الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» .
و[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]:
«إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته، وإن كانت لا تعلم» .
و[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]:
«إذا ألقي في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها» .
[ترجم الإمام لهذه الأحاديث بما ترجمنا به، ثم قال]:
وما ترجمنا به للحديث قال به أكثر العلماء، ففي «فتح الباري» «9/ 157»:«وقال الجمهور: يجوز أن ينظر إليها إذا أراد ذلك بغير إذنها، وعن مالك رواية: يشترط إذنها، ونقل الطحاوي عن قوم أنه لا يجوز النظر إلى المخطوبة قبل العقد بحال، لأنها حينئذ أجنبية، ورد عليهم بالأحاديث المذكورة» .
(السلسلة الصحيحة (1/ 1/ 197 - 204).
يجوز لمن يريد خطبة امرأة أن ينظر إلى أكثر من الوجه والكفين
[قال الإمام]:
ويجوز له أن ينظر منها إلى أكثر من الوجه والكفين لإطلاق الأحاديث المتقدمة ولقوله صلي الله عليه وسلم:
«إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل» .
والحديث ظاهر الدلالة لما ترجمنا له، وأيده عمل راويه به، وهو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وقد صنع مثله محمد بن مسلمة كما ذكرناه في الحديث الذي قبله، وكفى بهما حجة، ولا يضرنا بعد ذلك، مذهب من قيد
الحديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط، لأنه تقييد للحديث بدون نص مقيد، وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجة، لاسيما وقد تأيد بفعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال الحافظ في «التلخيص» «ص 291 - 292»:«فائدة» : روى عبد الرزاق وسعيد بن منصور في «سننه» «520 - 521» وابن أبي عمر وسفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن على بن الحنفية: أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم، فذكر له صغرها، «فقيل له: إن ردك، فعاوده»، فقال «له علي»: أبعث بها إليك، فإن رضيت فهي امرأتك، فأرسل بها إليه، فكشف عن ساقيها، فقالت: لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك. وهذا يشكل على من قال: إنه لا ينظر غير الوجه والكفين».
وهذا القول الذي أشار الحافظ إلى استشكاله هو مذهب الحنفية والشافعية. قال ابن القيم في «تهذيب السنن ««3/ 25 - 26» : «وقال داود: ينظر إلى سائر جسدها. وعن أحمد ثلاث روايات: إحداهن: ينظر إلى وجهها ويديها. والثانية: ينظر ما يظهر غالبا كالرقبة والساقين ونحوهما.
والثالثة: ينظر إليها كلها عورة وغيرها، فإنه نص على أنه يجوز أن ينظر إليها متجردة! «قلت: والرواية الثانية هي الأقرب إلى ظاهر الحديث، وتطبيق الصحابة له والله أعلم. وقال ابن قدامة في «المغني» «7/ 454»:«ووجه جواز النظر «إلى» ما يظهر غالبا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن في النظر إليها من غير علمها، علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة، إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور، ولأنه يظهر غالبا فأبيح النظر إليه كالوجه، ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع، فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم». ثم وقفت على كتاب «ردود على أباطيل» لفضيلة الشيخ محمد الحامد، فإذا به يقول «ص 43»:«فالقول بجواز النظر إلى غير الوجه والكفين من المخطوبة باطل لا يقبل» . وهذه جرأة بالغة من مثله ما كنت أترقب صدورها منه، إذ أن المسألة خلافية كما سبق بيانه، ولا يجوز الجزم ببطلان القول المخالف لمذهبه إلا بالإجابة عن حجته ودليله كهذه الأحاديث، وهو لم يصنع شيئا من ذلك، بل إنه لم يشر إلى الأحاديث أدنى إشارة،
فأوهم القراء أن لا دليل لهذا القول أصلا، والواقع خلافه كما ترى، فإن هذه الأحاديث بإطلاقها تدل على خلاف ما قال فضيلته، كيف لا وهو مخالف لخصوص قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث «99»:«ما يدعوه إلى نكاحها» ، فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه والكفان فقط، ومثله في الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث «97»:«وإن كانت لا تعلم» . وتأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم، عمله مع سنته صلى الله عليه وسلم، ومنهم محمد ابن مسلمة وجابر بن عبد الله، فإن كلا منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها، أفيظن بهما عاقل أنهما تخبآ للنظر إلى الوجه والكفين فقط! ومثل عمر بن الخطاب الذي كشف عن ساقي أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهم.
فهؤلاء ثلاثة من كبار الصحابة أحدهم الخليفة الراشد أجازوا النظر إلى أكثر من الوجه والكفين، ولا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم، فلا أدري كيف استجاز مخالفتهم مع هذه الأحاديث الصحيحة؟ ! وعهدى بأمثال الشيخ أن يقيموا القيامة على من خالف أحدا من الصحابة اتباعا للسنة الصحيحة، ولو كانت الرواية عنه لا تثبت كما فعلوا في عدد ركعات التراويح! ومن عجيب أمر الشيخ عفا الله عنا وعنه أنه قال في آخر البحث:«قال الله تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا}» ! فندعو أنفسنا وإياه إلى تحقيق هذه الآية ورد هذه المسألة إلى السنة بعد ما تبينت. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. هذا ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة، وقول جماهير العلماء بها - على خلاف السابق - فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها، فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم - ولو في حدود القول الضيق. تورعا منهم، زعموا، ومن عجائب الورع البارد أن بعضهم يأذن لابنته بالخروج إلى الشارع سافرة بغير حجاب شرعي! ثم يأبى أن يراها الخاطب في دارها، وبين أهلها بثياب الشارع! وفي مقابل هؤلاء بعض الآباء المستهترين الذين لا يغارون على بناتهم. تقليدا منهم لأسيادهم الأوربيين، فيسمحون للمصور أن يصورهن وهن سافرات سفورا غير مشروع، والمصور رجل أجنبي عنهن، وقد يكون كافرا، ثم يقدمن صورهن إلى بعض الشبان، بزعم