الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزمني حل محل تلك السنة، إلا أفراد من علماء المسلمين في كل العصور والقرون، أولهم مثلاً ابن عباس، ابن عباس كان يروي عن الرسول عليه السلام الحديث الذي هو مستند هذا الاجتهاد الذي لجأ إليه فقهاء العصر الحاضر، والفقهاء السابقون الذين كانوا يخالفون ما جرى عليه المسلمون، كان مستندهم حديث ابن عباس، قال:«كان الطلاق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر وشطر من خلافة عمر، إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً طلقة واحدة، ثم جعلها عمر الخطاب ثلاثاً» .
فإذاً: اجتهاد عمر هنا لا يقال: أخطأ، كما لا يقال بالنسبة لعثمان: أخطأ، إنما أخطأ من اتخذ اجتهاد هذا وذاك سنة ماضية، وأصبحت السنة تلك نسياً منسيا كما ذكرنا.
هذا ما أظن يصلح جواباً، أنه ليس شاذاً من تمسك بالسنة وخالف جماهير الناس، إنما الشاذ هو الذي يخرج عما عليه المسلمون المتمسكين بكتاب الله، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(الهدى والنور / 70/ 38: 33: .. )
الطلاق بلفظ الثلاث في مجلس واحد
مداخلة: إذا طلق الرجل زوجته ثلاثًا في مجلس واحد هل يجوز هذا، وكم تحسب له طلقة هل ثلاثًا أم واحدة، من غير ذلك؟
الشيخ: أولًا: لا يجوز له ذلك؛ لأنه طلاق بدعي.
وثانيًا: لا يقع ذلك منه إلا طلقة واحدة، فله أن يراجعها، رجوعًا منا إلى السنة الصحيحة التي مات رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها وهي ثابتة محكمة، ثم عمل بها أبو بكر الصديق رضي الله عنه طيلة خلافته الراشدة سنتين ونصف، ثم جرى على ذلك عمر بن الخطاب شطرًا من خلافته الراشدة أيضًا، ثم بدا له من باب التعزير وملاحظة ما جد على الناس من مخالفة للشرع فقال قبل أن يجعل الطلاق بلفظ
الثلاث في المجلس الواحد ثلاثًا، قال: لو نفذناه عليهم ثلاثًا كأنه يتشاور، ثم أجمع أمره فنفذه عليهم ثلاثًا.
فكانت هذه منه من باب تصرف الحاكم العالم المجتهد، ومن مثل عمر في علمه وفي اجتهاده وحكمته، وحسبه أن القرآن نزل موافقًا له في أكثر من قضية، فإذا بدا له أن يعاقب الناس ببعض الأشياء الجديدة التي لم تكن في عهد الرسول عليه السلام من باب إصلاح ما أفسده بعض الناس فللحاكم ذلك بشرط ألا يتخذ الناس ذلك شريعةً جديدة يتبنونها كما لو كانت هي الشريعة الأصيلة القديمة.
ومع الأسف الشديد هذا ما أصاب هذا الحكم حيث جرى جماهير المسلمين على مر السنين نسو الحكم النبوي، والذي جرى عليه كما ذكرت لكم آنفًا أبوبكر وعمر في أول خلافته صارت هذه السنة نسيًا منسيًا وحل محلها سنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي نحن في صدد الحديث عنها، وصارت شريعة أبدية إلى هذا العصر إلى ما قبل نحو ربع قرن من الزمان، حيث فاء بعض القضاة أو المتفقهة تفقهًا مذهبيًا الذين لا يبنون أحكامهم على الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وإنما يقيمونها على مراعاة مصلحة الأمة زعموا، وليس كل مصلحة يدعيها إنسان يجوز أن يضع لها حكمًا إلا إذا كان متفقهًا في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما نظروا كثرة المشاكل .. أعني هؤلاء المتفقهة أو القضاة .. لما رأوا كثرة المشاكل التي تقع بين الأزواج بسبب الطلاق الذي لم يبنى على وعي وتفكير، وقد يكون هذا الطلاق ناتجًا من ثورة غضبية لا ينفذ فكثرت حوادث الطلاق فأرادوا تقليلها فلم يجدوا سبيلًا أمامهم إلا لا أقول: إلا الرجوع إلى السنة، فإنهم لا علم عندهم بالسنة كانوا من قبل، بل كانوا يحاربون السنة صراحة زعمًا منهم بأن هذه السنة كغيرها أو ككثير من غيرها مخالف للمذاهب الأربعة، أما هنا فحينما حكموا المصلحة تجرؤوا على المذاهب الأربعة وأخذوا ليس بالسنة، أعود فأقول تنبيهًا! وإنما بمذهب ابن تيمية.