الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الملائكة، فيحتمل التبديل؛ لأن إحاطة الخلق بجميع علم الله محال، وما في علمه من تقدير الأشياء لا يبدل".
وإذا عرفت هذا؛ سهل عليك فهم كثير من النصوص المرفوعة والآثار الموقوفة، وقد تقدم بعضها، وتخلصت من الوقوع في تأويلها. والله الهادي.
ثم وقفت على كلام جيد لشيخ الإسلام ابن تيمية، يؤيد ما ذهبت إليه في "مجموع الفتاوى"(8/ 516 - 518،540،541) و (14/ 488 - 492)، فراجعه؛ فإنه مهم.
"الضعيفة"(11/ 2/764 - 768).
[1779] باب هل آية {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ
…
} من آيات القدر
؟
- سؤال: الطلبة في كلية المجتمع بيسألوا سؤالاً على النحو الذي تفضلت به، الآن كتب عليّ في اللوح المحفوظ أمور أنا الجاني فيها خيراً أو شراً،
…
الآن أنا جوابي أريد أن أعرضه عليك، فإن كنت على صواب أخذت منك، وإن كنت على ضلال رجعت عنه.
أقول للطلبة بأن كل ما في اللوح المحفوظ أصلاً هو في علم الله، لكن أنا كإنسان لم أُخبر لأن أسير في هذا الطريق أو في هذا الطريق، إنما وضع لي العقل، العقل يقول لي هذا الطريق خير فسر به، ويؤدي بك إلى الخير، هذا الطريق هو الطريق الشر ويؤدي بك إلى النار، فابتعد عنه، فلو لو فرضنا جدلًا أن الله تعالى في علم الكتاب قد كتب عليّ أن أفعل شرًّا فعندما هممت بالشر اهتديت بعقلي أن هذا شر فتراجعت عنه وعملت خيراً واستندت إلى قوله تعالى {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ
وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ}، فما رأيك بهذا الجواب إذا سمحت لأني أنا قلق فيه؟
الشيخ: والله الجواب فيه شيء من الخطأ؛ لأنه لا نستطيع نتصور؛ نتقول أنه سبق في علم الله أنني أعمل شرًّا ثم أنا أحيد عنه، هذا مستحيل، نحن ننتهي إلى القدر، لكن انتهينا أن القدر ليس غصباً وليس رغماً وإنما هو كما شرحنا آنفاً، والآن نضرب مثلاً توضيحيّاً: مدير مدرسة -وأنت تتكلم عن الطلاب- كيس فطن، قائم بإشرافه الكامل على تلامذته، وعاش معهم بضع سنين، هو يستطيع أن يقول فلان التلميذ أو الطالب سينجح في آخر السنة، وفعلاً بينجح، لماذا؟ لأنه عرف من إشرافه عليهم وممارسته هو وإلى آخره إنه هذا كيس فطن مجتهد ما هو كسل ووإلى آخره، فبيعطي النتيجة قبل أن تظهر، وهذا إنسان عاجز بَشَر، وربنا عز وجل الذي علمه ذاتي وليس كسبيًّا كعلمنا نحن، فهو بسابق علمه كما شرحت آنفاً يعلم فلان حينما يأتيه الأمر بالإيمان يؤمن أم يكفر، وكَتَبَهُ مؤمناً إن سبق في علمه أنه سيؤمن، وكَتَبَهُ كافراً إن سبق في علمه أنه يكفر،
…
الشيء الحقيقة كما جاء في بعض الأغاني وقلما تنطق بالحق المكتوب على الجبين لا بد ما تشوفه العين، هذا الكلام صحيح ولو في أغنية؛ لأنه مثل ما قلنا ذاك اليوم مش كل ما يقوله الصوفي نقول باطل، هو بيقول: لا إله إلا الله محمداً رسول الله، فهو حق، فإذاً كل شيء مسجل على الإنسان لا بد أن يقع كما هو مسجل، لكن نحن درسنا موضوع التسجيل أنه لن يرغم على هذا التسجيل صاحبه، وإنما سجل عليه مسبقاً ما سيفعله، كهذا التلميذ الذي حكم أستاذه بأنه سينجح، وبالمقابل فلان سيسقط؛ لأنه يلهو ليلاً نهاراً ليس سينجح فهو ساقط، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون، فهذا يجب أن يكون الجواب، مش على فرضية أنه كتب عليّ أن أعمل شرًّا فأنا حكمت عقلي أنه هذا شر ما لازم أعمله فرجعت عنه، لا بدك تفترض هالمناقشة هالمحاكمة
هالمحاكمة هالي أنت ذكرتها أخيراً هذه مكتوبة في اللوح المحفوظ، يعني مثلاً مكتوب في اللوح المحفوظ: زيد من الناس يخطر في باله أنه يروح يحيى الليلة ليلة حمراء خطر في باله هكذا، ناقش القضية أيش الفائدة أنا أروح أحيي هالليلة الحمراء أنفق قوتي صحتي مالي أضيع أهلي وأولادي إلى آخره، لا والله هذا ما راح أفعلها، وبقي في بيته، هذا كله مكتوب في اللوح المحفوظ، أما يكون مكتوب في اللوح المحفوظ شيء ويقع شيء هذا مستحيل، أما الآية فليس لها علاقة بموضوعنا مطلقا "يمحو الله ما يشاء" من الشرائع والأحكام يمحوا منها ما يشاء "وعنده أم الكتاب" أي اللوح المحفوظ اللي فيه المحكم والمنسوخ الذي قُرِّرَ بقاءه واستمرار حكمه والذي رُفِعَ، فهذا له علاقة بالشرائع وليس له علاقة بأعمال القضاء والقدر.
مداخلة: يصدق هذا على حديث: «إذا هم عبدي» ؟
الشيخ: «إذا هم عبدي بسيئة فعملها فاكتبوها له سيئة، وإذا لم يعملها فلا تكتبوها شيء، وإذا هم عبدي بحسنة فعملها فاكتبوها عشر حسنات إلى مائة حسنة إلى سبعمائة إلى أضعاف -كثيرة والله- يضاعف لمن يشاء، وإذا هم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة واحدة» (1) هذا كله ما يجري في النفس ويتحدث به الإنسان كله مسجل لكن الأمر كما قال عليه السلام: «إنما الأعمال بالخواتيم» (2) فهمت هالمحاكمة الذي فرضتها أنت في نفس ذاك الإنسان شو النهاية بده يعمل الشر، عمله مكتوب في اللوح المحفوظ أنه بده يعمله، ما بده يعمله ما بيعمله؛ لأنه إنما الأعمال بالخواتيم.
" الهدى والنور"(34/ 10: 21: 00 طريق الإسلام)
(1)" صحيح الجامع"(رقم 4306).
(2)
"ظلال الجنة "(رقم 216).