الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمعنى واحد ولكنهما يختلفان من ناحية عن الإرادة والمشيئة، فمشيئة الله وإرادته تشمل كل شيء يقع في هذا الكون من خير أو من شر، كما تقرؤون في كتابه تبارك وتعالى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس:82) فقوله تعالى هذا يشمل كل شيء يقع في هذا الكون من كل أمر سواءً كان مشروعًا أو غير مشروع، لذلك قال أحد العلماء:
مريد الخير والشر القبيح ولكن ليس يرضى بالمحال.
إن مشيئة الله وإرادة الله لفظان مختلفان مترادفان في المعنى، كذلك قوله: رضا الله ومحبة الله أيضًا لفظان مختلفان مترادفان في المعنى، هذان لفظان يختلفان لفظًا ومعنًى عن اللفظين الأولين، فمحبة الله للشيء ورضى الله للشيء يدخل في عموم إرادته، وكذلك ما يكرهه كما ذكرنا آنفًا.
أما ما يكرهه ربنا تبارك وتعالى فلا يدخل فيما يحبه ولا فيما لا يرضاه كما قال تعالى: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} (الزمر:7) من هنا قال أحد العلماء:
مريد الخير والشر القبيح: جمع للإرادة الخير والشر كما ذكرنا، ولكن ليس يرضى بالمحال: الذي هو الشر، فالله عز وجل يحب الخير .. يحب الإيمان ويكره الكفر والطغيان، كل من الإيمان والكفر بمشيئة الله عز وجل وتقديره وإرادته.
"رحلة النور"(33أ/00:15:00)
[1755] باب الفرق بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية
[قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]:
«يقول الله لأهون أهل النار عذاباً يوم القيامة: يا ابن آدم! كيف وجدت
مضجعك؟ يقول: شر مضجع، فيقال له: لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتدياً بها؟ فيقول: نعم، فيقول: كذبت قد أردت منك أهون من هذا، وأنت في صلب» وفي رواية: ظهر «آدم أن لا تشرك بي شيئا ولا أدخلك النار، فأبيت إلا الشرك، فيؤمر به إلى النار» .
[قال الإمام]:
قوله: (قد أردت منك) أي أحببت منك، والإرادة في الشرع تطلق ويراد بها ما يعم الخير والشر والهدى والضلال كما في قوله تعالى:{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ في السَّمَاءِ} .وهذه الإرادة لا تتخلف. وتطلق أحياناً ويراد بها ما يرادف الحب والرضا، كما في قوله تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ،وهذا المعنى هو المراد من قوله تعالى في هذا الحديث (أردت منك) أي أحببت والإرادة بهذا المعنى قد تتخلف، لأن الله تبارك وتعالى لا يجبر أحدا على طاعته وإن كان خلقهم من أجلها {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} ، وعليه فقد يريد الله تبارك وتعالى من عبده ما لا يحبه منه. ويحب منه ما لا يريده، وهذه الإرادة يسميها ابن القيم رحمه الله تعالى بالإرادة الكونية أخذاً من قوله تعالى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ، ويسمى الإرادة الأخرى المرادفة للرضا بالإرادة الشرعية، وهذا التقسيم، من فهمه انحلت له كثير من مشكلات مسألة القضاء والقدر، ونجا من فتنة القول بالجبر أو الاعتزال وتفصيل ذلك في الكتاب الجليل " شفاء العليل في القضاء والقدر والحكمة والتعليل " لابن القيم رحمه الله تعالى.
"الصحيحة"(1/ 1/330 - 334).