الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1563] باب شرطة آخر الزمان
[قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]:
[ترجم له الإمام بما ترجمناه به].
"الصحيحة"(4/ 517).
[1564] باب من أشراط الساعة زخرفة المساجد
[قال الإمام]:
[من أحكام المساجد] أن لا يزخرفه ويزينه؛ لأنه تضييع للمال فيما لا فائدة فيه لما فيه من إلهاء المصلي عن الخشوع الذي هو روح الصلاة ولبها.
[ثم ساق الإمام الأدلة على ذلك ثم قال]:
وبالجملة فمجموع هذه الأحاديث يدل على ثبوت نهيه عليه الصلاة والسلام عن زخرفة المساجد وقد أشار إلى ذلك في الحديث الآتي:
«لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد» الحديث أخرجه النسائي، والدارمي، وابن ماجه، والبيهقي، وأحمد من طرق عن حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس مرفوعاً به.
وهذا سند صحيح على شرط مسلم ولفظ النسائي: «من أشراط الساعة أن يتباهى. . .» الحديث.
وفي هذا الحديث والذي قبله كراهة تزويق المساجد، وتزيينها بالنقوش والحمرة والصفرة، وكل ما يلهي المصلي ويشغله عن الخشوع الذي هو روح جسم العبادة، كما قال الصنعاني، وفوق هذا ففيه إضاعة المال بدون أية فائدة للمسجد، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال، وذلك أنه ليس المقصود من بناء المساجد إلا أن تَكِنّ الناس من الحر والقر كما سبق عن عمر رضي الله عنه، وزخرفتها ليس من ذلك في شيء، ولذلك نهى عنه عمر رضي الله عنه بقوله:"وإياك أن تحمر أو تصفر". قال ابن بطال:
" كأن عمر فهم ذلك من رد الشارع الخميصة إلى أبي جهم من أجل الأعلام التي فيها، وقال: " إنها ألهتني عن صلاتي».
قال الحافظ: «ويحتمل أن يكون عند عمر من ذلك علم خاص بهذه المسألة» . ثم ذكر الحديث المتقدم قريبا عن عمر مرفوعا بلفظ: «ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم» .
وقد روى البخاري، وأبو داود، وأحمد، وعنه البيهقي، عن ابن عمر رضي الله عنه: أن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مبنيًّا باللبن، وسقفه الجريد، وعمده خشب النخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً، وزاد فيه عمر وبناه على بنيانه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باللبن والجريد، وأعاد عمده خشباً، ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة (الجص) وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج.
قال الحافظ: "و (الساج): نوع من الخشب معروف يؤتى به من الهند، وقال ابن بطال وغيره:" هذا يدل على أن السنة في بنيان المسجد القصد، وترك الغلو في
تحسينه، فقد كان عمر مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه، وإنما احتاج إلى تجديده؛ لأن جريد النخل كان قد نخر في أيامه، ثم كان عثمان - والمال في زمانه أكثر - فحسنه بما لا يقتضي الزخرفة، ومع ذلك فقد أنكر بعض الصحابة عليه كما سيأتي بعد قليل.
وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك بن مروان، وذلك في أواخر عصر الصحابة، وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفاً من الفتنة. . . وقال ابن المنير: لما شيد الناس بيوتهم وزخرفوها ناسب أن يصنع ذلك بالمساجد صوناً لها عن الاستهانة، وتعقب بأن المنع إن كان للحث على اتباع السلف
في ترك الرفاهية فهو كما قال، وإن كان لخشيته شغل بال المصلي بالزخرفة فلا لبقاء العلة، وفي حديث أنس علم من أعلام النبوة لإخباره صلى الله عليه وآله وسلم بما سيقع فوقع كما قال".
قال الشوكاني:
"ومن جملة ما عول عليه المجوزون للتزيين بأن السلف لم يحصل منهم الإنكار على من فعل ذلك، وبأنه بدعة مستسحسنة، وبأنه مرغب إلى المسجد، وهذه حجج لا يعول عليها من له حظ في التوفيق، لا سيما مع مقابلتها للأحاديث الدالة على أن التزيين ليس من أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه نوع من المباهاة المحرمة، وأنه من علامات الساعة كما روي عن علي عليه السلام، وأنه من صنع اليهود والنصارى، وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يحب مخالفتهم ويرشد إليها عموماً وخصوصاً، ودعوى ترك إنكار السلف ممنوعة؟ لأن التزيين بدعة أحدثها أهل الدول الجائرة من غير مؤاذنة لأهل العلم والفضل، وأحدثوا من البدع ما لا يأتي عليه الحصر، ولا ينكره أحد، وسكت العلماء عنهم تقية لا رضا، بل قام في وجه باطلهم جماعة
من علماء الآخرة، وصرخوا بين أظهرهم بنعي ذلك عليهم، ودعوى أنه بدعة مستحسنة باطلة وقد عرفناك وجه بطلانها في شرح حديث:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» في باب الصلاة في ثوب الحرير والغصب، ودعوى أنه مرغب إلى المسجد فاسدة؛ لأن كونه داعياً إلى المسجد ومرغباً إليه لا يكون إلا لمن غرضه وغاية قصده النظر إلى تلك النقوش والزخرفة، فأما من كان غرضه قصد المساجد لعبادة الله - التي لا تكون عبادة على الحقيقة إلا مع خشوع وإلا كانت كجسم بلا روح - فليست إلا شاغلة عن ذلك كما فعله صلى الله عليه وآله وسلم في الأنبجانية التي بعث بها إلى أبي جهم، وكما تقدم من هتكه للستور التي فيها نقوش، وكما سيأتي في " باب تنزيه قبلة المصلي عما يلهي " وتقديم البدع المعوجة التي يحدثها الملوك توقع أهل العلم في المسالك الضيقة فيتكلفون لذلك من الحجج الواهية ما لا ينفق إلا على بهيمة ".
ومما يدلك على أن دعوى كون السلف لم يقع منهم الإنكار على من فعل التزيين به دعوى باطلة في الجملة: ما روى سعيد بن منور: ثنا سفيان عن [ابن] أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب قال: دخلت مع ابن عمر مسجداً بالجحفة فنظر إلى شرفاته فخرج إلى موضع فصلى فيه ثم قال لصاحب المسجد: إني رأيت في مسجدك هذا - يعني الشرفات - شبهتها بأنصاب الجاهلية فأمر أن تكسر.
نقلته من "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الستة غير إسماعيل هذا وهو ثقة كما في " التقريب".
وفي " المدونة " لابن القاسم: قال: سمعت مالكاً، وذكر مسجد المدينة وما