الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالشاهد: إن عدنا نحن إلى نفس الأسباب الشرعية التي أخذ بها العرب، وهم أذلاء كما نحن اليوم -مع الأسف الشديد- أذلاء أعزنا الله.
ولذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال كلمة ذهبت مثلاً، ولكننا غافلون عن القرآن والسنة فضلاً عن كلام عمر بن الخطاب قال:«نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما نبتغي العزة بغير الإسلام نُذَل» هكذا نقول -بارك الله فيك-: المجتمع نحن مؤلفوه، نحن مكيفوه، نحن منشِئوه، فإن كنا صالحين، فسيكون مجتمعاً صالحاً والعكس بالعكس.
(الهدى والنور / 193/ 43: 43: 00)
حكم العقد على اثنتين في آن واحد
السائل: رجل عقد على زوجتين في آن واحد بيصير؟
الشيخ: إيه فيه العافية.
(الهدى والنور / 564/ 16: 32: 00)
إذا عارض الوالدان زواج الابن بالثانية فهل يطيعهما
؟
السائل: هناك سؤال الحقيقة عودًا إلى تعدد الزوجات، رجل أراد أن يتزوج بالثانية، وكانت المعارضة شديدة من والديه، فهل يقدم على الزواج أم يطيع والديه في الأمر؟
الشيخ: هذا سؤال مهم! الجواب بالتذكير بقاعدة: إذا دار الأمر بين مفسدة ومصلحة فدفع المفسدة قبل .. فتقديم دفع المفسدة تقدم على جلب المصلحة، وبخاصة إذا كانت المصلحة ليست واجبة وإنما هي مستحبة كما نحن الآن في هذا الموضوع، فالتعدد هو أمر مستحب، أما [الزواج الأول] فهو أمر واجب، لقوله عليه الصلاة والسلام: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه
أغض للبصر وأحصن للفرج، فإن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» فأن يكون عند الرجل زوجة واحدة تحصنه ويحصنها فهذا أمر واجب لا بد منه ولو كان راهبًا؛ لأنه لا رهبانية في الإسلام.
إذا عرفنا ذلك فحينئذ نقول: ولد أبيه متزوج ويريد أن يثني ولكن والداه يحولان بينه وبين ذلك، فهل يعصيهما ويخالفهما إلى الزواج الثاني؟ الجواب أيضًا من القاعدة السابقة: إذا دار الأمر بين مفسدة ومصلحة قدم ترك المفسدة وعلى جلب المصلحة، الابتعاد عن المفسدة، ولا شك أن مخالفة الوالدين معصية، أما التثنية فهي طاعة لكنها غير واجبة، فحينئذٍ إذا دار الأمر على الولد بين ارتكاب مفسدة المعصية وبين إتيانه مصلحة التثنية قدم دفع المفسدة على الآخر فلا يعصي والديه ولو كان من وراء ذلك ترك الأمر المستحب.
هنا يرد حديث ورد في الصحيح: أن عمر بن الخطاب، أذكر هذا الحديث؛ لأنه قد يدل على خلاف ما ذكرته آنفًا: جاء في الصحيح: أن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أمره والده بأن يطلق زوجته، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن ذلك، فكان قوله عليه السلام أنه قال له:«أطع أباك» مثل هذا السؤال يقع كثيرًا وكثيرًا جدًا يسأل عنه.
يقول القائل: أنا أتزوج زوجة وأنا مرتاح بها وإلى آخره، لكن أبي يأمرني بتطليقها، أُطلق أم أمسك؟
…
في هذه الحالة لا نقول له: لا، أمسك .. فنقول: أمسك ولا نقول له: طلق، لماذا؟ لأن في كل من الإمساك والتطليق مخالفة، إذا أمسك وأبوه يريد تطليقها فقد خالف أباه وهذه معصية، وإذا طلق أطاع أباه من ناحية ولكن يخشى عليه أن يقع في مشكلة أخرى من الناحية النفسية وهي أن يخشى عليه أن تذهب نفسه حسرات عليها، ثم يقع في حيص بيص ..
ما يدري ما يفعل طلقها فلا يستطيع أن يبقيها؛ لأن أباه يريد تطليقها، ولا يستطيع أن يصبر عنها، فماذا يفعل؟ هذا يذكرنا بحديث صحيح في سنن النسائي
وغيره: «أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن امرأتي لا ترد يد لامس .. » .
مداخلة: يد لامس ..
الشيخ: .... «لا ترد يد لامس، فقال عليه الصلاة والسلام: طلقها، قال: يا رسول الله! إني أحبها، قال: فأمسكها» .... أنت تشكو أنها لا ترد يد لامس، هذه التي لا ترد يد لامس معنى ذلك أن الزوج يكون غيورًا فلا يرضى على زوجته أنها لا ترد يد لامس، فإذًا: عليك أن تطلقها، قال: لكن أنا أحبها يا رسول الله، قال: فأمسكها، يعني: أمسكها على عجرها وبجرها، فكما جاء في الحديث الصحيح:«إن لم يعجبك منها خلق أعجبك منها خلق آخر» .
الشاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له: طلقها، أمره بتطليقها؛ لأنها سيئة الخلق.
ما معنى: لا ترد يد لامس؟ لأن كثيرًا من العلماء قديمًا وحديثًا يتصورون أن معنى هذه الجملة، أي: أنها طيعة لكل راغب فيها، وليس الأمر كذلك؛ لأنه لو كان الأمر كذلك لم يجز للرسول أن يقول له: أمسكها، وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر زوجًا ديوث يرى الفاحشة في زوجته ثم يقول له: أمسكها
…
إذًا: ما معنى: لا ترد يد لامس؟ اللمس هنا على بابه، اللمس هنا ليس كقوله تعالى:{أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] أي: الجماع، فاللمس هنا على بابه، اللمس هكذا أو هكذا، بمعنى: الجس يعني.
وكثيرًا من النساء حتى اليوم يرى في بعض القرى التي أولًا: لا تزال تعيش على فطرة قديمة، وثانيًا: ليس فيها من يوجه ويعلم الأحكام الشرعية، ومن مثيلة ذلك: أن يوجد بين الرجال النساء، وبين الشابات والشباب شيء من الاختلاط، فيكون يقفان مثلًا بجانب بعض الجار مع جارته
…
{إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف: 53] هنا يدخل الشيطان في قلب ذاك الشاب فهو يتكلم مع الفتاة إذا به يغمزها، يقول لها مثلًا: هكذا هذا هو المهم، ليس المعنى كناية عن الفاحشة والجماع، لا لا شك أن هذا مما يستنكره كل زوج غيور، وهذا هو الذي دفع الرجل
إلى أن يشكو أمره إلى الرسول، فقال له: طلقها .... قال: يا رسول الله! إني أحبها، قال: فأمسكها.
إذًا: هنا دار الأمر بين تحقيق مصلحة وبين دفع مفسدة، المفسدة
…
هنا هو أنه إذا طلقها سيخشى عليه أن يظل قلبه متعلقًا بها، لذلك كان موقف الرسول عليه السلام هنا منتهى الحكمة، بينوا له الحكم الشرعي أولًا فقال له: طلقها واسترح منها، لما فاجأ النبي بقوله: إني أحبها، دله على أخف الضررين، وأقل المفسدتين شرًا، فقال له إذًا: أمسكها.
حينما يأتينا الرجل اليوم ويقص لنا مثل قصة ابن عمر مع أبيه، أنا أجيبه بجوابين اثنين:
أحدهما معلق بالمستحيل، والثاني
…
ماذا تفعل؟ أفصل القول كما انتهيت.
أما الأمر الأول المتعلق بالمستحيل، فأقول له: إن كان أبوك في معرفته بالإسلام وتمسكه بالأحكام كعمر فيجب عليك أن تطلقها.
أما التفصيل، فيقول له: يا أخي في كل من الأمرين إشكال، كما شرحت آنفًا بالنسبة للرجل الذي قال له عليه السلام: طلقها، ثم قال له: أمسكها، وأنا أخشى إن قلت لك: طلقها أنت تكون أطعت من جهة، لكن أخشى عليك أن تقع في محذور أكبر وهو أن تذهب نفسك مع هذه المرأة التي طلقتها فتقع في مشكلة أكبر .. وأخشى أن أقول لك: لا تطلقها فحينئذ كأني أقول لك: اعص والدك، ولذلك أنا أروي لك الآن الحديث التالي:
جاء رجل إلى أبي الدرداء فقال له مثل هذا السؤال: أمي تأمرني بتطليق زوجتي، ماذا أفعل؟ فقال له: لا آمرك بطلاقها ولا بإمساكها ولكني أقول: لك ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، انتهى الحديث، فإن شئت فطلقها وإن شئت فأمسكها، لكن ليس يورط هو نفسه بمثل هذه الفتوى
…
زلت به القدم، الواحد قد تزل به القدم، إذًا: أنا أقول لك: أن الوالد أوسط أبواب الجنة، يعني: طاعتة توصلك إلى الجنة، فإن شئت فطلقها وإن شئت فأمسكها.