الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1467] باب الميت ينتفع بقضاء الدين عنه
ولو من غير ولده، بخلاف التصدق عنه
[ذكر الإمام بعض ما يجب على الحاضرين فعله بعد موت الميت فأورد أمورًا ثم قال]:
أن يبادر بعضهم لقضاء دينه من ماله، ولو أتى عليه كله، فإن لم يكن له مال فعلى الدولة أن تؤدي عنه إن كان جهد في قضائه، فإن لم تفعل، وتطوع بذلك بعضهم جاز، وفي ذلك أحاديث:
الأول: عن سعد بن الأطول رضي الله عنه:" أن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم، وترك عيالاً، قال: فأردت أن أنفقها على عياله، قال: فقال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن أخاك محبوس بدينه (فاذهب) فاقض عنه (فذهبت فقضيت عنه، ثم جئت) قلت: يا رسول الله، قد قضيت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة، وليست لها بينة، قال: «أعطها فإنها محقة، (وفي رواية: صادقة)». أخرجه ابن ماجه (2/ 82) وأحمد (4/ 136، 5/ 7) والبيهقي (10/ 142) وأحد إسناديه صحيح، والآخر مثل إسناد ابن ماجه، وصححه البوصيري في " الزوائد "! وسياق الحديث والرواية الثانية للبيهقي وهي والزيادات لأحمد في رواية.
الثاني: عن سمرة بن جندب. " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى على جنازة (وفي رواية: صلى الصبح) فلما انصرف قال: «أههنا من آل فلان أحد» ؟ (فقال رجل: هو ذا)، قال: فقام رجل يجر إزاره من مؤخر الناس (ثلاثا لا يجيبه أحد)، (فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما منعك في المرتين الأولين أن تكون أجبتني؟) أما إني لم أفوه باسمك إلا لخير، إن فلاناً - لرجل منهم - مأسور بدينه (عن الجنة، فإن شئتم فافدوه، وإن
شئتم فأسلموه إلى عذاب الله)، فلو رأيت أهله ومن يتحرون أمره قاموا فقضوا عنه، (حتى ما أحد يطلبه بشيء) " (1) أخرجه أبو داود (2/ 84) والنسائي (2/ 233) والحاكم (2/ 25،26) والبيهقي (6/ 4/76) والطيالسي في مسنده (رقم 891،892) وكذا أحمد (5/ 11، 13،20) بعضهم عن الشعبي عن سمرة، وبعضهم أدخل بينهما سمعان بن مشنج، وعلى الوجه الثاني صحيح فقط.
والرواية الأخرى للمسندين، والزيادة الأولى والثانية للحاكم، وكذا الثالثة والخامسة، وللبيهقي الثانية، ولأحمد الثالثة والرابعة، وللطيالسي الخامسة، وله ولأحمد وأبي داود السادسة.
الثالث: عن جابر بن عبد الله قال:
"مات رجل، فغسلناه وكفناه وحنطناه، ووضعناه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث توضع الجنائز، عند مقام جبريل، ثم آذنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة عليه، فجاء معنا، (فتخطى) خطى، ثم قال: لعل على صاحبكم ديناً؟» قالوا: نعم ديناران، فتخلف، (قال: صلوا على صاحبكم)، فقال له رجل منا يقال له أبو قتادة: يا رسول الله هما علي، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:«هما عليك وفي مالك، والميت منهما برئ» ؟ فقال: نعم، فصلى عليه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا لقي أبا قتادة يقول:(وفي رواية ثم لقيه من الغد فقال:) ما صنعت الديناران؟ (قال: يا رسول الله إنما مات أمس) حتى كان آخر ذلك (وفي الرواية الأخرى: ثم لقيه من الغد فقال: ما
(1) وله شاهد من حديث ابن عباس، رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(ق 156/ 5) بسند ضعيف. [منه]
فعل الديناران؟) قال: قد قضيتهما يا رسول الله، قال: «الآن حين بردت عليه جلده" (1).أخرجه الحاكم (2/ 58) والسياق له والبيهقي (6/ 74 - 75) والطيالسي (1673) وأحمد (3/ 330) بإسناد حسن كما قال الهيثمي (3/ 39) وأما الحاكم فقال: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي!
والرواية الأخرى مع الزيادات عندهم جميعا إلا الحاكم، إلا الزيادة الثانية فهي للطيالسي وحده
…
[تنبيه]:
[1]
- أفادت هذه الأحاديث أن الميت ينتفع بقضاء الدين عنه، ولو كان من غير ولده، وأن القضاء يرفع العذاب عنه، فهي من جملة المخصصات لعموم قوله تبارك وتعالى:{وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث
…
» الحديث رواه مسلم والبخاري في الأدب المفرد وأحمد، ولكن القضاء عنه شيء والتصدق عنه شيء آخر؛ فإنه أخص من التصدق، وإلا فالأحاديث التي وردت في التصدق عنه، إنما موردها في صدقة الولد عن الوالدين، وهو من كسبهما بنص الحديث، فلا يحوز قياس الغريب عليهما؛ لأنه قياس مع الفارق كما هو ظاهر، ولا قياس الصدقة على القضاء؛ لأنها أعم منه كما ذكرنا.
"أحكام الجنائز"(ص25 - 28).
(1) أي بسبب رفع العذاب عنه بعد وفاء دينه. [منه].