الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1471] باب هل يصل ثواب قراءة القرآن إلى الميت
سؤال: قراءة القرآن تصل إلى الميت؟
الشيخ: إذا كان الذي يقرأ القرآن هو ولد للمتوفى سواء كان أباً أو أماً فهذه القراءة تنفع، أما من سوى الأولاد فلا تنفع قراءتهم غير الأبوين كما ذكرت آنفاً، فالزوجة إذاً طلعت خارج، لكن بلا شك أنتِ كزوجة مصابة بوفاة زوجك فباستطاعك أنك تدعي له أنه إن كان محسناً فربنا عز وجل يزيد في حسناته، وإن كان مسيئاً فربنا يتجاوز عن سيئاته، دائماً تذكريه بالخير وتدعي له بالخير، أما أنك تقرأي وتهدي ثواب القراءة للزوج خلاص انقطع عمله كما ذكرت في الحديث السابق وتمام هذا الحديث قوله عليه الصلاة والسلام:«إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» .
" الهدى والنور"(/290/ 10: 53: 00).
[1472] باب هل يجزى حج الأولاد أو الورثة عن أبيهم المتوفي
؟
سؤال: رجل كان مستطيعاً الحج ولم يحج ومات، أيحج عنه الورثة أو
أبناؤه مثلاً؟
الشيخ: إذا كان وجب عليه الحج فإن استطاع الحج ولم يفعل فلا يستطيع أحد أن يحج عنه، وهذا فيه أثر صحيح عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه:«لا يحج أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد» رواه الإمام مالك في الموطأ بالسند الصحيح.
بدأت بهذا الأثر الصحيح لصراحته في الموضوع وهو مأخوذ من نصوص من الكتاب والسنة، من ذلك قوله تبارك وتعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا
سَعَى} (النجم:39) فإنسان أمر بأداء فريضة ما .. فريضة الحج أو الصيام أو الصلاة أو ما شابه ذلك، وكان مستطيعاً لكل ذلك ثم لم يفعل فمعنى ذلك أنه لم يتزك بالقيام بهذه الفرائض، والله عز وجل يقول:{وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} (فاطر:18) فحينئذٍ من يزكيه بعد أن جاءه اليقين؟! وانتقل إلى رحمة رب العالمين أو إلى عذابه الأليم حسب ما يشاء الله عز وجل أن يعامله به.
من الذي يزكيه؟ {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (النجم:39) ولذلك قال ذلك الصحابي الجليل: "لا يحج أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد" أي: هذا في الفرائض؛ ولذلك فرجل مات ولم يؤد فريضة الحج التي كانت فرضت عليه فلا يستطيع أحد أولاده أن يحج بدلاً عنه فضلاً عما جاء في السؤال مما هو أعم مما قلت، أي: لا يستطيع أن يحج أحد من أفراد ذريته، فهذا قد يكون في الذرية أخ، وقد يكون في الذرية زوجة وإلى آخره، فإذا كان الولد لا يستطيع أن يحج عن أبيه فمن باب أولى أن لا يستطيع من هو أبعد عن هذا الأب من ابنه.
وهنا قد يرد في البال كيف يقال: «لا يصوم أحد عن أحد» ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الحديث الصحيح: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» ؟ إذاً: هذا كأنه يعارض ذاك الذي قلته آنفاً.
الجواب: الحديث إنما يراد به من مات وعليه صيام نذر وليس صيام فريضة، أي: هو نذر على نفسه نذراً ما كان الله عز وجل فرضه عليه إلا بفرضه هو بهذا الصيام على نفسه .. هذا الذي لولي الميت أن يصوم عنه؟ من أين أخذنا هذا القيد؟ هنا مسألة تتعلق بقاعدة فقهية أصولية وهي: الراوي أدرى بمرويه من غيره، الراوي - أي: في الحديث - أدرى بمرويه من غيره .. هذه القاعدة معشر طلاب العلم! إذا فهمتموها ورسخت في أذهانكم ساعدتكم على فهم بعض المسائل الخلافية بين العلماء فمهاً صحيحاً.
الراوي للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل والراوي عن صحابي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهكذا وأنت نازل إلى إن يصنف هذا الحديث من الراوي الأول هو الصحابي، ثم التابعي، ثم تابع التابعي، ثم أتباع هذا التابعي وهكذا إلى أن يصنف، هذه القاعدة تشمل كل هذه الأصناف: الراوي أدرى بمرويه من غيره.
فهنا نبدأ بالراوي الأول: هذا الحديث رواه صحابيان جليلان أحدهما عائشة رضي الله تعالى عنها، والآخر عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما .. هذان الراويان حملا الحديث على صوم النذر، إذاً: الراوي أدرى بمرويه من غيره، ولا أريد أن أطيل أيضاً في الإجابة.
لكن أيضاً أريد أن أضرب مثلاً لراوٍ نازل ليس صاحبي تابعي .. فأنتم ولا شك تسمعون حديثاً تجدون عامة علماء العلم اليوم بعيدين عن فهم الحديث .. لا أقول: فهماً صحيحاً وهو صحيح، إنما أقول: إنهم فهموا الحديث على خلاف فهم الراوي عن الصحابي .. عفواً: هذا الفهم من هذا الصحابي .. من هذا الراوي عن الصحابي هو الصحيح، ما هو الحديث؟ حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيعتين في بيعة» (1) تجار آخر الزمان يقعون في مخالفة هذا الحديث وما في معناه، فلعل إخواننا الذين جمعتنا معهم دعوة الحق الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح .. اسمعوا الآن السلف الصالح: ابن مسعود يقول: «نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن بيعتين في بيعة» .
الراوي لهذا الحديث عن ابن مسعود سئل: ما بيعتين في بيعة؟ قال: أن تقول
(1)"صحيح الجامع"(رقم6943).
أبيعك هذا بكذا نقداً وبكذا وكذا نسيئة، هذا هو بيع التقسيط اليوم! لكن الأسماء تختلف، أنا في علمي والله أعلم بيع التقسيط جاءنا من بلاد الكفر والضلال عندما استعمرت هذه البلاد .. بيع فيه بيع بالدين قديماً، أما بيع بالتقسيط منظم بما يسمى بالشيكات وإلى آخره هذه بضاعة أوروبية كافرة.
«نهى عن بيعتين في بيعة» قال سماك بن حرب: الراوي لهذا الحديث عن ابن مسعود: ما بيعتين في بيعة؟ قال: أن تقول: أبيعك هذا بكذا نقداً بمائة مثلاً نقداً .. بمائة وخمسة دنانير تقسيطاً .. نسيئةً .. قال الرسول عليه السلام نهى عن هذا، إذا أردنا أن نفسر هذا الحديث بغير هذا التفسير وهذا معروف من بعض المتأخرين بخاصة، نقول لهم: أولاً: راوي الحديث أدرى بمرويه من غيره، كيف هذا؟
هل يدخل في عقل طالب علم .. طالب علم بحق أن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما كانوا يسمعون الحديث من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وافترض في احدهم أنه سمع الحديث وما فهم معناه ودلالته وفقهه ألا يتوجه بالسؤال إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أم يكتم ذلك الجهل في نفسه ويروي الحديث دون أن يستوضح منه؟ أظن أنا أول الظانين ظن المؤمن هذا مستحيل على الصحابي أن يسمع الحديث لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يفهم دلالته الظاهرة، ثم هو لا يسأل الرسول عليه؟! هذا مستحيل.
إذاً: يقال هذا الذي قلنا في الصحابي للذي تلقى هذا الحديث عن الصحابي، هو هنا سماك بن حرب، سمع الحديث من ابن مسعود .. نفس السؤال السابق: أتظنون أن سماك بن حرب التابعي لما سمع الحديث من ابن مسعود: «نهى عن بيعتين في بيعة» لم يفهمه، هو أحد رجلين: إما أنه فهمه وإما أنه لم يفهمه، فإذا فهمه ما في داعي للسؤال، وإذا لم يفهمه سيسأل أيضاً كما يفعل الصحابي وهكذا.
فإذا سمعنا التابعي إذاً يروي هذا الحديث عن الصحابي ويسأل التابعي: ما