الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عادةً تكون شركة الحياة، فعليهما أن يفتتحا هذه الشركة الطيبة القائمة على طاعة الله ورسوله بصلاة ركعتين أن يصلي الزوجان ركعتين اثنتين، ولاشك ولا ريب أن ذكر الله عز وجل في هذه الساعة التي لا يملك الشباب عادةً أنفسهم، إلا أن يقضوا فيها وَطَرَهم بأقرب وقت، وهذا بلا شك أمر حلال، ولكن إذا كافح أحدهما شهوته ليصلي كل منهما ركعتين، ثم بعد ذلك يتقدم كل منهما إلى الآخر، ويقضيان شهوتهما بعد أن قدَّما بين يدي ذلك طاعة الله تبارك وتعالى؛ لأن في ذلك افتتاحاً للحياة الزوجية والشركة هذه السعيدة بطاعة الله عز وجل، فيرجى لهما أن يكون ذلك سبباً لسعادتهما في الحياة الدنيا وفي الآخرة، هذه كلمة وذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
مداخلة: بارك الله فيك وجزاكم الله خيراً.
(الهدى والنور / 193/ 28: 00: 00)
حكم المغالاة في المهور
[قال الإمام]:
قد قرأت مقال الأستاذ وهبي الألباني المنشور في عدد جمادى الأولى سنة 1381 هـ من مجلة التمدن الإسلامي الزاهرة، في الرد على الأستاذ محمود مهدي استانبولي في مسألة تحديد المهور، فرأيته قال فيه ما نصه:
(لقد قرر الأستاذ محمود مهدي أن قصة اقتراح عمر رضي الله عنه ترك التغالي في المهور هي خبر ضعيف، لا يصح الاعتماد عليه، مع أن الخبر قد صححه ابن كثير الذي ذكر الخبر في تفسيره، فقال: قال الحافظ أبو يعلى (بسنده إلى مسروق) قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصداقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك، ولو كان ذلك تقوى عند الله أو كرامة لما سبقوهم إليها، فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم، قال: ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش، فقال: يا أمير المؤمنين، نهيت الناس أن يزيدوا في مهر
النساء على أربعمائة درهم؟ قال: نعم، فقال: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟ قال: وأين ذلك؟ فقالت: أما سمعت الله يقول: (( .. وآتيتم إحداهن قنطاراً
…
)) الآية، فقال: اللهم غفراً، كل الناس أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر، فقال: أيها الناس قد نهيتكم أن تزيدوا النساء في صداقاتهم على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب، قال أبو يعلى: وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل) إسناده جيد قوي، ابن كثير ج 1، ص 467).
قلت [القائل الألباني]:
…
الذي أريد بيانه في هذه الكلمة هو بيان ضعف مستند الأستاذ وهبي في تصحيح قصة المرأة تقليداً منه للحافظ ابن كثير، وأنا وإن كنت أعذر الأستاذ وهبي في هذا التقليد و ((لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)) فإني في الوقت نفسه ألفت نظره إلى أن التقليد ليس علماً باتفاق العلماء، فلا يصلح إذن اتخاذه حجة للرد على المخالفين.
وهانذا: أشرع الآن في بيان ضعف ذلك مستنداً فيه إلى القواعد الحديثية فأقول:
أن هذا الخبر الذي نقله الأستاذ عن الحافظ ابن كثير يتضمن أمرين:
الأول: نهي عمر عن الزيادة في مهور النساء على أربعمائة درهم.
والآخر: اعتراض المرأة عليه في ذلك وتذكيرها إياه بالآية.
أما الأمر الأول فلا شك في صحته عن عمر رضي الله عنه، لوروده عنه من طريق، ولا بأس من ذكرها.
[ثم أورد الإمام طرق الحديث، ثم قال]:
قلت: وهذه الطرق جميعها ليس فيها قصة المرأة ومعارضتها لعمر، وفي ذلك تنبيه لأهل العلم إلى احتمال ضعفها لشذوذ أو نكارة، فلننظر في سندها إذن، لنتبين مبلغ صحة هذا الاحتمال.
[ثم ساق الإمام الكلام عليها إلى أن قال: ]
وإذا تبين هذا التحقيق للقارئ الكريم، وتذكر أن خطبة عمر هذه وردت عنه من خمسة طرق ليس فيها قصة المرأة، عرف حينئذ أنها ضعيفة منكرة لا تصح.
وليس في نهي عمر عن ذلك ما ينافي السنة، حتى يرجع عنه، بل فيها ما يشهد له، فقد صح عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«هل نظرت إليها، فإن في عيون الأنصار شيئاً؟ » قال: قد نظرت إليها، قال:«على كم تزوجتها؟ » قال: أربع أواق، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«على أربع أواق؟ ! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل» رواه مسلم.
وإذا تبين أن نهي عمر رضي الله عنه عن التغالي في المهور موافق للسنة، وحينئذ يمكن أن نقول: أن في القصة نكارة أخرى، تدل على بطلانها، وذلك أن نهيه ليس فيه ما يخالف الآية، حتى يتسنى للمرأة أن تعترض عليه، ويسلم هو لها ذلك، لأن له رضي الله عنه أن يجيبها على اعتراضها لو صح بمثل قوله: لا منافاة بين نهيي وبين الآية من وجهين:
الأول: أن نهيي موافق للسنة، وليس هو من باب التحريم، بل التنزيه.
الآخر: أن الآية وردت في المرأة التي يريد الزوج أن يطلقها، وكان قدم لها مهراً، فلا يجوز له أن يأخذ منه شيئاً دون رضاها، مهما كان كثيراً، فقد قال تعالى:{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} .
فالآية وردت في وجوب المحافظة على صداق المرأة وعدم الاعتداء عليه، والحديث وما في معناه ونهي عمر جاء لتلطيف المهر وعدم التغالي فيه، وذلك لا ينافي بوجه من الوجوه عدم الاعتداء على المهر بحكم أنه صار حقاً لها بمحض اختيار الرجل، فإذا خالف هو ووافق على المهر الغالي فهو المسئول عن ذلك دون غيره.