأقرأه إِيَّاه، فقال: يا رسولَ الله، أَوَ فَتْح هو؟ قال: نعم، فطابَتْ نفسُهُ ورَجَعَ» .

وفي رواية: فنزلتْ سورةُ الفتح، فقرأها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على عمر.

وفي أخرى: أنه سمع سَهْلَ بنَ حُنَيْف بِصِفِّينَ يقول: «يا أَيُّها الناس اتَّهِموا رَأْيَكم على دِينكم، لقد رأيتُني يوم أبي جَنْدَل، ولو أستطيعُ أن أردَّ أمرَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لرددتُه، وما وضعنا سُيوفَنا على عواتقنا إلى أمر يُفْظِعُنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه، غير هذا الأمر» .

⦗ص: 331⦘

زاد في رواية: «ما نَسُدُّ منه خُصْماً إلا انفجر علينا منه خُصْم، ما ندري كيف نأتي له؟» .

وفي أخرى «لما قَدِمَ سهلُ بنُ حُنَيف من صِفِّينَ أتيناه نَسْتَخْبِرُهُ (1)، فقال: اتهموا الرَّأيَ

» وذكر نحوه.

وفي أخرى «أتيتُ أبا وائل أسأله؟ فقال: كُنَّا بِصِفِّينَ، فقال رجل: ألم تر إلى الذين يُدْعَوْن إلى كتاب الله؟ فقال عليّ: نعم، فقال سَهْل بنُ حُنَيْف: اتَّهموا أَنفسكم

وذكر الحديث» أخرجه البخاري ومسلم (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(إلى أمر يُفظِعنا) الأمر الفظيع: الشنيع الشديد، وقوله:«يُفْظِعنا» أي: يُوقِعنا في أمر فظيع شديد علينا.

(خُصْماً) الخُصْم: الطرَف، وخُصم كل شيء: طرَفُه، وأراد بقوله:«ما نشدُّ خُصْماً إلا انفجر علينا منه خُصم» : الإخبار عن انتشار [الأمر وشدته، وأنه لا يتهيأ] إصلاحه وتلافيه، لأنه بخلاف ما كانوا عليه

⦗ص: 332⦘

من الاتفاق، ولذلك قال:«إلا أسْهَلَنْ بنا» أي رأينا في عاقبة السلوك فيه سهولة، كأنه ركب السَّهْلَ في طريقه، ولم يَرَ فيه مكروهاً.

(1) في المطبوع: نستخير.

(2)

رواه البخاري 13 / 244 و 245 في الاعتصام، باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس، وفي الجهاد، باب إثم من عاهد ثم غدر، وفي المغازي، باب غزوة الحديبية، وفي تفسير سورة الفتح، باب إذا يبايعونك تحت الشجرة، ومسلم رقم (1785) في الجهاد، باب صلح الحديبية في الحديبية.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (3/485) قال: حدثنا يَعْلَى بن عُبَيْد. والبخاري (4/125) قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا يزيد بن عبد العزيز. وفي (6/170) قال: حدثنا أحمد بن إسحاق السُّلمي، قال: حدثنا يعلى. ومسلم (5/175) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن نُمير. (ح) وحدثنا ابن نُمير، قال: حدثنا أبي. والنسائي في الكبرى تحفة الأشراف (4661) عن أحمد بن سُليمان، عن يَعْلَى بن عُبَيْد.

ثلاثتهم - يعلى، ويزيد، وعبد الله بن نُمير- عن عبد العزيز بن سياه، قال: حدثنا حَبيب بن أبي ثابت، عن أبي وائل، فذكره.

ص: 329