الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوب الامتناع من مخالفة الشرع في العرس
ويجب عليه [أي الزوج] أن يمتنع من كل ما فيه مخالفة للشرع وخاصة ما اعتاده الناس في مثل هذه المناسبة حتى ظن كثير منهم - بسبب سكوت العلماء - أن لا بأس فيها.
(آداب الزفاف ص 184)
من مخالفات الأعراس: تعليق الصور
[من مخالفات الأعراس]: تعليق الصور على الجدران سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة لها ظل أو لا ظل لها يدوية أو فوتوغرافية فإن ذلك كله لا يجوز ويجب على المستطيع نزعها إن لم يستطع تمزيقها وفيه أحاديث:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سترت سهوة (1) لي بقرام (2)
فيه تماثيل وفي رواية: فيه الخيل ذوات الأجنحة فلما رآه هتكه وتلون وجهه وقال: «يا عائشة! أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله» وفي رواية: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون» ويقال لهم: «أحيوا ما خلقتم» ثم قال: «إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة» قالت: عائشة: فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين [فقد رأيته متكئا على إحداهما وفيها صورة](3).
(1) هو بيت صغير منحدر في الأرض قليلا شبيه بالمخدع والخزانة كذا قاله ابن الأثير في "النهاية".
(2)
القرام بكسر القاف: الستر الرقيق وقيل: الصفيق من صوف ذي ألوان وقيل: هو الستر الرقيق وراء الستر الغليظ. "نهاية".
وقال السرقسطي في " غريب الحديث ": 2/ 77/2:
"هو ثوب من صوف فيه ألوان من العهون وهي شفق تتخذ سترا ويغطى به هودج أو كلة والجمع قرم".
(3)
قلت: وفي هذا الحديث فائدتان:
الأولى: تحريم تعليق الصور أو مافيه صورة. =
2 -
وعنها قالت:
= والثانية: تحريم تصويرها سواء كانت مجسمة أو غير مجسمة وبعبارة أخرى: لها ظل أو لا ظل لها وهذا مذهب الجمهور قال النووي:
"وذهب بعض السلف إلى أن الممنوع ماكان له ظل وما لا ظل له فلا بأس باتخاذه مطلقا وهو مذهب باطل فإن الستر الذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم كانت الصورة فيه بلا ظل ومع ذلك أمر بنزعه".
وأجاب بعض من كتب في هذه المسألة من المعاصرين حديث عائشة هذا بـ "أن هذه الصورة تخالف الواقع وتصف الكذب إذ ليس في الوجود خيل ذات أجنحة ومن أجل ذلك كره رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرسم"!
قلت: وهذا الجواب باطل من وجوه:
أولا: أنه ليس في الحديث ما يشير أدنى إشارة إلى أن سبب الإنكار إنما هو مخالفة الصورة للواقع! بل فيه ما هو كالصريح على أن العلة غير ذلك وهو قوله صلى الله عليه وسلم.
"إن البيت الذي فيه صور لا تدخله الملائكة" فأطلق الصور ولم يخضعها بنوع معين فهذا هتك صلى الله عليه وسلم الستر وأمر بنزعه منعا للسبب المانع من دخول الملائكة إلى البيت وهذا واضح جدا.
ثانيا: لو كان سبب الإنكار هو المخالفة التي ذكرها حضرة الكاتب المشار إليه لما أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة على اتخاذها في جملة لعبها فرسا له جناحان في قصة أخرى كما سيأتي في الحديث الخامس من المسألة 40.
فسقط بهذا كلام حضرة الكاتب وظل الحديث محكما ليس له معارض.
وأما حديث أبي طلحة: "إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، إلا رقما في ثوب" فمعناه: "في ثوب ممتهن غير معلق" كما أفاده حديث عائشة هذا فإنه صريح في أن الملائكة لا تدخل البيت ما دام فيه صورة معلقة بخلاف ما إذا كانت ممتهنة كما أفاده قولها: "فقد رأيته متكئا على إحداهما وفيه صورة" فهذه الصورة هي التي لاتمنع من دخول الملائكة فحديث عهائشة مفصل فهو يخصص حديث أبي طلحة فلا يجوز الأخذ بعمومه كما فعل حضرة الكاتب.
على أنه قد أخطأ فيه مرة أخرى فإنه استدل به على جواز تصوير الرقم في الثوب وبنى عليه جواز التصوير على الورق! وهذه مغالطة فالحديث لا يجيز إلا الاستعمال على ما فصلنا وأما تصوير الصورة نفسها فهذا مما لم يتعرض الحديث لبيانه وإنما تعرض له حديث عائشة وهو صريح في تحريم التصوير على الثوب بقوله فيه: "إن أصحاب هذه الصور يعذبون
…
" فلا يجوز ترك هذا النص لحديث أبي طلحة الذي لم يتعرض لهذه المسألة وهذا بين لكل منصف إن شاء الله.
ويتفرع مما ذكرنا أنه لا يجوز لمسلم عارف بحكم التصوير أن يشتري ثوبا مصورا - ولو للامتهان - لما فيه من التعاون على المنكر فمن اشتراه ولا علم له بالمنع جاز لع استعماله ممتهنا كما يدل عليه حديث عائشة هذا والله الموفق.
هذا ولعل الصورة المذكورة في آخر الحديث: "فقد رأيته متكئا على إحداهن وفيها صورة" وكان وقع القطع في وسطها بحيث أنها خرجت عن هيئتها وبهذا جمع الحافظ بين الحديثين وبين حديث النمرقة المتقدم في المسألة 33 ص 162 - 163 فراجعه.
ثم وجدت ما يؤيده من رواية أبي هريرة في حديث جبريل الآتي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن في البيت سترا في الحائط فيه تماثيل فاقطعوا رؤوسها فاجعلوها بسائط أو وسائد فأوطئوه فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل. ورجاله رجال الصحيح كما بينته في سلسلة الأحاديث الصحيحة.
حشوت وسادة للنبي صلى الله عليه وسلم فيها تماثيل كأنها نمرقة فقام بين البابين وجعل يتغير وجهه فقلت: ما لنا يا رسول الله؟ [أتوب إلى الله مما أذنبت] قال: «ما بال هذه الوسادة؟ » قالت: قلت: وسادة جعلتها لك لتضطجع عليها قال: «أما علمت أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة وأن من صنع الصور يعذب يوم القيامة فيقال: أحيوا ما خلقتم؟ » وفي رواية: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة» [قالت: فما دخل حتى أخرجتها](1).
3 -
قوله صلى الله عليه وسلم:
«أتاني جبريل عليه السلام فقال لي: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تمثال (2)[الرجال] وكان في البيت قرام (3) ستر فيه تماثيل وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة (4)
ومر بالستر.
(1) وهو صريح الدلالة على أن الصورة الظاهرة تمنع دخول الملائكة ولو كانت ممتهنة لأنه صلى الله عليه وسلم امتنع من الدخول حتى أخرجت وفيها قال كلمته:
"إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة".
(2)
بكسر التاء وهي الصورة كما في "القاموس" وغيره فالتمثال يطلق على الصورة المجسمة وغير المجسمة خلافا لما يتوهم البعض وقد استعمل في الحديثين بالمعنيين فهنا أراد المعنى الأول بدليل الأمر بقطع الرأس وفي المحل الآتي أراد المعنى الثاني.
(3)
هو الستر الرقيق كما سبق والإضافة فيه كقولك: ثوب قميص وقيل: القرام: الستر الرقيق وراء الستر الغليظ ولذلك أضاف. كذا في " النهاية".
(4)
هذا نص صريح في أن التغيير الذي يحل به استعمال الصورة إنما هو الذي يأتي على معالم الصورة فيغيرها بحيث إنه يجعلها في هيئة أخرى وقد عبر بعض الفقهاء عن هذا التعبير بقوله:
"إذا كانت بحيث لا تعيش جاز استعمالها"
وهذا تعبير قاصر كما لا يخفى ولهذا كان عمدة لبعض المحتالين على النصوص الذين يحاولون الخلاص منها بتاويلها أو بتحكيم آراء الرجال فيها وأصدق مثال على ذلك مثال طويل لأحدهم كنت قرأته منذ سنين في "مجلة نور الإسلام" التي سميت فيما بعد مجلة الأزهر خلاصته أنه يجوز للمسلم الفنان! أن ينحت صنما كاملا على أن يحفر حفرة في الرأس تصل إلى الدماغ بحيث أنه لا يعيش لو كان حيا! ثم تفنن حضرة الشيخ فذكر أنه لكي لا يظهر عيب الصنم من الناحية الفنية للناظرين فإنه بإمكان الفنان أن يضع الشعر المستعار على الرأس المحفور وبذلك تنستر الفجوة ويبدو تمثالا كاملا لا عيب فيه يرضي الفنانين! وفي الوقت نفسه قد يكون أرضى الشارع بزعمه! فهل رأيت أيها المسلم تلاعبا بالشريعة ونصوصها ما يشبه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هذا التحريف المنشور في مجلة محترمة! تالله إن هذا لأشبه شيء بعمل من ضربت عليهم الذة والمسكنة وقال الله فيهم:
{وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه أي ذوبوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه". متفق عليه ولهذا حذرنا من اتباع سننهم فقال:
"لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل" رواه ابن بطة في جزء إبطال الحيل ص 24 بسند جيد كما قال ابن تيمية وابن كثير ولكن ذلك كله ما أغنى شيئا بعض هؤلاء المتشبهين بهم لهوى في نفوسهم أعاذنا الله منه وانظر العاية 11.
وقريب من هذا تفريق بعضهم بين الرسم باليد وبين التصوير الشمسي بزعم أنه ليس من عمل الإنسان! ولي من عمله فيه إلا إمساك الظل فقط! كذا زعموا أما ذلك الجهد الجبار الذي صرفه المخترع لهذه الآلة حتى استطاع أن يصور في لحظة ما لا يستطيعه في ساعات فلي من عمل الإنسان عند هؤلاء! وكذلك توجيه المصور للآلة وتسديدها نحو الهدف المراد تصويره وقيبل ذلك تركيب ما يسمونه بالفلم ثم بعد ذلك تحميضه وغير ذلك مما لا أعرفه فهذا أيضا ليس من عمل الإنسان عند أولئك أيضا! وقد تولى بيان كيف يتم التصوير الشمسي الأستاذ أبو الوفاء درويش في رده على فضيلة الشيخ محمد إبراهيم مفتي الديار السعودية ص 43 - 45 وخلاصته أنه لا بد للمصور من أن يأتي بأحد عشرا نوعا من الأفعال حتى تخلق الصورة ومع هذا كله فالأستاذ المذكور العليم بهذه الأنواع يقول دون أي تردد:
"إن هذه الصورة ليست من عمل الإنسان".
وثمرة هذا التفريق عندهم أنه يجوز تعليق صورة رجلا مثلا في البيت إذا كانت مصورة بالتصوير الشمسي ولا يجوز ذلك إذا كانت مصورة باليد! ولو أن مصورا صور هذه الصور اليدوية بالآلة جاز تعليقها أيضا عندهم فهل رأيت أيها القارئ جمودا على ظواهر النصوص مثل هذا الجحود؟ أما أنا فم أر له مثلا إلا جمود بعض أهل الظاهر قديما مثل قول أحدهم في حديث: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم البول في الماء الراكد". قال:
فالمنهي عنه هو البول في الماء مباشرة أما لو بال في إناء ثم أراقه في الماء فهذا ليس منهيا عنه! يقول هذا مع أن تلويث الماء حاصل بالطريقين ولكن جموده على النص منعه من فهم الغاية من النص.
وكذلك هؤلاء المبيحون للتصوير الشمسي جمدوا على طريقة التصوير التي كانت معروفة في عهد النهي عنه ولم يلحقوا بها هذه الطريقة الجديدة من التصوير الشمسي مع أنها تصوير لغة وشرعا وأثرا وضررا كما يتبين ذلك بالتأمل في ثمرة التفريق المذكور آنفا.
لقد قلت لأحدهم منذ سنين: يلزمكم على هذا أن تبيحوا الأصنام التي لاتنحت نحتا وإنما بالضغط على الزر الكهرباي الموصول بآلة خاصة تصدر عشرات الأصنام في دقائق كما هو معروف بالنسبة للعب الأطفال ونحوها من تماثيل الحيوانات فما تقول في هذا؟ فبهت.
ومن الغريب أن هؤلاء الظهريين المحدثين في غفلة من ظاهريتهم إلى درجة أن بعضهم وصفهم بقوله: "وأولئك هم الذين فهموا النص على حقيقته"! وقد آن للقارئ اللبيب أن يتبين من هم أولئك؟ فاعتبروا يا أولي الأبصار.
وقبل أن أنهي هذه الكلمة لا يفوتني أن ألفت النظر إلى أننا وإن كنا نذهب إلى تحريم التصوير بنوعيه جازمين بذلك فإننا لا نرى مانعا من تصوير ما فيه فائدة محققة دون أن يقترن بها ضرر ما ولا تتيسر هذه =