الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1617] باب ذكر بعض أهل الضلال من مدعي المهدوية والعيسوية
[قال الإمام]:
لابد أنكم تسمعون بطائفة اسمها القاديانية ينتسبون إلى بلدة أو قرية في الباكستان تسمى بقاديان هنا خرج رجل من الصوفية عالم، لكن كان صوفياً صاحب طريقة فادعى أولاً: بأنه المهدي، ثم ادعى بأنه عيسى المبشَّر بنزوله في آخر الزمان، ثم ادعى أنه يوحى إليه، وله كتاب مطبوع باللغة العربية اسمه: حقيقة الوحي، وله هناك كفريات عجيبة جداً من هذا النبي الذي كذب وافترى على الله عز وجل.
يقول هناك مثلاً يزعم أن اسمه أحمد وكان اسمه الذي سماه أبوه غلام أحمد ترجمة غلام أحمد في لغتهم أي: خادم أحمد والمقصود بأحمد هنا: نبينا محمد عليه السلام، وهذا الوليد سموه تبركاً بغلام أحمد أي: خادمه، ثم لما ترقى في الضلال حذف كلمة غلام وبقي اسمه: أحمد، ثم زعم بأن الله عز وجل أوحى إليه ذلك الكتاب المعروف بحقيقة الوحي ماذا يقول فيه؟ قال الله له: يا أحمد أنت مني بمنزلة توحيدي، أنت مني بمنزلة تفريدي، يعني: التوحيد هو بمنزلة توحيد الله عز وجل.
وله من مثل هذه الضلالات كثيرة وكثيرة جداً، لكنه لما ادعى النبوة اتبعه ناس إلى اليوم وهو مضى عليه تقريباً نحو سبعين سنة، مات، له أتباع اليوم منتشرون في بريطانيا في ألمانيا في فرنسا ولهم نشاط عجيب في الدعوة لا أقول
في الدعوة إلى الإسلام، وإنما في الدعوة إلى إسلامهم؛ لأن من إسلامهم أن النبوة لم تنقطع خلافاً للآية المعروفة:{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب:40) خلافاً لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن النبوة والرسالة قد انقطعت فلا نبي بعدي ولا رسول بعدي» .
وخلاف قوله عليه السلام لعلي لما ذهب عليه السلام إلى تبوك وخلفه في المدينة نائباً عنه قال له عليه الصلاة والسلام: «أنت بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي» .
هؤلاء القاديانيون لا تظنوا أنهم ينكرون شيئاً من أركان الإيمان، أو شيئاً من أركان الإسلام لا هم يؤمنون معنا في كل هذه الأركان، فهم يصلون ويصومون ويحجون، وأسماؤهم أسماء إسلامية تماماً، فهل ترونهم مسلمين وهم يعتقدون بأنه هذا الرجل نبي صادق؟ ثم هذا الرجل يقول: بأنه سيأتي أنبياء من بعده؟ طبعاً: هؤلاء ليسوا من المسلمين؛ لأنهم أنكروا كما يقول الفقهاء: ما هو معلوم من الدين بالضرورة، معلوم من الدين بالضرورة عند كل مسلم أنه لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للآية المذكورة آنفاً، وللأحاديث التي ذكرت بعضها أيضاً آنفاً.
الشاهد: هل يؤمنون بهذه الآية؟ الجواب: نعم. هل يصدقون بهذه الأحاديث؟ الجواب: نعم. كيف هذا وهم يقولون بخلاف الآية، وبخلاف الأحاديث؟ هنا تأتي مصيبة التأويل، هنا تأتي مصيبة التأويل الذي كان سبباً لتفريق المسلمين تلك الفرق القديمة، والتي لا يزال شيء من آثارها حتى اليوم.
المعتزلة مثلاً: ضلوا وخرجوا عن الجماعة، هل كفروا بشيء من آيات
القرآن؟ الجواب: لا. إذاً: لماذا ضلوا؟ لأنهم سلطوا معول التأويل على نصوص القرآن والسنة، فضلوا ضلالاً بعيداً.
كذلك هؤلاء القاديانيون ما خرجوا عن القرآن والسنة لفظاً، ولكنهم خرجوا عن القرآن والسنة تأويلاً، وتحريفاً فقالوا مثلاً في الآية السابقة:{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب:40){وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ} (الأحزاب:40) أي: هو رسول الله حقاً وصدقاً، لكن خاتم النبيين معنى هذا الوصف أنه زينة النبيين، وليس آخرهم، {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب:40) قالوا: هذا تشبيه، وهذا مجاز كما أن الخاتم في الإصبع زينة الأصابع واليد، كذلك محمد هو خاتم الأنبياء أي: زينتهم وليس آخرهم، فإذاً: هم آمنوا وهم كفروا، أي: آمنوا بلفظ القرآن وكفروا بمعناه، تُرى؛ هل ربنا عز وجل حينما يريد منا أن نؤمن بالقرآن يريد منا أن نؤمن بلفظه دون معناه، أو بمعناه دون لفظه، أم يريد منا أن نؤمن بهما كليهما لفظاً ومعناً؟ لاشك أن الجواب: لفظاً ومعنى.
وجد في المسلمين من الفلاسفة الذين يعتبرون من الذين خرجوا من دين الله أفواجاً، وكما تخرج الشعرة من العجين قالوا: الآيات التي جاءت تأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ليس المقصود بهذه الآيات هو هذه الصلاة التي يفعلها المسلمون حتى اليوم والحمد لله، صلوات في أوقات خمسة بركعات معروفة، بشروط وأركان وو إلى آخره، لا، هذا خطأ في فهم الآية إنما المقصود: أقيموا الصلاة يعني: الدعاء، والزكاة يعني: تطهير النفس. فعطلوا هذه الشرائع كلها، ومعنى هذا: أنهم لا يؤمنون بالله ورسوله حقاً، هذا ما يقوله بعض الفلاسفة الإسلاميين.
لكن هناك ضلال أدنى درجة من هذا الضلال، لكنه ضلال أيضاً، ولا أريد أن أعود إلى بعض الأمثلة القديمة حسبنا هذا المثال الجديد الآن:{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب:40) أي: زينتهم أي: هو ليس آخرهم؛ لأنه جاء بعد الرسول غلام أحمد القادياني، وسيأتي من بعده أنبياء كثر، والآية فسروها أولوها عطلوا دلالتها كاليهود يحرفون الكلم من بعد مواضعه، فوقعوا في الكفر وهم يعتمدون على القرآن، وهم يعتمدون على القرآن زعموا مؤولين للآية خلاف تأويلها الصحيح، ماذا فعلوا بالحديث! سمعتم آنفاً قوله عليه السلام لعلي:«أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي» قالوا: لا نبي معي، أما بعد موته فهناك أنبياء هكذا.
إذاً: هؤلاء هم من الفرق التي جاء الإشارة إليها في قوله عليه الصلاة والسلام: «وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة» هذه الفرقة من هذه الفرق الاثنين والسبعين الهالكة لماذا؟ لأنهم ولو آمنوا بالقرآن، ولكنهم سلكوا غير سبيل المؤمنين في تفسير القرآن من أجل ذلك قال الله عز وجل في الآية السابقة في القرآن:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء:115).
فإذاً: هؤلاء القاديانيون وأمثالهم قديماً، وربما حديثاً: لما آمنوا بالآية وأولوها غير تأويل المؤمنين إذاً: جزاؤهم ما جاء في الآية: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء:115)
…
"الهدى والنور"(705/ 30: 18: 00).