الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أزواجهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: » هدم - أو قال: حرم - المتعة: النكاح والطلاق والعدة والميراث».
ترجم له الإمام بقوله: تحريم متعة النكاح.
(السلسلة الصحيحة (5/ 527).
حكم زواج المتعة
مداخلة: بالنسبة إلى زواج المتعة: هل لنا أن ننطلق من عدم تحريم الرسول صلى الله عليه وسلم له في عدم تحريمه؟
الشيخ: إن كنت تسأل هذا السؤال، فجوابي أنه خطأ من أصله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حَرَّم المتعة، وليس لم يُحَرِّمها، فقد جاء في «صحيح البخاري» و «صحيح مسلم» أحاديث عديدة في النهي عن نكاح المتعة، ومن هذه الأحاديث الصحيحة:«أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم المتعة إلى يوم القيامة» .
فأظن أن الجواب واضح، وأن السؤال ما أدري من أين جاءك في قولك: إن الرسول ما حَرَّمه.
مداخلة:
…
أنه شاع بين الناس أن عمر بن الخطاب هو الذي حرم هذا الأمر.
الشيخ: هذا سؤال له جوابه أيضاً.
ينبغي أن نتذكر قاعدة، إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُحَرِّم شيئاً من عنده؛ لأن الحلال ما أحَلَّه الله، والحرام ما حَرَّمه الله، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يُحَرِّم ولا يُحَلِّل، إنما هو مُبَلِّغ عن المُحَلِّل والمحرم، ألا وهو الله تبارك وتعالى؛ ذلك لأن التحليل والتحريم هو تشريع، والتشريع ليس لأحد من البشر أن يُشَرِّع للناس من عند نفسه؛ لأن المشرع -إذا صح التعبير- هو الله وحده لا شريك له؛ ولذلك نجد غير ما آية في القرآن الكريم تندد بالمشركين الذين كانوا يُحَرِّمون أشياء ويحللون أخرى،
فقال عز وجل: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21].
وقال في حق النصارى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31].
أشكل هذا النص القرآني: {أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} .. أشكل على بعض الأصحاب الكرام، الذين كانوا في المجلس الذي تلا فيه الرسول عليه السلام هذه الآية الكريمة، وقد كان من العرب الذين تنصروا في الجاهلية، ألا وهو عدي بن حاتم الطائي، فلما سمع هذه الآية يقول في بني دينه النصارى:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} ، قال: يا رسول الله! ما اتخذناهم أرباباً من دون الله!
لماذا يقول هذا؟ لأنه لم يفهم الآية كما أراد الله تبارك وتعالى، فهم الآية:«أَرْبَابًا» يعني: خلقوا السموات والأرض مع الله تبارك وتعالى، لكن الرسول عليه السلام سرعان ما بَيَّن له المعنى الصحيح الذي أطاح بإشكاله، فقال له مجيباً بسؤاله إياه:«ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالاً حرمتموه» ؟ وإذا حللوا لكم حراماً حللتموه؟ قال: أما هذا فقد كان. فقال عليه السلام: «فذاك اتخاذكم إياهم أرباباً من دون الله» .
أُريد أن أقول: إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو سيد الناس يوم القيامة بما فيهم آدم فمن دونه من الأنبياء والرسل، إذا كان سيد الأنبياء ليس له أن يُحَرِّم وأن يُحَلِّل، وإنما ذلك لله عز وجل، فهل لأحدٍ دون الرسول عليه السلام أن يُحَرِّم ما دام أن الرسول لا يُحَرِّم؟ الجواب: لا.
الآن؛ لإتمام توضيح السؤال، إذا حَرَّم الله شيئاً وبلغناه نبينا صلى الله عليه وسلم، فهل نحن نُحرمه أم نُحَلِّله؟
إذا حرم الله شيئاً، فما موقفنا؟ نُحَلِّله أم نُحَرّمه؟ نحرمه.
فأنت مثلاً قد تنقل عني، تقول فلان حَرَّم المتعة، هذا أمر بدهي؛ لأن هذا التحريم مُحَرّم على بلاغ الرسول عليه السلام الذي وصف في القرآن بقوله عز وجل:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 1 - 4].
فإذاً: لما حَرّم عمر المتعة؛ إنما حَرَّمها بناءً على تحريم الرسول إياها، ولما حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما حرمها من عند نفسه؛ لأنه ليس له صفة التحليل والتحريم، إنما هو من عند ربه تبارك وتعالى.
تحريم عمر بن الخطاب للمتعة، هو تنفيذ منه لنص شرعي ..
أُريد بهذا أن ألفت النظر أن تحريم المتعة ليس فقط بالسنة، بل السنة وضّحت وبَيّنت تحريم القرآن لها، كلنا يقرأ في أول سورة المؤمنين:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 1 - 7].
إذاً: ربنا عز وجل في هذه الآيات المحكمة، قد بَيَّن أن لا سبيل للمسلم لقضاء شهوته، إلا من طريقين اثنين لا ثالث لهما: الزواج، والتَسَرِّي.
المتعة: متعة ليس زواجاً؛ ولذلك أَكَّد الرسول عليه السلام ما أفادته هذه الآية من التحريم.
فعمر كان مُبَلِّغاً عن الرسول بتحريم المتعة، والرسول كان مبلغاً عن الله عز وجل بتحريم المتعة، فعل عمر في تحريم المتعة له شبه كبير جداً، أقول الآن على سبيل المجاز بتشريعه قيام رمضان، فإن كثيراً من الناس يتوهمون أن عمر بن الخطاب، هو الذي ابتدع بدعة القيام في رمضان، وصلاة قيام الليل مع الجماعة في رمضان، وهو لم يصنع شيئاً، وإنما أحيا سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم من قبله، حيث ولا أريد أن أطيل، إنما قصدت التقريب للموضوع.