الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1782] باب هل التواكل تسليم بالقضاء والقدر
سؤال:
…
بالنسبة للزهد والتوكل، الفرق بينهما، مع الشرح،
…
نحن نعرف أن الشخص إذا ذهب إلى الصحراء ثم مكث في الصحراء وقال: رب ارزقني، هذا تواكل، طيب ما الفرق؟
الشيخ: أنت تقول: الزهد والتواكل، أم التوكل؟
مداخلة: التواكل
…
الشيخ: عفواً، أنت تلاحظ معي ما الفرق بين التوكل والتواكل؟
مداخلة: أي نعم.
الشيخ: وهو؟
مداخلة: التوكل التوكل على الله يُعِدُّ الأسباب.
الشيخ: والتواكل؟
مداخلة: والتواكل لا يُعِدُّ الأسباب.
الشيخ: أجل؛ لماذا ذكرت التواكل مع الزهد معاً؟
مداخلة: لأن الزهد الإنسان أراد أن يزهد في الدنيا، هل يجب أن يعد الأسباب؟
…
الشيخ: هنا يأتي التفصيل، لكن هذا لا يستلزم أنك تذكر التواكل مع
الزهد أبداً.
التواكل أن يقعد الإنسان في بيته ويقول: الله يرزقني، فيأتي جواب عمر: لقد
علمتم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. هذا التواكل، لكن إنسان عنده قوة إيمان بالله عز وجل، وعنده كم دينار أو فلس أو قرش .. إلخ، فإيمانه بالله عز وجل يحمله على أن يتصدق بهذه الأموال القليلة أو الكثيرة التي عنده، فهذا لا يلتقي أبداً مع التواكل، إنما هذا يلتقي مع التوكل على الله تبارك وتعالى، وإلا هل تظن بأن الرسول كان متواكلاً؟
مداخلة: لا.
الشيخ: فإذاً؟
مداخلة: متوكلاً.
الشيخ: ما فيه ارتباط بين الزهد الصحيح وبين التواكل إطلاقاً، لكن هنا شيء لابد للإنسان من أن يلاحظه، هذا الزهد الذي ذكرت نوعاً منه عن نبينا عليه الصلاة والسلام، هذا يختلف باختلاف الأشخاص، فليس كل إنسان يجوز له ليس يستحب له أن يخرج عن كل ماله كما فعل الرسول عليه السلام،
…
وإنما هذا له أناس بلغ بهم إيمانهم وتوكلهم على الله مبلغاً لا تناله الناس أو البشرية كلها، فنحن نعلم مثلاً في الحديث الصحيح لما أبو بكر الصديق تصدق بما عنده فقال عليه السلام:«ماذا تركت لأهلك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله» (1) فهذه أيضاً المنقبة والفضيلة اختص بها الرجل الأول بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أصحابه.
لكن انظر الآن ما يقابل هذا بالنسبة لقصة سعد بن أبي وقاص لما مرض في حجة الوداع، وخشي أن يكون وفاته هناك، فعاده الرسول عليه السلام وقال له بأنه
(1)"فضائل الصحابة " لأحمد (1/ 360ح 527).
أريد أن أوصي بمالي، قال:«لا، قال: في النصف؟ قال: لا، قال: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون أيدي الناس» (1)، فإذاً: هنا يعطينا هذا الحديث فرق بين إنسان معيل وعائلته ليسوا من قوة الإيمان والتوكل بحيث أنه إذا تصدق بكل ماله كما فعل أبو بكر الصديق يقولوا: ماذا فعل أبونا، تركنا فقراء فيما بعد، ولن يقولوا: جزى الله أبانا خيراً، فلنا الله من بعده، كما يروى أيضاً وإن كان هذه لا تروي بالأسانيد الحديثية عن قصة عمر بن عبد العزيز لما تولى الخلافة، كل المال الذي كان عند زوجته فاطمة أعاده إلى بيت مال المسلمين، لو أن فاطمة لم تكن كفاطمة بنت الرسول كانت وقعت الواقعة بين الزوجين، ولذلك باختصار الزهد ليس له حد أولاً، ثم يختلف باختلاف الأشخاص ثانياً، فإذا كان إنسان معيل وعنده عائلة، ويعلم بأنهم لم يؤتوا من الزهد نصيباً؛ فلا يجوز له أن يخرج عن كل ماله ويدعهم فقراء، وربما يصل بهم الأمر أن يقعوا فيما يشبه الكفر؛ لأن الرسول عليه السلام كما نعلم من الأحاديث الصحيحة استعاذ من الكفر والفقر؛ لأن الفقر يكون أحياناً سبباً يؤدي إلى الكفر، وإن كان الحديث الوارد في هذا المعنى:«كاد الفقر أن يكون كفراً» (2) لا يصح إسناداً.
هذا ما يحضرني جواباً عن سؤال الزهد هذا.
السؤال: عمر بن عبد العزيز عندما أراد أن يموت ما أدري هل القصة هذه صحيحة أم لا، حينما قال له أحد وزرائه أو أحد الرجال: لم لا تترك لأبنائك بعض
(1)"صحيح سنن آبي داود "(رقم 2864)، وصحيح الترميذي (975)، وصحيح النسائي (3626) وصحيح ابن ماجة (2708).
(2)
"ضعيف الجامع"(رقم 4148) ، " الضعيفة"(9/ 77).
المال؟ فقال: إن كان أبنائي صالحين فإن الله تبارك وتعالى يتولى الصالحين، وإن كان أبنائي غير صالحين فأنا لا أترك أموالي إلى غير صالحين. ترون هل هو تشبه بأبي بكر لم يترك شيئاً لأبنائه؟
الشيخ: تشبه بأبي بكر ولم يتشبه بمين، قلت: تشبه بأبي بكر ولم يتشبه؟
مداخلة: ولم يترك شيئاً من ماله.
الشيخ: أولاً: هل عمر هو حجتنا؟
مداخلة: لا،
…
الشيخ: هذا تصرف شخصي، وكما قلنا: واقعة عين أيضاً ليس لها عموم.
فنحن نقول: هذا تصرف من عمر أصاب أم أخطأ لسنا مكلفين فيه، نحن أتينا بحديث سعد بن أبي وقاص، وحديث سعد خلاف ما فعل عمر بن عبد العزيز تماماً، لكن ممكن عمر بن عبد العزيز بدا له شيء، فكان ذلك المنطلق منه بناء على هذا الذي بدا له، فهذا ما يهمنا نحن بالنسبة للأحكام الشرعية أبداً.
مداخلة: نستخلص أن الحكم الشرعي أن يترك الرجل الثلث.
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: وهذا كثير.
الشيخ: أي نعم.
"الهدى والنور"(27/ 42: 11: 00)