الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجملة القول أن الحديث ضعيف مرفوعا، صحيح موقوفا، ولا يقال: فالموقوف شاهد للمرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي، لأمرين: الأول: أنه مخالف لقوله تعالى: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ .. } فهي بإطلاقها تشمل التي خلا بها، وما أحسن ما قال شريح:«لم أسمع الله تعالى ذكر في كتابه بابا ولا سترا، إذا زعم أنه لم يمسها فلها نصف الصداق» . الثاني: أنه قد صح خلافه موقوفا، فروى الشافعي «2/ 325»: أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن ليث بن أبي سليم عن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلوبها ولا يمسها ثم يطلقها: ليس لها إلا نصف الصداق لأن الله يقول: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} . فإذا كانت المسألة مما اختلف فيه الصحابة، فالواجب حينئذ الرجوع إلى النص، والآية مؤيدة لما ذهب إليه ابن عباس على خلاف هذا الحديث، وهو مذهب الشافعي في «الأم» «5/ 215» ، وهو الحق إن شاء الله تعالى.
(السلسلة الضعيفة (3/ 86 - 88).
[خطبة للشيخ بين يدي النكاح تناولت الحديث على الغاية من النكاح، وحرمة المغالاة في المهور
الشيخ: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
لعله من المستحسن أن نُذَكّر إخواننا الحاضرين بمناسبة زفاف أخينا حسن ابن أبي عزت خضر، قبل الذي نبارك له في زفافه كما كان نبينا صلوات الله وسلامه عليه يبارك لأصحابه فنقول له:«بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير» .
لعل من الفائدة أن نُذكر إخواننا الحاضرين بهذه المناسبة، بالغاية أو الحكمة التي خلق الله تبارك وتعالى البشر، بل ومعهم الإنس، خلقهم لغاية عظيمة جداً، كثيراً ما يغفل عنها بعض أو كثير من المسلمين، هذه الغاية أو الحكمة هي التي جاء
ذِكْرُها في قول ربنا تبارك وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]{مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 57].
خلق الله عز وجل الذكر والأنثى؛ ليكون الإنسان بهذه الحكمة البالغة، بعبادة الله عز وجل وحده لا شريك له.
ومعلوم أن هذه الغاية غاية الله عز وجل، التي من أجلها خلق الإنس والجن كما سمعتم، لا يمكن أن تُحَقِّق عادةً إلا بزوجين اثنين صالحين؛ حتى يتعاونا على تربية الذُرِّية الحاصلة بلقائهما تربية صالحة؛ من أجل ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم باختيار المرأة الصالحة أولاً، ثم باختيار المرأة الوليد ثانياً، أما الأمر الأول: فهو قوله صلى الله عليه وسلم: «تُنْكح المرأة لأربعٍ: لمالها وجمالها، وحسبها، ودينها، فعليك بذات الدين تربت يداك» .
فعليك بذات الدين تربت يداك، دعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل رجل يختار الزوجة لا يختارها لدينها، وإنما لشيء آخر إلا الدين مما ذكر في هذا الحديث، أربع، تنكح المرأة لأربع: لمالها، وجمالها وحسبها، فمن تزوج امرأة لواحدة من هذه الثلاث دون الرابعة وهي الدين، فقد دعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:«تربت يداه» وما معنى تربت يداه؟
تربت لغةً مشتقة من التراب، وهي جملة دُعائية يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفقر ألصق الله بدنه بالتراب، كناية عن أن يُفْقِرَه الله عز وجل فقراً مدقعاً؛ بسبب أنه لم يختر الزوجة الصالحة ذات الدين.
«تُنْكَح المرأة لأربع: لمالها وجمالها وحسبها» الرابعة هي التي يحض عليها الرسول عليه السلام فيقول: «ودينها، فعليك بذات الدين» أيها الخاطب أيها المتزوج، وإلا فأثقل الله يديك، دعاء عليه بالفقر -لا سمح الله- هذا هو الحديث الأول الذي أمر به نبينا صلوات الله وسلامه عليه، كل رجل يريد أن يقترن بامرأة فعليه أن يختارها أن تكون دَيِّنة صالحة.
والحديث الآخر الذي حَضَّ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كُلَّ فرد من أفراد أمته، أن يختار الزوجة الصالحة أن تكون وليداً؛ لئلا تكون عقيماً ذلك؛ لأن من غاية الزواج الذي أمر به ربنا عز وجل في القرآن، وأكد ذلك نبيُّنا صلوات الله وسلامه عليه في الحديث وفي السنة الصحيحة الغاية من هذا الزواج هو: تكثير نفس الأمة المحمدية.
ولذلك قال ربنا عز وجل في القرآن الكريم: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3].
هذا الأمر من الناحية الفقهية كان يفيد الوجوب، لولا أن الأصل في الأبضاع وفي الفروج التحريم، فلما جاء الأمر بذلك أي: جاء الإذن والإذن يرفع التحريم، فالآية من الناحية الفقهية تُفيد الحض على الزواج، ولا تفيد وجود الزواج، وبخاصة أن الآية تقول:{مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3].
ولكن الذي يُفيد وجوب الزواج من الرجل القادر عليه، إنما هو قوله عليه الصلاة والسلام:«يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أَغَضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» .
فهذا الزواج الذي أمر به نبينا صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، أمراً مُعَلَّلاً تعليلاً عقلياً منطقياً فقال:«فإنه أَغَضُّ للبصر وأحصن للفرج» .
وقد جاء في الحديث الآخر، وهو قوله عليه السلام:«كُتب على ابن آدم حَظَّه من الزنا، فهو مدركه لا محالة، فالعين تَزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها البطش» أي: اللمس «والرِّجل تزني وزناها المشي، والفرج يُصَدِّق ذلك كُلُّه، أو يُكَذِّبه» .
لذلك حتى يُحَصِّن المسلم نفسه من أن يقع في شيء من مقدمات الزنا، فضلاً عن أن يقع في الزنا نفسه، قال عليه السلام في الحديث السابق:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغَضُّ للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع» ماذا يفعل؟ «فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء» .
بقي عَلَيّ الحديث الثاني الذي أشرت إليه مقروناً مع الحديث الأول، وهو قوله عليه السلام:«تُنكَح المرأة لأربع» .
أما الحديث الثاني فهو قوله عليه الصلاة والسلام: «تزوجوا الولود الودود؛ فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة» .
ففي هذا الحديث الأمر الصريح من النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار الخاطب المرأة أو الفتاة التي عَرَف من آبائها وأمهاتِها أنهم كانوا وِلِّيدين، فأمر عليه السلام بألاّ يختار المسلم المرأة العقيم، وهذا بطبيعة الحال في حدود الاستطاعة، ولا يُكَلِّف الله نفساً إلا وسعها.
والشاهد قوله عليه السلام: «فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة» فإذاً: الغاية من الأمر بالزواج هو: تكثير النسل لعبادة الله وحده لا شريك له، وثانياً: تحقيقاً للفظةٍ نبويةٍ كريمة وهي: أنه يباهي الأمم يوم القيامة بكثرة أمته كما جاء في الحديث الصحيح - والشيء بالشيء يذكر - كما يقال: قال عليه الصلاة والسلام: «عُرِضت عليَّ الأمم» هذا من باب ما يسمى عند الصوفية الكشف أي: أنه كشف عن بصيرة الرسول عليه السلام، وربما عن بصره أيضاً عن الأمم كلها، قال:«فنظرت في الأفق فرأيت سواداً عظيماً» يعني: من الناس «فقلت: مَن هؤلاء؟ » جاء الجواب: «هؤلاء قوم موسى، قال: ثم نظرت إلى الأفق الآخر فوجدت سواداً أعظم، فرأيت فقلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء أمتك يا محمد
…
» إلى آخر الحديث.
فالشاهد: أن الذي يتزوج يُحقِّق أمرين اثنين، أو يجب أن يُحقِّق أمرين اثنين:
الأمر الأول: هو عبادة الله وحده.
وثانياً: ليحصن نفسه ويحصن غيره ألا وهي: زوجته.
وهناك حكمة وليس أمراً لازماً كنفس الزواج هي: ما ذكر في حديث: «تزوجوا الولود الودود فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة» .
ولعله من المناسب أن نُذكِّر إخواننا الحاضرين بأن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» .
نذكر بالمناسبة في هذا الحديث بأمرين اثنين: الأمر الأول: أنه يجب على آباء البنات أو أولياء البنات أن يسهلوا طريقة الزواج، ومن أول ذلك عدم المغالاة بالمهور، فإن المغالاة بالمهور سبب من الأسباب القوية [التي] تحمل الشباب على الانصراف عن الزواج المبكر الذي يكون سبباً هذا الزواج المبكر لتحقيق إحصان النفس كما سبق ذكره في الحديث السابق.
فعليهم ألا يغالوا بالمهور؛ لأن المغالاة سبب من الأسباب تورط الجنسين في أن يقعوا في الفاحشة، على الأقل في مقدماتها كما ذكرنا آنفاً من قوله عليه الصلاة والسلام: «كتب على ابن آدم حظه من الزنا، فهو مُدركه لا محالة، فالعين تزني
…
» إلى آخر الحديث.
أي: إن هذه مقدمات قد تُوصِل صاحبها إلى الغاية العظمى والفاحشة الكبرى ألا وهي: الزنا.
ومن أجل ذلك أخذ هذا المعنى النبوي الجميل شاعرٌ من مصر في زمانه، وهو شوقي، فقال - وهذا أمر طبيعي ومشاهد -:
نظرةٌ فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاءُ
فللحيلولة بين هذه النتيجة الأخيرة ألا وهي اللقاء أي: الفاحشة الكبرى، كما جاء في الحديث يجب الزواج، وبالتالي: يجب تسهيل وسائل الزواج، ومن أول ذلك: تيسير المهر وعدم المغالاة فيه، وذلك من بركة المرأة حينما يكون مهرها يسيراً وسهلاً ..
والشيء الآخر الذي ينبغي التذكير به هو: أن الزوجين حينما يَبْني أحدُهما على الآخر، فيجب عليهما أن يفتتحا هذه الشركة التي لا تشبه الشركات الأخرى؛ لأنها