الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1612] باب منه
[قال الإمام]:
ومنهم [أي من الناس] من يشاركنا في النقمة على هؤلاء المدعين للمهدوية، ولكنه يبادر إلى إنكار الأحاديث الصحيحة الواردة في خروج المهدي في آخر الزمان، ويدعي بكل جرأة أنها موضوعة وخرافة!! ويسفه أحلام العلماء الذين قالوا بصحتها، يزعم أنه بذلك يقطع دابر أولئك المدعين الأشرار! وما علم هذا وأمثاله أن هذا الأسلوب قد يؤدي بهم إلى إنكار أحاديث نزول عيسى عليه الصلاة والسلام أيضاً، مع كونها متواترة! وهذا ما وقع لبعضهم، كالأستاذ فريد وجدي والشيخ رشيد رضا، وغيرهما، فهل يؤدي ذلك بهم إلى إنكار ألوهية الرب سبحانه وتعالى لأن بعض البشر ادعوها كما هو معلوم؟! نسأل الله السلامة من فتن أولئك المدعين، وهؤلاء المنكرين للأحاديث الصحيحة الثابتة عن سيد المرسلين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
"الصحيحة"(5/ 278).
[1613] باب رد شبهة أن أحاديث المهدي تؤدي إلى التثبيط والتواكل
[قال الإمام]:
اعلم يا أخي المسلم أن كثيراً من المسلمين اليوم قد انحرفوا عن الصواب في هذا الموضوع، فمنهم من استقر في نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي! وهذه خرافة وضلالة ألقاها الشيطان في قلوب كثير من العامة، وبخاصة الصوفية منهم، وليس في شيء من أحاديث المهدي ما يشعر بذلك مطلقاً، بل هي
كلها لا تخرج عن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بَشَّرَ المسلمين برجل من أهل بيته، ووصفه بصفات بارزة أهمها أنه يحكم بالإسلام وينشر العدل بين الأنام، فهو في الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة كما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم، فكما أن ذلك لا يستلزم ترك السعي وراء طلب العلم والعمل به لتجديد الدين، فكذلك خروج المهدي لا يستلزم التواكل عليه وترك الاستعداد والعمل لإقامة حكم الله في الأرض، بل على العكس هو الصواب، فإن المهدي لن يكون أعظم سعياً من نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي ظل ثلاثة وعشرين عامّاً وهو يعمل لتوطيد دعائم الإسلام، وإقامة دولته فماذا عسى أن يفعل المهدي لو خرج اليوم فوجد المسلمين شيعاً وأحزاباً، وعلماءهم - إلا القليل منهم - اتخذهم الناس رؤوساً! لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام إلا بعد أن يوحد كلمتهم ويجمعهم في صف واحد، وتحت راية واحدة، وهذا بلا شك يحتاج إلى زمن مديد الله أعلم به، فالشرع والعقل معا يقتضيان أن يقوم بهذا الواجب المخلصون من المسلمين، حتى إذا خرج المهدي، لم يكن بحاجة إلا أن يقودهم إلى النصر، وإن لم يخرج فقد قاموا هم بواجبهم، والله يقول:{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} .
ومنهم - وفيهم بعض الخاصة - من علم أن ما حكيناه عن العامة أنه خرافة ولكنه توهم أنها لازمة لعقيدة خروج المهدي، فبادر إلى إنكارها، على حد قول من قال:" وداوني بالتي كانت هي الداء "! وما مثلهم إلا كمثل المعتزلة الذين أنكروا القدر لما رأوا أن طائفة من المسلمين استلزموا منه الجبر!! فهم بذلك أبطلوا ما يجب اعتقاده، وما استطاعوا أن يقضوا على الجبر!
"الصحيحة"(4/ 42 - 43).