الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: وفيك.
(الهدى والنور /12/ 12: 29: .. )
رجل طلق زوجته طلاقًا بائنًا دون علمها ثم جامعها
مداخلة: هنالك حادثة: أن رجلاً طلق زوجته طلاقاً بائناً لدى المحكمة، ولكنه لم يبلغ زوجته بذلك، فأرسلت ورقة الطلاق إلى والدها إلى منزل والدها، وعندما خرج من المحكمة ذهب وأخذ زوجته وأبناءه إلى خارج المنزل؛ لكي لا يأخذها والدها أو لكي لا يعلمها بالطلاق، ثم رجع بها في أواخر الليل أي بعد منتصف الليل وجامعها في تلك الليلة دون إخبارها، ولم تعلم الزوجة إلا في النهار عندما حضر والدها لإخبارها بذلك.
فعندما اضطرت وسألت زوجها لم يجبها لا بالنفي أو بالإثبات، وبعدها أصيبت هذه المرأة بالجنون، أعاذنا الله وإياكم.
الشيخ: آمين.
مداخلة: فسألني أهلها: هل هذا الجماع يعتبر زنا أم لا؟ أو أنها تعتبر رجعة إليه، علماً بأنه طلاق بائن، وهل إذا أخبروا أهلها السلطات يعتبر قولها صحيح أم يراد به شهود عيان كما هو المفروض في السنة؟
الشيخ: قولها بمعنى أنه جامعها؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: وإلا شيء آخر.
مداخلة: نعم، بأنه جامعها في تلك الليلة رغم أنه طلقها طلاقاً بائناً في النهار.
الشيخ: نعم.
قبل الإجابة عن السؤال لابد من استيضاح، ما هو المقصود في سؤالك بأنه طلقها طلاقاً بائناً؟
مداخلة: أي أنه طلقها ثلاث طلقات لدى المحكمة بقوله: هي طالق هي طالق هي طالق.
الشيخ: نعم.
مداخلة: طلاقاً لا رجعة فيه.
الشيخ: هذا لا يعتبر طلاقاً بائناً، هذا يعتبر طلقة واحدة إذا رجعنا إلى السنة، أما إذا رجعنا إلى بعض القضاة المذهبيين، فهذه كما قلتها يعتبرونها طلقة بائنة، أي: يطبقون على هذه الطلقة قوله تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} .
لكن ربنا عز وجل في الآية الكريمة أوضح بأن هذا الطلاق في لفظة واحدة وفي مجلس واحد، ليس هو الطلاق المشروع، لأنه قال:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229]، أي: الطلاق مرتان في كل طلقة إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
فهذا الذي يجمع الطلقات الثلاث عطل نص القرآن الكريم، وهو قوله:{فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].
لذلك عَقَّب على ذلك ربنا بقوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] أي في الثالثة، هو طلقها الطلقة الأولى ثم أمسكها وراجعها، ثم طلقها الثانية فأمسكها وراجعها، ثم طلقها الثالثة {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
وهكذا كان الطلاق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر في السنتين والنصف من خلافته وفي أول خلافة عمر بن الخطاب أيضاً، ثم رأى عمر كسياسة شرعية أن يُنَفَّذ هذا الطلاق على من طلق به ثلاثاً كعقوبة وتربية لهم، لكن الناس مع الأسف
كل الناس إلا من عصم الله وقليل ما هم، جروا على هذا الحكم الذي صدر من عمر تأديباً.
لكن العلماء يجب عليهم دائماً وأبداً أن يعودوا إلى السنة، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه:«اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق» .
فمن الأمر العتيق: ما يتعلق بهذه المسألة، أن من طلق زوجته ثلاث طلقات مجموعات، فهذا كمن قال لصاحبه: لك عندي ثلاث دنانير خذها، وهو ما سلمه إلا ديناراً، فالعبرة بالواقع وليس باللفظ، اللفظ لا قيمة له، لاسيما بعد هذا الشرع الذي قدمناه، {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].
فمجامعة هذا الرجل لزوجته، إذا لم يكن هنا طلقات أخرى ما ندري، لكن الفتوى كما يقال على قدر النص.
فإذا كان المقصود بالطلاق البائن هو أنه طلقها ثلاثاً، ثم جامعها فيعتبر جماعه إياها مجامعاً لزوجته، ويعتبر ذلك مراجعة منه لها.
لكن عليه أن يشهد على ذلك، كما أشهد على النكاح عليه أن يشهد على الطلاق، وهذا وقع في المحكمة، وعليه أن يشهد على الرجوع، نحن نقول هذا.
ولكن تبقى هنا قضية فقهية اصطلاحية، وهي أن هذا الرجل ما دام رفع الأمر إلى القضاء الشرعي عندكم هناك، والقضاء الشرعي حكم عليه بالبينونة الكبرى، ثم لا شيء آخر هناك، لم يستفت أحد العلماء الذين يفتون بالسنة، مع ذلك أعرض عن حكم القاضي الشرعي هناك وجامع زوجته، فهذا يعتبر منه زناً بها، ولا تعتبر هي زانية؛ لما ذكرت من جهلها بالقصة والواقع، واضح؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: نعم.
مداخلة: بالنسبة السؤال كان لو أنهم ذهبوا إلى المحكمة واشتكوا ذلك الرجل، أيجب عليهم شهود، أن يُصَدَّقوا، أم الشرط في ذلك من ناحية الشرع؟
الشيخ: الشهود في هذه الحالة لا يمكن تصوره.
مداخلة: طيب يا شيخ، بالنسبة للإشهاد على الطلاق، أليس بعدما تنتهي العدة .... أظن العدة أظن ..
الشيخ: لا عند التطليق، أو بُعيده ليس بعده.
مداخلة: التسريح عندما يريد أن يسرحها.
الشيخ: كيف؟
مداخلة: إذا أراد أن يسرحها ولا ..
الشيخ: ما هو سرحها بمجرد ما طلقها.
مداخلة: الشاهد أنا لاحظت في القرآن يكون بعدما يسرح يعني بعد
…
الشيخ: أين في القرآن بعدما يسرح؟
مداخلة: وهي العدة ثلاثة أشهر، عدة المطلقة.
الشيخ: أين بعدما يسرح؟ لا يوجد في القرآن!
مداخلة: .... بالنسبة يا أستاذنا، هل يجب عليهم مثلاً إذا اشتكوا ..
الشيخ: هل يجب عليهم ماذا؟
مداخلة: هل يجب عليهم مثلاً أن يطلبهم القاضي شهوداً؟
الشيخ: من أين يأتوا بالشهود؟
مداخلة: إذاً: ما الحكم في هذه القضية؟
الشيخ: القاضي يستنطق الرجل، هو يحقق معه، وعلى كل حال هذه مسألة ترجع إلى القضاء؛ لأن الشهود لا توجد هنا.