الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[خرج الإمام طرقه ثم قال]: وهذه الطرق تشهد لزيادة معمر- عند مسلم وغيره- المتقدمة، وهي صريحة في أن عمر رضي الله عنه إنما نفذها عليهم ثلاثاً باجتهاد من عنده؛ وإلا لم يكن ليحكم قبل ذلك بخلاف ذلك، ولا تردد أو تساءل في تنفيذها ثلاثاً.
وقد فصل القول في المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» ، وتلميذه ابن القيم في «إعلام الموقعين» وغيره، وأثبتا أن الحديث محكم، لم ينسخه شيء؛ فمن شاء البسط فليرجع إليهما.
(صحيح سنن أبي داود (6/ 406 - 407»
لو قيل كيف يغير عمر رضي الله عنه حكم الطلاق بالثلاث عما كان في العهد النبوي
الشيخ: الطلاق بلفظ الثلاث يعتبر طلقة واحدة.
مداخلة: بس السؤال أنه عمر حصل فيه مشاكل يختلف عنا، فيه ناس منهم عمر أظن قال أنه رأى الثلاث يعتبر ثلاثة ولو كان في مجلس واحد.
الشيخ: عمر في أول خلافته كان يحكم في من طلق ثلاث طلقات في مجلس واحد، كان يعتبره طلقة واحدة تبعاً لمن قبله، للرسول عليه الصلاة والسلام، للخليفة أبو بكر الصديق، ثم لما وجد الناس [يتساهلون في] هذا الطلاق: اذهبي طلقت بالثلاثة، فرأى هو من السياسة الشرعية أن يجعلها عليهم ثلاثاً، بدليل أنه فكر قبل أن ينفذ، قال: إنه لو جعلناها عليهم ثلاثاً فجعلها ثلاثاً.
وهذا ليس هو سبيل ما كان منصوصاً عليه بالشرع، أنه واحد يشاور حاله نعمل هكذا أم لا، إنما هذا يعود إلى أمر اجتهادي، ممكن يكون يبدو له الآن شيء ثم يتراجع عنه ممكن يبدو له الآن ثم ينقضه، وكان كذلك نفذه.
مداخلة: وبقي على ذلك.
الشيخ: استمر على ذلك، وعلى ذلك جاء من بعده -مع الأسف- إلى هذا العصر، الأفراد من الذين فتح الله بصيرتهم، وما غلب عليهم تقليد من كان قبلهم، ولو كان الدين بالهوى لتمنينا أن يكون الرواية التي ذكرها ابن قيم الجوزية رحمه الله في «زاد المعاد» ، أن عمر رجع أو تمنى لو أنه رجع عن تنفيذ الطلاق بلفظ الثلاث ثلاثاً، لكن الرواية من ناحية الإسناد لا تصح في الحقيقة.
مداخلة: فهل يستدل أستاذي أن الحاكم له أن يأخذ ببعض الأمور التي تكون خلاف الشرع لمصلحة، كما فعل سيدنا عمر.
الشيخ: هذا يجتهد فيه، إذا اختلف الوضع الذي كان في عهد الرسول، في عهد الحكم الذي يريد هو أن يوقفه ولا يريد أن يعطله.
يعني: إذا كان الوضع هو نفس الوضع الذي كان في عهد الرسول عليه السلام، فلا يجوز تغيير الحكم.
أما إذا طرأ على الوضع شيء لم يكن في عهد الرسول عليه السلام، واجتهد المجتهد؛ لإصدار حكم جديد يتناسب مع هذا الأمر الطارئ جاز وإلا فلا.
مداخلة: لكن هذا الاجتهاد أستاذي في موضع النص، يعني: ربنا قال: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229].
الشيخ: كيف .. تقول أن هذا مخالف للنص، يكون مخالف للنص، إذا كان الوضع حينما وجد النص هو نفسه الوضع في عهد من خالف النص، الأمر نقول لك: لا يجوز في هذه الحالة، فترجع أنت تقول لي: خالف النص، ما خالف النص؛ لأنه وجد شيئاً لم يكن في العهد الذي جاء فيه النص.
مثاله: مثال آخر من أحد الخلفاء الراشدين زاد على الأذان النبوي يوم الجمعة أذاناً ثانياً، هذه الزيادة نحن نسميها بدعة، اليوم نسميها بدعة، لكن حاشا عمر أن يبتدع في دين الله.
مداخلة: عثمان.
الشيخ: لا، أعني ما أقول، لأعطف عليه عثمان، حاشا عمر أن يبتدع في دين الله، ثم حاشا عثمان أن يبتدع في دين الله، فيضيف من عنده أذاناً ثانياً لا لحاجة أو لسبب أو لمقتضٍ وجد وكان موجوداً في عهد الرسول عليه السلام، حاشاه، ولكنه راعى الحكمة الزمنية، المصلحة الزمنية، كما راعاها سلفه من قبله عمر بن الخطاب، فقد وجد أن الناس تتابعوا كما قلنا تبعاً لبعض الروايات على الإكثار من الاستعمال والتلفظ بالطلاق ثلاثاً، هذا لم يكن في عهد الرسول عليه السلام، فوجد هو بغض النظر أصاب أم أخطأ، هذا لا يهمنا نحن أبداً، لكن يهمنا أن نقول: إنه لم يبتدع في دين الله، ولم يضرب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض الحائط.
كذلك عثمان يعرف أن الأمر كان في عهده عليه السلام أذان واحد، فماكان له أبداً أن يأتي بالأذان الثاني، إلا لأنه وجد سبب، لم يكن موجوداً في زمن الرسول عليه السلام، ولذلك جاء بالأذان الثاني.
فلا يصح أن نقول بالنسبة لعثمان أو سلفه عمر بأنهما خالفا النص، لا ما خالفا النص.
مداخلة: في أستاذي مسألة قائمة، أن هذا موضوع المصلحة موضوع مطاط ففقد كل شغلة نخالف فيها الشرع نقول: المصلحة اقتضت، مثلاً: نفترض أنه حاكم مسلم وعالم وفقيه، لكن يظل موضوع المصلحة مطاط قليل.
الشيخ: والاجتهاد؟
مداخلة: الاجتهاد مطاط مثله.
الشيخ: الله يهديك.
مداخلة: حقيقة .. النص موجود، فبالتالي إذا كان فعلاً القاعدة العامة، أنه لا اجتهاد في مورد النص، فكيف تجوز لناس ولا تجوز للآخرين؟
الشيخ: من الذي قال تجوز لناس ولا تجوز لآخرين؟ من أجيز له بالقيد السابق أجيز لمن بعده.
مداخلة: حتى مع وجود النص، هذا أعداء الإسلام الذي يحاولوا يقولوه،
الآن الذين يأخذون على الإسلام، ويتهمونه بالجمود والرجعية وما شابه يقولون: الإسلام فيه نصوص جاءت قبل أربعة عشر قرناً، والآن صارت خمسة عشر قرناً، فما كان صالحاً لذاك الزمان لم يعد في جله أو في معظمه صالحاً لهذا الزمان، وحجتهم أنه يقولوا: الآن على المسلمين المتنورين أن يقبلوا أنه يرجعوا مرة أخرى إلى فهم الشريعة، وبالتالي يقولون: يا أخي أنت قلت المرأة ما تصلح للعمل، فيقولوا: الزمن هذا تغير، فالتالي .. الحكي المعروف لدى العامة لدى الجميع، أنه يجوز مخالفة النص نتيجة حاجة أو مصلحة ..
الشيخ: نفس السؤال الذي وجهناه لصاحبك يوجه لك: الاجتهاد نفتحه أم لا، أم نغلقه مثلما قال .... ؟
مداخلة: مفتوح.
الشيخ: لكن لمن هذا الاجتهاد؟
مداخلة: لأصحاب الاجتهاد.
الشيخ: وهذا أيضاً نفس هذا من باب الاجتهاد.
مداخلة: أفهم من هذا الكلام بالاستنتاج، أن الاجتهاد بابه مفتوح إلى أن يرث الله الأرض من عليها، شريطة توفر المجتهدين الذين لهم صفات، ويحق أو إنه من الجائز للمجتهدين أن يناقضوا النص أو يوقفوه ..
مداخلة: لا نقول يناقضوا.