الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: إذا كان مثل الأشياء التي أنت ضربت ببعضها مثلاً جائزة شرعاً ما في مانع.
(الهدى والنور /814/ 52: 31: 00)
هل للرجل أن يتزوج خامسة وسادسة؟ ! ! وكلمة حول العدل بين الزوجات
السائل: السؤال الذي يسأل السائل يسأل عن الزواج بالثالثة هل يجوز للإنسان أن يتزوج خمس أو ستة؟
الشيخ: الرجل يضحك أم جد؟ ! !
مداخلة: هو [يقول] بالجمعية، يقولوا مثنى وثلاثة وأربعة، يعني بالمجوز هل هذه صحيحة؟
الشيخ: لا، هذا خطأ بلا شك، مثنى وثلاث أو رباع يعني: ثنتين أو ثلاث أو أربع، هذا هو المقصود في الآية الكريمة، وهذا إجماع، هذا التفسير للآية الكريمة:{مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] أجمع علماء التفسير أن المقصود: اثنتان وثلاث وأربع من النساء، وجاء بيان ذلك في قوله عليه الصلاة والسلام.
ويجب أن نتذكر أن فهم القرآن لا سبيل إليه، إلا من طريق الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله عز وجل يقول مخاطباً نبيه في صريح القرآن:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وأنزلنا إليك يا رسول الله، الذكر أي: القرآن لتبين وتوضِّح وتشرح للناس هذا القرآن الذي أُنزل إليك.
من جملة شرحه عليه السلام للقرآن بل من أقوى أساليب بيانه للقرآن هو: لفظه عليه الصلاة والسلام.
فقد جاء أن رجلاً من أصحاب الرسول عليه السلام أسلم وتحته تسع نسوة، أسلم وتحته نسوة؛ ذلك لأن العرب كانوا بصريح القرآن: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي
الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: 2] فهم كانوا أميين، لم يكونوا أهل كتاب كاليهود والنصارى، ولذلك فاليهود والنصارى يومئذٍ ليس اليوم، كانوا متميزين عن العرب بما أنزل الله على أنبيائهم موسى وعيسى من التوراة والإنجيل، فكانوا أهدى سبيلاً وأقوم قيلاً من العرب، العرب جماعة وثنيين لا أخلاق، ولا آداب ولا شريعة، إلا ما كان يشرع لهم رئيس القبيلة، وكل واحد عنده شريعة ما أنزل الله بها من سلطان، من ذلك أنهم كانوا يتزوجون ما شاؤوا من النساء، وفتح باب التزوج بما شاء الرجل من النساء يكون سبباً للإخلال بالقيام بواجب الأسرة، وبواجب التربية والضرورية، لذلك لما أسلم ذاك الرجل وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه على الإسلام وتحته -تحت عصمته- تسع نسوة، فقال له عليه الصلاة والسلام:«أمسك منهن أربعاً وطلِّق سائرهن» .
وكثير من الناس في هذا الزمان، هذا الزمان الذي يُغْزَى به المسلمون في عقر دارهم، ولو فرضنا أنهم لن يُغزوا في عُقْر دارهم بالكفار بجنودهم وأشخاصهم يُغْزَون في عُقْر دارهم بالأفكار، على وجه يتبناه الكفار، ويتبرأ منها الإسلام والمسلمون الصادقون المتمسكون بالإسلام.
معلوم أن الكفار إلى اليوم، لا يزال الكثيرون منهم يهاجمون الإسلام في بعض تشريعاته، بزعمهم أنها تشريعات غير منطقية، وغير معقولة، وغير عادلة، من ذلك: أنهم يَزْعمون أنه ليس من العدل في شيء، أن يتزوج الرجل مثنى وثلاث ورباع.
هذا أمر يُنْكره هؤلاء الكفار وذلك من ضلالهم البعيد والمبين ولماذا؟ لو أن هؤلاء الكفار كانوا يعيشون حياة نزيهة، ويحيون حياة شريفة لا يعرفون للسِّفاح ولا للزنا معنى، ثم هم مع ذلك ينكرون التسوية بين الزوجتين، وأكثر من ذلك لربما كان لهم بعض العذر، ولكن الواقع يشهد أن الواحد منهم، أقول بلغة أخرى لا أقول يتزوج ينكح مثنى وثلاث ورباع وخماس وعشر وعشرين إلى آخره، ولا يجدون في ذلك غضاضة مطلقاً، ويسفحون دماءهم هكذا عبثاً، ولا شيء في هذا العمل وهو الزنا، وفي أولاد الزنا الذين يلقون بالمئات إن لم نقل بالألوف في
الطرقات وفي الأنهار كنهر السين في فرنسا وغيرها، هذا كله لا شيء فيه عندهم، أما أن يتزوج المسلم باثنتين أو ثلاث ورباع ويقوم على إحسانهم وعلى الإنفاق عليهم، فهذا شيء منكر عند هؤلاء الناس، لهؤلاء الكفار الذين ينقمون على الإسلام تشريعاته الحكيمة أشياء كثيرة وكثيرة جداً، لسنا الآن في صدد ذكرها، وحسبنا الآن أن نذكر المسلمين الحاضرين وليبلغ الشاهد الغائب أن الإسلام لم يُجِز أن يتزوج المسلم بأكثر من أربع، ثم حينما أجاز الزواج بأربع من النساء شرط شرطاً أساسياً ذلك الشرط هو العدل بينهن، وهنا كلمة لابد من ذكرها ليس المقصود بالعدل هنا ما قد يسمعه أحياناً من كثير من الإذاعات في مصر أو غيرها من البلاد التي تأثرت بالتيارات والأفكار الأجنبية الغربية: أنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج بالمرأة الثانية إلا للضرورة، فهذا افتراء على الإسلام، له أن يتزوج كما سمعت في القرآن:{مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] بدون ضرورة، وهذا فيه حكمة بالغة؛ لأنكم تعلمون أن الرجال ليسوا سواءً.
الرجال يختلفون -ولا مؤاخذة- من الناحية الجنسية، ففيهم الرجل البارد الطبع، وفيهم الرجل القوي الشهوة، صاحب غلمة صاحب شبق، فهذا إذا قيل له
فقط لك واحدة ولا أكثر، سيضطر أن يفعل ما يفعل الكفار، وهو أن يفتش له عن خليلة عن خدينة يُخادِنها، وعن صاحبة يصاحبها بالحرام.
وحينئذٍ تسري عدوى الزنا من المزني بها إلى زوجته الصالحة العائشة في عقر داره.
لذلك لا يشترط في هذا الحكم الشرعي: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] إلا العدل بينهن، أما الضرورة هذا افتراء على الإسلام وقع فيه من وقع من بعض المحاضرين أو من الذين متأثرين بالأفكار الغربية، وليقللوا نسل المسلمين انتبهوا إلى هذه النقطة، وليقللوا بذلك نسل المسلمين؛ لأنكم تعلمون أن الأمم اليوم تعرف أهمية كثرة عدد الأمة، ولذلك ترون
اليهود في فلسطين يحاولون كل يوم تقريباً أن يكثروا سوادهم، وأن يتغلبوا بكثرة سوادهم على بياض عدد الفلسطينيين هناك؛ لأنهم ينظرون بعيداً وبعيداً جداً.
أما الإسلام الذي هو تنزيل من حكيم عليم، فقد نظر إلى أبعد من ذلك، ولا نسبة بين هذه النظرة؛ لأن هذه نظرة إلهية، {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].
لذلك كان من أدب الرسول عليه السلام أن قال: «تزوجوا الولود الودود، فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة» .
فحينئذٍ أن يتزوج المسلم مثنى وثلاث ورباع، فذلك مما يحقق أن يتباهى الرسول عليه السلام بأمته المسلمة يوم القيامة، ويحقق أن يحصن المسلم أكثر من امرأة واحدة، فلا ضرورة هناك يشترط أبداً في أن يتزوج أكثر من واحدة، وإنما الشرط الأساسي كما قال تعالى في القرآن:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} ، إن لم تستطيعوا العدل بين النساء، فحينئذٍ واحدة، ثم ما هو هذا العدل؟
ولعلي أطلت في هذه الكلمة، فأختصر إلى هنا؟ ما هو العدل المفروض في القرآن، والمشروط لِتَزَوُّج المسلم أكثر من واحدة؟ هو ما يمكن أن نسميه بالعدل المادي.
وأعني بذلك ليس العدل القلبي، العدل المادي السكن الملبس، البيات، عنده زوجتين يبيت عند هذه واحدة، وعند الأخرى واحدة، فإذا بات عند الأولى ليلتين، والأخرى ليلة فقد ظلم، فلا يجوز له أن يتزوج إلا واحدة إذا أسكن واحدة قصراً، وأسكن الأخرى كوخاً، هذا ظلم لا يسمح رب العالمين لمثل هذا الإنسان أن يتزوج اثنتين، أسكن الأولى قصراً فعليه أن يسكن الأخرى قصراً مثله، وإذا كان لا يستطيع إذاً: يسكنها نصف قصر ليعطي النصف الآخر للأخرى، وهكذا الإسلام ففي البيات والطعام والشراب، والملبس، هذه الأمور المادية هي التي يمكن للإنسان أن ينوي كالحكم بها عدلاً غير ظالم، أما الناحية القلبية، فهذا أمر لا يكلفنا الله عز وجل أن نعدل بمعنى زيد من الناس يحب عائشة أكثر من فاطمة، أو فاطمة
أكثر من عائشة ما في مانع؛ لأنه هذا القلب لا يملكه إلا علام الغيوب، ولكن لا ينبغي أن يحمله حبه لهذه أكثر من تلك أن يظلم تلك على حساب ماذا؟ الأولى، وإنما كما قلنا يعدل، أما الحب القلبي هذا فهو داخل تحت عموم قوله تعالى:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]
الشيخ: تفضل.
مداخلة: في [زمن] الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، كان الزواج أتصور أنه كان يصلح يتزوج واحدة وثنتين وثلاث وأربعة كان ....
الشيخ: كان ماذا؟
مداخلة: كان سهل جداً.
الشيخ: سهل جداً، نعم.
مداخلة: أي نعم.
لكن الآن [صعب].
الشيخ: أظن جاء في تضاعيف كلامي بارك الله فيك جواب سؤالك؛ لأني قلت: إن الأوربيين يهاجمون المسلمين في بعض الأحكام الشرعية، منها الزواج مثنى وثلاث ورباع.
مداخلة: نعم هذا سبق.
الشيخ: نعم، وقلت: إن بعض المسلمين من المحاضرين والمذيعين اشترطوا لهذا الزواج، مثنى وثلاث ورباع في الضرورة، فأبطلت أنا هذه الضرورة، فهذا من جملة الأسباب التي صدفت وصرفت المستطيعين من المسلمين أن يتزوجوا مثنى وثلاث ورباع، في سبب ثاني، هذا لا يتعلق بالمستطيعين، يتعلق بالمتوسطين وبالفقراء والمساكين من الرجال، وهو أيضاً سبب سبق ذكره حضضت الناس على الابتعاد عنه ألا وهو المغالاة بالمهور، والمغالاة باشتراط شروط ما أنزل الله بها من
سلطان نريد بيت صفته كذا، نريد فرش صفته كذا إلى آخره، كل هذه عقبات في سبيل تيسير الزواج حتى ولو بواحدة، فما بالك باثنتين، نعم.
مداخلة: حياة المجتمع خاصة الآن هي كذلك؟
الشيخ: بارك الله فيك.
مداخلة: نحن نريد بيت ونريد سيارة، ونريد ....
الشيخ: إذا سمحت:
هيك المجتمع، هذه كلمة -ما تؤاخذني- نسمعها كثيراً، ولكن يجب أن نعلم أن كلمة المجتمع كلمة معنوية وليست مادية، إلا إذا لاحظنا المعنى الذي يغفل عنه الناس وهو: المجتمع من الذي يكونه، من الذي يوجده، أليس الذي هو أنا وأنت وزيد وبكر وعمرو؟
إذاً: لماذا نقول نحن في مثل هذه المناسبات حينما نرى المجتمع وهنا نذكر بأدب عربي حينما نقول: المجتمع لماذا نعيب المجتمع، والمجتمع ليس شخصاً يعاب، وإنما الذي يعاب أهله إن كان المجتمع فاسداً، وإن كان مجتمعاً صالحاً فالذي يمدح إنما هو أهله أيضاً ولذلك كان مما قيل قديماً وعُزي للإمام الشافعي:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
فالآن حينما نقول في مثل هذه المسألة أو غيرها: هيك المجتمع ما واجب المسلمين حينئذٍ أن يظلوا يقولون بلسان مقالهم: أو بلسان حالهم هيك المجتمع، هيك النساء متبرجات، شو نسوي: اتقوا الله في أنفسكم في نسائكم، في بناتكم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
يا تُرى إذا رجعنا إلى التاريخ الأول، وينبغي أن تتحقق الحكمة التاريخية التي تقول: التاريخُ يعيد نفسه، صحيحة هذه الجملة؟
هذه صحيحة وليست بصحيحة، التاريخ يُعيد نفسه إن أخذنا بأسباب التاريخ الأول عاد ذاك التاريخ، وإن لم نأخذ بأسباب التاريخ الأول، لن يعود ذلك التاريخ
أبداً، وهذا من معاني قوله تعالى:{إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7] لله عز وجل في هذه الحياة، وفي هذا الكون سنن منها: سنن كونية طبيعية، ومنها سنن شرعية إلهية، فمن اتخذ الأسباب الأولى والثانية وصل إلى الهدف المنشود وإلا فلا!
مثلاً: من السنن الكونية أن الإنسان إذا ما أكل يموت، إذا ما شرب يموت، سنة الله في خلقه {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً} .
إذاً: تريد تعيش إذاً حياة سعيدة بصحة وعافية، بِدّك تتخذ الأسباب الكونية الطبيعية، كذلك لله سنن شرعية من اتخذها عاش سعيداً كما عاش السلف الأول والجيل الأول من الصحابة ثم التابعين إلى آخره.
فأردت أن أقول: لو رجعنا إلى تاريخ العرب قبل بعثة الرسول عليه السلام ما أظننا نحن أسوأ حالاً منهم، فمن الذي غير من حالهم؟ وما الذي أخرجهم من ذل الاستعمار الذي كانوا يعيشون تحت سلطنة من الفرس ومن الروم، ومن الحبش وغيرهم، هو أنهم أخذوا بالأسباب الشرعية أي: تبنوا [الأحكام] الشرعية التي أنزلها الله عز وجل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم بكل إيمان، وإخلاص وقوة، فإذا بها هذه الأمة التي كانوا لا يسمون إلا بأنهم رعاة الإبل، ونعرف نحن من الفتوحات الإسلامية حينما ذهبوا للفتح فارس كسرى وتلك البلاد، وذهب المغيرة بن شعبة ليكلم الملك الهُرمزان يومئذٍ قال لهم الملك هذا الفارسي قال: أنتم جماعة يعني: جوعانين وجائين تفتشوا عن طعام وعن شراب وإلى آخره، كلام كله كلام مادي قال له حقيقةً: نحن [كنا] كذلك، لكننا ربنا عز وجل أرسل إلينا رسولاً، فأحيانا بعد أن كنا أمواتاً، ونحن جئنا إليكم لتُسْلِموا معنا، فإن أسلمتم فلكم ما لنا، وعليكم ما علينا، وإن أبيتم فليس بيننا وبينكم إلا السيف، وستكون هذه الأراضي وهذه الأملاك كلها تحت أيدينا، فما وسع هذا الرجل إلا أن قال للمغيرة بن شعبة الصحابي الجليل من أذكياء العرب وساسة العرب الذي يُضرب بهم المثل إلا أن قال لأصحابه صدق الرجل، ثم جرت معركة قاسية جداً، كان النصر فيها أخيراً للمسلمين.