الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ-رحمه الله: إذا كان الضارب النساء فيجوز وإلا فالرجال لا يجوز.
(فتاوى جدة-موقع أهل الحديث والأثر- 14)
مراسم الزواج المتبعة في الشرع
الملقي: يقول: في زواج المسلم ما هي الخطوات المتَّبعة في الشرع، أي أقصد المراسم، يعني من حيث الأضواء، اجتماع الناس، عمل محاضرة، أصوات النساء، الغناء، الزغاريد، الوليمة.
الشيخ: هناك حديث ثابت عن الرسول عليه السلام ألا وهو قوله: «أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدف» ، أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدف.
ثم هناك أحاديث أخرى فيها حض الرسول عليه السلام بعض النسوة على أن يغنين بمناسبة العرس، فقد جاء في بعض السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي السيدة عائشة وهي قادمة، فسألها:«من أين؟ » ، قالت: من عرس للأنصار، فقال عليه السلام لها:«هل غنيتن لهن، فإن الأنصار يحبون الغناء» ، قالت: ماذا نقول يا رسول الله، قال: تقولون: «أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم، ولولا الحنطة السمراء لم تسمن عذاريكم» .
فمثل هذا الغناء الذي يقال اليوم غناء بريء، مثل هذا لا مانع منه أن يتغنى به النساء المسلمات، وأن يضربن عليه بالدف، لكن هذا خاص بيومين فقط، يوم العرس، ويوم العيد؛ لأن الدف من آلات اللهو، ومن آلات الطرب، التي حرَّم الإسلام العزف عليها بأحاديث كثيرة من أصحِّها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه تعليقاً أو موصولاً على خلاف بين العلماء، عن أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِرَ» ، الحر:«الحِرَ والحرير والخمر والمعازف» ، هنا الشاهد:«والمعازف يُمْسُون في لهو ولعب، ويصبحون وقد مُسخوا قردةً وخنازير» .
فالمعازف هي في عرف علماء اللغة كل آلات الطرب لا يُسْتَثنى منها شيء، إنما استثنى الشرع فقط الدف في العرس وفي العيد، أما العرس فقد سمعتم آنفاً قوله عليه السلام:«أعلنوا هذا النكاح، واضربوا عليه بالدف» أما زيادة: «واجعلوه في المساجد» فهذا حديث منكر لا يصح لا سنداً ولا معنىً.
أما الضرب على الدف يوم العيد فلحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: دخل أبو بكر الصديق على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عيد، وعنده جاريتان تغنيان بغناء بعاث تضربان عليه بدف، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مُسَجَّى، فلما سمع أبو بكر ذلك أنكر وقال: أمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله مُسَجَّى أي مغطى، فرفع رأسه، وقال:«دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا» .
من هذا الحديث أخذ العلماء هذا الاستثناء الثاني للدف. الأول في العرس يجوز، وهو من المعازف، والاستثناء الثاني في العيد؛ لقوله عليه السلام منكراً على إنكار أبي بكر عليهما بقوله: أمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دعهما» . نعم؟ هاه.
«دعهما يا أبا بكر؛ فإن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا» ، هذا الحديث فيه فقه دقيق، أول ذلك: نفهم من قول أبي بكر: أمزمار الشيطان في بيت رسول الله، أن الدُّف مزمار، أن الدُّف من المعازف، فلا يجوز إباحته، إلا في هذين المكانين.
الشيء الثاني: أن أبا بكر كيف تَقَدَّم بين يدي رسول الله، فأنكر على الجاريتين ضربهما على الدف وهما بين يدي رسول الله، هل يتجرأ أبو بكر، بل من هو دون أبي بكر في العلم والخُلُق؟ لا، إلا أن يكون عنده سابق معرفة.
وهنا الفقه الدقيق الثاني، أبو بكر إنما أنكر على الجاريتين؛ لأنه كان فَقِهَ وفهمَ من رسول الله أن الضرب على الدف لا يجوز مطلقاً، ولذلك تجرأ وأنكر، هناك جاء الفقه الجديد بالنسبة لأبي بكر لما قال له الرسول عليه السلام:«دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا» ، وهذا أيضاً له يعني بحث طويل وطويل جداً.
وأكتفي الآن بما سمعتم، وقبل أن ننهض إلى الصلاة أجيب عن سؤال الأخ هنا آنفاً: هل يجوز للرجال أن يضربوا على الدفوف؟
الجواب: لا، الدفوف كما سمعتم، وأكرر، الأصل التحريم، وكل شيء كان الأصل فيه التحريم ثم اسْتُثني منه جزء فلا يجوز الزيادة في الاستثناء عليه، فهنا استثني الضرب من حيث الأوقات وقتان، العرس والعيد، ومن حيث الأشخاص النساء دون الرجال؛ فالرجال يدخلون في النص العام، والنساء يشتركن معهم في النص العام، ولكنهم يستثنون فيما يتعلق بالعيد وفي العرس.
وبهذا القدر كفاية.
(الهدى والنور /531/ 55: 50: 00).