الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مبشرات حسن الخاتمة)
[1457] باب علامات حسن الخاتمة
[قال الإمام]:
إن الشارع الحكيم قد جعل علامات بينات يستدل بها على حسن الخاتمة - كتبها الله تعالى لنا بفضله ومَنِّه - فأيما امرئ مات بإحداها كانت بشارة له، ويا لها من بشارة.
الأولى: نطقه بالشهادة عند الموت وفيه أحاديث.
1 -
" من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ".أخرجه الحاكم وغيره بسند حسن عن معاذ.
2 -
عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: " رأى عمر طلحة بن عبيد الله ثقيلاً، فقال: مالك يا أبا فلان؟ لعلك ساءتك امرأة عمك يا أبا فلان؟ قال: لا -[وأثنى على أبي بكر] إلا أني سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ما منعني أن أسأله عنه إلا القدرة عليه حتى مات، سمعته يقول: إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا أشرق لها لونه، ونَفَّس الله عنه كربته، قال: فقال عمر: إني لأعلم ما هي! قال: وما هي؟ قال: تعلم كلمة أعظم من كلمة أمر بها عمه عند الموت: لا إله الله؟ قال طلحة: صدقت، هي والله هي ". أخرجه الإمام أحمد (رقم 1384) وإسناده صحيح، وابن حبان بنحوه، والحاكم (1/ 350،
351) والزيادة له، وقال " صحيح على شرطهما " ووافقه الذهبي.
الثانية: الموت برشح الجبين، لحديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه:" أنه كان بخراسان، فعاد أخًا له وهو مريض، فوجده بالموت، وإذا هو بعرق جبينه، فقال: الله أكبر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: موت المؤمن بعرق الجبين ".
أخرجه أحمد (5/ 357،360) والسياق له، والنسائي (1/ 259) والترمذي (2/ 128) وحسنه، وابن ماجه (1/ 443 - 444) وابن حبان (730) والحاكم (1/ 761) والطيالسي (808) وقال الحاكم:" صحيح عل شرط مسلم " ووافقه الذهبي! وفيه نظر لا مجال لذكره هنا، لا سيما وأن أحد إسنادي النسائي صحيح على شرط البخاري.
وله شاهد من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. رواه الطبراني في " الاوسط " و " الكبير " ورجاله ثقات رجال الصحيح، كما في " المجمع "(2/ 325).
الثالثة: الموت ليلة الجمعة أو نهارها، لقوله صلى الله عليه وسلم:" ما من مسلم يموت يوم الجمعة، أي ليلة الجمعة، إلا وقاه الله فتنة القبر ".
أخرجه أحمد (6582 - 6646) من طريقين عن عبد الله بن عمرو، والترمذي من أحد الوجهين، وله شواهد عن أنس وجابر بن عبد الله، وغيرهما، فالحديث بمجموع طرقه حسن أو صحيح.
الرابعة: الاستشهاد في ساحة القتال، قال الله تعالى: [ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله،
ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون. يستبشرون بنعمة من الله وفضل، وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين}] (آل عمران: 169).
وفي ذلك أحاديث:
1 -
" للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويحلى حلية الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه ".
أخرجه الترمذي (3/ 17) وصححه، وابن ماجه (2/ 184) وأحمد (131) وإسناده صحيح، ثم أخرجه (4/ 200) من حديث عبادة بن الصامت ومن حديث قيس الجذامي (4/ 200) وإسنادهما صحيح أيضا.
2 -
عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " أن رجلا قال: يا رسول الله ما
بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: كفى ببارقة السيوف على
رأسه فتنة".
رواه النسائي (1/ 289) وعنه القاسم السرقسطي في " الحديث "(2/ 165/1) وسنده صحيح.
(تنبيه): ترجى هذه الشهادة لمن سألها مخلصا من قلبه ولو لم يتيسر له الاستشهاد في المعركة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:" من سأل الله الشهادة بصدق، بلَّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ".
أخرجه مسلم (2/ 49) والبيهقي (9/ 169) عن أبي هريرة. وله في "المستدرك "(2/ 77) شواهد.
الخامسة: الموت غازيًا في سبيل الله، وفيه حديثان:
1 -
" ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: يارسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذًا لقليل، قالوا: فمن هم يارسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن (1) فهو شهيد، والغريق شهيد ".
أخرجه مسلم (6/ 51) وأحمد (2/ 522) عن أبي هريرة. وفي الباب عن عمر عند الحاكم (2/ 109) والبيهقي.
2 -
" من فصل (أي خرج) في سبيل الله فمات أو قتل فهو شهيد، أو وَقَصَه فرسه أو بعيره، أو لدغته هامة، أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله فإنه شهيد وإن له الجنة ".
أخرجه أبو داود (1/ 391) والحاكم (2/ 78) والبيهقي (9/ 166) من حديث أبي مالك الاشعري، وصححه الحاكم، وإنما هو حسن فقط.
السادسة: الموت بالطاعون، وفيه أحاديث:
1 -
عن حفصة بنت سيرين: قال لي أنس بن مالك: بم مات يحيى بن أبي عمرة؟ قلت: بالطاعون، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الطاعون شهادة لكل مسلم ". أخرجه البخاري (10/ 156 - 157) والطيالسي (2113) وأحمد (3/ 150، 2 20، 223، 258 - 265).
(1) أي بداء البطن وهو الاستسقاء وانتفاخ البطن. وقيل: هو الإسهال، وقيل: الذي يشتكي بطنه. [منه].
2 -
عن عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون؟ فأخبرها نبي الله صلى الله عليه وسلم: "أنه كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء، فجعله الله رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع الطاعون، فيمكث في بلده صابرًا يعلم أنه لن يصيبه إلا ماكتب الله له، إلا كان له مثل أجر الشهيد.
أحرجه البخاري (10/ 157 - 158) والبيهقي (3/ 376) وأحمد (6/ 64،145،252).
3 -
" يأتي الشهداء والمتوفون بالطاعون، فيقول أصحاب الطاعون: نحن شهداء، فيقال: انظروا فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دما ريح المسك، فهم شهداء، فيجدونهم كذلك ".
أخرجه الامام أحمد (4/ 185) والطبراني في " الكبير "(مجموع 6/ 55 / 2) بسند حسن كما قال الحافظ (10/ 159) عن عتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه.
وله شاهد من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه أخرجه النسائي (2/ 63) وأحمد (4/ 128، 129) والطبراني وحسنه الحافظ أيضا، وهو حسن في الشواهد.
السابعة: الموت بداء البطن، وفيه حديثان:
1 -
"
…
ومن مات في البطن فهو شهيد ".رواه مسلم وغيره.
2 -
عن عبد الله بن يسار قال: " كنت جالسًا وسليمان بن صرد وخالد بن عرفطة، فذ كروا رجلا توفي، مات ببطنه، فإذا هما يشتهيان أن يكونا شهداء جنازته فقال أحمد هما للاخر: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يقتله بطنه
فلن يعذب في قبره "؟ فقال الآخر: بلى وفي رواية " صدقت ".
أخرجه النسائي (1/ 289) والترمذي (2/ 160) وحسنه، وابن حبان في صحيحه (رقم 728 - موارد) والطيالسي (1288) وأحمد (4/ 262) وسنده صحيح.
الثامنة والتاسعة: الموت بالغرق والهدم، لقوله صلى الله عليه وسلم:" الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله". أخرجه البخاري (6/ 33 - 34) ومسلم (6/ 51) والترمذي (2/ 159) وأحمد (2/ 325، 533) من حديث أبي هريرة.
العاشرة: موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها، لحديث عبادة بن الصامت:" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد عبد الله بن رواحة قال: فما تحوز (1) له عن فراشه، فقال: أتدري مَن شهداء أمتي؟ قالوا: قتل المسلم شهادة، قال: إن شهداء أمتي إذًا لقليل! قتل المسلم شهادة، والطاعون شهادة، والمرأة يقتلها ولدها جمعاء (2) شهادة، (يجرها ولدها بسرره (3) إلى الجنة) ".
أخرجه أحمد (4/ 201 - 5/ 323) والدارمي (2/ 208) والطيالسي (582) وإسناده صحيح.
وله في " المسند "(4/ 315، 317، 328) طرق أخرى.
وفي الباب عن صفوان بن إمية عند الدارمي والنسائي (1/ 289) وأحمد
(1) بالحاء المهملة والواو المشددة، أي: تنحى. [منه]
(2)
هي التي تموت، وفي بطنها ولد. انظر كلام " النهاية " في التعليق الاتي قريبا. [منه]
(3)
السرة ما يبقى بعد القطع مما تقطعه القابلة، والسرر ما تقطعه، وهو السر بالضم أيضا. [منه]
(6/ 465) -466).
وعن عقبه بن عامر، عند النسائي (2/ 62 - 63).
وعن راشد بن حبيش عند أحمد (3/ 289)، ورجاله ثقات، وقال المنذري في " الترغيب " (2/ 201):" إسناده حسن" وفيه الزيادة وهي في حديث عبادة عند الطيالسي وأحمد.
الحادية عشر، والثانية عشر: الموت بالحرق، وذات الجنب (1) وفيه أحاديث، أشهرها عن جابر بن عتيك مرفوعًا:" الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع (2) شهيدة ".
أخرجه مالك (1/ 232 - 233) وأبو داود (2/ 26) والنسائي (1/ 261) وابن ماجه (2/ 185 - 186) وابن حبان في صحيحه (1616 - موارد) والحاكم (1/ 352) وأحمد (5/ 446) وقال الحاكم: " صحيح الإسناد "! ووافقه الذهبي! ولست أشك في صحة متنه، لأن له شواهد كثيرة، تقدم أكثرها وروي الطبراني من حديث ربيع الأنصاري مرفوعا به نحوه دون ذكر الهدم. قال المنذري وتبعه الهيثمي (5/ 300):" ورواته محتج بهم في الصحيح ".
(1) هي ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع. [منه]
(2)
في " النهاية ": " أي تموت وفي بطنها ولد، وقيل التي تموت بكرًا، والجمع بالضم بمعنى المجموع، كذخر بمعنى المذخور، وكسر الكسائي الجيم، والمعنى أنها ماتت مع شئ مجموع فيها غير منفصل عنها من حمل أو بكارة " قلت: والمراد هنا الحمل قطعا بدليل الحديث المتقدم في " العاشرة " بلفظ " يقتلها ولدها جمعاء ". [منه]
وروى أحمد (4/ 15 7) من حديث عقبة بن عامر مرفوعا بلفظ: " الميت من ذات الجنب شهيد ".
وسنده حسن في الشواهد، وقا جاءت هذه الجملد في بعض طرق حديث أبي هريرة المتقدم في " الخامسة " أخرجه أحمد (2/ 441 - 442) وفيه محمد بن اسحاق وهو مدلس وقد عنعنه.
الثالثة عشر: الموت بداء السل لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «القتل في سبيل الله شهادة، والنفساء شهادة، والحرق (1) شهادة والغرق شهادة، والسل شهادة، والبطن شهادة» . قال في "مجمع الزوائد "(2/ 317 - 301):"رواه الطبراني في الأوسط، وفيه مندل بن علي، وفيه كلام كثير وقد وثق ".فقد زاد فيه أحمد في رواية له: "والسل ".
ورجاله موثقون، وحسنه المنذري كما سبق، وله شاهد آخر في"المجمع".
الرابعة عشر: الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غصبه، وفيه أحاديث:
1 -
"من قتل دون ماله، [وفي رواية: من أريد ماله بغير حق فقاتل، فقتلٍ] فهو شهيد". أخرجه البخاري (5/ 93) ومسلم (1/ 87) وأبو داود (2/ 285) والنسائي (2/ 173) والترمذي (2/ 315) وصححه وابن ماجه (2/ 123) وأحمد (16 68، 6823، 6829) كلهم بالرواية الثانية إلا البخاري ومسلم فبالأولى، وهي رواية للنسائي والترمذي وأحمد (6822) عن عبد الله
بن عمرو.
(1) بفتحتين، وكذا (الغرق)، كما في " حاشية المسند "(ق 301/ 1) مكتبة شيخ الاسلام
في المدينة.
وفي الباب عن سعيد بن زيد، ويأتي في الخامسة عشرة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: «فلا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قاتله، قال: أرأيت إن قتلني، قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار» .
أخرجه مسلم (1/ 87)،وأخرجه النسائي (2/ 173) وأحمد (1/ 339 - 360) من طريق أخرى عنه.
عن مخارق رضي الله عنه: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «الرجل يأتي فيريد مالي؟ قال: ذكره بالله، قال فإن لم يذكر؟ قال: فاستعن عليه السلطان، قال: فإن نأى السلطان عني [وعجل علي]؟ قال: قاتل دون مالك حتى تكون من شهداء الآخرة، أو تمنع مالك» .
أخرجه النسائي وأحمد (5/ 294،294،295) والزيادة له وسنده صحيح على شرط مسلم.
الخامسة عشر، والسادسة عشر: الموت في سبيل الدفاع عن الدين والنفس، وفيه حديثان:
1 -
" من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ".
أخرجه أبو داود (2/ 275) والنسائي والترمذي (2/ 316) وصححه، وأحمد (1652) 1653) عن سعيد بن زيد، وسنده صحيح.
2 -
" من قتل دون مظلمته فهو شهيد "(1).
أخرجه النسائي (2/ 173 - 174) من حديث سويد بن مقرن، وأحمد (2780) من حديث ابن عباس، وإسناده صحيح إن سلم من الانقطاع بين سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس، لكن أحد الطريقين يقوى الأخرى، وفي الأولى من لم يوثقه غير ابن حبان.
السابعة عشرة: الموت مرابطًا في سبيل الله، ونذكر فيه حديثين:
"رباط يومٍ وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان ".
رواه مسلم (6/ 51) والنسائي (2/ 62) والترمذي (3/ 18) والحاكم (2/ 80) وأحمد (5/ 440، 441) من حديث سلمان الفارسي، ورواه الطبراني وزاد:" وبعث يوم القيامة شهيدا ".لكن في سنده من لم يعرفهم الهيثمي في " مجمعه "(5/ 290)، وسكت عليه المنذري في" ترغيبه "(2/ 150).
" كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطًا في سبيل الله، فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة، ويأمن فتنة القبر ".
أخرجه أبو داود (1/ 391) والترمذي (3/) وصححه، والحاكم (2/ 144) وأحمد (6/ 20) من حديث فضالة بن عبيد، وقال الحاكم:" صحيح على شرط الشيخين"!
الثامنة عشر: الموت على عملٍ صالحٍ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من قال: لا إله إلا الله
(1) قلت: وهذا بإطلاقه يشمل الانواع الاربعة المذكورة في الحديث الاول وغيرها. [منه]